كل دقة في قلبي.. كتاب يشرح رؤى مصرية أصيلة
عبر 284 صفحة من القطع المتوسط أصدرت الكاتبة الصحفية الكبيرة نوال مصطفى كتابها الجديد "كل دقة في قلبي" عن روايات مصرية للجيب التابعة للمؤسسة العربية الحديثة.
الكتاب لفصول في كل تم تقسيمه لعدد من الفصول في كل فصل عدد من الموضوعات المتعلقة ببعضها، والفصول هي" من دفتر ذكرياتي، حلوة بلادي، بنت بطوطة، من هنا وهناك، في سماء الإنترنت، البشر الحقيقيون، عيشها صح، جربت بنفسي، نجوم مصرية، المرأة المصرية أيقونة الوطن، نيللي كريم، اخترت لك، بحب السيما، قرات لك، وانطفأ الوهج، ومضة، ارتحال، كلمات".
في مقدمتها للكتاب تتوجه نوال مصطفى بالخطاب للقارئ، والرسالة هنا جماعية لكل قارئ سيقرأ الكتاب، فقامت بتلخيص الامر حين ذكرت أن الكلمات والانطباعات الأولى تدوم، وراحت تمسك بيد القارئ وراحت تشرح، لا تشرح نوال مصطفى وتجربتها بقدر ما تشرح بعدا أكبر بكثير، تشرح مصر.

تناثرت أوراق نوال مصطفى من القاع إلى القمة، بكل شرائح مصر، المهمشين المتعبين في حيواتهم الراضين بقضاء الله وقدره، والذين ينظرون للحياة بنظرة واسعة وعلى سمتهم كل ملامح الرضا، وتناقش نجيب محفوظ وأحمد زويل، وتتطرق إلى بنات مصر هدى شعراوي وعبلة الكحلاوي وإسعاد يونس، وتفكر في محمد صلاح والدكتور إيهاب الخراط الذي أنقذ الكثيرين، ونيللي كريم وأفلامها الحلوة، والعديد من الشخصيات التي أثرت وضحت من أجل بلدها، زادها وزوادها، رصيد مصر العظيم من رجالها ونسائها وكبارها.
رسمت نوال مصطفى بستانا عظيما، وراحت تزرع فيه هنا وردة، وهنا زهرة، وهنا تغرس فسيلة، وفي الأخير وكأن هذا البستان الكبير بكل روائحه العطرة وصنوفه المختلفة يمثل هذا البلد الكبير، وكأنها تحاكي هذه الرؤية حين تقول:
انا كنت بنت صغيرة زي كل البنات
عصفورة بريش ألوان
قلبها مليان أحلام
بتطير بين الأغصان والوديان".
كلمات لمقطع اغنية كتبتها نوال مصطفى في دفتر ذكرياتها، ولكن هذا المقطع ربما يكون عبرا عن حالة الكتاب بالكامل.
وفي دفتر ذكرياتها تروي نوال مصطفى حكايتها منذ تفكيرها في مشروع الماشية مع والدتها منذ أن كانت صغيرة، كانت بذرة، وكبرت البذرة لتؤسس نوال مصفى جمعية أطفال السجينات، وما بينهما الكثير مما يحض على الفعل وإنكار الذات والإسهام في خلق مجتمع مترابط وجميل.
وفي حلوة بلادي تنتقل نوال مصطفى لوصف مصر، ومن العلمين للساحل الشمالي لمحافظات مصر المختلفة وكل مدينة حباها الله بجمال مختلف، وتطرح صورة تكاملية لرؤية كبيرة مفادها ان بلاد مصر التي تشكل الأم الكبرى كل منها تحمل شريحة طيبة ونقية، وكل الشرائح حين تلتئم تشكل عصب الأم العظيمة.
تحتفي نوال مصطفى ببلادنا، وروادها وتبحر على متن الكتابة لتشرح نماذج بسيطة لكنها تحمل كل الرقي والبشاشة، من صبرية البنت الصعيدية، لفاطمة الملهمة، لحكايات الأمل، وكل حكاية مضفورة في صاحبتها لتكون رؤية كبيرة حول هذا العالم الذي نحياه الآن، ولتشرح رؤى برغم بعدها عن الرؤية لكنها أبدا لم تكن بعيدة عن التقدير.
تكتب نوال مصطفى عن كتب راجت لكتاب كبار، فمن قميص القرملاوي لأوديب سلماوي، من العادات الذرية لعشرة خطوات لاستعادة حياتك، والكثير من الكتب التي قدمتها لتشرح وتضفي بعدا ثقافيا مهما لكتاب مؤثرين.
الكتاب الذي تمت عنونته بـ"كل دقة في قلبي" وهي الأغنية التي غنتها نازل في فيلم "كل دقة في قلبي" وقبلها عنونت كتاب آخر بـ "يا دنيا يا غرامي" وهي أغنية للموسيقار العظيم محمد عبد الوهاب، وفي عام 1996 صدر فيلم مصري بنفس العنوان إخراج مجدي أحمد علي، ولكن في العناوين حالة مصرية شديدة الخصوبة، فالأغنيتان تحولتا لأيقونتين مصريتين، وهي خطوة موفقة في استدراجهما لعنواني كتابين، لما لهما من حالة في ذهن القارئ، وهما كفيلتان بصنع موسيقى خاصة تعبر عما في الكتاب، وترمي بالأمر للحالة الجمعية التي يناقشها الكتابان.