السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

تقرير جامعي يدق "ناقوس الخطر".. الكثافة الطلابية عقبة في طريق التطوير.. وأكاديميون يضعون الحلول

كشكول

أستاذ بجامعة الفيوم: الكثافة الطلابية يفرغ العملية التعليمية من محتواها

أستاذ اجتماع: إنشاء قاعدة بيانات مجمعة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات

أبو العلا: الحل لن يتم إلا بتفعيل نشر ثقافة الجودة على أكمل وجه في المجتمع

أستاذ سكان: ضرورة ربط أعداد الطلاب بأعداد أعضاء هيئة التدريس

المعدلات الدولية اللازمة للتحصيل العلمي الأفضل بالجامعات، لا يزيد علي 50 ألف طالب


شهد التقرير الصادر عن متابعة وتقويم أداء الخدمة التعليمية بالجامعات، تباين في الكثافة الطلابية لـ24 جامعة حكومية، حيث كشف عن وجود 12 جامعة تجاوزت المعدلات الدولية للتحصيل العلمي، بسبب الكثافة الطلابية الكبيرة، وانخفاضها ببقية الجامعات عن المعدلات الدولية للتحصيل الأمثل.

كشف التقرير، عن أن المعدلات الدولية اللازمة للتحصيل العلمي الأفضل بالجامعات، لا يزيد علي 50 ألف طالب، في ضوء الإمكانات المتاحة وقاعات الدرس والمعامل وأعضاء التدريس بالجامعات الكبرى، مع وضوح جامعات تعاني من كثافات طلابية كبيرة، منها "القاهرة - الإسكندرية - عين شمس حلوان -  المنصورة -  الزقازيق -  طنطا  - أسيوط - بنها -  المنوفية -  بني سويف - المنيا"، ونسبة الزيادة عن المعدلات الدولية في جامعة المنيا6200 طالب فقط وفقا لإحصاءات عام2017.

"كشكول" تطرق إلى مشكلة الكثافة الطلابية بالجامعات، والحوار مع عدد من أساتذة الجامعات، لطرح الحلول للحد من الأزمة والقضاء عليها..

طرح عدد من أساتذة الجامعات، حلولا لتقليل الأعداد والحد من الكثافة الطلابية بالجامعات، منها رفع راتب عضو هيئة التدريس، وألا يكون توزيع الكتب والمذكرات هو مصدر الإضافي للدخل، مع نشر ثقافة الجودة من خلال توعية المجتمع بأهمية دور المزارع والصانع في بناء المجتمع مثل القاضي والدكتور، والاهتمام بالتعليم في الدولة وأن يكون على رأس أولوياتها، بأن تنفق المال على العلم كنوع من الاستثمار.

العملية التعليمية، تتكون من مجموعة من العناصر تتفاعل سويا لتخرج نواتج التعلم، حيث يشترك كل من الطالب والأستاذ والمادة العلمية وبيئة التعلم معا لتحديد قيمة التعليم في أي مرحلة تعليمية، ورأي جامعيون أن الأعداد الضخمة لخريجي الجامعات، لم تعد مقياسا عادلا للحكم على قوة المجتمعات، فبالكيف لا بالكم تقاس الطاقات البشرية، خصوصاً في الدول المتقدمة.

رأى البعض أن الفترة الحالية، عصر ينادي بالأخذ بمعايير جودة التعليم أليس من الأحرى بالنظر إلى نواتج التعلُم؟ ودون النظر لمعيار الرضاء الطلابي، وطرح السؤال هل التكدس في قاعات الدرس في بعض الكليات من الممكن أن يسهم في تعليم متميز و توفير الاحتياجات الفعلية لسوق العمل؟ هل من الممكن أن نجد لجامعاتنا مراكزاً مقبولة داخل التصنيفات الدولية؟.

اعتبر الدكتور هاني أبو العلا، عضو هيئة التدريس بجامعة الفيوم، أن مشكلة الأعداد الضخمة للطلاب وتكدسهم داخل قاعات التدريس من المشكلات الملحوظة في بعض الكليات، هو ما يفرغ العملية التعليمية من محتواها في معظم الأوقات، موضحا أنه على الرغم من أن المؤسسات التعليمية في معظم الدول المتقدمة تتجه نحو أنظمة الساعات المعتمدة، التي تعتمد على تقليل عدد الطلاب المسموح بهم لكل أستاذ بما يسمح بالاتصال المباشر بين الطالب وعضو هيئة التدريس لنقل الخبرات والمعارف والمهارات، فإن ثمة نظام شبيه أو أن شئت فقل "مشوه" يتم تطبيقه في بعض الجامعات المصرية، تحت نفس المسمى " الساعات المعتمدة"، في حين أن النظام الأصلي يفترض بضعة عشرات من الطلاب لكل أستاذ، نجد أن نظام الساعات المعتمدة المصري يسمح بمئات من الطلاب لكل أستاذ.

كما طرح أبو العلا، سؤالا، قائلا: هل نقص أعداد هيئة التدريس في كثير من الجامعات "الإقليمية على وجه الخصوص" يمكن معه تحقيق جودة فعلية للتعليم والسير في ركاب أنظمة متطورة تفترض أعداد محددة لكل أستاذ؟ هل يأتي قبول نقل بعض أعضاء هيئة التدريس من جامعات إلى أخرى حلاً لبعض المشكلات، أم يكمن الحل في تقسيم بعض الجامعات ذات الأعداد الضخمة والسماح بظهور جامعات جديدة، مؤكدا أنها قضايا تحتاج لحلول عاجلة، وأنها مشكلات قابلة للحل، ولنجعل نصب أعيننا شعار "جامعة متميزة، تعليم حقيقي، خريج متعلم".

وحسب التقرير الصادر، فإن الكثافة الطلابية بالجامعات، " معامل – مدرجات – أجهزة – قاعات دروس"، يؤثر بالسلب على العملية التعليمة بالجامعة، ويفقد العملية التعليمية أحد أهم ركائزها القائمة علي تبادل الحوار والمناقشة بين الطالب وعضو التدريس، وتهالك المنشآت الجامعية، مثل قاعات الدرس والمعامل والورش والأجهزة.

يرى الدكتور فايز العيسوي أستاذ السكان بحامعة الإسكندرية، ضرورة ربط أعداد الطلاب بأعداد أعضاء هيئة التدريس، مراعاة الفارق بين الكليات النظرية "أعداد كبيرة"، والكليات العملية "أعداد قليلة"، مع النظر فى مجانية التعليم  الجامعي، واقتصارها على الفقراء فقط، وكل من يرسب منهم عليه دفع مصاريف إعادة مادة أو مواد الرسوب، وتحسين مرتبات الأساتذة، موضحا أن الدراسات العليا بجب أن تكون بمصاريف مرتفعة وتعطى بعض المنح للمتفوقين فقط ليكمل دراسته.

التقرير أوضح أن عدد المقيدين بـ24 جامعة حكومية في نهاية2017 بلغ مليون و688ألفا و872 طالبا وطالبة من بينهم313 ألف طالب بأقسام الانتساب بينما بلغ عدد المقيدين بكليات نظرية، مثل "التجارة - الحقوق – الآداب"،  وصل لمليون و73 ألفا و165 طالبا وبلغ عدد طلاب الكليات العملية مثل القطاعين الطبي والهندسي والعلوم والتكنولوجيا604 آلاف و981 طالبا وطالبة.

الدكتور محمد أبو العلا ، مدرس المنطق الرياضي بكلية الآداب جامعة بورسعيد، اعتبر أن الحل لن  يتم إلا بتفعيل نشر ثقافة الجودة على أكمل وجه في المجتمع، ومن ذلك الالتفات الحقيقي لتناسب عدد الطلاب مع سوق العمل، أي التعامل، مع جميع الكليات بنظام الكليات العسكرية، مشيرا إلى أنه لا يوجد ضابط تخرج في كلية الشرطة أو الكلية الحربية أو الفنية العسكرية ويجلس مع العاطلين على المقاهي لا يجد عملا له بعد تخرجه، مبينا أن كليات الطب فطنت إلى هذا الأمر منذ نشأتها، لذلك لابد من أن تتم قواعد قبول الطلاب في كل التخصصات طبقا لدراسات تحددها مؤسسات الدولة المختلفة كوزارة المالية عند توفير الدرجات، وجهاز التعبئة والإحصاء، وغيرها من المؤسسات التي تحدد حاجة الدولة للمدرس أو المعلم أو المهندس أو حتى الصانع الماهر، وهو مايعني ربط الخريجين بسوق العمل بشكل مباشر.

واقترح أبو العلا، تفعيل لجان علمية في كل التخصصات تقبل فقط من كانت له ميول نحو تخصص معين وليس عن طريق مجموع الدرجات لأن هذا التقييم المبني على الدرجات ثبت أنه وهمي ولا يعكس حقيقة المتعلم، ومعنى ذلك أن يهتم المختصون بوضع الطالب المناسب في المكان المناسب.

تعاني 4 جامعات، وفقا للتقرير، من انخفاض في أعداد أعضاء التدريس، "المنصورة  - طنطا - قناة السويس - السويس"، و10 جامعات من  انخفاض في أعداد أعضاء هيئة التدريس المعاونة من المعيدين والمدرسين المساعدين، مع وجود عجز كبير في أعداد أعضاء تدريس الكليات النظرية، وزيادة كبيرة في أعداد أعضاء تدريس الكليات العملية، خلاف معاهد التمريض التي تواجه عجزا في أعضاء التدريس يتم مواجهته بالاستعانة بأساتذة الطب.

وتقول الدكتورة إيمان نصرى داود، أستاذ علم الاجتماع، بجامعة حلوان، إن أعداد الطلاب تتكدس ببعض الأقسام العلمية أو الأدبية وليس جميعها، تلك القضية ترتبط برغبة الطالب فى الالتحاق بتلك الأقسام كما ترتبط بتوزيع مكتب التنسيق، موضحة أن هناك علاقة وثيقة بين قضية ارتفاع كثافة الطلاب وقدرة الجامعات الحكومية الإدارية والفنية والمالية على توفير أماكن وإمكانات (بشرية- فنية) وأبنية تُسهم فى استيعاب أعداد الطلاب وتوفر لهم بيئة تعليمية مناسبة تتيح لهم قدر متساو من الاستماع والفهم وتبادل النقاش الإيجابى  داخل قاعات المحاضرات.

وتشير إلى التأثير السلبى لتلك العوامل على التصنيف الدولى للجامعات الحكومية المصرية ، ذلك التصنيف الذى يقوم على معايير رئيسية أهمها جودة التعليم ( النسبة بين عدد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين- نوعية الخريجين- توفير فرص العمل الملائمة للتخصص- ونوعية أعضاء هيئة التدريس، وجودة الإنتاج البحثى والمشاركة البحثية الدولية- معدل الإنجاز التنافسى الأكاديمى للمؤسسة – التمويل الذاتى...الخ).

واعتبرت أن علاج مشكلة ارتفاع كثافة الطلاب ببعض الأقسام ببعض الكليات يكمن فى علاج أسباب القصور الإدارى والفنى والمالى عن طريق تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الميزانية المخصصة للانشاءات بتوفير مبنى ملحق أومعامل إضافية أو غرف لأعضاء هيئة التدريس أو قاعات دراسية مجهزة بالوسائل التكنولوجية التى تتيح للطلاب تحقيق أقصى استفادة علمية من المحاضرات، والتزام على الجامعات الحكومية، بالتدريب الدائم لكافة الموظفين القدامى والجدد دون إقصاء لأحد، بالإضافة إلى ضرورة استقطاب عاملين جدد على أساس تنافسى من المتخصصين ذى الكفاءة القانونية والإدارية.

كما اقترحت الدكتورة إيمان نصرى، إنشاء قاعدة بيانات مجمعة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات تتضمن التخصص العام والتخصص الدقيق ووصف الخبرة البحثية والدرجة العلمية، تُسهم تلك القاعدة فى ندب أعضاء هيئة تدريس بالتخصصات النادرة أو التى لا يتوافر بها عدد كاف من أعضاء هيئة التدريس، هذا بخلاف الاحتياج الشديد لفتح باب التعيينات سنوياً، وتختتم الدكتوره إيمان حديثها بأن يقدم كل رئيس جامعة مصرية حكومية كشف حساب ختامى يعرض ما توافر للجامعة من ميزانية وبنودها، وطرح البنود التى شهدت عجزاً والبنود التى يمكن الإنفاق عليها من الموفورات السنوية على أعضاء هيئة التدريس.