الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بعد نشر "كشكول" حكاية"ولد الغلابة".. المدرسون للتعليم: احنا سباكين وكهربائية وسواقين

كشكول

"نجار باب وشباك.. وسباك.. وكهربائي.. وسائق" مهن لجأ إليها المعلمين لتعينهم على غلاء المعيشة .. ونقابة المهن التعليمية: الدروس الخصوصية الحل البديل

" لم تكن الدراما بمعزل عن الواقع الذي يعيشه أغلب المصريين في الوقت الراهن، ومع عرض مسلسل "ولد الغلابة" للفنان أحمد السقا، الذي يناقش قضية تدني رواتب المُعلم واضطرارهم لامتهان مهن إضافية تساعدهم على مواجهة غلاء المعيشة، إلا أن سلوك هذا الأمر لا يسلم من الوقوع في محظورٍ إما بالتخلي عن قيم ومبادئ يؤمن بها المُعلم أو من خلال العمل بوظيفة لا تستقيم مع قدسية ومكانة المُعلم"  

وعقب نشر "كشكول" تفاصيل المسلسل الرمضاني "ولد الغلابة"، تسابق العديد من المُعلمين إلى عرض المهن الإضافية التي يلجئون إليها بعدما قامت الوزارة بمحاربة الدروس الخصوصية والسناتر، وتعريض الكثير من يعطون تلك الدروس للمسألة القانونية، ولعل أبرز المهن التي رصدنها قد تنوعت ما بين" نجار وسباك وكهربائي وسائق أجرة وغيرها".

"ضُعف الراتب وغلاء المعيشة"سببين رئيسيين وراء سعي المُعلم للبحث عن مهنة أخرى، كلمات حزينة ونفوس مكسورة لمسناها عند الحديث مع عدد من المعلمين حول الوظائف الأخرى التي يعملون بها بجانب عملهم في التربية والتعليم، ومطالبهم بحياة كريمة يعتبرونها أبسط الحقوق.

كهربائي بعد الظهر

مدرس اللغة عربية بإحدى مدارس محافظة سوهاج يُدعى "هـ. م"، أشار إلى أن المسلسل لم يكن بعيداً عما يواجهه المُعلم من أمر واقعي للغاية، فهو بجانب عمله كمدرس يضطر إلى أن يعمل إضافياً كـ"كهربائي" يقوم بتوصيل الأسلاك وتركيب عُلب الكهرباء والمفاتيح وغيرها من الأعمال المتعلقة بهذا المجال، وذلك لأن راتبي لا يكفي المواصلات ووجبة الإفطار وكوباية شاي.

وتابع، كنت أعمل بتلك المهنة قبل التحاقي بالتربية والتعليم، إلا أن الوضع الذي عانيته خلال فترة تواجدي بالوزارة جعلني مضطراً للعودة إليها مجدداً بل والإصرار عليها، لتلبية احتياجاتي واحتياجات من أعول، طالبنا ولازال هناك مطالب بأن تتوافر لنا حياة كريمة، تحقيق للتكافئ بين الغلاء الذي نعيشه وبين الراتب الذي نتقاضاه نظير عملنا كمدرسين لمادتين وليس مادة واحدة كاللغة العربية والتربية الإسلامية، وحفظاً لمكانتنا وشكلنا أمام الطلاب.

نجار باب وشباك

لم يختلف الأمر بالنسبة لمُعلم اللغة الإنجليزية للمرحلة الإعدادية بتعليم سوهاج "م. ر"، الذي أكد على أن تلك المعاناة لا تفرق بين المدرسين على اختلاف المواد وتنوعها، فالحال هو الحال والراتب هو الراتب، وكل هذا لا يعين على مصاريف الأسرة أو النظرة المستقبلية في تأمين حياة الأولاد حال تعرضنا لحادث أو أي شيء لا قدر الله أثناء ذهابنا للعمل.

وتابع: "رفضت الدروس الخصوصية واكتفيت بهذه المهنة بعد التدريس فهى تدر دخلاً جيداً، وتساعدني في توفير متطلبات أسرتي، إلا أن الأمر ليس بالسهل فأنا مضطر للعمل لأوقات متأخرة وقد يؤثر ذلك على تحضيري المسبق للمادة وقد يخرجني أحياناً عن تركيزي ويضعني في ضغط كبير لانجاز كلا العملين معاً.

سباك صحي

مُدرس الميكانيكا بإحدى مدارس الصنايع بمحافظة أسيوط "أ.ع"، بدوره كانت له مأساته المتعلقة بقيامه بامتهان دور "سباك صحي" بجانب عمله في التربية والتعليم، حيث يستغل الإجازات لكي ينجز عمله في السباكة، كما أنه يستغل فترة ما بعد اليوم الدراسي.

سائق ميكروباص

السائق هي المهنة الأشهر بين المدرسين هكذا قال "ع. ا" معلم جغرافيا بإحدى مدارس الجيزة، حيث يعمل هو كسائق على سيارة ميكروباص بإحدى خطوط المحافظة، حيث يقوم باستئجاره للعمل بنظام الوردية المسائية، وذلك كي يساعده في تلبية احتياجات أسرته المعيشية.

محلات صيانة

"أنا لو وظيفتي بتوفر لي راتب محترم، يكفيني ويكفي أسرتي، مش هشتغل في وظايف تانية" هكذا كان رد "م. ص". مدرس الحاسب الآلي بإحدى المدارس الإبتدائية بأسوان، مؤكداً أنه يمتلك محل لصيانة أجهزة كمبيوتر "سوفت وير و هرد وير"، حيث يعمل به بعد انتهاء فترة عمله بالمدرسة.

رصدنا مُعلمين "توك توك وقهوجية"

من جهته، قال إبراهيم شاهين وكيل أول نقابة المهن التعليمية، إن ضُعف وقلة الراتب هي السبب الرئيسي التي جعلتهم يبحثون عن وظيفة ثانية أو مهنة بجانب عملهم في التربية والتعليم لكي يتمكنوا من زيادة دخولهم.

وأكد شاهين في تصريحات خاصة لـ"كشكول"، أنه لا توجد مهنة واحدة لم يعمل بها المُعلم أولا يعمل بها عددٍ من المعلمين، فمنهم من يعمل سائق "توك توك" ومنهم من يعمل في "المقاهي"، ومنهم من يعمل في مهن المعمار، مشدداً أن المعلمين اضطروا لأن يعملوا في تلك المهن مع العلم أنها ضيعت كرامته وهيبته أمام التلاميذ والمجتمع كما أنها أثرت على عمله داخل المدرسة.

ترخيص مؤقت للدروس الخصوصية

وأوضح وكيل أول نقابة المعلمين، أن الدروس الخصوصية تعد الأمر الجيد الوحيد الذي يعين المُعلم على الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها فهي مهنة تحفظ كرامته وهي بناء على رغبة أولياء الأمور، ولكن هناك عدد كبير تخصصاتهم لا تسمح لهم بإعطاء دروس، قائلاً: "نحن ضد الدروس الخصوصية، ولكن ما هو الأمر البديل الذي يمكن أن يتبعه المُعلم، لكي نطالبه بعدم إعطاء دروس خصوصية".

وأضاف شاهين، للأسف أن ما يحدث من الحكومة تجاه المعلمين فيما يخص مرتباتهم معتقدين أنهم يقومون بتوفير أموال لميزانية الدولة، أمر غير سليم ففي ظل تلك الظروف بالنسبة للمعلم لايمكن أن ننتظر منه أن يعطي الأداء المطلوب منه داخل الفصل، وعلينا أن نعلم أن التعليم لا يقتصر على القراءة والكتابة ولكن من المفترض أن يربي جيل ويغرث فيه القيم والأخلاق الحميدة والوطنية، فكيف يفعل ذلك وهو يدرك أنه مظلوم ولا يأخذ حقه كما يجب، وهذا السبب الرئيسي في أن نجد عمله يقتصر على عمل روتيني وهو إعطاء حصته ليس إلا.

المجتمع الخاسر الحقيقي

وقال وكيل أول نقابة المهن التعليمية، إن المجتمع هو الخاسر الحقيقي، فتلك الأمور أثرت بشكل كبير على الخريجين والشباب نتيجة الوضع الذي أصاب المعلمين، مشدداً علينا أن نعطي المُعلم ما يستحق لكي يعود لدوره التربوي فهو حجر الزاوية في عملية تطوير التعليم وعملية بناء المجتمع.

وأشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تحدث عن التعليم الفني، والمستقبل الذي ينتظره، ولكن يجب أن يعلم الجميع أن التعليم الفني أكثر فساداً من جميع أنواع التعليم، فالورش لا يوجد بها أي إمكانيات وخريج الإعدادية لا يستفيد منها، كما أن نتيجة النجاح الفعلية بها لا تتخطى الـ 20 % وتأتي تعليمات من الوزارة برفع الطلاب لتصل نسبة النجاح لـ 80% لكي لا تسبب تكدس لديهم مع الطلاب الجدد القادمين من المرحلة الإعدادية وهذا للأسف أمر كارثي.