الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

سامي هلال: التراث مهم جدا ولا بد من تطويره لمواكبة العصر

الدكتور سامي هلال
الدكتور سامي هلال

 قال الدكتور سامي هلال، عميد كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر في طنطا، إنَّ أي دولة بدون تراث، ليس لها وجود، إلا أنه يجب تطويره لمواكبة العصر، مشددًا على أن تجديد التراث لا يعني تغيير الثوابت أو العقيدة.

وأوضح "هلال" خلال حواره لـ"كشكول"، أنَّ ماليزيا وإندونيسيا والنيجر وتونس وليبيا أهم الدول التي تسعى لتعليم أبنائها في الكلية، مشيرًا إلى أنَّها تلقى قبولًا واسعًا بين الطلاب؛ وإلى نص الحوار..

·       يكثر الحديث عن التراث.. لكن ما أهميته من وجهة نظرك؟

-         أولا التراث هو ما كتبه السابقون في قضايا علمية في زمانهم وهناك منهم ما هو ثابت وهناك ما هو متغيّر، فعندما ننظر في كتب التفسير نجدها تبحث في قضايا أو بيان معاني ألفاظ القرآن الكريم القائمة على المعاني اللغوية التي لا تتغير.

والتراث هو ماضي أمة، والأمة التي ليس لها ماضٍ ليس لها حاضر، فالتراث علامة شاهدة على نبوغ الأمة وريادتها في الفكر المعرفي عمومًا والإسلامي خصوصًا، ولذلك نجد أن الجميع يبحث عن التراث ومن يدرسون في القضايا الغربية وغيرها يبحثون عن تاريخ للعلوم وأصولها، لأن الأمة التي ليس بها تراث ليس لها وجود.

·       وهل ترى أن التراث في حاجة إلى تجديد؟

-         جدَّت بعض القضايا العلمية الإعجازية أو غيرها في المجال التربوي أو النفسي أو الطبي أو الصناعي، وهذه ينبغي أن تكتب من وجهة نظر معاصرة؛ فما يتعلق بالقضايا المعاصرة ليس حكرًا على السابقين وهم ما قالوا ذلك، مؤكدين أنهم قد كتبوا لزمانهم، وبقاء التراث إلى الوقت الحالي، فهذا دليل على عظمته، وعندما نقرأ في الروايات العالمية أو الأوروبية، نجد هناك ملايين اللغات الغربية، لكن مثلا رواية شكسبير رغم وجود آلاف الروايات لكن بقي لها وجود، وهذا دليل على قوتها، إذًاً بقاء التراث مع كل المتغيرات دليل على أهميته وقوته في تاريخ الأمة الإسلامية.

والتجديد يكون في استنباط الحكم، وهناك فرق بين الحكم واستنباطه وبين النص وفهمه، فنصوص البشر والأئمة قابلة للمناقشة، لكن الذي لا يقبل المناقشة أو التحريف أو التغيير هو القرآن الكريم والسنة، وكل ما عدا ذلك من الأقوال فهو ما بين مناقشتها وفهمها وهناك من يقبل وهناك من لا يقبل، فالقضية متعلقة بالفكر العقلي وإذا كنَّا أمام حكم فقهي كتبه أبو حنيفة في أيامه أو الشافعي والآن توجد مستحدثات أو مستجدات في العصر فهل هذه القضية ينبغي أن نأخذ بها؟، إذا وجد الرأي المناسب لها فلا بأس لكن الوقوف عند ما كتب العلماء الأقدمون منذ ألف عام أو أكثر في قضية ليس لها وجود في أيامنا هذه ليس صحيحًا.

وأرى أننا نحتاج إلى الاجتهاد ولو وقفنا عند التراث لضيعنا مبدأ الاجتهاد، فالأمة مطالبة به في كل عصر وكل توقيت، ولا يتأتى الاجتهاد إلَّا من خلال النظر والإمعان في بعض القضايا واستنباط الأحكام التي نصل بها إلى الحكم، ولدينا من الأصول الأساسية في الشريعة مثل القياس وهو إلحاق حكمًا بحكم لعلة جامعة بينهما، معنى ذلك أنه لا بد من قياس الأحكام الضرورية المستحدثة على ما مضى ثم يتم إخراج الحكم الذي يطابق العصر في هذا الأمر.

لكن ليس معنى التجديد كما يفهم البعض تغيير الثوابت أو في العقيدة إنما التجديد يكون في الفكر والفهم التراث.

·       هل الكلية تلقى قبول من جانب الطلاب؟

-         الكلية تلقى قبولًا واسعًا ومنذ 4 أعوام فتحنا باب القبول لطلاب الثانوية الأزهرية للالتحاق بالكلية، فأول عام تقدم لها 100 طالبًا أخذنا منهم 30، وأصبح يتقدم لنا عن طريق التنسيق ما يقرب من 400 طالبًا ونجري اختبار قبول ننتقي منهم لأنه لا بد من الانتقاء، والآن وصل العدد إلى ما يربو من 120 طالبًا، فضلًا عن طلاب التخصص، أمَّا القبول العالمي فالكلية رغم أنها ولدت في عام 1992 إلا أنها قوية، بها أبناء حصلوا على الدكتوراه ودرسوا في أقسام القراءات في الجامعات العربية في السعودية والكويت والإمارات والمراكز الإسلامية في أوروبا وأصبح لنا وجود قوي جدًا.

·       وما أهم الدول التي تهتم بدراسة أبنائها القرآن الكريم؟

-         ماليزيا وإندونيسيا والنيجر وتونس وليبيا وأوغندا وبلاد آسيوية وإفريقية بكثرة، فلدينا ما يزيد عن 70 طالبًا من جميع الجنسيات، والمصريون منهم الآلاف، إذ إنَّ الكلية لها موردان في القبول تخصص القراءات وطلاب الثانوية الأزهرية، فلدينا في الفرقة الأولى بالكلية 450 طالب منهم 120 من الثانوية الأزهرية و330 من تخصص القراءات، وأعداد طلاب الكلية كلهم يقترب من ألفين طالب في الفرق الأربعة.

·       وكيف ترى مسابقات القرآن الكريم التي يتم تنظيمها بين الحين والآخر؟

-         المسابقات موجودة وهذا شيء مهم وجيد، وأرى أن هناك تنوع جيد وابتكارات، ولدينا مسابقة وزارة الأوقاف العالمية وأصبح بها تفسير القرآن الكريم ومعانيه، لكم من المهم أن يحدث تقدم في فكرة المسابقات حتى لا تقف عند حفظ القرآن فقط، فلا بد من التسابق حول فهم معانيه وهذه خطوة بدأت تحدث كثيرًا في بعض البلاد الإسلامية.

·       كيف ترى وضع الكتاتيب في الوقت الحالي مقارنة بمكانته قديمًا؟

-         الوضع الآن مختلف عن الكتاتيب التي تعلمنا فيها، وأسباب التغير كثيرة، منها تغير هذه الأيام عن أيامنا نحن، حيث أصبحت العوامل التي تشغل بال طالب العلم أكثر بكثير، فأيامنا لم توجد معوقات أمام الطالب أو مغريات أو وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها الموجودة في الوقت الحالي، علاوة على أنَّ الطالب كان ذهنه صافيًّا يستطيع أن يقرأ كثيرًا ويحفظ، وأتمنى أن نجد محاولات للحفاظ على الشباب في المدارس والجامعات من النزاعات الأخلاقية السيئة التي كادت أن تعصف بهم، إذ ترتب على هذا عدم وجود نبوغ بمعنى أننا قديما كنا نحفظ جدول الضرب، والقسمة المطولة الآن تقريبا معظم الطلاب يستخدمون الآلة الحاسبة، فأين المهارة العقلية؟ نحن في حاجة إلى إعادة النظر في المناهج التعليمية لترتيب أولويات العقل العربي عمومًا والإسلامي خصوصًا.