الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
مدارس

"قصة مدرسة".. أبوابها فاتحة على المقابر وطلابها متفوقين

كشكول

"مدرسة بابها فاتح علي المقابر" هذه الجملة قد تصيب قارئها بشيء من الاستغراب حول سوء اختيار أماكن المؤسسات التي يرتدها تلاميذ في سن صغيرة، بعضهم لم يتعرف علي الموت بعد، فكيف يتم اختيار مدرسة يفصلها عن المقابر 4 متر فقط، وجميع فصولها تطل علي المقابر"

4 متر هم عرض الشارع الترابي الذى يفصل بين بابي المدرسة والمقابر، هذا هو وضع مدرسة المناصرة للتعليم الأساسي - التابعة لإدارة الحسينية التعليمية محافظة الشرقية، التى تم اختيارها من معهد جوته الألماني لتجربة مشروع مهتم بتبسيط العلوم لليافعين.

قصة المدرسة وصلت لمواقع التواصل الاجتماعي عبر أحد معلميها الذى كان له قصة طريفة مع أول يوم عمل له بالمدرسة التى كانت تعاني من عجز المعلمين قبل سنتين من الآن، حيث روي قائلا "وأنا بركن عربيتي جنب سور المدرسة في أول يوم شغل لي هناك افتكرت حكاية حكاها لي أبويا عن مقابر البلد دي - اللي أنا واقف بيني وبينها أمتار - حكي لي والدي أن هذه المنطقة  كان بيخرج منها ثعابين ضخمة جدا في فترة من الفترات لدرجة كانت بتخوف الناس يمشوا من المكان وقت الضهر أو في جوف الليل .

وتابع "كنت منقول جديد للشغل هناك وكان نقل علي غير رغبتي فكنت رايح أصلا وفي قلبي وجع وأما افتكرت حكاية الثعابين التي تخرج من بين القبور_ قلبي انقبض أكتر_ وفكرت في لحظة أركب عربيتي وأرجع مرة أخري، ولكن فجأة رأيت  سيارة تقف بجواري، وبداخلها أحد أصدقائي القدامي" علمت فيما بعد أنه نقل للعمل بنفس المدرسة بسبب العجز في المعلمين".

وأكمل "وجود الصديق شجعني أدخل المدرسة، وفي اللحظة الأولي لدخولي المدرسة رأيت الطابور الصباحي في حوش المدرسة الواسع جدا والنظيف للغاية، علي غير المعروف في مدارس القري البعيدة"، وكان الطلاب وخاصة البنات واقفين بشكل منظم جدا يفوق النظام العادي.. الزي الرصاصي والأبيض رائع علي البنات.. المدرسة كانت تعليم أساسي " ابتدائي و اعدادي " ..تلاميذ ابتدائي شكلهم كان ساحر بالزي وضفاير البنات الصغيرين جذابة ومبهجة ونظراتهم لي ولصديقي كمدرسين جدد في المدرسة كانت نظرات رغبة في التعرف و شفت ابتساماتهم وكأنها بتدعوني للتقرب".

وأشار إلي أنه بدأ العمل في المدرسة وبدأت أعرف الولاد والبنات وبدأت انطلق واقرا معاهم عن شكسبير وابسن وديكنز.. العيال ضموني وسطهم بمحبة غريبة وبدأت أعرف طاقم التدريس و كان معظمهم معلمات أعمارهم فوق الأربعين ويمكن الخمسين لكن شهادة لله كل معلمة  فيهم كانت بتشتغل بما يعادل شغل خمسة مدرسين عمر 23 أو 24، قائلا "كنت بسمع صوت المدرسات وهم بيشرحوا في الفصول وأنا علي السلم وكنت أشاهدهم وهم في حجرة المدرسات بيصححوا تلال الكراسات".

 استطرد لم يكن يمر يوم بدون تكريم معلمة لطلاب فصلها في أرض الطابور، وهذا جعل الطلاب يحبون المدرسة ويشاركوا في نظافتها بشكل طبيعي و بتنافسية غريبة.

ووصف المعلم المدرسة بأنها كانت بسيطة لكن عظيمة.. بابها فاتح علي المقابر أي نعم  لكن بداخلها حياة وطلاب تريد أن تتعلم وناس عظيمة تعمل لوجه الله.

واختتم حديثه بأنه مطلع شهر نوفمبر المقبل سيبدأ مشروع لتبسيط العلوم مع معهد جوتة الألماني، وقرر أن يكون أول فوج للمشروع طلاب هذة المدرسة".