الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

كشكول يناقش ملف "مجانية التعليم"

كشكول

نائب وزير التعليم السابق: مجانية التعليم قضية دستورية بحتة وبحاجة لمعالجة

كامل: ربط المجانية بالنجاح والرسوب "ربط منقوص"

محمد كمال: تطبق على المتفوقين فقط

"زارع": مصاريف الطالب الأزهري أقل من الجامعات الأخرى.. ولن نقلَّل الدعم المُقدَّم لهم

: أسعار كتبنا مُحدَّدة على جميع الطلاب ولا مجال لزيادتها

: الأوائل يتعلمون مجانًا وبعضهم يحصل على رواتب شهرية


مجانية التعليم حق يكفله الدستور للجميع، ونتاج ثورة 23 يوليو عام 1952، بأحقية التعليم، دون دفع المقابل من تقديم خدمات، سواء بمراحل التعليم قبل الجامعي، والتعليم الجامعي. بالنظر لـ"التعليم الجامعي"، أصبحت الجامعات تواجه مع بداية كل عام أزمة قبول الأعداد الكبيرة، فوق طاقتها الاستعيابية، باستقبالها سنويا فوق النصف مليون طالب بجميع الكليات والمعاهد، ووفقا لما يفرزه مكتب التنسيق الخاص بقبول الطلاب للجامعات والمعاهد.

 شهدت الفترة الماضية، مقترحات ومطالب، من قبل عدد من أعضاء النواب بـ"البرلمان"، بضرورة ترشيد مجانية التعليم الجامعي، للتخلص من الأعداد التي تمكث في الجامعات لأكثر من 10 سنوات في السنة النهائية بمرحلة الليسانس والبكالوريوس، وتحمل الطالب تكاليف تعليمه حال رسوبه أكثر من سنة، وتكون المجانية للطلاب المتفوقين فقط.

زيادة الأعداد بالكليات والمعاهد، اعتبرها مراقبون بالشأن الأكاديمي، سلبية كبيرة تؤثر على العملية التعليمية من حيث جودتها وتقديم الخريج المناسب لاستفادة الدولة منه، مع المطالبة بضرورة التوسع في الجامعات التخصصية والمعاهد، للقضاء على هذه الظاهرة سنويا، بخلاف الطلاب القدامى بالجامعات.

منظومة التعليم العالي، مثلها مثل وزارة التربية والتعليم، أكدت عدم المساس بمجانية التعليم، وسلكت طريقا، بفتح قنوات تواجد الجامعات الأهلية بجوار الجامعات الحكومية والخاصة، للحد من زيادة الأعداد وتقديم الخدمات التعليمية المناسبة للطلاب.

عدد من أساتذة الجامعات، يرون ضرورة تطبيق مجانية التعليم على من يستحقها، لعدم إهدار إماكنيات وطاقات الدولة واستفادة المتفوقين منها، والعمل على تطويرهم وتأهليهم بشكل جيدا يضمن الاستفادة منهم بسوق العمل والمشروعات التي تقوم بها حاليا الدولة.

"كشكول" طرح سؤالا على عدد من الأكادميين المعنيين بالشأن التعليمي، حول إماكنية ترشيد مجانية التعليم بالجامعات، وتطبيقها على المتفوقين تعليميا، وللحد من إهدار إمكانات الدولة، وتقديم سلعة تعليمية جيدة للطلاب بالكليات، وتطور سبل التعليم باعتباره قاطرة الأمم للنهوض والتقدم.

بداية.. اعتبر الدكتور رضا مسعد الخبير التعليمي، ومساعد وزير التربية والتعليم السابق، أن مجانية التعليم، قضية دستورية بحتة، حيث قدمت داخل الدولة المصرية الجديد بعد انتهاء العصر الملكي لمصر، وأصبح التعليم مكفول وحق للجميع، مشيرا إلى أن التعليم كان قبل الثورة بالمال والمجانية مخصصة فقط للطلاب المتفوقين، أما غير ذلك، فكان يتحمل الطالب تكاليف تعليمه.

ويشير الخبير التربوي، إلى أنه مع قدوم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، عمل على توسعة التعليم بين الطبقات الفقيرة، ووضع مجانية التعليم في الدستور، بالتعليم الأساسي، من سن 6 سنوات وحتى سن 15 عاما، وبعد ذلك امتدت المجانية إلى الطالب الجامعي، وأصبح للمواطن المصري حق التعليم مجاني من سن الدراسة بالمرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية، ولا يتحمل تكاليف تعليم كاملة، بل رسوم بسيطة جدا، موضحا أن الدولة تتكبد سنويا 100 مليار جنيه بالتعليم قبل الجامعي، مع أنشطة وتغذية للطلاب.

 ورأى مساعد وزير التربية والتعليم السابق، أن الجامعات سنويا تواجه أزمة كبيرة من الأعداد التي تقبلها عبر مكتب تنسيق القبول بالجامعات، حيث تستقبل سنويا نصف مليون طالب، مؤكدا أن تحمل الدولة تعليم الطلاب منطقى، لكن هناك أزمات وخاصة في مرحلة الثانوية العامة، ولابد من تحمل جزء من التكاليف، خاصة أن النسبة التي تظهر سنويا من خلال مرحلة الإعدادية باتجاه الغالبية العظمى وقبول 80% من الطلاب بمرحلة الثانوية العامة، و20% بمرحلة الدبلومات، ولذا لابد من العكس، في ظل حاجة الدولة، للتعليم الفني واقتحام سوق العمل وإفادة الدولة، وعدم إهدار أموالها.

 واقترح مسعد، بأن يتحمل الطالب مناصفة مع الدولة تكاليف التعليم حال رسوبه في الجامعة، أكثر من سنة، وعدم إهدار طاقاتها وأموالها وأجهزتها، مبينا أن الطالب لو تكاسل ورسب ولم يعد لديه القدرة على الدراسة ترفع الدولة المساهمة عنه، وتعديل أحد بنود قانون الجامعات، بأن نجاح الطالب في نصف مقررات السنة النهائية، يظل لمدة تزيد عن 20 عاما في السنة الدراسية، وهذا يعد نوعا من إهدار طاقات الدولة، وتأثيرها على العملية التعليمية، وأن يكون التواجد للطالب المتفوق وتحمل تكاليف تعليمه.

 وأرجع الخبير التربوي، عدم وجود الجودة التعليمية، وضعفها، هو التكدس بالجامعات، موضحا أنه لابد من النظرة لتكلفة التعليم، وأن التعليم الجيد "غالي الثمن"، مع ضرورة مساهمة أولياء الأمور مع الدولة مثل الدروس الخصوصية التي تصل لـ 40 مليار جنيه، وهذه التكاليف قد تقضي تماما على مشكلات التعليم.

وقال الدكتور وائل كامل، عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، إن ربط مجانية التعليم بالنجاح والرسوب، بأنه عاملا محفزا للنجاح "ربط منقوص"، مبينا أنه قد يكون هناك تقصير من الراسبين ولا يمكن مساواة الجميع، ولكن هذا التقصير لابد من البحث عن أسبابه ودراستها وإيجاد حلول لها من كافة الجوانب وليست من جانب رفع مصروفات فقط، موضحا أنه منذ البداية التحق الطالب لدراسة تخصص قد لا يرغب فيه ولكنه مجبر من مكتب التنسيق، فيجد تخصصا لا يتلائم مع طموحاته وببعضها مناهج محشوة ومكدسة بمعلومات انتهت ولا استخدام لها فى الواقع، ويجد أقرانه بعد تخرجهم يشكون مر الشكوى من أنهم أضاعوا سنوات عمرهم ومجهودهم فى الدراسة وأصبحت المقاهي مكانهم الدائم!!.

ورأى كامل، أن إلغاء المجانية من على الراسبين لن يحل مشكلة التعليم العالى لأنه سيحمل الطالب أخطاء المجتمع كله وأخطاء الاستراتيجيات الخاطئة، ولن يقدم لنا عباقرة من الخريجين، معتبرا أنه سيعالج أمرا ماديا لتوفير موازنة وتحميل الأسر ما لا يتحملوه من أعباء في ظل تلك الحالة من الغلاء التي قضت على الطبقة المتوسطة "فما بال بمحدودي الدخل" ومن هم تحت خط الفقر ممن يشكلون اكثر من ثلث تعداد السكان.

وقال عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، إنه قبل التطرق أو التفكير في مجانية التعليم، لابد أن نتسائل عن المخصصات المالية للتعليم فالدولة لم تمنح التعليم حتى الآن، كامل النسبة المخصصة له في الموازنه كما أقرها الدستور، مشيرا إلى أنها لم تزداد منذ إقرار الدستور ولم تتقارب مع النسب العالمية كما تم النص عليه، وبالتالي الحديث عن ترشيد المجانية الآن بسبب ضعف موازنه هو ربط منقوص، لأنه يجب أولا أن تقدم الدولة ما عليها من التزامات كاملة ثم نرى ما إن كانت المنظومة في حاجة لترشيد مجانية أم الموازنه ستكفى لتحسين وتطوير التعليم.

وطالب الدكتور محمد كمال، عضو هيئة التدريس بجامعة كفر الشيخ، بأن تكون المجانية للمجتهدين فقط، موضحا أن المجانية خدمة تقدمها الدولة للمواطن وأي خدمة تكون مشروطة بمقابل وهو هنا النجاح وبالتالي من يفشل فيه يدفع تكلفة الخدمة التي يحصل عليها، فيكون على الراسبين لأول مرة سداد تكلفة المواد التي رسبوا فيها فإن رسبوا مرة أخرى دفعوا تكلفة السنة الدراسية كاملة وتضاعف الرسوم في حالة الرسوب مرة أخرى فيكون ذلك دافعًا للطلاب للاهتمام بالدراسة على أن يتزامن مع ذلك صرف مكافآت مالية للمتفوقين من حصيلة هذه الأموال وألا يستفيد أساتذة الجامعة من الأموال المحصلة من الطلاب الراسبين في كلياتهم حتى لا يثير ذلك أي شبهة تجاه تعمد البعض رسوب الطلاب لزيادة المحصلة المالية وتوجه حصيلة الأموال المحصلة بجانب موارد أخرى لتطوير العملية التعليمية وتوفير المعامل والمكتبات وكذلك زيادة رواتب أعضاء هيئة التدريس بشكل عام.

 وقال عضو هيئة التدريس بجامعة كفر الشيخ، إن مجانية التعليم، من إنجازات ثورة يوليو، واعتماد مجانية التعليم كنظام أساسي للتعليم في مصر في ظل التوجه الاشتراكي للدولة وانخفاض مستويات المعيشة، وأنتج النظام طبقة التكنوقراط التي أدارت البلاد فيما بعد وأفرزت النهضة الثقافية التي حدثت في الستينات، مشيرا إلى أن الأمر تحول بأن أصبحت الدروس الخصوصية التي تهدف للحفظ والتلقين كما يريد نظام التعليم إلى دخول الطلاب الجامعات وهم يفتقدون آليات التفكير المختلفة من نقد وفهم وإبداع وهي مهارات تتطلبها الدراسة الجامعية مما أدي لرسوب الكثير من الطلاب في الجامعة.

 مبينا أنه تزامن ذلك انعدام فرص العمل بعد التخرج مما دفع بعض الطلاب لتعمد الرسوب والبقاء في الجامعة أطول وقت ممكن واستغلال ذلك الوقت في العمل خاصة في المجالات غير المشروعة التي ظهرت في الجامعات مثل الرحلات الطلابية والملازم الدراسية التي يقوم بعملها طلاب سابقين، يضاف لذلك تراجع قيمة التعليم في الوعي الجمعي سواء للطلاب أو أسرهم. وأدت كل هذه العوامل مجتمعة إلي رسوب كثير من الطلاب إما إهمالاً أو تعمدًا ليعيدوا السنوات تلو السنوات حاجزين أماكن في الجامعات مما يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية لتكلفة الطالب على الدولة.

من جانبه، قال الدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهر، إنَّ الجامعة لم تعتمد أي نظام يعمل على تقليل الدعم المُقدَّم لتعليم طلابها، كما تمَّ في الجامعات الأخرى، مشيرًا إلى أنَّ مصاريف الطالب الأزهري أقل من أي جامعة أخرى، حيث توفير دعم كبير له، ويختلف من كلية إلى أخرى وحسب الفرقة التي بها الطالب.

وأضاف لـ"كشكول" أنَّ الجامعة تعفي المتفوقين والأوائل المستجدين بعد نجاحهم في الثانوية الأزهرية، علاوة على أوائل الكليات بدايةً من الفرقة الثانية حتى التخرج من دفع المصاريف، لاسيما حصولهم على مكافآت ومنح.

ولفت إلى أنَّ الأزهر يوفّر ويُخصص منح وإعاشة كاملة لبعض الطلاب، ومن ضمنهم وافدين من الدول الأخرى، لاسيما إعطائهم رواتب شهرية، إذ وصلت إلى 5 آلاف منحة خلال العام الحالي، موضحًا أنَّ هناك دول تبعث طلابها للتعليم في الأزهر موفرةً لهم جميع متطلباتهم من مصاريف دراسة وكتب وإعاشة.

وأشار إلى أنَّ هناك طلاب آخرين يتعلمون على نفقتهم الخاصة.

كما أوضح أن سعر الكتب في جامعة الأزهر أقل من سعر أي كتاب آخر في الجامعات الأخرى، إذ إنَّ سعر الملزمة التي تحتوي على 16 صفحة بـ240 قرش، والكتاب 160 صفحة يصل سعره إلى 24 جنيهًا ويكون على ورق أبيض، وذلك وفقًا لقرار من رئاسة الجامعة مُعمَّم على الكليات كافة وعلى الجميع تطبيقه وعدم التغيير في الأسعار تحت أي ظرف، لافتًا أنَّ هناك بعض الكتب الإسلامية تطبعها الجامعة وتُوزعها مجانًا على الطلاب.