مترجم «مبارك» يسرد حيلته للخروج من مأزق رسالة إسرائيل المزخرفة
كشف الدكتور منصور عبد الوهاب، الأستاذ المساعد بقسم اللغة العبرية ورئيس قسم اللغات السامية بكلية الألسن جامعة عين شمس، أحد المواقف الخاصة أثناء عمله كمترجم للرئاسة أبان عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حينما جاء وفد من الجانب الإسرائيلي حاملًا برسالة خاصة من رئيس وزراء إسرائيل - آنذاك-، مكتوبة بخط اليد المزخرف، كنوع من التقدير والاحترام للرئيس مبارك، إلا أنه لم يستطع أن يقرأ الرسالة لزخرفة حروفها بالعبرية.
وأضاف عبد الوهاب، أن المترجم الرئاسي يجب أن يتعامل من المواقف بسرعة بديهة مع التحلي بأقصى درجات الحذر، كذلك الالتزام بالبروتوكولات المتعارف عليها في المظهر العام والانضباط، وإدراكه التام بأنه في حضرة رئيس الجمهورية ووفودًا أجنبية مهما اختلفت مستوياتها، لذا استطاع أن يخرج من هذا الموقف بحيلة دون إحراج لأحد، بطلبه من رسول الرسالة بقرأتها للرئيس مبارك؛ معللًا ذلك بأن قرأتها من جانبهم ستكون تقدريرًا للجانب المصري.
جاء ذلك خلال فعاليات المحاضرة العلمية بعنوان "المترجم الرئاسي بين الإبداع والمنهج العلمي"، التي نظمتها لجنة المختبرات والأجهزة العلمية التابعة لقطاع الدراسات العليا والبحوث بالكلية، تحت رعاية الدكتور عبد الناصر سنجاب، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، الدكتورة منى فؤاد، عميد الكلية، وإشراف الدكتورة سلوى رشاد، وكيل الكلية لشئون القطاع، بحضور الدكتورة رحاب عبد السلام، الأستاذ المساعد بقسم اللغة الإسبانية ورئيس اللجنة، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة، وطلاب الدراسات العليا بالكلية.
وأكد عبد الوهاب، وفق البيان الصادر عن الكلية، أن المترجم الرئاسي يجب أن يكون على يقين تام أنه يؤدي واجب قومي من الطراز الأول لخدمة مصر، وهو لا يحظى بأي مميزات خارج حدود وظيفته في ترجمة وقائع الاجتماعات.
وشدد على ضرورة أن يعتبر المحادثات التي دارت داخل أروقة القصر الرئاسي من ضمن أسرار الدولة العليا التى يجب أن تدفن في أعماق عقلة مدى الحياة، كذلك التحلي بالموضوعية التامة في ترجمة الرسالة السياسية دون استخدام العاطفة أو التحيز لأي رأي لما في ذلك من خطورة قد تتسبب في تبعات على مستوى عالٍ من الخطورة.
وتابع أن المترجم الرئاسي يجب أن يتقن لغتين بجانب العربية، كذلك التحلى بمهارات خاصة تتيح له إمكانية تجاوز المواقف الصعبة التى تعرض لها خلال ترجمته الفورية لاجتماعات ومباحثات على قدر كبير من المسئولية؛ ومن أهمها سرعة البديهة والإطلاع الواسع على ثقافة المجتمع صاحب لغة الترجمة، وأحدث التطورات والأخبار المطروحة على الساحة الإعلامية الخاصة بتلك المجتمعات، وكذلك على المترجم أن يعي أنه ليس طرفًا فى النقاش؛ بل هو مجرد مترجم فقط ولا يسعه الدخول في مجريات الأحاديث أو إبداء رأيه مطلقًا.
وأوضح خلال حديثه أن الترجمة الرئاسية تنقسم إلى عدة أقسام وهي: مترجم رئاسي وإعلام و عسكري وهي من أخطر أنواع الترجمة الفورية؛ تلك المهمة الوطنية التى يجب على ممارسها إتقان الأداء الصوتي الخاص به والتعرف على لكنات اللغة التى يقوم بترجمتها بشكل كبير، كذلك الإلمام بالأمثال الشعبية والديانات للوفود الأجنبية كذلك التحلى بثقة عالية في نفسة وعدم الإهتزاز خلال ترجمته للأخبار والتركيز الشديد، بهدف خلق صورة ذهنيه متميزة عن قدرات مترجمى الرئاسة أمام الضيوف من روؤساء الدول الأخرى.
واستعرض خبراته في مجالات الترجمة الرئاسية على مر السنين مستشهدًا بعدة مواقف للأخطاء الشائعة في الترجمة حينما قام مترجم لبناني استعانة به رئاسة الجمهورية فقام بترحمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك بالخطأ أنه وصف شارون بـ "رجل دموي" ، كذلك إحدى الترجمات الأخري التى نقلها أحد المترجمين عن "ياهود باراك" رئيس وزراء إسرائيل الأسبق حينما هدد بضرب لبنان في حديثة مع الرئيس مبارك و قام المترجم الإسرائيلي بعدم ترجمة تلك الجملة مما تسبب في حرج للقيادة المصرية– آنذاك – حتى اتخذت رئاسة الجمهورية قرارًا بالاعتماد على المترجمين المصريين في الرسائل السياسية الخارجية مرى أخرى.
وفي الختام أثارت الندوة العديد من الأسئلة والأحاديث الهادفة التى تطرقت إلى إمكانية ترجمة لغة جسد الضيوف و الإيماءات لإطلاع الرئيس على ما في باطن الأحاديث للضيوف وإمكانية الرد بمنتهى الدقة عن كافة تساؤلاتهم والدفاع عن مصالح الدولة، كذلك إمكانية تقديم المشورة للرئيس إذا سمح بذلك حول ردود أفعال الضيف لما للمترجم من خبرة ثقافية فى مجتمعاتهم.
وأكد أن الإبداع فى الترجمة الرئاسية أمر مطلوب في ظل الإلتزام بالموضوعية والشفافية المطلقة بهدف توضيح الرسائل السياسية إلى القيادة والتأكد من وصول الرسالة بشكل واضح لا خلل فيه.