الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

أفارقة جامعة القاهرة: أعدادنا في تزايد.. ونعمل في مصانع البلاستيك لتوفير المصاريف

كشكول

يشاركون في الأنشطة الطلابية بكثافة.. ويتجمعون في مناطق خاصة للتغلب على الغربة 

يشيدون بقبولهم في المدن الطلابية.. والجامعة: نسعى لدمجهم.. ولا نفرق بين طلابنا


ما بين الأوضاع الأمنية السيئة، وسوء المستوى التعليمي وارتفاع تكاليفه، اعتاد عدد من طلاب الجامعات الإفريقية الحضور إلى مصر، لاستكمال سنوات دراستهم الجامعية، في ظل ما تتمتع به بلاد النيل من أمن واستقرار، وقدرة على استيعاب الأجانب، بالإضافة إلى القرب الثقافي بين المصريين وأبناء القارة السمراء، في العادات والتقاليد.

«الدستور» التقت عددا من الطلاب الإفارقة الوافدين إلى القاهرة، لاستكمال دراستهم الجامعية، وتحدثت معهم عن أسباب حضورهم إلى مصر دون غيرها، ومدى تأقلمهم مع الحياة فيها، وأهم المشكلات التي يواجهونها أثناء الدراسة في جامعاتها.

جنوب السودان: أغلبنا يخطط للبقاء في مصر.. ودمج امتحانات التيرمين أبرز مشاكلنا

أعرب عدد من أبناء دولة جنوب السودان، من الوافدين إلى القاهرة، عن تقديرهم للجهود التي تبذلها الجامعات المصرية لاستضافتهم، مشيدين بقرار جامعة القاهرة بالسماح لهم بالسكن في المدن الجامعية، بعد معاناتهم بسبب ارتفاع أسعار السكن الخارجي.

وأرجع زكريا جيمس، الوافد من دولة جنوب السودان، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الآداب جامعة القاهرة، تزايد أعداد الطلاب الوافدين من بلاده للدراسة في مصر، إلى فرض اللغة الإنجليزية على جميع مراحل التعليم بالبلاد، بعد انفصالها عن الشمال، ما دفع كثيرين للسفر طلبا للدراسة في الدول العربية، خاصة وأنهم لم يدرسوا الإنجليزية في مراحل تعليمهم الأولى.

وأشار إلى أن الدراسة في بلاده أصبحت تستغرق عددا أطول من السنوات، مقارنة بالدول الأخرى، في ظل تكرار توقف الدراسة بالجامعات، بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية، وتغلغل أنصار الأحزاب المتناحرة داخل الحرم الجامعي، ما يؤدي لنشوب تظاهرات طلابية كبيرة، تؤثر على سير الدراسة.

وعبر عن شعوره العميق بالراحة أثناء تعامله مع الطلبة المصريين، مشيدا بقرار  الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق، الذي سمح للوافدين بالسكن داخل مباني خاصة بهم في المدينة الطلابية للجامعة، إثر تكرار شكواهم من ارتفاع تكاليف الإقامة في السكن الخارجي.

من جهتها، أكدت مواطنته «مارلين»، الطالبة بالفرقة الأولى، بكلية التجارة جامعة القاهرة، أن فرض الإنجليزية على التعليم وسوق العمل في جنوب السودان بعد الانفصال، كان الدافع وراء حضورها إلى مصر، لاستكمال دراستها بالعربية، مشيرة إلى أنها تعمل على تجاوز عقبة اللغة، عبر تلقيها كورسات في اللغة الإنجليزية، لمواكبة سوق العمل في بلادها.

وأشارت إلى أنها تحب التعامل مع المصريين، وتنخرط بكفاءة في المجتمع الجامعي، مع زملائها، نظرا إلى القرب الثقافي بين مصر والسودان شمالا وجنوبا، مشيرة إلى أن المضايقات تنحصر في بعض الفئات غير المتعلمة، خارج أسوار الحرم الجامعي.

وأرجع فولو موسي، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الآداب جامعة القاهرة، القادم من جنوب السودان، القدوم للقاهرة، إلى كفاءة الجامعات وانخفاض تكاليف التعليم بها، مقارنة بمثيلاتها في العاصمة السودانية الخرطوم، في ظل توترات الأوضاع الأمنية في بلاده.

وقال «موسى»: «أرغب في استكمال تعليمي الجامعي، ولم أستطع أن أفعل ذلك في بلادي، ولا في السودان، نظرا لارتفاع مصاريف التعليم الجامعي في جامعة الخرطوم، خاصة أن تكلفة التعليم في القاهرة أرخص».

وعن أهم المشكلات التي يعاني منها الطلاب الأفارقة الوافدين للدراسة في مصر، أوضح: «نعاني من نظام الامتحانات داخل الجامعات المصرية، خاصة أننا نحتاج إلى وقت طويل بعد بدء الدراسة لإكمال أوراقنا، ما يعني أننا نبدأ الدراسة عمليا مع نهاية الفصل الدراسي الأول».

وأضاف:  «اعتادت الجامعة على تأجيل امتحانات منتصف العام للوافدين، ونؤديها مع امتحانات نهاية العام، ما يعني أننا نخوض الامتحانات للتيرمين معا، ما يجعل العبء مضاعفا».

وعن علاقته بزملائه من المصريين، قال: «أسعي دائما إلى عقد ندوات مشتركة تجمع بين الطلاب المصريين والوافدين من البلدان الأخرى، لكسر الحواجز، خاصة أن عددا كبيرا من الوافدين الأفارقة، وأنا منهم، لا يخططون للعودة إلى بلادهم، بل للإقامة في مصر بشكل دائم، لكثرة فرص العمل بها، لذا يعملون أثناء الدراسة في لتوفير احتياجاتهم المادية، وبخاصة في مصانع الكيماويات والمنتجات البلاستيكية».

وعن ظاهرة ميل الطلاب الوافدين من الأفارقة إلى التجمع في مناطق محددة، سواء في الأحياء السكنة أو في الحرم الجامعي، قالت ريم أحمد، الطالبة بالفرقة الثانية، بكلية الآداب جامعة القاهرة، الوافدة من جنوب السودان، إن أسباب ذلك ترجع إلى رغبة الطلبة في التغلب على الشعور بالوحدة أو العزلة، خاصة في الفترة الأولي لقدومهم إلى مصر.

وأضافت: «عادة ما أجتمع مع زملائي السودانيين، من أبناء الشمال والجنوب، أمام فرع الخرطوم، داخل حرم جامعة القاهرة، للحديث في كافة شئوننا، وحتى نتغلب على إحساسنا بالاغتراب».

2- تشادي: الدراسة متميزة  في «أم الدنيا».. وإريترية: تأقلمت مع زملائي في وقت قصير

قال  عمر محمد، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الجامعة تحرص دائما على إزالة الحواجز بين طلابها، وتسعي إلى إقامة أنشطة مختلفة تؤدي للتقارب بين الثقافات.

وأضاف: «لدينا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يوما مخصصا للوافدين، يقدمون فيه تراثهم الثقافي، لزملائهم، ما يؤدي لحدوث نوع من التقارب بين الطلاب»، لافتاً إلى أنه جاء إلى مصر للدراسة في جامعاتها العريقة ذات المكانة المتميزة عربيا وإفريقيا، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف التعليم بها، وتميزه، مقارنة بتشاد.

أما الطالبة الإريترية، صفاء أبو بكر، الطالبة بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فقالت إن أعداد الوافدين من بلادها إلى مصر، في ازدياد ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، نظرا لوجود بعض الاضطرابات الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى عدم وجود جامعات، باستثناء جامعة «أسمرة» في العاصمة.

وكشفت أنها شعرت بحزن شديد خلال الأشهر الأولى لقدومها إلى مصر، نظرا لعدم قدرتها على التأقلم مع العادات المصرية، والاختلاف الشديد في اللهجات مع زملائها، ما دفعها للتفكير في العودة، لكن كل ذلك انتهى بعد وقت قصير، عقب نجاحها في تكوين صداقات متعددة مع مصريين، داخل وخارج الجامعة.

وأضافت: «أصبحت أشارك بانتظام في الأنشطة الطلابية، وأشارك في المسابقات والندوات التي ينظمها اتحاد الطلبة الإرتريين، في وسط البلد، للتعرف على الثقافات المختلفة».

وتابعت: «نظام التعليم في بلادنا يختلف عنه في مصر، خاصة تعليم الفتيات،لأن معظمهن لا يذهبن إلى الجامعة، ويكتفين بالدراسة الثانوية، أما الباقين فيهتمون بمعاهد ومراكز تعليم اللغة العربية، والقرآن الكريم».

وأشارت إلى أن بعض الطلاب يلجأون لاستكمال الدراسة في الخارج، بسبب نظام التجنيد الإجباري، الذي يطبق على الشباب والفتيات، عقب انتهاء الدراسة في المرحلة الثانوية.

من جانبهم، أكد أساتذة بجامعة القاهرة، سعي إدارة الجامعة إلى تيسير حياة الطلاب الوافدين إلى مصر، مشيرين إلى أن أكبر مشكلة تواجه هؤلاء هي تراكم الامتحانات، بسبب تأخر أوراقهم.

وقال الدكتور مصطفى كامل متولي، المدرس بكلية التجارة، فرع الخرطوم، بجامعة القاهرة، إن الجامعة، في إطار خطتها لتطوير وتحسين التعليم في السودان والدول الإفريقية، أنشات فرعا لها في «الخرطوم»، استمر في العمل منذ 1955 حتى 1993،  قبل نقله إلى داخل الحرم الجامعي بالجيزة.

وأضاف: «عدد الطلاب الوافدين إلى فرع الخرطوم، داخل جامعة القاهرة قليل جدا، مقارنة بالمصريين، وتتركز أكبر مشكلاته، في تأخر وصول أوراق الطلاب إلى الجامعة، ما يؤدي لحرمانهم من الدراسة في التيرم الأول، فتضطر الجامعة إلى دمج المواد والامتحانات في التيرم الثاني، لمساواتهم بزملائهم في السنوات الدراسية».

وقال الدكتور محمد رزق، مدير فرع الخرطوم بجامعة القاهرة، إن مصر تعمل على دمج الوافدين الأفارقة في المجتمع الطلابي، خاصة أن العادات والتقاليد متشابهة بشكل كبير، خاصة في دول السودان وجنوب السودان، وجوارهما.

وأضاف: «الجامعة لا تفرق بين الطلاب المصريين والوافدين من حيث التحصيل الدراسي، والمواد العلمية»، مشيرا إلى تفوق أعداد كبيرة من الوافدين في كافة المجالات التي يدرسون بها، في كليات التجارة، والحقوق، والآداب، والعلوم.