الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

المدارس التجريبية: تعليم بلا فصول.. وحضور «غير إلزامي»

كشكول

«التعليم»: تزايد طلبات الالتحاق بها وراء الأزمة.. والأهالي: لم تعد تختلف عن «الحكومية»

القاهرة تسكن التلاميذ على الورق وتلغي شرط الحضور.. والجيزة تكتفي بـ 3 أيام في الأسبوع

تنتاب أولياء أمور طلاب المدارس التجريبية حالة كبيرة من الغضب، لعدم توافر أماكن كافية لأبنائهم فيها، رغم قبولهم رسميا منذ بداية العام.

الأزمة بدأت إثر قبول مديريات التعليم بالوزارة طلبات الالتحاق المقدمة من كافة التلاميذ في مرحلة رياض الأطفال، فوق سن 5 سنوات، رغم عدم توافر أماكن كافية في الفصول، ما تجلى بشكل خاص في المدارس التجريبية.

«كشكول» استعرض آراء أولياء الأمور حول الحلول التي قدمتها مديريات التربية والتعليم لتجاوز الأزمة، ورصدت الأوضاع المشابهة في بعض المحافظات، وتوجهت للمسئولين عن هيئة الأبنية التعليمية لسؤالهم عن كيفية تجاوز الأمر في السنوات المقبلة.   

أولياء أمور: المسئولون قالوا لنا: «احمدوا ربنا إننا قبلنا ولادكم».. ونرفض مسكنات الوزارة

شكا أولياء أمور بعض طلاب المدارس التجريبية في محافظة القاهرة من تصرف مديرية التعليم مع أبنائهم، واكتفائها بتسجيلهم وتسكينهم علي الورق فقط، في أي مدرسة، حتى لو كانت بعيدة عن محل سكنهم، على أن يسدد أولياء الأمور الرسوم فقط، دون إلزام التلميذ بالحضور أو المتابعة.

الأمر نفسه تعرض له أولياء أمور الطلاب في محافظة الجيزة التي اكتفت بتقسيم التلاميذ إلى مجموعات تحضر إلى المدارس بالتناوب، بحيث لا يزيد حضور التلميذ للمدرسة عن 3 أيام في الأسبوع.

ورفض عدد من أولياء الأمور ما اعتبروه مسكنات من المسئولين، لأزمة قابلة للانفجار بداية العام الدراسي المقبل، مع انتقال أبنائهم إلي الصفوف الدراسية دون وجود أماكن حقيقية لهم، مؤكدين أن الحلول المقترحة من مديريات التعليم أثارت الارتباك في حياة الأسر، خاصة في مسألة ذهاب ورجوع التلاميذ من المدرسة.

وأوضح آخرون أن الحلول المؤقتة ستحرم أبناءهم من تطوير مهاراتهم في الحياة، عبر تلقي التعليم الجيد والنشط في هذه المرحلة العمرية، التي تؤسس لحياة الطفل بعد ذلك.

وقال دعاء العطار، ولية أمر أحد التلاميذ، أنها ومجموعة من الأمهات تقدموا بعدة شكاوي لمحافظ القاهرة، نظرا لعدم موضوعية الحلول المقترحة من مديرية التعليم بالقاهرة، معتبرين أن المديرية تهدف إلى ترحيل الأزمة للسنوات المقبلة، دون حله، على أمل تغيير المسئولين عنها، أو إخلاء مسئوليتهم لبلوغهم سن المعاش.

وأضافت: «التلاميذ وأولياء أمورهم يتحملون النتائج الكارثية لهؤلاء، ولا بديل عن بناء مدارس وفصول جديدة لاستيعاب التلاميذ، وعدم حل المشاكل بطريقة المسكنات».

وفي الجيزة، قال عمرو الجمل، ولي أمر أحد التلاميذ، مقيم بمنطقة العمرانية بالجيزة، إن نجله لا يدرس بشكل حقيقي في مدرسة «يوسف جاد الله»، التي جرى  تسكينه بها من قبل المديرية، مشيرا إلى أن تخصيص 3 أيام فقط للدراسة في الأسبوع غير كافية لتنمية المهارات، أو غرس السلوك في الطلاب.

وأضاف: «المدرسة لا تقوم بدورها تجاه التلاميذ في هذه المرحلة العمرية، والكثافات تجاوزت 60 تلميذ بالفصل الواحد، وكلهم صغار يحتاجون للاهتمام والرعاية، ولا يعقل أن نقبل بهذا الوضع خلال السنوات المقبلة، خاصة أننا هربنا من المدارس الحكومية لأنها مرتفعة الكثافة، والوضع الحالي يشير إلى أن التعليم في النوعين أصبح يعاني من نفس المشاكل».

وكشفت فتحية سعد، ولية أمر أحد الطلاب أنها فوجئت بقيام مديرية التربية والتعليم بالقاهرة بتوزيع ابنها في إدارة تعليمية بعيدة عن محل سكنه، ضمن تنسيق المرحلة الثالثة، موضحة أنها عندما حاولت مناقشة المسئولين كان رد أحدهم: «أولياء الأمور عليهم أن يحمدوا ربنا لأننا قبلنا أبناءهم».

وقالت: «أنا أم لـ 3 أطفال، 2 منهم في مدرسة تجريبية، والأخير تم توزيعه في مدرسة، وتسكينه في مدرسة بعيدة، والمشكلة الأكبر أن المديرية رفضت إعطاء أي وعود بتسكين ابني جوار محل سكنه، لأنها لا تعلم هل سيتم بناء فصول أو مدارس جديدة في منطقتها أم لا».

من جانبه، قال يحيي إكرام فهمي، مدير الجمعية المصرية للمدارس الخاصة في روكسي: « كثافة التلاميذ في رياض الأطفال بالمدارس التجريبية وصلت إلى نحو 60 طفلا في الفصل الواحد»، مضيفا أن العديد من أولياء الأمور سجلوا أبناءهم في مدرسة تجريبية، في الوقت الذي جعلوهم ينتظمون في الدراسة بمدارس خاصة.

وأوضح أن الإدارات التعليمية الكبري بالقاهرة والجيزة تعاني من مشكلة كبري في إيجاد أماكن لطلاب رياض الأطفال في العام الدراسي المقبل، في ظل كثافة الفصول، وتزايد الأعداد.

هيئة الأبنية: نحتاج 155 ألف فصل إضافي.. والمحافظات: مشكلتنا أقل حدة من العاصمة

قال اللواء يسري عبد الله، رئيس هيئة الأبنية التعليمية، إن مشكلة المدارس التجريبية تدخل ضمن الأزمات التي تسعي وزارة التعليم، بقيادة الوزير الدكتور طارق شوقي، إلي علاجها بشكل جذري، في الفترة المقبلة.

وأوضح أن الحكومة بدأت منذ العام الماضي في تنفيذ خطة استراتيجية لتطوير التعليم، تستهدف بشكل رئيسي إتاحة مقعد دراسي لكل طالب يلتحق بصفوف التعليم، مع خفض الكثافات داخل الفصول، والقضاء علي نظام الفترة الثانية في كافة المدارس.

وكشف أن مصر تحتاج إلي بناء حوالي 155 ألف فصل دراسي، من أجل القضاء علي هذا النوع من المشاكل، خاصة في المدارس التجريبية التي تشهد معدلات التحاق عالية في السنوات الأخيرة، خاصة في المدن،مشيرا إلى أن العام الماضي شهد بناء نحو 30 ألف فصل.

وأضاف: «سيشهد هذا العام طرح 21 ألف فصل إضافي، بعدما وصل التمويل اللازم لهم من الحكومة، بالإضافة إلى تحسن الأوضاع نظرا لانطلاق مشروع الشراكة مع القطاع الخاص، الذي سيقضي تماما على المشكلة».

وتابع: «بالنسبة لمشكلة المدارس التجريبية في القاهرة والجيزة، تعمل الهيئة بالتنسيق مع المحافظين على بناء عدد من المدارس، خاصة في المناطق العمرانية الجديدة، التي تتوافر بها قطع الأراضي اللازمة، من أجل تلبية الطلب على هذا النوع من المدارس».

وختم حديثه بقوله: «المشكلة الأكبر التي تواجهنا هي عدم توافر قطع أراضي صالحة في الأمكان ذات الكثافة السكنية العالية في هذه المحافظات، وهو ما نحاول حاليا التغلب عليه».

بدوره، قال طه عجلان، وكيل وزارة التربة والتعليم بالقليوبية، إن الأزمة تتكرر كل عام، ويكون هناك مشكلة في  إيجاد أماكن للطلاب المتقدمين للالتحاق بالمدارس التجريبية، وتنتهي عادة بتوفير قاعات لاستيعابهم.

وأشار إلى أن المديرية نجحت العام الماضي في حل المشكلة، ووفرت أماكن وقاعات دراسة لجميع الأطفال فوق سن 5 سنوات، مضيفا: «القليوبية تنتظر حصر
أعداد المتقدمين هذا العام، لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وتوفير القاعات لاستيعاب الطلاب، بالتعاون مع هيئة الأبنية التعليمية».

وفي البحيرة، رأى محمد سعد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، أن الأزمة أقل حدة بكثير من مثيلتها في محافظات القاهرة والجيزة، نظرا لطبيعة البحيرة التي يغلب عليها الطابع الريفي، باستثناء بعض المناطق.

وأشار إلى أنه يجري حاليا تخصيص 3 قطع أراضي لبناء 3 مدارس، بالتعاون مع هيئة الأبنية التعليمية، بالإضافة إلى المدرسة اليابانية، التي ستقلل الضغط علي المدارس الأخري، وتستوعب الطلب المتزايد علي هذا النوع من المدارس، مؤكدا أن الحل الوحيد للأزمة يكمن في بناء أكبر عدد ممكن من المدارس في أسرع وقت، وتدريب معلمين مؤهلين للتدريس بها.

وأضاف: «محافظة البحيرة من أقل المحافظات في أعدد التلاميذ الموضوعين على قوائم الانتظار لدخول المدارس التجريبية»، موضحا أن قائمة الانتظار في العام الماضي كانت تضم 600 طفل فقط، في الوقت الذي تجاوزت فيه قائمة القاهرة 20 ألف تلميذ.