الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

أرض الخطر.. كيف يعيش الطلاب والمعلمون في سيناء؟

كشكول

أوضاع أمنية صعبة، وبنية تحتية متهالكة، وانقطاع متكرر لخدمات الاتصالات والإنترنت، ومسافات طويلة بين المدارس وأماكن إقامة الطلاب والمعلمين، ناهيك عن العمليات الإرهابية التى يترتب عليها إغلاق المدارس القريبة من الأحداث فترات طويلة، كلها عوامل جعلت من منظومة التعليم فى شمال سيناء فى وضع معقد.
خبراء رأوا أن الوضع ليس معقدًا بالنسبة للمنظومة الحالية فقط، بل إن تطبيق آليات النظام الجديد للتعليم فى مصر على شمال سيناء بات أمرًا تحيط به الشكوك، بسبب هذه العوامل، ويحتاج لإعادة النظر فى إمكانية إتاحته لطلاب سيناء، بنفس القدر الذى سيتاح به فى باقى أقاليم الدولة، ففى كثير من المناطق بشمال سيناء، يضطر حوالى ١١٠ آلاف طالب ومعلم يوميًا إلى التنقل مسافات طويلة، للوصول إلى نحو ٥٩١ مدرسة، تابعة للوزارة، حسب الأرقام التى كشف عنها الدكتور عبدالكريم الشاعر، مدير مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء.
ورغم أن الدولة تقدم دعمًا للطلاب من خلال الإعفاء الجماعى من المصروفات، وتوفير وجبات مدرسية لهم، خاصة الطلاب من ذوى الاحتياجات الخاصة، فإن هناك شكاوى كثيرة تظهر لدى الطلاب والمعلمين فى شبه الجزيرة، من بينها: عدم تفعيل الأنشطة التعليمية.
«الدستور» فى هذا التقرير تواصلت مع عناصر منظومة التعليم فى المحافظة من مسئولى مديرية التربية والتعليم، وجامعة العريش، والأزهر، بالإضافة إلى أعضاء مجلس النواب عن المحافظة، وقيادات الأجهزة التنفيذية، لرصد العقبات التى تقف أمام المنظومة التعليمية، والحلول المطروحة.


سالم: نعانى عجزًا فى معلمى التخصصات العلمية.. والشيخ زويد ورفح والحسنة الأكثر طلبًا للنقل
قال محمد سالم، نقيب المعلمين بشمال سيناء مدير إدارة الحسنة التعليمية، إن أكثر المناطق التعليمية خطورة، تشمل رفح والشيخ زويد والحسنة، والتى تواجه فيها المديرية أزمة كبيرة، تتمثل فى تكرار طلبات المعلمين النقل من مدارس المنطقة إلى أخرى بعيدة وآمنة، بسبب خطورة وصعوبة العيش وقلة الخدمات فيها.
وأضاف «سالم» أن جميع التحويلات بين الإدارات التعليمية تم وقفها، بسبب عجـز التخصصات، وخصوصًا العلمية، كالرياضيات والعلوم، بالإضافة إلى رغبة المديرية فى الحفاظ على وجود الكوادر التعليمية فى المناطق الخطرة، فى ظل عدم إقبال باقى المعلمين عليها.
وعن تطبيق نظام التعليم الجديد فى المنطقة، فى ظل عدم توافر خدمة الإنترنت بشكل مستمر، قال نقيب المعلمين: «لابد أن تُستثنى سيناء من تطبيق هذا النظام لحين تحسين الخدمات فيها».
وأضاف: لكن إذا طُبق، فسندشن عدة معامل إلكترونية بوسط المدينة، حيث تتوافر شبكات الإنترنت، لنقل الطلاب إليها، وتدريبهم على شكل الامتحانات، ثم ننقل المناهج على أسطوانات أو «سيديهات»، بهدف استخدامها على أجهز الحاسب الآلى، المتوافرة فى المدارس والبيوت.
وطالب النقيب أجهزة الدولة بتقديم دعم أكبر لمعلمى المناطق الخطرة وحمايتهم، وتوفير أتوبيسات لنقلهم بأمان، وبأسعار منخفضة، مع بناء «كرفانات» مجهزة، تليق بهم ليسكنها المعلمون، فى المناطق التى لا يمكن بناء استراحات فيها، مشددًا على ضرورة إطلاق أسماء المعلمين الذين استشهدوا نتيجة الأحداث الإرهابية على مدارسهم أو شوارعهم.
وشدد نقيب المعلمين على أهمية رد الاعتبار إلى المعلم، ومعاملته مثل الجندى المحارب، الذى يواجه الإرهاب ويدافع عن وطنه، نظرًا لاستشهاد الكثير منهم، فى المعركة مع الإرهاب، وإصابة آخرين فى الجرائم الأخيرة.
وأكد مدير مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء، عبدالكريم الشاعر، أن شمال سيناء محظوظة باهتمام الدولة بها، عبر توفير الكوادر البشرية والمادية، مشيرًا إلى أنها من كبرى المحافظات التى وفرت لها الدولة درجات معلمين، وقدمت لمعلميها حوافز تصل إلى ٣٠٠٪، مع تطبيق منحة الـ١٠٪، تقديرًا لهؤلاء الذين يحرصون على أداء دورهم وواجبهم الوطنى.
وأشار إلى أنه لا توجد أى أزمات فى وصول الكتب الدراسية إلى المحافظة، وتوزيعها على الطلاب يجرى قبل بدء الفصل الدراسى، ما ساعد فى تحقيق نسب نجاح مشابهة لباقى المحافظات، وحصد إحدى بناتها المركز الثانى على الجمهورية فى الثانوية العامة، منذ ٥ سنوات.
وقال حسام الرفاعى، عضو مجلس النواب عن محافظة شمال سيناء، إن الظروف الأمنية غير المستقرة تلعب دورًا كبيرًا فى عدم استقرار العملية التعليمية بالجامعات، سواء فى جامعة العريش أو جامعة سيناء، وغيرها من الجامعات والمعاهد الخاصة.
وأوضح أن طلاب جامعتى العريش وسيناء، الذين يزيد عددهم على ١٠ آلاف طالب وطالبة، يعانون من الوصول مبكرًا إلى المحاضرات، وتخلفهم عن الدراسة.
وأشار إلى أن جامعة العريش تعد قاطرة حقيقية لتنمية العملية التعليمية فى سيناء، خاصة أن إنشاء الجامعة ثم استقلالها عن جامعة قناة السويس، كانا من أهم المطالب التى حرص عليها نواب سيناء وأبناؤها.
وأضاف أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشاء جامعة العريش كان أبلغ رد على دعوات التهجير وتهميش أهالى سيناء، لذا نطالب بضرورة اتباع أسلوب علمى فى أى تنمية تحدث على أرض سيناء، بما يراعى خصوصياتها.
وطالب عضو مجلس النواب بتعميم مكافآت وحوافز جديدة، لجذب العمالة إلى شمال سيناء، خاصة فى مجال التعليم، نظرًا للظروف الصعبة التى يعيشها المواطن السيناوى.

بكير: أعضاء هيئة التدريس يمتنعون عن القدوم.. والرفاعى يطالب بمكافآت وحوافز جذب
قال رحمى بكير، عضو مجلس النواب عن العريش، إن أغلب أعضاء هيئة التدريس يمتنعون عن التدريس فى الجامعات فى سيناء بسبب الظروف الأمنية، التى تعيقهم عن الوصول إلى الجامعة.
وأضاف أن كثيرًا من أعضاء هيئة التدريس بسيناء وافدون من خارج المحافظة، ويحتاجون إلى التنقل والدخول والخروج من سيناء، وهو ما أصبح صعبًا فى السنوات الأخيرة، بعد تزايد خطر الإرهاب، مشيرًا إلى أهمية مراعاة مسألة سوء خدمات الإنترنت والشبكات، ودورها السلبى الذى يؤثر فى قبول الأساتذة للعمل فى المؤسسات التعليمية. وأضاف أن بعض الطلاب من المحافظات الأخرى يأتون للتعلم فى سيناء، وتبلغ نسبتهم نحو ٢٥٪ من الطلاب، فيما تصل نسبة الطلاب من أبناء سيناء إلى ٧٥٪، وكلهم بحاجة إلى تطوير منظومة الاتصالات للتواصل مع ذويهم، فى ظل الأوضاع الأمنية الحالية. وفى الإطار نفسه، قال الدكتور حاتم سلامة، أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة العريش: «رغم ما نعانيه جميعًا من إرهاب أسود وانقطاع الاتصالات، وما يرتبط بها من خدمات، واضطرار الدولة لإغلاق الطرق ساعات طويلة، مع قلة وسائل المواصلات، فإننا نؤدى رسالتنا ونعمل على الارتقاء بالعملية التعليمية».
وأضاف: «نتطلع إلى زيادة المخصصات المالية للمكتبات، وزيادة عدد القاعات الدراسية، وتزويدها بالوسائل التكنولوجية، والاهتمام بالمعامل وتزويدها بالأجهزة اللازمة، وتفعيل دور مراكز الجامعة المتعددة لتقديم خدمة مجتمعية حقيقية».
وطالب بتدخل أجهزة الدولة لسد العجز فى الأساتذة والإداريين، وتوفير وسيلة نقل جماعى تابعة لجامعة العريش، لنقل العاملين بها من وإلى مدينة الإسماعيلية، مع إنشاء دار ضيافة ذات خدمة فندقية، ونادى أعضاء هيئة تدريس، ووحدات سكنية تابعة للجامعة، لتسهيل أمور الإقامة والانتقال. وتابع: حتى يتحقق التطوير فلابد من أن يعمل الجميع على أن تظل الجامعة قاطرة التنمية والتنوير، خاصة أن جامعة سيناء تحتل موقعًا متميزًا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من مدينة العريش، وتبعد حوالى ٨ كيلومترات فقط من المدينة، فيما تبعد الجامعة عن مدينة الإسماعيلية حوالى ١٦٠ كيلومترًا.
وأشار إلى أنه منذ ٢٠١٠ تخرّج فى الجامعة أكثر من ٥ آلاف طالب وطالبة فى مختلف التخصصات، واحتفلت الجامعة فى ديسمبر الماضى بتخريج ١٠٣٨ طالبًا بكليات طب الأسنان والصيدلة والهندسة والإعلام وتكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسب، ويتزايد الإقبال فى ظل استمرار العمل بقرار المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، بشأن تخفيض الحد الأدنى للتقدم بكليات جامعة سيناء، بمقدار ٥٪ عن باقى الجامعات.

11 ألفًا يدرسون فى 102 معهد أزهرى.. وكتاتيب عصرية لتحصين الأطفال من التطرف
وعلى صعيد الأوضاع التعليمية فى المؤسسات الأزهرية بسيناء، قال الشيخ محمد موسى، الوكيل الثقافى بمنطقة شمال سيناء الأزهرية، إنَّ الأساتذة فى المعاهد يركزون على دحض الفكر المتطرف فى عقول الأهالى، ويعملون على نشر التعليم الأزهرى الوسطى فى المنطقة.
وأضاف أن الأزهر استهدف فى الفترة الأخيرة زيادة عدد المعاهد فى غالبية قرى المحافظة، من أجل نشر الفكر الإسلامى المعتدل، والتصدى لظاهرة التطرف.
وتابع: «لدينا ١٠٢ معهد أزهرى، و١١ ألف طالب فى جميع المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وعملنا على زيادة الأماكن المتاحة لتعليم رياض الأطفال فى الأزهر، لتعليمهم الفكر الوسطى، وتحصينهم ضد التطرف منذ الصغر».
وأكد أن المعاهد الأزهرية تُحصِّن الطلاب وتتولى توعيتهم ضد التطرف، لافتًا إلى أن المعاهد تتولى نشر الفكر الإسلامى الصحيح، بالإضافة إلى أن دراسة مناهج الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية، تعمل على رفع الوعى الطلابى بالمفاهيم الصحيحة، وتحصن المجتمع ضد الأفكار الدخيلة.
وأضاف أن طلاب سيناء مثل الطلاب الآخرين فى أى مكان، ليسوا متطرفين، وإذا تم نشر فكر الأزهر فى كل مكان فى سيناء فسينحسر الفكر المتطرف، إذ يوجد إقبال كبير على المعاهد الأزهرية فى المنطقة.
وتابع: ننظم دورات تدريبية لمعلمى المعاهد الأزهرية فى المنطقة، ليكونوا قادرين على التدريس للطلاب وتوعيتهم ضد التطرف، خاصة أنهم خريجو الأزهر، وإذا وجدوا معلمًا يحمل فكرًا متطرفًا، أو لديه نزعات عدوانية، فتتم مخاطبة قطاع المعاهد الأزهرية لاستبعاده من سيناء.
وقال الشيخ عبدالباقى فرج، مدير الدعوة بمديرية أوقاف شمال سيناء، إن قيادات وزارة الأوقاف فى المنطقة يهتمون بالكتاتيب اهتمامًا كبيرًا، علاوة على أنهم يحاولون خلال صلاة الجمعة حث أولياء الأمور على أن يرسلوا أبناءهم إليها ليحفظوا القرآن الكريم.
وشدد على أن جميع الكتاتيب فى سيناء تابعة للأوقاف، ولا يتم السماح بسيطرة الأفراد عليها، ولا يستطيع أحد أن ينشئ أى كتّاب دون الحصول على موافقة، مشيرًا إلى وجود مدارس قرآنية لتوعية الطلاب، لحثهم على حفظ القرآن الكريم، كما أن كل مدرسة بها اثنان من المحفظين ومشرف معتمدون رسميًا من الوزارة.
وقال إن الأوقاف تنظم مسابقات للقرآن الكريم باستمرار فى مناطق مختلفة من المحافظة من أجل تشجيع الطلاب على الحفظ، خاصة أن بعض رجال الأعمال يخصصون مبالغ مالية لتوزيعها على الطلاب الفائزين، وقيادات الوزراة يذهبون شهريًا إلى المكاتب المختلفة لمتابعة سير العمل، علاوة على أن هناك مسابقة سنوية للحفظ تقدر مكافآتها بنحو ٥٠ ألف جنيه.
وأضاف أن الكتاتيب الموجودة فى الوقت الحالى عصرية، ولا تقتصر على تحفيظ القرآن الكريم فقط، بل تهتم بالدروس الدينية، وتوعية الطلاب وتحصينهم ضد المفاهيم الخاطئة، خاصة أن الأجواء فى شمال سيناء تختلف عن باقى الجمهورية.
وتابع أن هناك فترات دراسة صباحية ومسائية، خلال جميع أيام الأسبوع، ونحاول فيهما بقدر الإمكان تحفيز الطلاب على حضور المدرسة القرآنية، فى ظل خوف أولياء الأمور على أبنائهم، حيث يمنعونهم من الذهاب إلى المدارس بسبب الظروف الأمنية.
وفى جنوب سيناء، كشف الدكتور نصر الخضرى، عميد كلية العلوم الأزهرية وعضو المجلس الاستشارى لتنمية سيناء، عن تقدمه بطلب إلى مشيخة الأزهر حتى تكون الأولوية لطالبات شعبة الدراسات الإسلامية فى الكلية فى المسابقات التى تُعقد لاختيار معلمات للمواد الشرعية فى الأزهر، ما يعطيهن حافزًا أكبر للالتحاق بالكلية، والعمل على مكافحة التطرف فكريًا.
وأكد أنه سعى إلى تعيين جميع خريجى شعبة اللغة العربية فى الكلية، من دفعتى ٢٠١٦ و٢٠١٧، فى وظائف التدريس فى جنوب سيناء، مشيرًا إلى أنه يعمل على إصدار نتائج الامتحانات بعد انتهائها بـ١٠ أيام فقط.
وعن دور الكلية فى مواجهة الفكر المتطرف فى سيناء، قال الخضرى: «دورنا تعليمى فى المقام الأول، ونعتمد على إعداد الطلاب والطالبات ونمدهم بالفكر الإسلامى الصحيح، والأفكار الأزهرية الوسطية».
وأضاف: ننظم ندوات للشباب بحضور متخصصين فى مجالات مختلفة، لتوعيتهم بدورهم الوطنى، علاوة على الحرص على عقد لقاءات مع القيادات العسكرية والمدنية والأمنية فى سيناء، فى إطار حرصنا الدائم على الحديث والحوار مع الشباب لتوعيتهم بأهمية دورهم فى الحفاظ الأمن القومى المصرى.