السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

خبراء يرصدون مزايا "التجربة الفلندية" في التعليم وصعوبات التطبيق في مصر

كشكول

عصام خميس: نستفيد من خبراتهم .. الجمال: نظامهم التعليمي يراعي طبيعة الشعب

تبحث وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الاستفادة من الخبرات الأجنبية، في ظل سبيلها للارتقاء بمنظومة الجامعات والمعاهد، وربط عمليات البحث العلمي بالصناعات المختلفة، مع ربط الباحث باحتياجات المجتمع.

ومن التجارب التي أعطت وزارة التعليم العالي، أهمية كبيرة لها، التجربة الفلندية، بعد أعلان الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، انطلاق عام مصري فنلندي للعلوم والتكنولوجيا، خلال الفترة المقبلة، يتم خلاله تنظيم أنشطة تعليمية وبحثية مشتركة.

ويرى أكاديمون، أن أحد المشاكل التي قد تواجه الجامعات ومنظومة التعليم العالي في مصر، في استنساخ التجربة الفلندية، فكرة النظرية دون التطبيق البحثي للتطوير والنهوض بالعملية التعليمية.

الدكتور عصام خميس، نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الذي شارك نيابة عن الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، في فعاليات المؤتمر الدولي الثاني تحت عنوان "سر تميز التعليم الفنلندي"، والذى أقيم برعاية سفارة جمهورية فنلندا بالقاهرة، في ديسمبر الماضي؛ يؤكد أن المنظومة التعليمة والبحثية في مصر، قائمة على ضرورة الانخراط في شراكات مع عدد من الدول المتقدمة بالبحث العلمي، ومنها فلندا، بإتاحة فرص لتبادل الخبرات مع المنظمات البحثية في فلندا، موضحا أنه تم توفير فرص تعليمية وبحثية مميزة للطلاب والباحثين.

ويشير نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إلى أن هناك منحا مقدمة من الحكومة الفنلندية لجمع المادة العلمية اللازمة للحصول على درجة الدكتوراه للعام الدراسى 2018/2019، في إطار اتفاقية التعاون الثقافي والتعليمى المشترك وبرنامج سيمو.

 ويؤكد خميس، أن هناك اهتماما كبيرا بمخرجات البحث العلمي، والارتقاء به، والاستفادة من خبرات دولية كبيرة مثل الصين واليابان وفلندا، لافتا إلى أن العمل حاليا قائم على تخريج طلاب لديهم القدرة على التعامل واقتحام سوق العمل والتعامل مع التحديات في الثورة الصناعية، وذلك بتغيير المناهج والتدريس بالجامعات المصرية والمعاهد، والعمل على التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية والاهتمام بالتعليم الفني.

 ومقارنة بالجامعات المصرية الحكومية، التي يبلغ عددها 24 جامعة، فإنه يوجد 49 جامعة بالدولة الفلندية متنوعة في أكثر من تخصص تكمن في العلوم التطبيقية والبحثية.

وبحسب آراء خبراء التعليم الجامعي، فالمقارنة بالتجربة الفلندية تعد أمرا صعبا، في ظل توافر مقومات البحث العلمي والدعم المالي بشكل كبير، عكس ما تشهده منظومة البحث العلمي في مصر، الذي يخصص له 1% فقط من الميزانية.

 ويرى الدكتور عبدالعظيم محمد الجمال، أستاذ المناعة والميكروبيولوجي المساعد بجامعة قناة السويس، إنه قبل الحديث عن تطبيق أي منظومة أجنبية ناجحة للتعليم في مصر، يجب التركيز أولا على المحاور الأساسية للعملية التعليمية، التي تشمل" المعلم أو الأستاذ الجامعي"، لكي يبدع ويتقن عمله يجب أن يشعر بالاستقرار الوظيفي وعدم الانشغال بأعباء المعيشة الصعبة و ظروف الحياة القاسية، مع توافر حياة كريمة عبر مرتبات ومعاشات عادلة وتوفير منظومة رعاية صحية محترمة، ما يساهم في عودة الهيبة و النظرة المجتمعية للأستاذ الجامعي كما كان في الماضي.

 ويؤكد الجمال، أن الاقتداء بنظام التعليم في فنلندا، مهم جدا، ويهدف إلى راحة الطالب النفسية في جميع المراحل الدراسية، علاوة على اهتمام الحكومة الشديد بالتعليم كمشروع قومي و دعمه والحرص على المجانية حتى أصبحت المدارس، والجامعات الحكومية أرقى وأقوى بمراحل من المدارس الخاصة. مشيرا إلى أن النظام الفنلندي يهتم  بفترة البناء و التأسيس الفكري والمعرفي للطفل منذ نعومة أظافره، وخاصة في أول 5 سنوات من عمره، مع التركيز على حرية الفكر والإبداع وتنمية الجانب المعرفي وليس الحفظ و التلقين، حيث له الحق في تغيير المناهج و تقسيمها كما يشاء و تحديثها وفقا للخطة الإستيراتيجية للدولة بما يخدم سوق العمل و دعم الجانب المهاري والمعرفي.

 أما عن الامتحانات في فنلندا، فيقول الجمال: لا توجد اختبارات في أول9 سنوات بالنسبة للمدارس، حيث يتم تقييم الأداء من قبل المعلمين بكل شفافية، كما لا توجد دروس خصوصية، وفي مراحل فقط محددة يتم عمل امتحانات من قبل المعلمين بحيث تبقى النتائج غير معلنة إلى أن يطلبها المجلس الوطني للتعليم الوطني بغرض تقييم النظام التعليمي و تقويمه .

 ويرى الجمال، أن غالبية المناهج الحالية عفى عليها الزمن وباتت غير مواكبة لسوق العمل، إلى أن أصبح الخريج الجامعي لا يرقى إلى حاملي الابتدائية في خمسينيات القرن الماضي.

في المقابل، يرى الدكتور وائل كامل عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، أن الشراكات مع الدول المتقدمة، يعد أمرا مطلوبا وجيدا، مشيرا إلى أنه لابد من تحديد موقع مصر على خريطة البحث العلمي الدولي وتحدد الاحتياجات منه واضعا عدة تساؤلات مثل :أين نحن الآن؟ وهل نحن جادون بالفعل للاهتمام بالبحث العلمي؟، وهل إنفاقنا على البحث العلمي يقارب ما تخصصة فنلندا أم لا توجد وجة مقارنه.!.

ويؤكد كامل، أن فنلندا وضعت نظاما تعليميا للطلاب منذ الصغر يتلائم مع احتياجات الدولة ويراعي طبيعة شعبها. كما وضعت هرما تعليميا، الكل يلتحق به، ثم بدأت في توزيع خريجي كل مرحلة على حسب قدرات الخريج واهتماماته واحتياجات مجتمعهم، فهم يعملون على الإنسان منذ الصغر بخطة واضحة المعالم. وهناك مساواة في الأهمية والاهتمام بين المدارس الفنية والتكنولوجية والعامة. وهناك تدريب مرافق للدراسة ومستمر، وبعد الانتهاء من المرحلة الثانوية يكون الالتحاق بالجامعات عـن طريق اختبارات صعبة، وهناك مدارس تعـد وتؤهل للالتحاق بالجامعات، لذا هناك فجوة قائمة بالفعل الآن بين مؤهـلات وقـدرات خريج الجامعة في البلدين.

ويرى أن أي محاولات للتعاون في البحث العلمي ستعتبر عنوان براق ولكن سيصعب تحقيق النتائج المرجوة منه نظرا لضعف الميزانيات الموجهه للبحث العلمي بمصر، وقلة الإمكانيات المتاحة، واختلاف نظم إعداد وتأهيل وتعليم الفرد ، موضحا أن مصر في أشد الحاجة لتطوير تعليم ما قبل الجامعات، والتوسع في التعليم الفني والتكنولوجي وتغيير المناهج  بما تتلائم مع العصر، للحصول على طالب جامعي متميز ومن ثم باحث علمي مبدع، وهو أمر ليس مستحيلا ، قليل من التخطيط السليم المدروس بفكر خارج الصندوق، مع بعض الاهتمام وقليل من الميزانيات.

كما يؤكد كامل، أن مصر فاجأت العالم بمواقف وتحديات عديدة، لنصل إلي وجود نظام تعليمي وبحثي يتحدث عنه العالم أجمع، موضحا أنه حتى يحين هذا الوقت، يعتقد أنه من الأفضل التركيز على تحسين المنتج النهائي للجامعات، والتوسع في الأبحاث العلمية المشتركة وتحسين وضع القائمين على التعليم والبحث العلمي ليتوفر لهم المناخ المؤهل للإبداع، بدلا من حالة الإحباط واليأس التي تتملك أغلب القائمين على التعليم والبحث العلمي.