الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
منوعات

​​​​الاحتفال بعيد الأم وأثره النفسي على الأيتام

كشكول

مع اقتراب عيد الأم تستعد معظم المدارس للاحتفال وتوجيهه دعوات الحضور لأولياء الأمور للمشاركة، ويتم اختيار بعض الأطفال للمشاركة فى العروض التى تقدم بالحفل.

الفكرة فى حد ذاتها رائعة، لكن وسط الاحتفالات تسقط من حساباتنا فئة الأطفال الأيتام وخاصة أيتام الأم، فكيف يمرعليهم مثل هذا اليوم وهل يشاركون بالعروض التى تقام بالاحتفالات أم لا؟، وهل يجب إلغاء هذه الاحتفالات مراعاة لمشاعرهم وتخفيفا عنهم، أم الاستمرار فيها مع محاولة دمج هؤلاء الأطفال بها لمساعدتهم على تقبل الأمر والتعايش معه.

يجيب علماء النفس عن هذه التساؤلات، ويقول وائل الكميلي خبير التنمية البشرية إن الموضوع له شقين ويحمل وجهتين نظر الأولى وهى أنه يجب علينا إلغاء مثل هذه الإحتفالات مراعاة للأطفال الأيتام ومشاعرهم.

وتقول وجهة النظر الثانية أن الأطفال الآخرين من حقهم أن يحتفلو بأمهاتهم خاصة وأن هذا الاحتفال يعظم من دور الأم وفضلها لينشأ الطفل على هذا الشعور وينمو بداخله ليعى المكانه الحقيقية للأم.

فى هذا الإطار الطفل اليتيم أمه أيضا كانت مهمة فى حياته بل وتمثل كل شئ بالنسبة له ولذلك علينا إشراكه بهذا الاحتفال، وإبرازه أيضا من خلال إحضار صورة لأمه بالحفل، ونجعله يكتب لها رسالة أو دعوة ونغرس بداخله أنها ستوصل لها، وبالتالى يصبح مشاركا فعالا بهذا الاحتفال.

ويضيف الكميلي، لدينا بالطب النفسى مايسمى بـ"هرمون المشاعر" هذا الهرمون يتغذى بالحديث عن الشئ الناقص لدى الإنسان أو الاحتفال به وتذكره بشكل دائم، ثم يعيد ترجمة هذا الحراك والأفكار المخزنه داخلنا تجاهه ويوصل به للمكانة الطبيعية له، وبدلا من أن يكون نقطة ضعف أو نقص يصبح مركز قوى يستمد منه الإنسان قوته لمواجة هذا الأمر والتعايش معه بشكل صحى وسليم.

كما أن الجانب المنظم لهذا الاحتفال "المدرسة" عليها دورا كبير حيال هذا الأمر بعمل بعض الإجراءات الخاصة بالأطفال الأيتام مثل إشراكه بالاحتفال وتخصيص جزء خاص له يتحدث فيه عن أمه أو يكتب شيئا لها بمساعدة المدرسين، أو عمل شارات يرتديها الطفل ويكتب عليها "وحشتينى يا أمى" وتعتبر هذه معالجة إيجابية تجعل الطفل يشعر وكأنه يفعل شيئا تفتخر به أمه، ومن هنا يرى الطفل أن المجتمع المحيط به يهتم به وبأمره، وهنا يحدث تحول لنقطة الضعف المؤلمة بداخله الى مصدر بهجه وقوة.

ويضيف الكميلى، أن هناك بعض المدارس تطالب الأطفال الأيتام بعدم الحضور فى ذلك اليوم، أو قد يقوم الأب نفسه بهذا المنع خوفا على أطفاله، وهذا خاطئ فعلى المدرسة أن ترسل دعوة للأم البديلة التى ترعى الأطفال مثل " الجدة أو الخالة أو العمة " حتى تنمى داخل الطفل شعور طيبا إتجاهها وعدم أحساسه بالنقص أو الحرمان وهذا هو الأسلوب الإيجابى الذى يجب إتباعه فى مثل هذه الأحوال.

وترى سوسن فايد أستاذ علم الإجتماع بالمركز القومى للبحوث، أن فكرة إلغاء الإحتفال غير صحية بالمرة ولن تساعد بشئ وعلي المجتمع أن يبرز دور الراعية للأطفال الأيتام أو الأم البديلة لخلق شعور داخل الأطفال بالإنتماء تجاهها وتقليص الشعور بالنقص والحرمان من الأم ، ويجب على المدارس نفسها تعظيم بداخله ثقافة الرضا وتقبل الواقع والتى لابد وأن تسود بالمجتمع وهذا هو دور الأخصائيين الإجتماعيين بالمدارس أو دور الأيتام.

وتؤكد فايد أن الحل ليس فى إلغاء الإحتفال وحجب الأطفال الأيتام عنه ، لأنه ليس اليوم الوحيد الذى يذكر الطفل بأمه فهو يتذكرها فى كل وقت ، وهنا يجب على المجتمع المحيط به من راعى بديل ومدرسين وأخصائيين إجتماعيين تقديم الدعم النفسى له ويرعاه ويهتم به وينمى بداخلة الشعور بالتكافل والحب بدلا من حجبه عن الإحتفالات إعتقادا منا أنه الأصلح له.

وتقول شيماء إسماعيل خبيرة العلاقات الأسرية، إن تعظيم دور الراعى البديل للأطفال الأيتام هو الحل الأمثل لمعالجتهم نفسيا بدلا من إبعادهم عن مثل هذه الإحتفالات ، لأننا إذا إكتفينا بهذا الإجراء فإنه لايعتبر معالجة للأمر لأن الطفل سيظل يشعر بفقدان الأم وحرمانه منها وهو مايجعله دائما يشعر بالنقص ، ولكى نتفادى هذا الأمر علينا إشراكه بإحتفالات عيد الأم ودعوة الأم البديلة لهم لتنمية الشعور بالحب والطمأنينه بداخله ، وبذلك نكون ساعدناه فى تخطى أزمته والتعايش مع الواقع من حولة دون الشعور بعقدة نقص تسبب له الألم.

وتؤكد خبيرة العلاقات الأسرية أن الأطفال فى مثل هذه الظروف لا يحتاجون للحجب لكى نحميهم بل يحتاجون للإحساس بالإحتواء والإهتمام الغير مبالغ فيه ممن حولهم بمعنى أن نشعرهم بالحب والتكافل بالمعدل الطبيعى حتى لاتنقلب الأية ويشعرون بالضعف بدلا من الشعور بالقوة ، وهذا هو التعامل الصحى والأنسب نفسيا وإجتماعيا تجاه هذه الأمور حتى لا نخرج للمجتمع جيلا ضعيفا وليس لديه ثقة بنفسه نتيجة شعوره المستمر بالنقص والحرمان .