الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
مدارس

دراسة تكشف العلاقة بين التعليم والمواطنة الرقمية

كشكول

تبنت الاستراتيجية المصرية ٢٠٣٠ مفهوم التنمية المستدامة كإطار عام لها، ويقصد به تحسين جودة الحياة في الوقت الحاضر بما لا يخل بحقوق الأجيال القادمة في حياة أفضل، ومن ثم يرتكز مفهوم التنمية الذي تتبناه الاستراتيجية على ثلاثة أبعاد رئيسية تشمل البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد البيئي.

التوجه نحو التنمية المستدامة عبر رؤية مصر ٢٠٣٠ التي تضمنتها استراتيجيتها، تمثل خارطة طريق تنبع أهميتها من ضرورة إعادة النظر في الرؤية التنموية لمواكبة تطورات العصر، ووضع أفضل السبل للتعامل معها، بما يمكن المجتمع المصري من النهوض والانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة وتحقيق الغايات التنموية المنشودة.

وقد حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي آمس على متابعة جهود وزارة التربية والتعليم فيما يتعلق بالتحديث الشامل والمتكامل لنظام التعليم في مصر، وذلك وفق ما صرح به السفير بسام راضي المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، عقب اجتماع الرئيس والدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني.

ومن جانبها، أكدت دراسة أعدها الدكتور محمود رمضان العزب الأستاذ بجامعة السادات تحت عنوان "التنشئة على المواطنة في عالم متغير"، وتم نشرها في مجلة الطفولة والتنمية التي يصدرها المجلس العربي للطفولة والتنمية تحت الإشراف العلمي لكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، ارتباطا وثيقا بين التنمية المستدامة والتعليم و"المواطنة الرقمية".

وجاء في الدراسة أن التطورات والتغيرات السريعة في العالم المدعومة بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات أسفرت عن تحديات كثيرة، تحتم معها ضرورة إحداث التغيير المطلوب من أجل التكيف مع تلك التحديات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فالتقدم السريع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات له تأثير كبير على قضايا المواطنة والهوية الثقافية وقواعد السلوك وتنامي العنف وتفكك العلاقات، مما زاد الاهتمام بموضوع المواطنة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.

ففيما يرى العديد من الباحثين أن ثورة المعرفة والمعلومات ما هي في جوهرها إلا ثورة تربوية بالدرجة الأولى، فإنه مع بروز المعرفة تصبح تنمية الموارد البشرية هي العامل الحاسم في تحديد وزن الدول والمجتمعات المعاصرة والمستقبلية، والفشل في إعداد القوى البشرية القادرة على مسايرة مقومات التغيير في العصر الرقمي، ومواجهة التحديات المتوقعة، سيؤدي إلى فشل جهود التنمية حتى لو توافرت الموارد الطبيعية والمادية.

وشدد "العزب" على العلاقة الوطيدة التي تربط بين التعليم والمواطنة الرقمية، نظرا لما أحدثته التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال من تغيرات جذرية في أساليب التعليم والتعلم، وبات نشر ثقافة المواطنة الرقمية من أساسيات الحياة وضرورة ملحة، ويجب أن تتحول إلى مشاريع وبرامج تربوية بالتعاون مع مبادرات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، للتنشئة على المواطنة في عالم متغير تشوبه المعلومات المغلوطة والشائعات، وبالتالي تحصين المجتمع من الأثار السلبية للتكنولوجيا وتحفيز الاستفادة المثلى منها للمساهمة في بناء الاقتصاد الرقمي.

موضوع المواطنة من الموضوعات المهمة في التاريخ السياسي والاجتماعي، وأساس حيوي في البناء الدستوري والسياسي للدول، وتكتسب المواطنة قيمتها من الأفكار التي يعبر بها أعضاء المجتمع عن اهتماماتهم في ضوء ضمير وطني يتم تكوينه من خلال مؤسسات التنشئة التربوية التي تهدف إلى تنشئة المواطن.

وعلى وقع التغيير الذي أحدثه العالم الرقمي في الأسلوب الذي نعامل ونتعامل به في المجتمع، حيث العمل والعيش والتفاعل مع عالمين أحدهما حقيقي والآخر افتراضي رقمي بلا حواجز، مما أعطى للمواطنة شكلا جديدا، وأصبح جوهرها هو مساعدة المواطنين على أن يصبحوا مواطنين رقميين عالميين.

لقد مهد ذلك الطريق إلى ظهور مفهوم "المواطنة الرقمية" وهي النموذج المثالي للمواطنة في القرن ال(21)، بما يعني إعداد مواطن رقمي فعال من خلال تربية تسهم في إكسابه مهارات التقنيات بشكل إيجابي ومهارات التفكير الناقد للمحتوى الرقمي ومهارات اجتماعية أخلاقية للتفاعل مع الأخرين من خلال تحصينه بنسيج أخلاقي وقيمي يحميه من الإبحار غير الأمن في الفضاء الافتراضي.

مهما تعددت وجهات النظر واختلفت التعاريف حولها تبقى المواطنة في أبسط صورها معبرة عن الانتماء للوطن لا إلى غيره، وقناعة راسخة والتزام داخلي تجاه الوطن يستشعره الفرد لتصبح المصلحة الوطنية عنده فوق كل اعتبار، وبفضل تحول الحياة اليومية بشكل متزايد إلى حياة رقمية تستخدم فيها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والتقنيات الحديثة بكل ثقة، تم التأثير على طريقة تفكير الأفراد حول المواطنة بصورة اتخذت فيه حقوق وواجبات المواطن شكلا جديدا يتفق ومتطلبات العصر الرقمي الذي نعيشه.

فالمواطن الرقمي هو المواطن الذي يستخدم وسائل الاتصال التكنولوجية والإنترنت بانتظام وفعالية ولديه القدرة على استخدام الإنترنت في إنجاز أعماله بشكل منتظم وفعال فهو ثمرة من ثمرات التقنية الحديثة وتطور المجتمع، والاستفادة من معطيات الحضارة من أجل مستقبل أفضل، وهو المواطن الواعي القادر على الاستخدام الرشيد لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ودحض الشائعات والأخبار الكاذبة وتداول القيم الرديئة التي تهز أمن المجتمع وكيانه وترابطه.