الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بالفيديو.. الكواليس الكاملة للمناقشة الحادة بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة

كشكول

 

شهد اليوم الثانى من مؤتمر الأزهر لتجديد الفكر الإسلامى، جدلاً عقب كلمة الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، التى اعتبرها البعض تتعرض للمذهب الأشعرى، ما دفع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر إلى التعقيب على كلمة رئيس جامعة القاهرة.

حيث بدأ الأمر بعدما طرح رئيس جامعة القاهرة رؤية لتأسيس خطاب ديني جديد بعيدًا عن تجديد الخطاب التقليدي، وتغيير طرق التفكير عبر الدراسات البينية وتطوير علوم أصول الدين والتفسير والفقه والحديث، تطوير علوم الدين لا إحياء علوم الدين لأنها بشرية قابلة للصواب والخطأ، خلال كلمته في جلسة "دور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي"، ضمن جلسات مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد فى الفكر الإسلامى، تحت رعاية رئيس الجمهورية.

 

تأسيس خطاب ديني جديد بعيدًا عن التقليدي

وقال الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، إنه لابد من تأسيس خطاب ديني جديد، وليس تجديد الخطاب الديني التقليدي، موضحًا أن تجديد الخطاب الديني عملية أشبه ما تكون بترميم بناء قديم، والأجدى هو إقامة بناء جديد بمفاهيم جديدة ولغة جديدة ومفردات جديدة إذا أردنا أن نقرع أبواب عصر ديني جديد.

وأكد الخشت، أنه لا يمكن تأسيس خطاب ديني جديد بدون تكوين عقل ديني جديد، مشيرًا إلى أن العقل الديني ليس هو الدين نفسه، بل هو عقل إنساني يتكون في التاريخ وتدخله عناصر إلهية وعناصر اجتماعية واقتصادية وثقافية، ويتأثر بدرجة وعي الإنسان في كل مرحلة، لافتًا إلى أن تطوير العقل الديني، غير ممكن بدون تفكيكه وبيان الجانب البشري فيه.

وأضاف رئيس جامعة القاهرة، أنه لا يمكن تكوين عقل ديني جديد بدون تغيير طرق التفكير وتجديد علم أصول الدين، موضحًا أن من أهم الشروط لتكوين عقل ديني جديد، إصلاح طريقة التفكير، وفتح العقول المغلقة وتغيير طريقة المتعصبين في التفكير، والعمل على تغيير رؤية العالم وتجديد فهم العقائد في الأديان ونقد العقائد الأشعرية والاعتزالية وغيرها من عقائد المذاهب القديمة.

 

افتتاح عصر ديني جديد من فلسفة التاريخ

وأوضح الخشت، أنه لابد لافتتاح عصر ديني جديد من الرجوع إلى فلسفة التاريخ، والتي تكشف لنا أن عصور الانتقالات الكبرى لا تتم إلا بتغيير طرق التفكير، وهو ما قام به الأنبياء الكبار والفلاسفة والمصلحون الدينيون والقادة السياسيون الكبار، مشيرًا إلى أن المعارك في كل عصور الانتقال من عصر قديم إلى عصر جديد، كانت معارك بين طرق التفكير التقليدية وطرق التفكير الجديدة، لافتًا إلى أن جامعة القاهرة عملت على تطوير العقل وتغيير طرق التفكير، من خلال مقرري التفكير النقدي وريادة الاعمال، ومبادرة تطوير اللغة العربية، وإطلاق مشروع التنمية الاقتصادية والإصلاح الديني وتطوير الامتحانات والمناهج.

ورفض الخشت، محاولة "إحياء علوم الدين"، ودعا إلى ضرورة "تطوير علوم الدين"، موضحًا أن العلوم التي نشأت حول الدين علوم إنسانية، تقصد إلى فهم الوحي الإلهي، وأن علوم التفسير والفقه وأصول الدين وعلوم مصطلح الحديث وعلم الرجال أو علم الجرح والتعديل، هي علوم إنسانية أنشأها بشر، وكل ما جاء بها اجتهادات بشرية، ومن ثم فهي قابلة للتطوير والتطور، بل قابلة لتستبدل بها علوم جديدة.

وقال الخشت، إنه بات من الضروري تفكيك الخطاب التقليدي، والبنية العقلية التي تقف وراءه، وتأسيس خطاب ديني جديد، وأصبح يمثل ذلك حاجة ملحة، وأنه يجب أن نعيد تفكيك النص البشري لكي نعيد بناء العلوم.

تغيير مسار أبحاث الماجستير والدكتوراه بعيدًا عن التقليد والنقل والاستنساخ

وأكد رئيس جامعة القاهرة، أن التجديد لا يمكن أن يأتي من المؤسسات الدينية الكلاسيكية في أية بقعة من العالم إلا إذا كان لديها القدرة على التخارج والتعلم من دائرة معرفية أخرى وأنه لابد أن يأتي التجديد من دائرة معرفية خارجية أو قادرة على التخارج. كما كشف الدكتور الخشت عن الأخطاء المنهجية والمعرفية التي تقع فيها الدراسات الدينية الحالية، وطالب بضرورة العمل على تغيير مسار أبحاث الماجستير والدكتوراه من المسار التقليدي إلى مسار منهجيات العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطورها الأخير في الأكاديميات البحثية العالمية، بعيدًا عن التقليد والنقل والاستنساخ.

وأكد الخشت، أن جمود اللغة أحد أهم أسباب عجزنا عن تطوير الخطاب الديني؛ وأن تطوير اللغة هو أحد أهم أركان الدخول في عصر جديد، ويجب أن تطال عمليات تغيير طرق التفكير تطوير اللغة؛ لأن اللغة لها دور في نمو المفاهيم والتصورات ومن ثم السلوك، وأن منهجية فهم اللغة تنعكس على الفكر مثلما ينعكس الفكر على منهجية فهم اللغة.

وأشار رئيس جامعة القاهرة، إلى أن أحد أهم أسباب التطرف والتشدد هو طريقة فهم اللغة عند التيار المتشدد الذي يقف عند حدود الحرف وظاهر اللغة كما تشكلت قديمًا وعدم الالتفات إلى السياق التاريخي والاجتماعي للغة، فضلًا عن عدم الالتفات إلى المقاصد.

الخطاب الديني الجديد لن يتحقق إلا من خلال الدراسات البينية

وشدد الخشت، أن الخطاب الديني الجديد لن يتحقق بالصورة المأمولة إلا من خلال الدراسات البينية التي يساهم فيها أكثر من اتجاه علمي، في إطار العلوم الاجتماعية والإنسانية، مؤكدًا أن الدراسات البينية هي التي تحقق الفهم المتكامل والشامل للظواهر التي يتم دراستها.

كما دعا الخشت، إلى ضرورة توظيف النظريات القانونية الحديثة في تطوير أحكام الشريعة، مثل توثيق الطلاق على غرار توثيق الزواج طبقًا لنظرية الأشكال القانونية المتوازية، مشيرًا إلى أن انعقاد الطلاق عن طريق توثيقه منطقي في ضوء نظرية الأشكال القانونية المتوازية، فما يتم وفق شكل وإجراء لابد ان يتم بالشكل والإجراء نفسه.

وأكد رئيس جامعة القاهرة، علي ضرورة العمل علي تأسيس خطاب ديني جديد وليس ما يسمي تجديد الخطاب الديني الحالي، مشيرًا إلى أنها رؤية  مختلفة لكنها نابعة من كون الخطاب الحالي تقليدي وأنشيء في عصور قديمة تناسب هذه العصور ولا تصلح للواقع الحالي.

العلوم الدينية الحالية قائمة على ما يسمي "السند"

وقال الخشت، "تأسيس خطاب ديني جديد هو تجديد للفكر وبما يتناسب مع المتغيرات الحالية للواقع الذي نعيش فيه خاصة وأن الدين هو بمثابة دستور للعباد ويتماشى مع كافة العصور"، مؤكدًا على أنه إذا أردنا تطوير أمر الدين بالفعل فلابد من العمل علي إنشاء "علوم جديدة" سواء في التفسير والفقه والحديث.

وأوضح الخشت، أن العلوم الدينية الحالية قائمة على ما يسمي "السند" وبالتالي نحن نحتاج الآن إلى علم حديث يهتم بعلوم "المتن" لكي يبين تطابقها مع القرآن الكريم، مضيفًا أننا في حاجة إلى منهج تفسير جديد للقرآن الكريم يكون تفسيره قائم في ضوء القرآن والواقع والخارجي وليس في ضوء اقوال المفسرين.

وشدد الخشت، على أننا نحتاج إلى أفكار جديدة تتحدث عن تعددية الصواب خاصة وأن الصواب ليس شيئًا واحدًا وانما متعدد، مؤكدًا أن ذلك يتطلب تطوير علوم الدين وليس احيائها، قائلاً: "إذا تم ضبط طريقة التفكير سيكون  كل شىء منضبط من حولك".

 

"الطيب" كلمتك غير مدروسة ونتيجة تداعي أفكار وخواطر

من جانبه، قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف: "ربما لا يعلم الكثيرون ما بيني وبين رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت، من مناوشات علمية ومعرفة قديمة".

وأضاف الطيب، قائلًا: "لديّ ملاحظة سريعة على كلمته، ولولا أنه قال لو أنني أخطأت فصححولي وأوضحوا لي، لما رددت على رئيس الجامعة"، موضحًا: "كنت أود أن كلمة تلقى في مؤتمر عالمي دولي وفي موضوع دقيق وهو التجديد، أن تكون معدة سابقًا ومدروسة، وليس نتيجة تداعي الأفكار والخواطر، قلت كرئيس للجامعة إن التجديد هو مثل أن تُجدد منزل والدك دون أن تسكن فيه".

إهمال وترك وإعلان الفُرقة لبيت الوالد

وتابع شيخ الأزهر، قائلًا: "هذا ليس تجديدًا هذا إهمال وترك وإعلان الفُرقة لبيت الوالد"، موضحا: "التجديد في بيت الوالد يكون في بيته، ولكن أعيده مرة أخرى بما يناسب أنماط العصر"، مضيفا "رئيس الجامعة نادى بترك مذهب الأشاعرة وتحدث عن أحاديث الأحاد، فأقول، الأشاعرة لا يقيمون فقههم على أحاديث الأحاد، ودرست ذلك في المرحلة الثانوية في الستينيات، وهم لا يقيمون مسألة واحدة في أصول العقائد إلا على حديث متواتر".

وأشار: "الكلام عن التراث (عجيب)، كثير ما يقال عن نقد التراث، هذا مزايدة على التراث، هذا التراث الذي نهون من شأنه اليوم خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ، وتصوير التراث بأنه يورث الضعف والتراجع هذا مزايدة عليه، ونحن نحفظ من الإمام أحمد بن حنبل ما يؤكد أن التجديد مقولة تراثية وليست حداثية، والحداثيون حين يصدعوننا بهذا الكلام هم يزايدون على التراث ومزايدين على قضية الأمة المعاصرة الآن، والتراث ليس فيه تقديس، وهذا ما تعلمناه من التراث وليس من الحداثة".

وأكد الطيب، قائلًا: "أما قصة أن القرآن قطعي الدلالة وظني الدلالة ليست مقولتي ولا مقولتك، تلك مقولة التراثيين، وتعلمناها من التراث"، موضحًا: "درست العلوم الحديثة في المرحلة الثانوية، ودرسنا في أصول الدين البحث العلمي وعلم الاجتماع، أما تصويرنا أننا لسنا معنا سوى المصحف والتفسير هذا الأمر يحتاج إلى مراجعة".

واستطرد: "الفتنة الكبرى من عهد عثمان، هي فتنة سياسية وليست تراثية، وأنت كرئيس للجامعة يقتدي بك ويستمع لك طلاب، والسياسة تختطف الدين اختطافًا في الشرق والغرب، حين يريدون تحقيق غرضًا لا يرضاه الدين".

 

"الخشت" الخلاف في وجهات النظر أمر منطقي

وفي سياق متصل، أكد الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، في تعقيبه على مداخلة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، اعتزازه بالازهر وبشيخه باعتباره منارة علمية لايمكن التقليل من الجهود التي يبذلها الأزهر والإمام الأكبر على مختلف المستويات، وقال إن الخلاف في وجهات النظر أمر منطقي وطبيعي في الأوساط العلمية، وأنه يختلف ويتفق مع الأزهر ولكنه يقدره.

وكان الخشت، قد رفض في كلمته أمام المؤتمر محاولة "إحياء علوم الدين"، ودعا إلى ضرورة "تطوير علوم الدين"، موضحًا أن العلوم التي نشأت حول الدين علوم إنسانية، تقصد إلى فهم الوحي الإلهي، وأن علوم التفسير والفقه وأصول الدين وعلوم مصطلح الحديث وعلم الرجال أو علم الجرح والتعديل، هي علوم إنسانية أنشأها بشر، وكل ما جاء بها اجتهادات بشرية، ومن ثم فهي قابلة للتطوير والتطور.

وقال الخشت، إنه بات من الضروري تفكيك الخطاب التقليدي، والبنية العقلية التي تقف وراءه. وأن تأسيس خطاب ديني جديد، أصبح يمثل حاجة ملحة. ويجب أن نعيد تفكيك هذا النص البشري لكي نعيد بناء العلوم، وأنه لابد من تأسيس خطاب ديني جديد، وليس تجديد الخطاب الديني التقليدي، وأنه لا يمكن تأسيس خطاب ديني جديد بدون تكوين عقل ديني جديد، لافتًا إلى أن تطوير العقل الديني، غير ممكن بدون تفكيكه وبيان الجانب البشري فيه.

نحن مسلمون قرآنًا وسنة ولسنا من أتباع المذاهب

وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أن من أهم الشروط لتكوين عقل ديني جديد، إصلاح طريقة التفكير، وفتح العقول المغلقة وتغيير طريقة المتعصبين في التفكير، والعمل على تغيير رؤية العالم وتجديد فهم العقائد في الأديان ونقد العقائد الأشعرية والاعتزالية وغيرها من عقائد المذاهب القديمة، قائلًا: "نحن مسلمون قرآنًا وسنة، ولسنا من أتباع المذاهب".

وأوضح الخشت، أن رؤيته لتأسيس خطاب ديني جديد تم فهمها بطريقة غير متوقعة وانه تم قياس كلامه على تيار آخر وتحميله معاني تيار يهاجم الأزهر بإطلاق، مؤكدًا أن هذا ليس حقيقيًا، وأنه يعني ما يقوله وبدقة. مشيرًا إلى أن مؤلفاته درست منذ عام 1986 في الجامعات العربية.

الأزهر مثله مثل المؤسسات الأخرى قد يصيب وقد يخطيء

وأكد الخشت، أنه جاء إلى مؤتمر الأزهر ولديه رؤية يطرحها في مجال تجديد الفكر الإسلامي، وان ما يطرحه مجال للحوار وليس للحجاج، موضحًا أن هناك فرقا بين طريقة التفكير بالاختيار بين أمرين (إما أو)، إما معنا أو ضدنا، وأن هذا التفكير الأرسطي خاطيء لأنه قائم على الفصل الابستمولوجي والإسلام لا يقوم على هذا الفصل، مستشهدًا بالآية الكريمة "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ".

ولفت الخشت، أن تجاوز التراث ليس كما فهم نفيًا أو إلغاء، ولكن استيعاب التراث في مركب جديد، مؤكدًا رفضه لتهوين التراث أو تهويله، مضيفًا أن من التراث ماهو حي وماهو ميت، ومنه الصواب ومنه الخطأ، وأن الأزهر مثله مثل المؤسسات الأخرى قد يصيب وقد يخطيء.

 

تدريس كتاب عبدالله دراز ومحمود شلتوت

وأشار الخشت في تعقيبه، إلى أن العقل الديني الذي قصده ليس المقصود به القرآن، ولكن المقصود به طريقتنا في التفكير في أمور الدين، واقترح ان يدرس كتاب عبد الله دراز "دستور الأخلاق في القران"، وكتاب الشيخ محمود شلتوت "الإسلام عقيدة وشريعة"، مؤكدًا أنه ليس ضد الأزهر وأنه يحترم الدولة الوطنية ذات المؤسسات والتي لابد أن نصل فيها إلى أرضية مشتركة.

ودعا الخشت إلى ضرورة توظيف النظريات القانونية الحديثة في تطوير أحكام الشريعة، مثل توثيق الطلاق على غرار توثيق الزواج طبقًا لنظرية الأشكال القانونية المتوازية، مشيرًا إلى أن انعقاد الطلاق عن طريق توثيقه منطقي في ضوء نظرية الأشكال القانونية المتوازية، فما يتم وفق شكل وإجراء لابد ان يتم بالشكل والإجراء نفسه.

وأوضح الخشت، أنه يطرح هذا الرأي في مقابل باقي الآراء وأن الأمر في نهايته يحتاج الى حوار مجتمعي جديد حتى الوصول الى اتفاق جمعي في التشريع بواسطة مجلس النواب.