الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
جامعات

بعد توقيع عقوبات تأديبية على 12 أستاذ.. هل الكتاب الجامعي مصدر دخل إضافي؟

أرشيفية
أرشيفية

أعاد حكم المحكمة الإدارية العليا، بتوقيع عقوبات تأديبية متنوعة على 12 أستاذًا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالمنصورة من بينهم عميد الكلية لقيامهم ببيع الكتاب الجامعى بالإجبار وبأسعار تزيد عما قرره مجلس الجامعة، مشكلة الكتاب الجامعي التقليدي إلى الواجهة مرة أخرى، خاصة وأن المحكمة دعت الجامعات إلى البحث عن حل لمشكلة الكتاب الجامعي حتى لا يصبح التعليم العالي كالتعليم المدرسي التقليدي لملاحقة ركب التطور ومستحدثات العصر، كأن تتخذ الجامعات المصرية من الكتاب الإلكتروني على الإنترنت لغة تتناسب مع روح العصر ومستحدثاته فيتصفحه الطلاب من الأجهزة الإلكترونية، حسب المقدرة المالية لكل منهم.

وعددت المحكمة، من ميزات الاعتماد على الكتاب الإلكتروني بديلا للكتاب الجامعي، والتي من بينها إتاحة منهج التعليم الجامعي والمراجع العلمية ومصادر المعرفة المتنوعة بما يتفق مع العصر المعلوماتي.

"كشكول" تواصل مع عدد من الأكاديميون وأساتذة الجامعات لمعرفة آرائهم في الكتاب التقليدي، وهل جامعتنا مجهزة لتطبيق نظام الكتب الإلكترونية، وكيف سيتعامل أعضاء هيئة التدريس في حال تطبيق هذا النظام في ظل اعتماد بعضهم على الكتاب الجامعي كمصدر للدخل.

شراء الجامعة حقوق التأليف.. وطباعة الكتاب هو الحل

قال الدكتور محمد المرسي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الكتاب الجامعي لا يعد مصدرًا للدخل بشكل رئيسي لغالبية أعضاء هيئة التدريس، نظرًا لقلة الأعداد في غالبية الشعب والأقسام العلمية داخل عدد كبير من الكليات، وهو ما يعني توزيع أعداد قليلة من الكتب أحيانا لا تفي بمتطلبات وتكلفة طباعته، قد يستفيد البعض ممن يقومون بتدريس مواد عامة لأعداد كبيرة من الطلاب، المشكلة تظهر علي السطح كل فترة حين يبالغ قلة قليلة من أعضاء هيئة التدريس في أسعار بيع الكتب أو فرضها على الطلاب، الحل كما قامت بعض الكليات بإجرائه وهو حل ناجح هو شراء حقوق التأليف وطباعة الكتاب، من خلال الجامعة وتوزيعه على الطلاب بسعر مناسب، أو إضافة تكلفة الكتب على الرسوم الدراسية وبالتالي توزيعه مجانا.

وأضاف، أنه يحقق دخلا مناسبا لعضو هيئة التدريس، ويناسب ما قام به من جهد وفي الوقت نفسه يحقق العدالة لجميع الطلاب مراعاة لظروف غالبيتهم، وحل آخر أيضا تقوم به بعض البرامج الدراسية بشراء حقوق التأليف ونشر الكتاب إلكترونيًا على الصفحة الخاصة بكل طالب وعلى تحصيل رسوم رمزية لهذه الكتب مع الرسوم الدراسية، وهي حلول مناسبة أثبتت نجاحها مع التجربة وتحقق العدالة للجميع أساتذة وطلاب، هذا مع إتاحة هذه الكتب وغيرها من المصادر العلمية الدراسية في مختلف العلوم في مكتبات الأقسام العلمية والكليات ومكتبات الجامعة العامة بحيث تكون متاحة للاطلاع ومجانًا لجميع الطلاب.

اعتماد الكتب الإلكترونية وتحسين ظروف الأساتذة

ويرى الدكتور عبد الله سرور عضو هيئة التدريس بكلية الآداب جامعة الأسكندرية، أنه لابد من اتجاه وزارة التعليم العالي إلى تعميم الكتاب الإلكتروني وإتاحة المادة العلمية المقررة للطلاب على شبكة الإنترنت، ومن ثم لا تكون حاجة إلى الكتاب الورقي، فهذا الاتجاه يتيح جانبا من المعرفة للطلاب حيث لا يمكن إلغاء دور الأستاذ في العملية التعليمية، فضلا عن هذا الاتجاه يلقى معارضة قوية في الجامعات، حيث أن الكتاب يمثل بعض دخل الأساتذة والمشكلة الحقيقية التي تتجاهلها الوزارة مثل كل المشكلات الكبيرة هي تدنى دخل الأستاذ ومعاشه وتفاقمت المشكلة بعد تعويم الجنيه ولذا تلجأ الوزارة إلى الطناش، فقل اعتماده لابد من تحسين الدخل لأعضاء هيئة التدريس.

قضية جديلة.. والخارجون عن التقاليد قلة قليلة

ذكر الدكتور هاني أبو العلا أستاذ العمران ونظم المعلومات بجامعة الفيوم، أن الكتاب الجامعي بات قضية جدلية بالفعل ما بين مؤيد و معارض، فوجود الكتاب كحاوية معلوماتية تحمل فكر الأستاذ الجامعية وخلاصة بحثه وتجاربه شئ غاية في الأهمية، كما إن بعض الممارسات المشينة من البعض، الذين يخرجون بالكتاب عن هدفه السامي سواء بإخراجه في صورة أقل مما يجب أن يكون، أو اتباع قلة من السادة أعضاء هيئة التدريس بعض سُبل إرغام الطالب على شراء الكتاب هو أمرٌ يرفضه الشرفاء و هم غالبية السادة أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية.

وأشار أبو العلا إلى أنه يجب التفريق بين نوعين من الكتاب الجامعي؛ فهناك الكتاب التعليمي text book الذي يتم تأليفه وتحريره مستهدفاً الطالب الجامعي كإحدى وسائل تحصيل المعلومة، كما إن هناك الكتاب المرجعي reference الذي يجمع حصيلة الأفكار والتجارب، الذي يلجأ إليه الباحثون كما قد يلجأ إليه الطالب الجامعي في أنشطته البحثية.

موضحًا أن مسايرة التطور ومستحدثات العصر أصبحت ضرورة حتمية، إلا أنها لا يمكن تقزيمها في الكتاب الإلكترونى على الإنترنت، مؤكداً أن جودة التعليم لا تقف عند حصول الطالب على المعرفة (المادة التعليمية) إنما تقتضي السير في ثلاثة محاور متوازية، هي؛ المعرفة knowledge و المهارة skill و السلوك الفعال attitude بما يضمن منتج تعليمي قادر على خدمة مصر والإضافة لأحد مجالاتها.

فلو نظرنا للمشكلة بشيء من الواقعية، نرى إنه لا يمكن إغفال الرواتب الضئيلة للسادة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، الذين مازالوا يحاسبون باللائحة المالية لقانون صدر عام ١٩٧٢ فإن كان الغالب يتعفف، فالبعض يجد في الكتاب الجامعي منقذاً والقلة القليلة تمارس ممارسات مشينة.

حق التنازل عن الملكية الفكرية للكتب لفترة زمنية محددة

ويضيف الدكتور محمد رجب فضل الله، المدير السابق للمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة العريش ليس أمام الجامعات سوى احترام أحكام القضاء، والاستجابة لهذه الدعوات باعتبارها أحكام ملزمة، خاصة وأن المذكرات الجامعية تمثل مشكلة كبيرة علمية وأخلاقية، علمية لأن هذه المذكرات تعتمد غالبا على اقتباسات من كتب منشورة دون توثيق، وطباعتها دون المستوى وقد تكون مختصرة بطريقة مخلة لتقليل نفاقتها طباعتها،  والطالب يكون أسيرا لها، لا يبحث عن مصادر أخرى للمعرفة. 

وما يتم الحصول عليه بسهولة يفقد بسرعة وسهولة وأخلاقيا لأنها في معظم الحالات دليل على عدم الأمانة العلمية وتعدي على حقوق الملكية الفكرية للآخرين إلى جانب ممارسات البعض للضغط على الطلاب بطرق مباشرة وغير مباشرة لشراء هذه الملازم والمذكرات ويستثنى من ذلك الكتب الجامعية المعتمدة من الأقسام العلمية خاصة المحكمة والمنشورة منها.

وعن التحول إلى كتب جامعية الكترونية يرى فضل الله أن الجامعات تحتاج إلى إعادة النظر في الأحوال المادية لأعضاء هيئة التدريس، خاصة في ظل متطلبات مهنتهم من مصروفات البحث العلمي وضرورات المظهر اللازم واحتياجات أسرته في ظل مكانته الاجتماعية والأدبية

كل مايتصل بالبنود المالية ذات العلاقة بدخل عضو هيئة التدريس الجامعي تحتاج إلى تحسين سواء المرتبات أو البدلات أو المكافآت، فتدني الدخل أحد معوقات الاستجابة لمسألة التحول لكتب الكترونية وإتاحتها مجانية للطلاب خاصة وأن مكافآت التأليف متواضعة جدا في عائدها المادي مقابل ما يحصل عليه الأساتذة من عائد نتيجة شراء الطلاب للكتب والمذكرات والملازم الجامعية.

فهناك بعض الكليات كالتجارة والحقوق والآداب والتربية تعتبر المذكرات والملازم والكتب الجامعية مصدرا أساسيا من مصادر الدخل خاصة لشباب أعضاء هيئة التدريس، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للاستعانة بها لمواجهة احتياجات التدريس والبحث العلمي واحتياجاتهم الحياتية ومتطلبات وظيفتهم.

وأي مقارنة بين دخل عضو هيئة التدريس على ضوء تعبه سنوات طويلة من عمره في الدراسة والبحث، ومردود عمله وبحثه على المجتمع مع غيره من الخريجين من هم أقل منه عمرا وعلما ومكانة في وظائف كثيرة سنكتشف أنه لا يحصل على مايستحق، وبالتالي فمن الظلم أن يتم أخذ عصارة علمه وفكره وإتاحتها بدون مقابل.

التحول للكتاب الإلكتروني ممكن، إذا ما حصل عضو هيئة التدريس على حق التنازل عن ملكيته الفكري وذلك لفترة زمنية محددة،  ويتم إعادة مكافأته لو امتدت فترة سماحه باستخدام كتابه، إلى جانب أن الجامعات وخاصة الإقليمية والنائية مازالت تفتقر إلى الكثير من البنية التحتية اللازمة للتعلم والتقويم الإلكتروني، فالكتاب الجامعي مجرد عنصر ضمن مجموعة عناصر أهمها الأستاذ الجامعي، وعندما يتم إعادة النظر في الراتب الشهري لهذا الأستاذ وفي بدلاته ومكافآته، ستكون محاسبته وقتها لازمة ومسؤوليته كبيرة والمطلوب منه للإصلاح والتحسين والتطوير أمرا ملزما بل وواجبًا.