الخميس 06 فبراير 2025 الموافق 07 شعبان 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
مقالات

د. وائل كامل يكتب: "حلم الإبداع بين مجموع الثانوية ومكتب التنسيق"

كشكول

الكثير من أبناء الشعب المصري، بعد التحاقهم بالكلية التي أُجبروا على دخولها بسبب مكتب التنسيق ومجموع الثانوية العامة، يجدون أنفسهم ضحايا لدراسة تخصصات لم يكونوا يتمنونها، ولا يرغبون في إتمامها. لقد أصبح هذا التخصص مفروضًا عليهم من قِبل "الآمر الناهي" مكتب التنسيق!

بسبب بضع درجات في مواد الثانوية العامة التي تفتقر إلى التخصصات الدقيقة والمناهج المتخصصة والتسلسل التعليمي الهرمي، تصبح حياة الطالب محكومة بمسار غير مرغوب فيه. فبدلًا من أن يدرس تخصصًا يطمح فيه ويشعر أنه متوافق مع رغباته وآماله، يجد نفسه مضطرًا للحصول على ورقة مؤهل - بكالوريوس أو ليسانس - فقط "لإرضاء الأهل" والتخلص من الضغط النفسي.

المشكلة لا تتوقف هنا، إذ كان من المفترض أن يتمتع الطالب بحرية الاختيار بين التخصصات المختلفة، بناءً على معرفة ودراية. لكن التعليم الثانوي لا يقدم للطلاب معلومات كافية عن التخصصات أو نبذة عنها، ولا يقدم لهم معلومات تمهيدية تساعدهم في اتخاذ القرار المناسب. كما يجب أن يتم تمكينهم من فهم سوق العمل ومتطلباته للتخصصات التي يدرسونها. في الواقع، تُلقى بالطلاب في بحر من التحديات دون أن يمتلكوا الأدوات اللازمة للسباحة، فيعتمدون على أنفسهم أو على نصائح الأهل والجيران للبحث عن التخصصات التي تتناسب مع درجاتهم، دون مراعاة لرغباتهم الشخصية وطموحاتهم.

وبعد سنوات من الدراسة، يحصل الطالب على ورقة تُسمى "المؤهل"، ليكتشف أنه قد نسي جميع المعلومات التي اضطر لدراستها، لأنها لم تكن تلبي اهتماماته وطموحاته. وبالتالي، يصبح خريجًا نمطيًا، غير مبتكر، تم إجباره على الالتحاق بكلية ودراسة مواد لا علاقة لها برغباته وآماله.

وفي ظل هذا الوضع، قد يحاول هذا الطالب، بعد التخرج، العودة إلى دراسة التخصص الذي كان يتمنى دراسته منذ البداية. ولكنه سرعان ما يكتشف أن الفرصة قد فاتت، وأن السن قد تخطاه، وأن التخصصات التي يرغب في دراستها متاحة فقط للطلاب الحاصلين على مجموع محدد من الثانوية العامة في سنة الحصول عليها.
كما أن التعليم المفتوح أو الانتساب  لا يوفر الكثير من التخصصات التي تقدمها الجامعات المصرية، بل وبدأ الاتجاه لالغاء تلك الانظمة التعليمية الاضافية لخدمة التعليم الخاص وزيادة الاقبال عليه.

من المعروف أن توافر الرغبة في دراسة تخصص معين، إلى جانب الطموح والحافز، قد يؤدي إلى تحقيق الابتكار والإبداع والنجاح. ولكن، للأسف، ضاعت هذه الفرص على الكثير من أبناء الشعب المصري بسبب نظام التنسيق القائم على المجموع فقط.

ألم يحن الوقت لإعادة النظر في هذا النظام البالي الذي يحد من الإبداع ويقضي على الابتكار؟ من الضروري أن نتوسع في قبول الطلاب الراغبين في دراسة التخصصات المختلفة، دون ربط ذلك بالمجموع أو السن، وأن نشجع التعليم المستمر للكبار لتغيير المسار لمن يرغب. كما ينبغي أن تشارك الكليات في وضع المناهج التعليمية لمرحلة تعليم ما قبل الجامعي تكون مكملة للتعليم الجامعي لاستكمال البناء التعليمي الهرمي، وتحقق تكاملًا حقيقيًا بين مراحل التعليم المختلفة، مما يساهم في تطوير النظام التعليمي المصري.
من خلال تبني هذا النهج، يمكننا فتح آفاق جديدة للطلاب وتحقيق بيئة تعليمية أكثر مرونة وابتكارًا.