السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

«كشكول» يكشف تفاصيل خطة الحكومة لإصلاح «التعليم الفني».. وخبراء يقدمون مقترحاتهم

كشكول

4 مدارس جديدة للأثاث والبتروكيماويات والطاقة.. وتنسيق مع المصانع للتدريب العملي

تخصصات جديدة لخدمة المشروعات القومية ووفقاً لاحتياجات الدولة.. واختبارات دورية للطلاب

تركيز على المعادن والنباتات العطرية والثروة السمكية والطاقة الشمسية.. والاستعانة بالتجارب الناجحة

«نظرة اجتماعية مشوهة.. إمكانيات دراسة متدنية.. مجالات عمل حكومية مغلقة».. 3 اضلاع تمثل ما يمكن اعتباره «مثلث برمودا» الذي يخفي ويقضي على أي محاولات لإصلاح التعليم الفني،  منذ سنوات، بالتوازي مع تخلي الدولة عن دورها الصناعي والإنتاجي لعقود.

هذا الوضع يبدو أنه قابل للتغيير حاليا، مع الاهتمام الملوس للدولة على مستوى التصريحات والتحركات لوضع يدها بقوة في هذا الملف الذي يحتاج بلا شك لتطوير كبير، بل إلى «نسف» نظم قديمة كان قائما عليها.

الصورة حاليا تقول إن هناك مدارس فنية تُنشا، وجامعات تكنولوجية في المستقبل، ورغبة في التصنيع، بخلاف الحاجة للتخديم على المشروعات الكبرى.

من الممكن حل المشكلة إذن؟ نعم، لكن كيف؟ وبأي الخطوات؟

«كشكول» يكشف هنا تفاصيل خطة الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني لتطوير هذا المجال المهدور حقه، ثم تستطلع رأي خبراء يضعون «وصفة» مساعدة لخطة التطوير التي تنتظر التنفيذ.

نظام جديد بطعم «الثانوية».. استحداث تخصص «السوبر ماركت».. ورجال الصناعة يضعون المناهج

الدكتور أحمد الجيوشي، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني، كشف عن وجود خطة لدى الوزارة لتطوير التعليم الفني في مصر خلال السنوات المقبلة.

وقال «الجيوشي» إن  النظام الدراسي –وفقاً لهذه الخطة- سيكون شبيها بالثانوية العامة، في حين ستعتمد الامتحانات على أسئلة المهارات لكل طالب في التخصص الذي سيختاره.

وأوضح: «سيكون هناك أكثر من امتحان في السنة، مع قياس دوري كل أسبوعين لمهارات الطلاب ومدى تقبلهم للنظام الجديد وقدرتهم على الفهم والتعلم، بخلاف اختبارات خاصة للطلاب المؤهلين للالتحاق بالكليات التكنولجية التي ستظهر قريبا بالجامعات».

ورأى الجيوشي، أن التخصصات الحالية بنظام التعليم الفني، عفا عليها الزمن، لافتا إلى إضافة تخصصات جديدة مثل «السوبر ماركت»، لما له من قيمة اقتصادية كبيرة بالسوق حاليا.

وأكد أهمية التوسع في إنشاء المدارس المتخصصة للتخديم على الطلاب والمجال ككل، مثل «مدرسة أثاث بدمياط، وأخرى للبترو كيماويات في بورسعيد، وثالثة خاصة بالطاقة المتجددة في أسوان، ورابعة لمشروعات الطاقة النووية في مطروح، لتأهيل الفنيين للعمل بمشروع محطة الضبعة النووية».

وأشار نائب الوزير التعليم إلى وضع مناهج جديدة للتعليم الفني منذ العام الدراسي الجديد، بمساهمة من رجال صناعة متخصصين، باعتبارهم الشريك القوي في هذا النظام التي تبحث عنه الدولة.

ولفت إلى أن سوق العمل يتطلب حاليا خريج قادر على اقتحامه وإفادة الدولة في مشروعاتها القومية، ولذلك – حسبما أكد الجيوشي- «لن تكون هناك تخصصات فنية إلا فيما تحتاجه الدولة فقط»، مع التفكير في تخصص جديد مثل محطات الطاقة الشمسية بالمدارس، والاستثمار في ذلك، لتوفير كهرباء الدولة، مؤكدا أنه ستكون هناك طفرة كبيرة في ربط التخصص الفني بالصناعات.

ووفقا للجيوشي، فإن هناك «خطة بالتنسيق بين المدارس والمصانع لتدريب الطلاب عمليا بالمصانع»، معقبا: «كما سنحاول الاعتماد على الاكتفاء الذاتي دون الحاجة بصفة مستمرة لميزانية من الدولة».

أما الدكتور أيمن غباشي، الخبير التعليمي، فطالب بما سمّاه «ثورة تصحيح المسار» لإعادة بناء التعليم الفني على أسس  عصرية تطبيقية، مع تعزيز توجه الدولة نحو تطوير الصناعات التكنولوجية والصناعية والزراعية.

واقترح تشكيل مجلس من العلماء والخبراء لوضع سياسات وخطط لكل التخصصات الفنية، مشددا على مراعاة البعد الثقافي لتغيير الصورة الذهنية المترسخة عن تدني مستوى خريجي التعليم الفني.

وتابع:  «على وزارة التربية والتعليم التنسيق مع الجهات الأخرى المعنية مثل وزارات الصناعة والزراعة والري والموارد المائية، لوضع تصور متكامل للمجالات المطلوب لها خريجين، ثم دراسة كيفية الاستفادة منهم بعد ذلك».

وصفة الخبراء: ربط التعليم بسوق العمل.. تأسيس نقابة للخريجين.. ودراسة تجارب شبيهة

خبراء معنييون بالتعليم الفني، ثمنوا خطة الدولة وتغيير النظرة لهذا المجال، واستحداث تخصصات غير نمطية، مشيرين إلى أهميته في ظل التحديات التي تواجهها الدولة مع مواكبة التطورات العالمية.

الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، وصف التعليم الفني بـ«تعليم الفقراء»، مشيرا إلى أن عدد طلابه يزيد عن عدد طلاب الثانوية العامة، منتقدا عدم الاهتمام به ماديا خلال السنوات الماضية.

وطالب «مغيث» بوضع «خطط تنموية» للتعليم الفني، تكون فلسفتها تخريج جيل قادر على مواكبة سوق العمل وتأثيره على المجتمع، مع التخديم عليه بمشروعات كثيفة العمالة، وقبل ذلك تطوير المناهج والتدريب بالاستعانة بالتطورارات التكنولوجية.

معنويا- أكد الخبير التربوي، ضرورة تغيير النظرة الحالية للتعليم الفني وطلابه، في حين أنه أحد قاطرات تقدم الأمم حاليا، وأوضح: «طالب المؤهل الفني لا قيمة له في نظر الشارع،  في ظل عدم تأهيله بالشكل المناسب في المدارس».

واقترح استحداث مدارس خاصة عن السواحل المصرية والحياة البرية والثروات السمكية، والشعب المرجانية، والاستثمار في البحار، داعيا إلى التركيز حاليا على التنمية في سيناء، وما يتطلبه ذلك من الاهتمام بدراسة النبايات العطرية والعلاجية والمعادن.

وثمن الخبير التربوي، فكرة الجامعات التكنولوجية، في النظم التعليمية بمصر، منوها لضرورة ربطها بمجالات العمل، حتى لا تغدو مجرد «لافتات إعلانية»، مع تأهيل الطالب جيدا للقبول بهذه الجامعات، التي ستكون بمثابة نقلة كبير في نظام التعليم الفني بالدولة خلال الأعوام المقبلة، في وجهة نظره.

الدكتور محمد يوسف وزير التعليم الفني الأسبق، رأى أن عملية التطوير قد تأخذ وقتا طويلا، لكن البداية ضرورية في ظل رغبة الدولة في تحقيق طفرة صناعية.

ولفت «يوسف» إلى الاهتمام بتخصصات تفيد التوجه الاقتصادي للدولة، مثل: الثروة السمكية، الصناعات المعمارية، الطاقة الشمسية، ومحطات الكهرباء، مضيفا: «هذه التخصصات بحاجة إلى تدريب على أرض الواقع، ليتعرفوا على كل كبيرة وصغيرة في المجالات التي سيتخصصون بها في المستقبل».

واتفق «يوسف»، مع الدكتور مغيث، في أهمية خطوة إنشاء جامعات تكنولوجية، مطالبا بفتح مسارات جديدة للتعليم الفني على مستوى الشكل والتخصصات والصناعة.

وطرح وزير التعليم الفني الأسبق، فكرة، وجود نقابة خاصة للخريجين الجدد من الجامعات التكنولوجية، على غرار نقابة المهندسين أو المهن الزراعية، لتقديم تسهيلات خدمية للطلاب بعد الحصول على المؤهل.

وتابع: «التعليم الفني بكل تخصصاته طوق نجاة للدولة في التقدم الاقتصادي، بشرط الاهتمام بنظم عملية حديثة، وتأهيل الطلاب لمواكبة بشكل جيد لمجالات سوق العمل».

واقترح الاستفادة من التجارب الناجحة لدول مثل ألمانيا وإنجلترا وفلندا في التعليم الفني، مع الوضع في الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية الخاصة لمصر.

ولم ينس «يوسف» أن يؤكد ضرورة تغيير نظرة المجمتع لخريج التعليم الفني، خاتما: «هو ليس أقل علميا من خريج الثانوية العامة».