الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

" أزمة كليات الطب".. أعضاء التدريس: الطبيب في مصر يتعرض لظلم المنظومة

كشكول

أوجد عدد من أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب المصرية، أسباباً عدة لتدني المنظومة الخاصة بالخريجين، خاصة في ظل عدم توافر التدريب الكافي والدراسة المعينة علي التأهيل الجيد للأطباء، موضحين أن أغلب الشهادات المصرية غير معترف بها في الخارج.
إهمال التدريب
رأى الدكتور محمد عبد الهادي، المدرس المساعد بكلية الطب، إن هناك إهمالاً فى تدريب طلاب الطب، مشيراً إلى أن هذا التدريب يكون في أغلبه
«صورياً»، ولا يتعدى كونه «توقيع بالحضور والانصراف فقط».
وأضاف عبد الهادي، في تصريح خاص لـ"كشكول"، قائلا: "المسئولية كلها تقع على النائب الذى يدير عملية تدريب الطلاب، والذي لا يعلمهم شيئاً، وهو ما ينتج عنه في النهاية خريج غير مؤهل للمارسة المهنة، لأن محلصة التدريب (صفر)". 
شهادة غير معتمدة
فيما كشف الدكتور محمد نصر الدين، المدرس المساعد بكلية الطب، أن شهادة الطب المصرية غير معتمدة فى أوربا أو الولايات المتحدة، وأن اعتمادها يحتاج إجراء «معادلة» أو «اختبار خاص» من الدولة التى يرغب الطبيب الصري في ممارسة المهنة بها، موضحاً أن ما يعادل ذلك فى مصر هو «المجلس الأعلى للجامعات»، والذى لا يسمح بمنح شهادة ممارسة الطب إلا بـ«معادلة» أيضًا، وهو ما يؤكد ضعف ما درسه الأطباء
خلال 7 سنوات في الكلية.
وأضاف نصر الدين، قائلاً "قيمة الشهادة فى الخليج تساوى (صفر)، كأنك لم تدرس الطب من الأساس، لأن هذه الدول تطلب منك تقديم زمالة أوربية أو معادلة من دولة أخرى، ولا يحق لك القيد بأي من نقاباتها بدون الحصول على إحدى هاتين الشهادتين، وبَين أن من بين الدول التي يطلب الخليج الحصول على معادلة منها هي بريطانيا".
صعوبة السفر للخارج
واتفق معه الدكتور مخلوف محمد مخلوف، المدير التنفيذى لـ«مركز الفكر والابتكار» بجامعة الأزهر، بقوله إن «طلاب الطب عمومًا يواجهون صعوبة فى السفر إلى الخارج، لحاجتهم إلى معادلة الشهادة التي حصلوا عليها من مصر للعمل فى أوروبا أو الخليج».
وكشف مخلوف، عن ارتفاع نسب الرسوب بين طلاب الأزهر فى أول «انترفيو» يواجهونه، بسبب ضعف تمكنهم من اللغات وخاصة «الانجليزية»، مضيفاً "طلاب طب الأزهر الأقل والأضعف من بين طلاب الجامعات المصرية في الالمام باللغة الإنجليزية" .
وأضاف مخلوف، قائلا "هناك أماكن ومؤسسات رسمية في مصر ترفض تعيين طلاب طب الأزهر، على الرغم من حصولهم على بكالوريوس بتقدير (جيد جداً)، وهو ما شاهدته بعيني في إحدى المؤسسات، لذا نصح الطلاب بضرورة الحصول على كورسات فى اللغة أو المهنة نفسها، حتى لا يصبحوا ضحية لشهادتهم الضعيفة"، مختتماً: "هناك بعض الأطباء لا يكتبون على لافتة عيادتهم بأنهم تابعين للأزهر".
تكليف غير مكافئ للدراسة
قال الدكتور إكرام حامد، رئيس قسم الأشعة العامة بمعهد الأورام جامعة القاهرة، إن الطبيب المصري مظلوم، فهو يدرس 7 سنوات منها سنة الامتياز، ليتخرج ويجد التكليف الخاص به غير مكافئ لدراسته، ولا يعينه على ظروف الحياة.
وأضاف حامد، في تصريح خاص لـ"كشكول"، قائلاً "الطبيب المصري مجتهد ولا ينظر للظروف المحيطة به، ويحاول مجاراة تطورات
العلم، ويبحث عن المراجع الأجنبية التي تدعم دراسته، ويحضر رسائل الماجستير والدكتوراه والزمالة، فهو على الصعيد المهني يطور نفسه بنفسه".
وتابع رئيس قسم الأشعة، قائلاً: "سفر الأطباء إلى الخارج بعد معادلة درجاتهم العلمية بما يتناسب مع طبيعة العمل بالدولة المتجه إليها
خير دليل على اجتهادهم، كما أن لدينا أطباء مصريين يشهد لهم بالكفاءة والمهنية على الصعيد العالمي".
تصيد السوشيال ميديا
في سياق متصل، قال الدكتور محمد محمود، أستاذ بقسم الباطنة، إن الأطباء يتعرضون للظلم من جميع النواحي، سواء من أهل المرضى أو «السوشيال ميديا» أو الصحف، مضيفاً "في حالة حدوث أي خطأ للمريض بسبب حالته الصحية، أو وجود مشكلة في الإمكانيات بالمستشفى، يكون السبب الرئيسي في المشكلة هو الطبيب، حتى وإن كانت المشكلة حدثت بسبب سوء حالة الأجهزة الطبية، وهذا يشكل ظلماً واضحاً وصريحاً لنا".
وأضاف محمود، في تصريح خاص لـ"كشكول"، قائلاً: "كأطباء لسنا ملائكة بدون أخطاء، فمن المؤكد أن هناك قدراً من الإهمال، ومن يثبت بحقه التقصير يحول للجنة تأديبية ويحاكم، ولكن لا تعمم القاعدة على جميع الأطباء"، ناصحاً: "قبل الحكم على مستوى الطبيب، لا بد من النظر
إلى المنظومة التي يعمل بها، ومستوى التعليم الذي تلقاه داخل كليته، ومستوى الإمكانيات داخل كليات الطب في مصر، وأعداد الطلاب بها، إذ تصل الأعداد بالمدرج إلى 1200 طالب وطالبة، فضلاً عن الظروف التي يعمل بها بعد تخرجه".
وتابع محمود، قائلاً: «في كليات الطب، يتدرب أكثر من 70 طالباً على حالة واحدة بالمشرحة، رغم أنه من المفترض أن يفحص كل طالب حالة بمفرده، وبدقة».
معيار الدروس الخصوصية
وقال الدكتور أحمد فتحي، أستاذ بجراحة المخ والأعصاب، إن الدروس الخصوصية هي المقياس في نجاح الأطباء بالكليات، لكن عددا قليلا من طلاب الطب لا يأخذون هذه الدروس بسبب ظروفهم المادية، مضيفة «أغلب طلاب الطب في مصر ينجحون بالدروس الخصوصية، سواء كانت نظرية أو عملية، داخل أحد المراكز المجهزة بأدوات وإمكانيات طبية، مثل مراكز الثانوية العامة».
وأضاف فتحي، في تصريح خاص لـ"كشكول"، أن تكلفة الدروس الخصوصية كانت تصل إلى 7 آلاف جنيه، في عام 2010، قائلا: «كنا مجبرين
على الدروس الخصوصية حتى نحصل على مجموع تراكمي عال، وبالتالي لا نوزع على الواحات والأماكن البعيدة».
من جانبها، قالت إحدى إخصائيات الأشعة، إن من أبرز المشكلات التي تواجهها هي اختلاف المسميات الوظيفية بين العاملين في المجال الصحي،
موضحة: «نستكمل دراستنا لمدة 4 سنوات بعد حصولنا على الثانوية العامة، ثم نجد أن المسمى الوظيفي هو (فني أشعة)، ونجد تعاملا متدنيا من قبل المرضى، كما أن التعامل معنا من قبل الأطباء في بعض الأحيان يكون غير مهني، ويقللون من شأننا».