الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
جامعات

باحث مغربي يضع اقتراحات جديدة للتعلم بـ"المتعة"

كشكول

قال وسام الزهار، طالب ماجستير في جامعة عين شمس ورئيس الفرع المركزي لجمعية اللياقة النفسية بالمغرب، إنَّ العالم اليوم يتطور بسرعة كبيرة من حولنا، مما جعل الحاجة تكون ماسة إلى الابتكار والإبداع والتطور، ولن يتسنى لنا ذلك إلا من خلال تعليم قوي نحاكي من خلاله التطور الذي نسعى إليه، مضيفًا: هذا ما جعل العديد من الدول تشد رحالها صوب البحث عن المناهج والطرق والمهارات الخاصة بالتعليم والمعلم، والتي بإمكانها أن توصل المتلقي إلى الدرجة القصوى من الاستفادة والفعالية.

وأضاف "الزهار" في تصريح خاص لـ"كشكول": هناك دائمًا تساؤل يطرح نفسه "كيف نجعل التعليم ممتع في ظل هذه المناهج التقليدية وطرق التدريس المبتذلة؟"، فنجد في المملكة المتحدة مثلًا مدرسة سيلتون الابتدائية تقوم بتعليم الأطفال الرياضيات بطريقة الرقص إيمانًا منها بإفراز مادة الدوبامين في الدماغ خلال الحركة وهذا يساعد الطفل على حل تمارين الرياضيات، كما أن الرقص والتعلم تجربة تعتبر فريدة وممتعة بالنسبة للأطفال، وهذا بدوره يعزز عملية التعلم لديهم، كما أن البرتغال لها طريقتها الخاصة في تعليم الفيزياء والكيمياء وهي طريقة يعتبرها الأطفال في معهد سانتا مريا دافيرا لعبة مسلية، حيث يؤدي كل طفل دور المحقق ويبحث عن الأدلة ليقوم بعدها بتحليلها في المختبر تحت إشراف الأستاذ ليكتشف عناصر الجريمة الوهمية.

كما أوضح أنَّ العديد من الدول قامت بتجارب في مثل هذه الأشياء لكنها لم تعمم في جميع المجتمعات التي تتسم بطريقة تقليدية في التعليم، مشيرًا إلى أنه من جهة أخرى فإن هذه المحاولات التعليمة المنافية لما هو معهود به في الوسط التعليمي إن دلت على شيء فإنما تدل على أننا غير راضيين عن طرق التدريس الحالية والأكثر من ذلك هو أن هذه الطرق تثقل كاهل المتلقي بالجمود والروتين الذي تتصف به، ما يجعلها عملًا صعبًا بالنسبة له في بعض الأحيان، فيحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان لأنه لا يشعر بالراحة خلال مزاولته لتلك العميلة التعليمية.

وتابع: لذلك حاول العديد من المعلمين والأساتذة تخطي حاجز السائد وإحداث طرق جديدة تجعل المتعلم مستمتع بعملية التعلم لذاتها بالغض النظر عن الوسائل المستعملة فيها، فإذا نظرنا إلى عملية التعلم نجد أنها عملية معقدة فهي تعتمد على مجموعة من العناصر منها البيئة، الوسائل، المدرس، المدرسة، المنهجية، الطريقة، ومهارة التدريس وغيرها، أما التعلم بالمتعة فغايته أن يكون الطفل مستمتعا بما يفعل فقط لا يكترث للباقي، وهذا يمكن أن يحقق من خلال المدرس وطريقة تعامله وتفاعله مع تلاميذه بغض النظر عن العناصر الأخرى، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنمية روح التعاون داخل الفصل وجعل الطفل يفكر ويبحث ويشارك في الدرس، وهذا طبعا مرتبط بشخصية المعلم وعطائه وحبه لتلاميذه ولعمله، فتجده مشجعا ومحبا في كل الأوقات ولا يطلب الكمال الزائد من تلاميذه كما أنه يتقبل مشاعرهم وظروفهم بالحب والتشجيع.

وأشار إلى أنَّ المعلم الطموح الذي يسعى إلى تطوير نفسه وجعل المتلقي مستمتع بما يقوم به يلوم نفسه بدلًا من لوم التلميذ الذي لم يستطع أن يفهمه ما يقوم بتقديمه له، كما يجب أن يؤمن الإيمان الجازم باختلاف القدرات والذكاءات عند الأطفال ومن الطبيعي أن تكون استجابة كل واحد منهم تختلف عن الآخر باختلاف ذكاءاتهم وقدراتهم الذاتية، مما يجعل تقبله لهم اكبر وفهمه لهم اقوي، فيقوم بتشجيع وتعزيز قدراتهم وصقل مهاراتهم.

ولفت إلى أنه من الجيد أن يكون عنصر المفاجأة حاضر دائمًا، إذ إنه لا يجب على المعلم الاقتصار على طريقة واحدة حتى ولو كانت ممتعة فمع المدة من الممكن أن تصبح مملة وخصوصًا مع صغار السن، بل يجب أن يبتكر طرق أخرى جديدة ويتشارك الأطفال في اقتراح ما يناسبهم من طرق، موضحًا أن أحدث الطرق في التعلم منها: التعلم باللعب، التعلم بالموسيقى، التعلم بالرقص، التعلم بالمسرح، التعلم بالقصة، التعلم بالمشاركة، التعلم بالفكاهة، وغيرها من الطرق التي تجذب الانتباه الطفل وتجعله مستمتعا بوقته، حيث أكد مارتن سلجمان الرائد في علم النفس الإيجابي أننا نعمل أفضل إذا كنا سعداء وان الطفل إذا نشأ ووجد من يحيطه بالحب والرعاية ولاهتمام والمديح، فسوف يساعده ذلك على إبراز مواطن القوة لديه وسيكتشف ما ينبغي أن يتعلمه وما يجب أن يخطو نحوه، وهذا المناخ سيساعده على البحث بنفسه وإخراج العديد من السمات الإيجابية التي يشعر بأهميتها ويترك ما لا يحتاجه في سبيل تحقيق التوافق والتكيف.

وأكد أن هذا ما دفع العديد من الدول مثل استراليا وألمانيا، تعملان على تعليم تقنيات علم النفس الإيجابي للمدرسين أملًا في جعل التعليم أفضل وممتع بالنسبة لتلاميذ والطلاب، مشيرًا إلى أن التعليم بالمتعة لا يحتاج إلى أن نلتزم بقواعد معينة لنحصل على نتائج مثالية، بل يجب أن نفتح باب الإبداع أمام المدرس لنهج الطريقة التي تلائمه هو وتلامذته، فالغاية هي التعلم والوسيلة تختلف من مدرس لآخر ما دامت إيجابية ولها وقع ممتع لدى الأطفال، وهكذا يستطيع الاثنين الاستمتاع بعملية التعلم وتصبح مكافأة في حد ذاتها لا يمكن الاستغناء عنها.