السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

مدارس العشوائيات تهدد مشروع «تعليم التابلت»

كشكول

جاء إعلان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، قبل أيام، الاستراتيجية الجديدة للتعليم، تتضمن إدخال التكنولوجيا إلى المدارس، وتقديم المناهج والامتحانات عن طريق أجهزة لوحية «تابلت»، ليبعث الآمال في إصلاح المنظومة التي تعاني منذ سنوات.

لكن، الأوضاع على أرض الواقع تبدو أكثر صعوبة وتعقيدا مما هي عليه في الأوراق والتقارير، في ظل غياب البنية التحتية التي تسمح بتطبيق هذه الاستراتيجيات الحديثة في المدارس والأبنية التعليمية.

«كشكول» يرصد في السطور التالية حقيقة أوضاع المدارس والفصول داخل بعض المناطق الواقعة في نطاق القاهرة الكبرى ومحيطها، لتسليط الضوء على ما يمكن أن تواجهه استراتيجية وزير التعليم من تحديات على أرض الواقع، حتى لا يكون مصيرها مشابها لمصير تجارب التطوير السابقة، التي وقعت في أسر الأحلام الوردية، دون مراعاة لإمكانية التحقق.

نقص أعداد المدارس في القاهرة الكبرى.. كثافة داخل الفصول.. والمقاعد غير متوافرة

لا تبدو المدارس في كثير من مناطق العاصمة مستعدة لاستقبال التطوير الذي تتضمنه استراتيجية تطوير التعليم، القائمة على استخدام التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية، في ظل تدهور بنيتها التحتية، وكثافة الفصول وغياب المدارس من الأساس عن بعض مناطق الجمهورية.

وتشهد العملية التعليمية، في إقليم العاصمة، المتمثل في القاهرة الكبرى وضواحيها،  تراجعا في البنية التحتية للمدارس، وزيادة الكثافة الطلابية في الفصول،  ويتجسد ذلك بصورة كبيرة في مناطق العشوائيات، غير الآمنة، التي يبلغ عددها 16 منطقة في القاهرة وحدها.

وفي مناطق مثل الدويقة، وعزبة الهجانة، وحكر السكاكيني، وتل العقارب، وعزبة خير الله، وبطن البقرة، وعزبة وهبة، وحكر قشقوش، ومحمد على، وعزبة أبو حشيش، وعزبة بخيت، ومنشأة ناصر، وقايتباي وبرقوق، والسيدة زينب، والمواردي، وعزبة أبو قرن، لا تبدو استراتيجية تطوير التعليم قابلة للتطبيق في المدارس القائمة بهذه المناطق، أو في محيطها.

ويعاني أهالي وطلاب هذه الأحياء، - رغم نقل بعضهم إلى حي الأسمرات-، من نقص حاد في عدد المدارس، والفصول، والمقاعد، ما يجعل أحلامهم في التطوير تقتصر فقط على زيادة عدد المدارس، والقرب الجغرافي، ووجود فصول ومقاعد كافية، تمكنهم من إلحاق أبنائهم بالتعليم.

وفي الجيزة، يعاني أهالي جزيرة الوراق من نقص عدد المدارس الثانوية، في ظل وجود مدرستين فقط، لتقديم خدمة التعليم الثانوي، هما «وراق الحضر» و«هانى أباظة»، رغم أن عدد سكان الجزيرة يزيد عن 60 ألف نسمة، ما يجعل الطلاب يلجأون إلى الأحياء والمناطق المجاورة، على جانبي النيل، للحصول على الخدمة.

وفي بعض مناطق محافظة القليوبية، يشكو الأهالي أيضا من نقص عدد المدارس، وزيادة كثافة الطلاب داخل الفصول، رغم وجود بعض المباني التعليمية المهجورة، التي تصلح لتقديم الخدمة، وتخفيف العبء عن المواطنين.

وفي مدينة العبور، يؤكد الأهالي أن المنطقة تعاني من غياب مدارس التعليم الفني، رغم طبيعة المدينة الصناعية، مشيرين إلى أن مدرسة التعليم الفني، التي أقيمت بها على مساحة تبلغ 8 أفدنة، متوقفة عن العمل منذ 17 عاما، دون أسباب واضحة.

وقال أحمد فاروق، أحد أهالي المنطقة: «المدرسة مهجورة من 17 سنة، ومبانيها تسكنها الحشرات، وتتحول ليلا إلى مأوى لتجار المخدرات والبلطجية ما دفعنا إلى الشكوى لمديرية التربية والتعليم في القليوبية، التي وعدت بحل المشكلة، وزيادة عدد مدارس التعليم الفني في السنوات المقبلة».

«التعليم»: تطبيق المنظومة الجديدة بجميع المناطق.. وتعاون مع البنوك لتوفير التمويل

قالت مصادر بوزارة التربية التعليم، إن تطبيق استراتيجية التطوير، التي أعلن عنها الدكتور طارق شوقي ، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، ستكون في جميع مناطق الجمهورية بلا استثناء، ما يستوجب بناء عدد من المدارس الجديدة، أو تطوير القديمة بشكل كامل، حتى تصلح لاستيعاب العملية التعليمية الجديدة.

من جهته، أكد الدكتور محمد عمر، مدير صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، أن النظام الجديد، الذي ستتضمنه خطة تطوير التعليم، سيطبق في كل المدارس،  سواء في مناطق العشوائيات أو غيرها.

وقال «عمر»: «كل المدارس التابعة للحكومة ستخضع لخطة التطوير المقررة، والوزارة تملك خريطة كاملة وقاعدة بيانات، تتضمن توزيع المدارس في الجمهورية، وجاهزيتها».

وأضاف: «توجد في العشوائيات بعض الزوايا والكتاتيب، يطلق الأهالي عليها اسم مدرسة، لكنها لا تتبع وزارة التعليم، ولو كانت تتبعها، فإنها ستوضع في الخطة لإصلاحها، وتطبيق استراتيجية التطوير التي أعلنت عنها الوزارة عليها».

بدوره، قال خالد صديق، رئيس صندوق تطوير العشوائيات، إن الدولة ككل تعاني من عجز في عدد المدارس، مؤكدا أن وزارة الإسكان، تعمل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، على بناء مدارس جديدة في بعض المناطق، التي سينتقل إليها سكان العشوائيات، مثل مدارس «تحيا مصر»، التي تقام حاليا بحي الأسمرات.

وأضاف رئيس صندوق تطوير العشوائيات: «بعض المناطق في القاهرة الكبرى، كانت تعاني بالفعل من غياب المدارس بشكل كامل»، ضاربا المثل بمنطقة «تل العقارب»، التي انتقل سكانها أخيرا إلى مناطق سكنهم الجديدة في الأسمرات.

وكشف صديق أن وزارتي التعليم والإسكان يعملان حاليا على حل هذه الأزمة، في معظم المناطق التي عانت من غياب الخدمة التعليمية، ضمن مشروع «معا لتطوير العشوائيات»، مؤكدا أن ذلك يشمل بناء مدرستين جديدتين، في حي السلام، بالإضافة إلى مدارس الأسمرات.

واعتبرت مصادر في هيئة الأبنية التعليمية، أن المشكلة الحقيقية في زيادة عدد المدارس وتطويرها، لا ترجع إلى عدم توافر الأموال اللازمة للتطوير، وإنما إلى عدم توافر الأراضي، التي تصلح لبناء مدارس جديدة.

وكشف اللواء يسري عبد الله، رئيس الهيئة، أن العمل يجري حاليا على توفير التمويل اللازم لعملية التطوير ورفع كفاءة المدارس، بكافة المناطق العشوائية، مشيرا إلى أن الأبنية التعليمية تتعاون مع اتحاد بنوك مصر، لتوفير مبلغ 77 مليون جنيه، لإنشاء مجمع مدارس، بالإضافة إلى رفع كفاءة المدارس القائمة.