الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

"كشكول" يكشف سناتر دروس خصوصية متنكرة فى "جمعيات شرعية"

كشكول

 

- نائب وزير التعليم: مشروع قانون أمام البرلمان لتجريم ظاهرة الدروس الخصوصية

- مدرس: السناتر ستزداد انتشارًا إذا لم تجد من يردعها من الجهات المختصة فى الدولة

 

حيلة «مشروعة» لجأ لها أصحاب مراكز الدروس الخصوصية للإفلات من الملاحقة القانونية، بهدف تجنب إجراءات التضييق التى تعتزم وزارة التربية والتعليم تطبيقها، عقب تفعيل الضبطية القانونية للجان الوزارة التى تلاحق هذه المراكز والعاملين فيها.

رصد «كشكول» ٥ مراكز للدروس الخصوصية أو «السناتر» فى مناطق مختلفة فى القاهرة الكبرى، ووثقت ما يدور داخلها وأسعارها، حيث وجدت أن هذه المراكز التى تقدم خدماتها للمرحلتين الإعدادية والثانوية تتخفى خلف ستار بعض الحضانات والجمعيات الشرعية، وتحصل على تراخيص إنشاء مراكز لدروس التقوية.

البداية كانت مع أحد أكبر المراكز التعليمية الخاصة بالدروس الخصوصية وهو مركز «رويال» بمنطقة شبرا الخيمة، الذى يعلن أنه مركز للتدريب والخدمات الاجتماعية والتعليمية، لديه فروع أخرى فى محافظة الإسكندرية وطنطا، ولديه مدرسون فى جميع المواد التعليمية للمرحلتين.

التقينا المسئولة عن المركز، التى قالت إن المركز متخصص فى تدريس مواد المرحلتين الإعدادية والثانوية العربى واللغات، مبينة أن لديهم نظامين للتدريس، الأول أن يحصل الطالب على دروس فى جميع المواد بنظام مجموعات التقوية، وذلك فى المرحلة الإعدادية والصفين الأول والثانى الثانوى، أو أن يحجز المواد منفردة مع من يرغب من مدرسين متخصصين.

وأوضحت أن نظام التدريس الخاص بالصف الثالث الثانوى هو دروس المواد منفصلة، وأن كل مادة لها سعر خاص وأيام محددة ومدرس خاص، مضيفة: «مواد الفيزياء والكيمياء والجغرافيا والإنجليزى والرياضة والعربى حصتها بـ٤٥ جنيهًا، وبقية المواد ٥٠ جنيهًا، وهى حصة واحدة فى الأسبوع، وبنخلص المنهج قبل الامتحان بشهر، وفيه مراجعات بعدها، وأكبر مجموعة عندنا فيها ٥ طلاب بس ومش بتزيد على كده».

أما عن ترخيص السنتر التعليمى، اعترفت المسئولة عنه أن المركز تابع لحضانة رياض أطفال تحمل الاسم نفسه، وأنها أغلقت مؤخرًا بعد الحصول على الترخيص وظل السنتر التعليمى كما هو ويحمل اسمها.

«فصول تقوية لجميع المراحل التعليمية، بأسعار هائلة تتميز بالدقة والإبداع»، كلمات قليلة عرف بها سنتر النور المحمدى نفسه على الصفحة الخاصة به بموقع التواصل الاجتماعى، وهو ما قادنا إلى واحد من أكبر «السناتر» التعليمية التى تعطى دروسًا خصوصية تحت مسمى «مجموعات تقوية» فى المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية الأزهرية فقط.

المبنى مكون من أربعة طوابق، اثنان يخصان إحدى الجمعيات الشرعية المشهرة، والثالث به قاعة أفراح إسلامية، والدور الرابع هو السنتر التعليمى التابع للجمعية الشرعية تحت مسمى فصول التقوية.

أكد لنا المسئول عن السنتر التعليمى، أن المكان ليس مخصصًا للدروس الخصوصية، ولكنه مخصص لـ«مجموعات التقوية» بأسعار مخفضة للطلبة، قائلًا: «أولى وتانية ثانوى بتأخد المواد كلها بـ٢٥٠ جنيهًا بس فى الشهر، لكن المراجعات آخر السنة ليها نظام تانى».

وأضاف: «فيه أولى وتانية ثانوى بتاخد عربى وقرآن ورياضة وكيمياء وفيزياء وأحياء لو علمى، وفلسفة وعلم نفس وتاريخ لو أدبى، وكله بنفس السعر، لكن تالتة ثانوى مفيش نظام المجموعات المخفضة، صعب تأخد كل المواد هنا».

وأوضح أن نظام الصف الثالث الثانوى يكون حجز كل مادة مع مدرس خاص، مبينًا أن الأسعار تكون مختلفة من مادة إلى أخرى، وتبلغ مادة العلوم الشرعية والعربى والقرآن ١٠٠ جنيه للحصة الواحدة أسبوعيًا، أما المواد الثقافية مثل الكيمياء والتاريخ تبلغ ١٦٠ جنيهًا للحصة الواحدة أسبوعيًا، عدا مواد الشرعى والقرآن تكون حصتين فى الأسبوع الواحد، ويبلغ أعداد الطلاب فى الحصة من ٤٠ إلى ٥٠ طالبًا داخل القاعة كحد أقصى.

وعن ترخيص المركز، اعترف صاحبه فى تسجيل صوتى، أنه تابع للجمعية الشرعية التى تحمل اسم «النور المحمدى» وهى مرخصة ومشهرة، وافتتحت قاعة وسنترًا تعليميًا لإعطاء الدروس الخصوصية للطلاب.

ثلاثة سناتر أخرى، لم يختلف فيها النظام عن سابقيها، هى «سنتر السلام» و«منارة الإسلام» فى إمبابة، و«سنتر الرحمانى» فى المنيرة، فالأول سنتر مستقل، يعطى دروسًا خصوصية فى مرحلتى الإعدادية والثانوية، والثانى يتبع جمعية شرعية تحمل الاسم نفسه، وتعطى دروس تقوية، والثالث، كان مرخصًا لحضانة وتم غلقها مؤخرًا.

الجولة فى الثلاثة سناتر كانت متشابهة، فجميعها يعمل بنظام اختيار المواد من قبل الطالب، وليس مجموعات التقوية، والأسعار تبلغ ما بين الـ٥٠ جنيهًا للحصة الواحدة إلى ١٠٠ جنيه، مرة واحدة أسبوعيًا.

تواصلت «الدستور» مع عدد من المدرسين للرد على ما يوجه لهم من اتهامات، بخصوص ظاهرة الدروس الخصوصية.

 

حيث التقينا أمل جمال، إحدى المدرسات بمنطقة شبرا، التى قالت: «الحالة المادية الصعبة، وهى نفس السبب اللى بيخلى الدكتور يفتح عيادة، والمحامى يفتح مكتب بعيدًا عن الوظيفة الحكومية»، مشيرة إلى أن المعلم إذا وجد الفرصة المحترمة داخل المدرسة والراتب اللائق بخبراته سيكون أول من يحارب الدروس الخصوصية ويجرمها.

 

واتفقت معها ليلى حافظ، إحدى المدرسات بمنطقة حلوان، التى قالت إن الرواتب الخاصة بالمدرسين فى المدارس الحكومية تحديدًا، لا تكفى للعيش يومًا واحدًا فى ظل غلاء الأسعار بشكل متتابع وثبات المرتبات، وبالتالى تحولت المدرسة لفترة راحة للمدرس، أما عمله الأساسى يبدأ مع الدروس الخصوصية لأنها «أكل عيشه».

 

وقالت زينب على، مدرسة بالمرحلة الابتدائية، إن إلغاء الدعم كان يجب أن يقابله زيادة فى الرواتب والمعاشات لعشرة أمثالها أو بقاء الدعم كما هو وزيادة الرواتب والمعاشات للضعف، مبينة أن الحل يكمن فى إصلاح المنظومة وليس تحميل المدرسين أعباء إضافية، مؤكدة على ضرورة التوسع فى إنشاء المدارس، وتهيئة جو المدرسة للمدرسين لتكون «عامل جذب لهم مش طرد، فيلجأون للسناتر».

وأضاف محمود كامل، مدرس لغة عربية: «فى الخارج تم القضاء على أسطورة الدروس الخصوصية، لأن المدارس تحترم المعلم والتلميذ، فى الراتب والشرح المقدم، أما فى مصر المدرس لا يقوم بالشرح الأمثل فى الفصل لأنه مبيخدش مرتب محترم بالتالى بيضطر للدروس ويشرح فيها كويس».

وقال كمال منصور، مدرس كيمياء، فى إحدى المدارس الثانوية بإمبابة، إن هناك خللًا فى المنظومة التعليمية بأكملها، مشيرًا إلى أن السناتر ستزداد انتشارًا إذا لم تجد من يردعها من الجهات المختصة، فهى تضيع على الدولة حقوقها المتمثلة فى الضرائب لأن هذه السناتر غير مرخصة ومنها من يتخفى خلف ترخيص المكان كحضانة أو جمعية تعليمية.

وتساءل منصور عن المدرس الذى يلتزم بعمله فى المدارس، «أين هو من خطة تطوير المنظومة التعليمية»، و«كيف لمدرس قضى ٣٠ عامًا فى المهنة ويتقاضى ٣ آلاف جنيه فقط».

وعن مواجهة الوزارة لهذه الظاهرة، قال الدكتورمحمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم لشئون المعلمين، إن هناك مشروع قانون جديدًا مقدمًا أمام مجلس النواب لمناقشته قريبا يجرّم ظاهرة الدروس الخصوصية، وينص على عقوبة جنائية لمرتكبها، مشددًا على أن المنظومة التعليمية الجديدة ستقضى على هذه الظاهرة، «لكن علينا أن نصبر لنرى ثمارها فهى قضية لا تحل بين ليلة وضحاها».

وقال رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، الدكتور رضا حجازى، إن الوزارة تبذل قصارى جهدها لمحاربة ومحاصرة ظاهرة الدروس الخصوصية بكافة أشكالها من خلال عدة محاور من ضمنها العمل على تحسين رواتب المعلمين، ومتابعة الأداء فى المدارس، والضبطيات القضائية التى تنفذها الشئون القانونية فى الوزارة بالتعاون مع أجهزة الحكم المحلى.

وأوضح حجازى أن محاربة الدروس الخصوصية هدفها القضاء على الآثار السلبية لهذه الظاهرة على الطلاب الذين «تحولوا إلى آلات حفظ وتلقين، دون تفكير أو إبداع»، واصفًا مراكز الدروس الخصوصية بكافة أنواعها سواء الموجودة فى المناطق الراقية أو التابعة للجمعيات الشرعية بأنها تتسبب فى الضرر نفسه.