السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
جامعات

تعميم الساعات المعتمدة خصخصة أم تطوير للتعليم الجامعي؟.. أساتذة يردون

كشكول

انتشرت العديد من الأنباء خلال الأيام الماضية، عن مراجعة المجلس الأعلى للجامعات لبعض نصوص اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، فيما يخص المادة ٧٩ والمواد المتعلقة بتحديد عدد سنوات الدراسة بالكليات وذلك بما يتماشى مع التحول لنظام الساعات والنقاط المعتمدة، ومنح الطالب درجته العلمية متى استوفى متطلباتها الدراسية بغض النظر عن عدد السنوات المقررة للدراسة، وذلك بعد أخذ رأى لجان القطاع المختصة فيما يتعلق بعدد سنوات الدراسة لكل كلية وعرض تلك المقترحات على المجلس الأعلى للجامعات وحال موافقته عليها يتم إعداد مشروع قرار بتعديل البنود المقيدة لعدد سنوات الدراسة.
وذلك يعني عدم تقييد الطالب بإنهاء دراسته خلال عدد معين من السنوات،  من خلال التوسع في نظام الساعات المعتمدة، "كشكول" تواصل مع عدد من أساتذة الجامعات لمعرفة رأيهم في تعميم هذا النظام، ومدى استعداد الجامعات لتطبيقه، بالإضافة إلى العائد على الطالب وعضو هيئة التدريس منه؟.

له مزايا وعيوب ولن يصلح مع الأعداد الكبيرة: 

قال الدكتور وائل كمال عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، إن نظام الساعات المعتمدة في حد ذاته هو نظام جيد إذا ما تم تطبيقة بشكل كامل وصحيح، وله بعض المميزات وفي نفس الوقت نقل التجربة وتطبيقها في مصر يشوبها بعض العيوب، من ضمن المميزات أنه يراعي الفروق الفردية بين الطلاب في توزيع  العبء الدراسي وتنظيمه على حسب قدرات وظروف كل طالب، وبالتالي المفترض انه يتيح للطالب الفرصة للعمل والتدريب والدراسة في آن واحد،  كما يتيح الحرية للطالب في تحديد المقررات التي يرغب بدراستها من ضمن المقررات الاختيارية، والتي قد تكون تخصصات أخرى بعيدة عن التخصص الأصلي ومن كليات متعددة، مما توسع المجال أمام الدارس الإلمام بتخصصات غير المفروضة عليه، وتفتح الباب للتوسع في دمج التخصصات واستمر شفات علاقات وروابط جديدة بينهم من خلال الأبحاث العلمية المشتركة ما بين التخصصات المتعددة.

وكذالك يسمح بإعادة مقررات الرسوب فقط دون الأخرى، والمفترض ان هناك مرشد أكاديمي يوجه الطالب للطريق السليم والمتابعة المستمرة بناء على ميولة ورغباته وقدراته وحل كافة المشكلات التي تواجهه، ومفترض ان هناك تقويم مستمر والمناهج عبارة عن مراجع مفتوحة من مصادر متعددة وعدم اقتصار التقويم على الامتحان النهائي فقط، بل إلى خطوات مرتبطة بعضها فوق البعض من إجراء البحوث والقراءات والمناقشات.

وأضاف كامل ولكن عندما طبقت بعض الكليات نظام الساعات المعتمدة في مرحلة الدراسات العليا ، ظهرت عيوب كثيرة تصيب العملية التعليمية في مقتلها، واهم عيب بها هو اختيار الطالب لأستاذ المادة و الذي تحول من البحث عن دكتور متمكن في مادته العلمية وملم بكافة مستجداتها وطرق تدريسها الحديثة إلى البحث عن أستاذ محتوى مادته سهل، "وأيده مبحبحة" في درجات اعمال السنة، ولا يهتم بالحضور والغياب،  وامتحانه بسيط وينجح أغلب من يلتحقون معه،  وذلك ببساطة لأننا لم نعتد على الديمقراطية في الاختيار وهناك ثغرات بقوانينا ولوائحنا تسمح بهذا الامر، وضع رواتب أعضاء هيئة التدريس وتقسيمها إلى بنود عديدة تسبب في تساهل البعض من أعضاء هيئة التدريس مع الدراسات العليا للتسجيل معهم في برامجهم الخاصة أو في المواد التي يقومون بتدريسها بالساعات المعتمدة، وبل وقد يكون هناك طلاب  مقيدون بنظام الساعات المعتمدة وهم يعملون خارج أرض مصر ولا يوجد متابعة لحضورهم والتزامهم ويأتون يوم الامتحان فقط لا غير،  وتنتشر سمعة الاستاذ الذي قد يتساهل معهم ليتم التكالب على التسجيل معه، اما الاستاذ الذي يشترط الالتزام بالتواجد في محاضراته تجد الكل يهرب منه حتى لو كان من أفضل الموجودين تمكنا من مادته العلمية ودسامتها وفائدتها للخريج


صعوبة التطبيق على الدفعات ذات الأعداد الكبيرة 

لأن هناك قصور بنظام الإرشاد الاكاديمي ولو طبق كما يجب فالمفترض يكون هناك متابعة كاملة لكل طالب على حدة وتدوين ملاحظات مستمرة بملف انجازه وتوجيهه بشكل مدروس بعنايى ، ولكن الذي يطبق حاليا لا علاقه له بالإرشاد الأكاديمي ويتم عند البعض بشكل خاطئ , وقد تتداخل الاهواء في دوره فقد تجد مرشد اكاديمي يرشح اصدقائة من الاساتذة للطالب، والمواد التي يدرسونها كمجامل لأصدقائه بغض النظر عن ميول وقدرات هذا الطالب أن دور المرشد الأكاديمي  أكبر من مجرد ترشيح إسم دكتور مادة أو اختيارها مع الطالب أو متابعة مدى تقدم الطالب في الدرجات فقط، ولكنه نموذج قدوة يعمل على حل كافة مشاكل الطالب ، وكأب روحي يتبنى الطالب منذ التحاقه وتذليل كافة العقبات له .

ضرورة حتمية في ظل التحول الرقمي

ذكر الدكتور هاني أبو العلا أستاذ العمران ونظم المعلومات الجغرافية ووكيل كلية الآداب بجامعة الفيوم أن التحول في الجامعات المصرية لنظام الساعات المعتمدة بات ضرورة حتمية وقرار ينتظر تطبيقه منذ فترة طويلة، مسايرة لركب الحضارة، حيث أن النظام مطبق في معظم الجامعات الدولية، كما تم تطبيقه وأثبت فاعلية في عدد كبير من الدول العربية منذ أمد بعيد.

و أشار أبو العلا إن الأهم من قرار التحول هو ضمان التحول بشكل كامل، حيث أن التقليد الجزئي للأنظمة قد يؤدي إلى أضرار وخيمة، فنظام الساعات المعتمدة والنقاط المعتمدة يعتمد في الأساس على التنافسية في التدريس، حيث يقتضي الأخذ بمقتضيات NORMS كوجود عضو هيئة تدريس لكل ٥٠ طالب بالكليات النظرية و عضو هيئة تدريس لكل٢٥ طالب بالكليات العملية، ويتيح للطالب الاختيار من بين السادة أعضاء هيئة التدريس في نفس التخصص، كما يجعل بإمكان الطالب إختزال وقت الحصول على الشهادة الجامعية بالالتحاق بالفصول الدراسية الصيفية Summer Courses.

وأردف أبو العلا أن هناك ضرورة لتعديل  آلية تسمح للسادة أعضاء هيئة التدريس بالنقل من جامعة لأخرى لإثراء العملية التعليمية، حيث لا يعقل أن تكون هناك أقسام علمية ليس بها أساتذه متخصصون عاملون مع وجود نقص شديد في تخصصات بعينها في حين يتم رفض طلبات النقل لأعضاء هيئات التدريس من جامعات أخرى في التخصصات التي تعاني من النقص في أعضاء هيئة التدريس.

وضع ضوابط للتسجيل والتوسع في التعليم الفني:  
ويرى الدكتور السيد العربي العميد السابق  لكلية الحقوق بجامعة حلوان، أن هناك محددات عالمية للساعات المقررة في الفصل الدراسي الواحد وعلى مستوى الدراسة الجامعية الأولى، فعلى سبيل المثال فإن اقصى الساعات التي يمكن تسجيلها في الفصل الدراسي الواحد لا يجب أن تتعدى ١٨ ساعة، كما أن إجمالي ساعات الكليات لا يجب أن تتجاوز ١٣٢ ساعة لكليات الأربع سنوات، و١٥٤ ساعة لكليات الخمس سنوات وهكذا.

وتتيح بعض اللوائح في الجامعات المصرية للطالب أن ينهي الدراسة قبل ستة اشهر من السنوات المقررة، واعتقد أن هذا النظام في تعميمه يحقق الكثير من الفوائد ومنها تقليل سنوات التخرج وبالتالي تقليل النفقات سواء بالنسبة للجامعات أو الطلاب، ولكن لا يجب تجاوز تلك المحددات للحفاظ على جودة التعليم فيما إذا أصبح للطالب ماكينة تسجيل أكثر  من ستة مقررات في الفصل الدراسي الواحد وبما يعادل ١٨ ساعة أسبوعيًا، وذلك مع التوسع في التعليم الفني  لاستيعاب الأعداد الزائدة، لأن السوق سيستوعب أعداد لا حصر  لها من الفنيين ويمكن توجيههم إلى المشروعات الجديدة التي تقوم بها الدولة.

تأهيل أعضاء هيئة التدريس وتوفير الإمكانيات اللازمة: 

وأبدى الدكتور محمود المرسي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، موافقته على إقرار هذا المقترح حيث يعطي الفرصة للطالب المجتهد الذي يستطيع أن يستوفي ساعاته المعتمدة بنجاح أن يحصل علي الدرجة العلمية،  دون التقيد بضرورة مرور أربع سنوات أو خمس سنوات دراسية ، والعديد من الجامعات المتقدمة تأخذ بهذا التطبيق الذي لا يؤثر على مدى التحصيل العلمي، الذي لا يرتبط بضرورة مرور فترة زمنية محددة، وتطبيق هذا النظام لا يعني عدم وجود ضوابط لإقراره، بالعكس لابد من وجود ضوابط وخاصة ما يتعلق بأسبقية بعض المواد في الدراسة قبل غيرها، أو ارتباط مقررات مع بعضها البعض علي مستويات متفاوتة، وغير ذلك من الضوابط التنظيمية التي لاشك سوف يتم مناقشتها واقتراحها داخل الأقسام العلمية والكليات بالجامعات المختلفة.

ولكن قبل تطبيق تعميم النظام لابد من توافر أعضاء هيئة التدريس للتوافق مع تطبيق النظام، لأنه من المحتمل أن يكون هناك ضغط في مستويات التدريس في بعض الفصول الدراسية وفقا للساعات المعتمدة المتاحة والمسارات الدراسية المختلفة، بالاضافة لما يتبع ذلك من توافر المعامل والأجهزة المناسبة للتدريب العملي.

التطبيق المتكامل السليم ينعكس إيجابا على التعليم الجامعي:

ويتابع الدكتور محمد رجب فضل الله الأستاذ بكلية التربية بجامعة العريش، المدير الأسبق للمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، الساعات والنقاط المعتمدة منظومة كاملة تعتمد مبدأ الاختيار ولا يعني ذلك أن هذا النظام ليس له ضوابط، فهو يضع حدًا أدنى وحدًا أقصى لعدد الساعات التي يسمح للطالب بالتسجيل فيها في كل مستوى دراسي، معنى ذلك أن الدراسة وفقا لهذا النظام لها حد أقصى من الفصول الدراسية المقررة وليست مفتوحة كما يعتقد البعض.

وهناك شروط للسماح بتجاوز عدد الفصول المقررة ولمدة أو مدتين على أقصى تقدير، والمهم تطبيق المنظومة متكاملة بمعنى اتاحة فرصة للطالب للتسجيل فيما يناسبه من المقررات وفي اختيار الأستاذ ووقت المحاضرة، وهذا يتطلب وجود بدائل للاختيار سواء في أوقات المحاضرة للمادة الواحدة أو أساتذتها، كما يلزم توفر أماكن للدراسة في قاعات لمجموعات صغيرة لا تتجاوز ٥٠ طالبا في المجموعة الواحدة وليس في مدرجات يكتظ فيها الآلاف أو المئات من الطلاب، إن التطبيق المتكامل والشامل والسليم لمنظومة الساعات المعتمدة يمكن أن ينعكس إيجابا على التعليم الجامعي حيث لا يوجد فيه تعثر أو رسوب، فكل طالب سيسير في الدراسة حسب ظروفه وقدراته، ودائما يوجد بدائل واختيارات، لكن أخذ جزء والتغاضي عن أجزاء سيجعل التطبيق مشوهًا ضرره أكثر من نفعه.

تطبيق الساعات المعتمدة على الأعداد الكبيرة لن يشكل فارق

وأوضح الدكتور وائل بهجت عضو هيئة التدريس بكلية الطب البيطري جامعة الإسكندرية، أن تطبيق نظام الساعات والنقاط المعتمدة على الأعداد الكبيرة من الطلاب كما هو الحال في جامعتنا، لن يشكل فرق او تغيير كبير عن النظام العادي، ولكي يحقق الاستفادة المنشودة ففي رأيي يجب تخفيض أعداد الطلاب المقبولة بالكليات. 

وقد يكون تطبيقه الآن مقدمة لتفعيله لاحقا كما هو الحال بجامعات الخارج، وما قد يتبعه من رفع الدعم عن التعليم الجامعي، أما عن تخفيض عدد سنوات الدراسة فهو قرار طبيعي طالما سيتم تطبيق نظام الساعات المعتمدة ولا أرى أن نقصها سيشكل مشكلة كبيرة لان في النهاية استكمال عدد الساعات هو المعيار الأهم.


تطبيق النظام لن ينجح لهذه الأسباب: 

ومن جانبه أوضح الدكتور مؤمن عبد الرءوف عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة جامعة الأزهر، أن نظام الساعات المعتمدة شأنه شأن أى نظام بشرى له مزايا وله عيوب، فمن مميزاته أنه يسمح للطالب باختيار المواد التى يرغب فيها بحرية أكبر كما يسمح له باختيار أستاذه وهو ما يقوى العلاقة بين الطالب والأستاذ، وكذلك من مميزات وجود المرشد الأكاديمى الذى يعتبر بمثابة مرشد ودليل للطالب، ولكن هذا النظام يحتاج لمقومات حتى يحقق النجاح المطلوب ومنها، تقليل كثافة الطلاب فهو لا يصلح مع الأعداد الكبيرة، وكذلك نشر ثقافة الحرية المسئولة لدى الطالب بحيث يكون اختيار الطالب لأستاذه على أساس ما يقدمه الأستاذ من مادة علمية رصينة، وليس اختيار مبنى على تساهل الأستاذ مع الطالب، فيختار الطالب الأستاذ الذي يغدق الدرجات على الطلاب دون وجه حق دون تقديم مادة علمية حقيقية.

لذلك أنصح بالتريث قبل تعميم هذا النظام أو التطبيق التدريجى له فى التخصصات التى لا يوجد بها كثافة طلابية، للأسف لن يحقق نظام الساعات المعتمدة أهدافه المطلوبة، نجاح هذا النظام يتطلب توافر الإمكانيات قبل التطبيق، مثل توفير العدد الكافي من أعضاء هيئة التدريس للقيام بالأعباء التدريسية مع عدد محدود من الطلاب وما يستلزمه ذلك من توافر قاعات للتدريس ومعامل، وكذلك تدريب أعضاء هيئة التدريس على هذا النظام وعلى أعمال الإرشاد الأكاديمى.