الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بعد دعوات الترهيب.. أكاديميون: كليات الإعلام ليست مسؤولة عن أزمات الصحف والفضائيات

كشكول

أثيرت حالة من الجدل داخل الوسط الجامعي، على خلفية تصريحات نقيب الصحفيين ضياء رشوان وعدد من العاملين بالمجال الإعلامي، والتي حملت نصائح لطلاب الثانوية العامة بعدم الإقبال على كليات الإعلام نظراً للمشهد العام الذي يعانيه هذا المجال، حيث أكد عدد من الأكاديميين على أن الحالة التي تعاني منها الساحة الإعلامية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بكليات الإعلام، وأنه يتعين التفكير سوياً في البحث عن حلول دون إلقاء للمسؤوليات على طرف دون آخر.

أزمة تتطلب تكاتف الجميع

وقالت الدكتورة جيهان يسري عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة السابق، إنه عندما نتحدث عن أزمة الإعلام في مصر يجب توصيفها بشكل صحيح ورصد دقيق لأسبابها لنتمكن من تشخيصها بدقة وصولا لمعالجتها، موضحة أن الكلية ليست سبباً في الأزمة وتفاقمها بل علي العكس قد تكون هي أحد الحلول التي بإمكانها الحد منها.

وأضافت يسري، في تصريح خاص لـ"كشكول"، قائلة "نعم هناك أزمة لها مظاهرها وأسبابها وتحتاج إلى تكاتف الجميع للحد منها وتصحيح المسار، وليست قاصرة على الالتحاق بكلية الإعلام كما يحاول البعض إظهارها"، مشيرة إلي أنه ليس من الإنصاف تحميل كليات الإعلام مشاكل المؤسسات الإعلامية.

مهمة التأهيل والإعداد

وأوضحت عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة السابق، أن مهمتها الأساسية إعداد الإعلامي وتأهيله جيداً بدء من مرحلة تكوينه الجامعي لتلبية احتياجات المجتمع من الكوادر البشرية المؤهلة للعمل الإعلامي، مؤكدة أن الكلية تعد الإعلامي الممتلك لأدواته المعرفية والمهنية والمدرك لخطورة الكلمة وتأثيراتها على الرأي العام ومتسلحا بأخلاقيات العمل وملما بمواثيق الشرف وملتزما بها، بما يساعد على تفعيل الدور الإيجابي للإعلام في المجتمع.

إشكاليات المهنية والأداء

وتابعت يسري، أن هناك العديد من الإشكاليات والعوامل التي تؤدي إلى أزمة الإعلام بعضها ارتبط بنظام الإعلام ذاته وعناصره المتعددة، كما أن هناك إشكاليات ارتبطت بالمهنية وبالأداء الإعلامي ومخرجاته التي تتمثل بدرجة كبيرة في محتواه الذي أصبح يتأثر بالعديد من العوامل أبرزها غياب المصداقية في أحيان كثيرة، والتضليل الإعلامي والمساهمة في تزييف الوعي، والميل إلى الإثارة والمبالغة، والتركيز على المصالح الخاصة في توجهاته، وانشغاله بالوظيفة التجارية والإعلان، وافتقاره إلى الحملات المنظمة التي تتبنى القضايا القومية.

وأوضحت يسري، أن هناك أيضاً إشكاليات الاتجاه نحو الاستثمار في الإعلام وتأثيرات ذلك على المجتمع، وإشكاليات اقتصادية خاصة بالمؤسسات القومية منذ فترة لم يتم حلها وازدادت حتي تفاقمت وأيضا في بعض المؤسسات الخاصة، هذا فضلا عن إشكاليات مرتبطة بالقائم بالاتصال وتأهيله وتدريبه وكيفية الحاقه بالعمل.

تحديات الواقع

وأشارت يسري، قائلة "للأسف فهناك الكثيرون ممن يعمل في إعلام الدولة والإعلام الخاص لم يتخرج من كلية الإعلام ولم يدرس الإعلام، راجعوا البرامج المقدمة على الشاشات جيدا"، متسائلة "كيف يتم الحاقهم بالعمل؟ وعلى أي أساس؟ ومما يزيد من غرابة الأمر عدم إلحاق خريجي الإعلام بنقابة الإعلاميين!؟".

وأكدت يسري، أن الواقع الإعلامى يفرض تحديات عديدة، فصناعة الإعلام ذات أبعاد مهنية وإبداعية، يقتضى إستمرارها ونجاحها لتجديد تقاليد الأداء وتعلم المهارات اللازمة للتأهيل لسوق العمل في ظل المنافسة والمشاركة على نحو فعال في تنمية المجتمع، موضحة أن هذا ما يصنعه التأهيل والتدريب المتخصص في كلية الإعلام.

وأضافت عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة السابق، قائلة "أتمني أن تكون عنصراً دافعاً ومحفزاً لتطوير التأهيل المهنى لطلابها والعاملين فى مجالات العمل الإعلامى مع طرحها لأفق عصرية تطبيقية للتدريب الإعلامى بالشراكة مع المؤسسات الإعلامية التي تتعامل مع إشكاليات مختلفة تخص الأداء المهنى للعاملين بالإعلام وطبيعة الأفكار والمحتوى المقدم، فضلا عن التعاون مع هذه المؤسسات في اقتراح الحلول لمشكلاتها بالدراسة والبحث العلمي".

جزء من مشكلة عامة

وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد المرسي الأستاذ بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إنه يتفق مع نقيب الصحفيين بوجود أزمات وليس أزمة تواجه الصحافة والعمل الإعلامي بشكل عام، موضحاً أن نصيحة النقيب والعاملين في هذا المجال بعدم الالتحاق بكليات الإعلام غير موفقة وليست في موضعها خاصة حينما تصدر من نقيب الصحفيين، قائلاً "هو أخ عزيز ونقدره ولا أشك في تقديره لقيمة الدراسة والتأهيل العلمي".

وأضاف المرسي، في تصريح خاص لـ"كشكول"، قائلاً "إذا نظرنا إلي سوق العمل بشكل عام سنجد أزمات عديدة تواجه الخريجين في تخصصات عديدة وكثيرة سواء في الطب أو الهندسة أو الحقوق أو التجارة، ولكن لا يعني وجود أزمات أن نلغي الدراسات في هذه المجالات"، مضيفاً "الحل في بحث جاد للخروج من هذه الأزمات وتطوير العمل الصحفي شكلا ومضمونا بما يتلائم مع معطيات الواقع والتطور التكنولوجي وتطهير المهنة من الدخلاء عليها كما فعلت دول عديدة استطاعت الحفاظ علي وسائلها التقليدية".

فرص متاحة

وأشار المرسي، إلي أن سوق العمل الإعلامي رغم ضيقه الظاهري بإغلاق العديد من الصحف والقنوات إلا أن فرص انفتاحه متاحة وبشكل كبير من خلال مكاتب وشركات وهيئات إعلامية متعددة وقنوات ووسائل جديدة يتم إنشائها والوسائل الإعلامية الإلكترونية - لا خصر لها - التي تتيح فرصا كبيرة للعمل، وذلك بشرط اعتماد آلية تتيح الفرصة للموهوبين والدارسين والمؤهلين للعمل بديلا لآلية الواسطة والمحسوبية والشللية التي تمنح الفرصة لمن لا يستحق من أنصاف ومعدومي الموهبة والتأهيل.

بحث الحلول

وأوضح الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، قائلاً "أذا دعونا لعدم الالتحاق بكليات سيزيد الأمر سوءا وستزداد السلبيات والمشاكل والأزمات بإتاحة الفرصة لغير المؤهل وإتاحة الساحة لمن لا يستحق".

وتابع المرسي، قائلاً "نأمل من نقابة الصحفيين بالتعاون مع الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلي للإعلام وأيضاً نقابة الإعلاميين تحت التأسيس العمل الفاعل لتنظيم الإعلام وحل مشاكله المتراكمة ووضع آلية واضحة لمن يعمل في المجال تشترط الموهبة والدراسة والتأهيل وحين نصل إلي ذلك ستختفي اَي دعوة لعدم الالتحاق بكليات الإعلام لأنها تنظيميا ستكون الأساس الأكاديمي والمحور الرئيسي للعمل الإعلامي".

كثرة الأعداد

حيث قال ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، إنه في ظل أزمة الإعلام في مصر ننصح طلبة الثانوية العامة بالابتعاد عن هذه الكلية لأن حالها الآن ليس كالسابق، ومن نتائج هذه الأزمة إغلاق عدد كبير من المحطات التليفزيونية والصحف القوية، وهذا بسبب اندثار سوق الصحافة والإعلام في مصر، مضيفًا أن كثرة أعداد الصحفيين داخل المؤسسات هي السبب في إغلاق الصحف والمحطات لأنها لن تغطى تكلفتها.

وأكد "رشوان"، أنه من الطبيعى تدنى حالة الصحافة والإعلام في مصر نظرًا لاندثار أوضاع الصحافة وكلياتها والإعلام أيضًا، مشيرًا إلى أنه لا يوافق على دعوات بعض الإعلاميين إلى منع الطلاب من دخول كلية الإعلام، لكنه مع تقليل الأعداد، ورفع مستوى الدراسة في هذه الكليات، مع مراعاة الاهتمام بالأقسام المطلوبة في سوق العمل.