الجمعة 19 ديسمبر 2025 الموافق 28 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
جامعات

جامعة السوربون تكرم "الخشت" بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم والدين

كشكول

 

كرم المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية بجامعة السوربون، خلال الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي الثالث "المعتقد والعلم والعقل" المنعقد بجامعة السوربون في باريس، بالتعاون مع جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، الدكتور محمد عثمان الخشت عضو المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ورئيس جامعة القاهرة السابق، وذلك تقديرًا لمحاضرته المعمقة وجهوده العلمية.

وجاء التكريم في القاعة التاريخية لويس ليار (Salle Louis Liard) في جامعة السوربون (Sorbonne)، وبحضور نخبة من الأكاديميين والباحثين الدوليين في الفلسفة والعلوم الإنسانية، والدكتور خليفة الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، حيث سلم البروفيسور بيير كاي مدير المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية، دبلوم (شهادة تقدير) للدكتور محمد الخشت، مؤكدًا أن المحاضرة التي قدمها تمثل إضافة علمية رفيعة المستوى، وتعكس عمق تجربته البحثية والفلسفية، لافتًا إلى رمزية المكان الذي احتضن التكريم باعتباره أحد أبرز المعالم الأكاديمية التابعة لجامعة السوربون.

جدير بالذكر أن هذا التكريم جاء عقب مشاركة قوية للدكتور محمد عثمان الخشت بمحاضرة فكرية رئيسة ضمن فعاليات المؤتمر، حملت عنوان «المعتقد الديني والعلم الوضعي: نحو مربع جديد»، والتي حظيت باهتمام واسع من الأكاديميين والباحثين المشاركين.

ولدى الدكتور محمد عثمان الخشت، مشروع فكري متكامل يعمل عليه منذ اكثر من أربعين عامًا، وألف عشرات الكتب التي يهدف من خلالها إلى تأسيس خطاب ديني جديد. وهو أحد أبرز الأكاديميين العرب المعاصرين، وصاحب مشروع فكري له أثر واضح في مجالات الفلسفة وفلسفة الدين والدراسات الدينية وتطوير المؤسسات الأكاديمية.

ويمتلك الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت رصيدًا علميًا كبيرًا من حيث الكم والكيف، فقد بلغ إنتاجه الأكاديمي 98 عملًا علميًا منشورًا، تشمل 43 كتابًا أصيلًا في فلسفة الدين، ومقارنة الأديان، والفكر السياسي والفلسفة الحديثة والمعاصرة، والأخلاق، ومنهجية البحث، إضافة إلى 24 تحقيقًا علميًا لنصوص تراثية مهمة في الفقه والتصوف والحديث، مما يسهم في بناء صلة نقدية حديثة بالتراث الإسلامي.

كما نشر 31 بحثًا محكّمًا باللغات العربية والإنجليزية والألمانية، في دراسة القضايا الفلسفية، والمواطنة، ومفهوم الدولة الحديثة، وتجديد الخطاب الديني. وتميّزت مؤلفاته بالقدرة على الجمع بين التحليل الفلسفي العميق والدراسة العلمية المنهجية. لقد أسهم هذا الإنتاج المتنوع في إثراء حقول متعددة داخل العلوم الإنسانية والاجتماعية، وأرسى مشروعًا فكريًا متماسكًا.

ويبرز ضمن أبرز أعماله: موسوعة الأديان العالمية، نحو تأسيس عصر ديني جديد، تطور الأديان، مدخل إلى فلسفة الدين، المعقول واللامعقول في الأديان، أسس بناء الدولة الحديثة، أخلاق التقدم، الدليل الفقهي، مفاتيح علوم الحديث.

وقد حظى المشروع الفكري للأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت باهتمام أكاديمي واسع في الجامعات ومراكز البحوث العربية والدولية، حيث صدر عنه أكثر من مئة دراسة علمية محكمة إلى جانب رسائل ماجستير ودكتوراه تناولت فكره من زوايا متعددة، شملت فلسفة الدين، وتجديد الخطاب الديني، والعقلانية النقدية، والأخلاق، والمواطنة، والفكر السياسي والاجتماعي.

كما خُصصت عنه 6 كتب مستقلة ألّفها أساتذة وباحثون من دول عربية وأجنبية، حللت مشروعه الفلسفي ومنهجه التأويلي ونقده للعقل الدوجماطيقي وإسهاماته في تطوير فلسفة الدين العربية؛ منها كتاب “فيلسوف التجديد والمواطنة والتقدم” الصادر عن كرسي اليونسكو للفلسفة بتونس، والذي شارك فيه نخبة من الأساتذة والمفكرين العرب، وكتاب “عقلانية بلا ضفاف” الذي قدم فيه مجموعة من الباحثين قراءات متعددة في الظاهرة الدينية والسياسية في أعماله، وكتاب “الطريق إلى عقل ديني مستنير” للدكتور محمود خليل الذي يتناول مشروعه في تجديد الخطاب الديني، إلى جانب كتاب “الأسس الفكرية والمنهجية في الفلسفة الإسلامية المعاصرة – نموذج الخشت” للدكتور محمود كيشانة الذي يعرض رؤيته المنهجية في فلسفة الدين.

وامتد هذا الاهتمام ليشمل مؤسسات أكاديمية عالمية، من بينها دراسة الباحثة السويسرية Kata I. Moser (جامعة جنيف- سويسرا) التي صنّفته كأساس للاتجاه العقلاني النقدي في فلسفة الدين في العالم العربي. ويضاف إلى ذلك رسائل علمية متخصصة مثل رسالة ماجستير جزائرية حول النزعة التنويرية عند الخشت، وأخرى عن الدين والتجديد في فلسفته، ورسالة دكتوراه حول فلسفة الدين في الفكر العربي المعاصر، ورسالة دكتوراه عراقية حول الأسس الدينية للفكر النقدي عند الخشت، ورسالة ماجستير حول الموقف من المرأة بين روسو والخشت، وغيرها.
كما ترجم عدد من مؤلفاته وأبحاثه إلى الإنجليزية والفرنسية الألمانية والإندونيسية ولغات أفريقية، مما يعكس امتداد تأثيره عالميًا.

إن هذا الامتداد الكمي والنوعي للأبحاث يعكس مكانته العلمية وتأثيره. كما يعد الدكتور الخشت من العلماء العرب المعاصرين الذين حظوا بتصنيف رسمي من كرسي اليونسكو للفلسفة بتونس ضمن موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين، والذي أصدر عنه إيضا مجلدا كاملا كتبه أكثر من ثلاثين أستاذًا من جامعات عربية مختلفة.