الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

"النيل المصرية" .. مدارس فرعونية باعتماد دولي

كشكول

"العناية باللغة العربية الفصحي .. وتنمية المهارات .. والربط بالبيئة الخارجية" أبرز ملامح المدرسة

الفار: تخفيض نسبة الأجانب إلي 1% و6 آلاف متقدم حتي الآن.. ومدير مدرسة دمياط: تعليم تفاعلي لأبناء الطبقة الوسطي

تعد مدارس "النيل المصرية" واحدة من أنظمة التعليم التي تعول عليها الدولة في تخريج طلاب مؤهلين للالتحاق بالكليات المختلفة سواء داخل مصر أو خارجها، وذلك لما تمتاز به من مناهج معتمدة بجامعة كامبريدج، إلا أنها تدرس بالهوية المصرية، تهدف إلي ربط الأطفال بالمجتمع من خلال تدريس اللغة العربية بالفصحي والتربية الدينية والوطنية.

 شهادة دولية

تتمثل رؤية المدرسة في تقديم نموذجًا تعليميًا جديدًا متميزًا عالي الجودة على المستوى القومي والإقليمي يقوم على المشاركة مع أولياء الأمور والمجتمع في إدارته وتحقيق أهدافة، ويمنح الطالب شهادة معترف بها عالميًا وتعادل الشهادة الدولية.

كما تتيح للطلاب الحصول على شهادتين تصدرهما جامعة كامبريدج البريطانية بالشراكة مع وحدة شهادة النيل، بصندوق تطوير التعليم، وباعتماد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، الأولى بعد إتمام مرحلة التعليم الأساسي بمسمى: Certificate of Nile International Preparatory Education CNIPE))، والثانية بعد انتهاء التعليم قبل الجامعي في نهاية الصف الثاني عشر والتي تؤهل الطلاب للالتحاق بالجامعات في مصر والخارج بمسمى: Certificate of Nile (International Secondary Education CNISE).

ومن خلال رحلة "كشكول" إلي إحدي المدارس التابعة للإدارة التعليمية بدمياط الجديدة، كان هدفنا الأول هو التأكد من صحة الشائعات التي تروج حول المدرسة كغيرها من المدارس المصرية التي تواجه انتقادات تصل أحياناً إلي حد الاتهام بالجشع والرغبة في الاستثمار علي حساب العملية التعليمية ومستقبل الطلاب.

تأمين مشدد

لاحظنا فور الوصول إلي الباب الرئيس للمدرسة أن هناك فردى أمن، بمجرد الاقتراب منهما يبادرنك بالسؤال عن بطاقة تحقيق الهوية الشخصية، وبعد الاطمئنان إليك يسمح لك بالدخول إلي المكان الذى تريد بعد التعرف إلى السبب من تواجدك ورغبتك في الدخول، فإن كنت ولى أمر استدعي من قبل الإدارة أو جئت لاصطحاب ابنائك بعد انتهاء اليوم المدرسي فأهلاً ومرحباً، أما غير ذلك فلابد من إذن للدخول وذلك حرصاً علي أمن من بالداخل سواء من الطلاب أو المدرسين أو الإدارة.

أجواء العائلة الواحدة

كانت زيارتنا رفقة الدكتورة أماني الفار نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للإدارة التعليمية، حرصنا علي التفاعل مع كافة أركان المنظومة بداية من الطلاب مروراً بالمدرسين وصولاً إلي مديرة المدرسة، ابتسامات تعلو الوجوه تشعرك بالاطمئنان والجو العائلى لفريق العمل بالمدرسة، لاحظنا وجود لافتة مكتوب بها "doctor" وبمجرد السؤال عنها أكد مدير المدرسة أنها العيادة الخاصة للكشف علي الأطفال فهناك طبيب أطفال مقيم بالمدرسة للاهتمام بهم في حالة مرض أحدهم.

"دورة مياه خاصة بكل فصل علي حده، يعتني بها عاملين نظافة خاصة"، هكذا أكد المدير الذي رافقنا علي مدارس اليوم، أبهرتنا مجموعة الأنشطة، علي جدران الفصول، من أسماء الطلاب المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلي بعض الرسومات الخاصة بالأطفال.

يشمل كل فصل بابين، أحدهما للدخول، والآخر للخروج في نهاية الفصل، وداخل كل فصل دولاب خاص بملابس الأطفال، بالإضافة إلي مجموعة من الأدراج الملونه فوق بعضها البعض، كل درج مخصص لطالب، يدون عليه اسمه، يضع داخله أدواته الخاصة، ومع انتهاء اليوم الدراسي، تقوم المعلمة بالانتهاء من تصحيح تدريبات الطلاب، الذي تم اجرائها علي مدار اليوم الدراسي، ثم تقوم المعلمة بتنظيم الإدراج الخاصة بكل طالب بعد تجميع الأدوات، وذلك بعد الانتهاء من اليوم الدراسي وتصحيح تدريباهم.

حفر قناة السويس وتعلم الزراعة

يجلس الطلاب علي هيئة مجموعات تجمعهم تربيزات بيضاوية، ملونة، يشاهدون شرح المعلمة علي السبورات الذكية، فيما تقوم المعلمة بتدريبهم علي الأنشطة الخاصة منها الرسم وغيره، عن طريق إشعال روح المنافسة بين المجموعات.

براءة الطفولة

كانت جولتنا داخل إحدي فصول kg2، فلاحظنا وجود معلم ومعلم مساعد يعملون كفريق واحد وبينهم تناغم في الشرح وتوجيه الأطفال لعمل الأنشطة والتفاعل معهم، حاولنا الاقتراب من الأطفال الذين يجلسون في شكل مجموعات، فسألنا أحدهم عن اسمه فأجاب: اسمى آسر، وأقوم الآن ببناء بيت كبير، حاولنا معرفة سبب عدم إشراكه لزملاءه في اللعب، فكنت إجابته، أنه يريد أن يصبح مهندساً، ولذلك يبنى البيت، أما زملائه فإحدهن تريد أن تصبح مضيفة طيران، والأخري طبيبه، فلماذا يشاركون في بناء البيت.

تحدثنا مع تلميذة أخري تدعى ندى، والتى أكدت سعادتها ومحبتها لمدرستها وزملاءها واللعب في الرمل،  حيث تخصص المدرسة وقتاً للأطفال للعب في الرمل ولضم الخرز لتقوية العضلات الدقيقة في اليد، قبل تعليمهم الكتابة، وبمجرد خروجنا من الباب الخلفي للفصل وجدنا أطفالاً يلعبون في الرمل، لتؤكد معلمتهم أنهم يقومون بعمل نشاط حفر قناة السويس، فيما قامت مجموعة أخري بتعلم الزراعة ولتشرح لهم  معلتمهم عملية الزراعة باللغتين العربية الفصحى والإنجليزية.

ويحظي الأطفال بقدر من الراحة واللعب مدته 15 دقيقة، بعد كل حصتين، ثم خرجنا لنشاهد تدريبات الأطفال مع بعض الألعاب الرياضية مع المدرب الرياضي بالمدرسة، وآخرون يقوموا ببعض الألعاب في الملاهي الخاصه بهم، بفناء المدرسة.

إجادة 6 لغات

معلمة لغة إنجليزية بمدرسة النيل المصرية بدمياط رحمة جنيدى قالت، إن عملها بالمدرسة جعلها تتعلم كيفية وضع خطط مبتكرة وإبداعية للتعامل مع الأطفال، إلى جانب ربطها الأطفال بالمكتبة، لأن المنهج يجعل الطفل يسبق عمره بسنة، مشيرة إلي أنهم يضعون للأطفال ألعاباً بداخلها المعلومات، تعمل علي تطوير اللغة الإنجليزية من خلال التحدث أمام الأطفال.

وأكدت الطفل في هذا السن يستطيع تعلم ٦ لغات، مشيرة إلي أنها تحاول العمل علي جميع حواس الطفل بالشرح لبناء عقليته وتقويم سلوكه ودعم شخصيته وتقوية مهارات الابتكار والاعتماد علي النفس، موضحة أنها قبل الالتحاق بالعمل بالمدرسة خاضت اختبار تحديد مستوى، إلى جانب شهادات الخبرة وتقييمها بعد بدء الدراسة ٣ شهور.

عدم إدراك لطبيعة الدراسة

التقطت طرف الحديث منها منى مقلد الحاصلة علي بكالوريوس تربية رياض أطفال و٢ دبلومة خاصة إلى جانب ماجستير في أصول التربية وتنمية المواهب وباحثة دكتوراة في التربية الإبداعية، لتؤكد أن الأطفال في بداية التحاقهم بالمدرسة يكون لديهم إحساس بعدم الأمان، لأن عنصري الأمان هما الأب والأم، لذلك نحاول طمأنتهم بالتعامل معهم بطريقة عائلية وتلبية احتياجاته، مؤكدة أنه لا يوجد واجبات منزلية لطلاب مدارس النيل، إلي جانب تصنيف الأطفال داخل الفصل بناءً علي مواهبتهم وقدراتهم لدعم الجوانب التى تحتاج لذلك.

وأوضحت أنها تحاول علاج أى اضطربات أكاديمية أو سلوكية من خلال الجلوس معه ساعة إضافية؛ لعلاج مشكلته الكتابية أو أى مشكلة يحتاج حلها، لافتة إلى أن مناهج النيل تعتمد علي الثلين مهارات والثلث أكاديمى، موضحة أنها تتواصل مع أولياء الأمور لدعم تقويم أى سلوكيات، مستطردة: بعض أولياء الأمور يقارنون بين أبنائهم وبين تلاميذ اللغات لأنهم لا يعرفون طبيعة منهج المدرسة القائم علي التكامل وليس به واجبات منزلية.

تخريج أول دفعة

في حين قالت إيمان المندويلي المنسق الأكاديمى  للمدرسة، إن نظام مدارس النيل متميز ومختلف، مؤكدة أنهم يحاولون اشراك أولياء الأمور في وجهة نظرهم التدريسية، مشيرة إلي أن المدرسة دولية معتمدة من كامبريدج تمنح شهادة مصرية ليس لها معادلة وتقبل في أى مدرسة بالعالم .

وتابعت، المدرسة تطبق منهج كامبريدج بصورته المصرية، ولأن المدرسة منشأة حديثة فسيتم تخريج أول دفعة kg2 بعد شهرين، وبعد ذلك يظهر تسجيلها علي موقع كامبريدج، لافتة إلي أن كل فصل يدخله معلم ومعلم مساعد للعمل كفريق واحد مع الأطفال بالأنشطة والتحضير والأدوات  المستخدمة في الشرح والعرض.

تنمية القدرات الرياضية

بينما أشار لؤي محمد رضا معلم التربية الرياضية بالمدرسة، إلي أنه حاصل علي ماجستير التربية الرياضية من جامعة المنصورة، إلي أنه يعمل بالمدرسة حصتين لكل فصل في الأسبوع، لافتاً إلى أنه يحاول من خلال الحركات الرياضية معرفة الرياضات التى يتميز بها كل طفل، وأن المدرسة تتعاقد مع بعض الأندية لتنمية قدرات الموهبين رياضياً.

الربط بالبيئة الخارجية

وقالت ندى شطا الحاصلة علي ماجستير في الإعلام التربوى والتى تعمل بالمدرسة كمشرف عام للأنشطة ومشرف عام لمدرسة النيل بدمياط، إن مناهج المدرسة قائمة علي التكامل والحفاظ علي الهوية المصرية، من خلال نطق اللغة العربية الفصحى بطريقة دقيقة وربط الأطفال بالبيئة الخارجية ومجتمعهم والمدرسة بالأنشطة، مضيفة أنهم قاموا باشراكهم بنشاط زراعى وتجميلي للاهتمام بنظافة مجتمعهم.

وكشفت عن أن الألعاب الإبداعية التي يستخدموها في الشرح للاطفال تم تنفيذها في دمياط بأرخص التكاليف، وتم تنفيذ أعياد رأس السنة والمولد النبوى والاحتفال بعيد الطفولة ، إلى جانب الاحتفال بأعياد ميلاد الأطفال مرة في الشهر.

تعميق للهوية

من جهتها، قالت رحاب صبري مدير مدرسة النيل المصرية بدمياط الجديدة، إن مدارس النيل هدفها تعميق الهوية المصرية وإعطاء شهادة دولية، بخلاف بعض المدارس الدولية الأخرى التي تدرس هويتها، مشيرة إلي أن مدارس النيل هي مدارس قائمة علي اللغة العربية الفصحي، والدراسات الاجتماعية، والتربية الدينية والوطنية.

وأضافت، أن المدارس تعتمد التعليم التفاعلي، ومخرجات التعليم وتنوع مصادر التعليم بالبحث والمعرفة، حيث أن كثافة الفصل لا تتعدي الـ30 طالباً، في 5 فصول kg1, و3 فصول KG2، لافتة إلي أن اختيار المعلمين إلكترونياً، ويشترط أن يكونوا باحثين ماجيستير أو حاصلين علي درجة دكتوراه، ويخضعوا لمقابلة شخصية، ثم اختبارات بجامعة كامبريدج، لقياس مستوي اللغة الانجليزية، وإعلان النتيجة إلكترونياً ايضاً، ثم يخضعوا للتقييم لمدة 3 شهور.

وكشفت مدير مدرسة النيل المصرية بدمياط الجديدة، الخطأ في اطلاق مسمي مدارس النيل الدولية، علي المدارس النيل المصرية الدولية، مؤكدة خطأ شائع؛ إذ أن الاسم الصحيح مدارس النيل المصرية، التابعة لوحدة شهادة النيل الدولية، بصندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء.

وأكدت صبري في تصريحات خاصة، الشهادة التي تمنحها المدرسة مصرية دولية، تمكن الطلاب من الالتحاق بجميع الجامعات داخل مصر وخارجها، لافتة إلي أن مصروفات المدرسة تختلف حسب طبيعة المكان، وأن مصروفات المدرسة فرع دمياط 20 ألف جنيه.

6 آلاف طالب

فيما أوضحت الدكتورة أمانى الفار، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للإدارة التعليمية، أن مدارس النيل فتحت باب القبول للعام الدراسى من "2019-2020"، منذ الأسبوع الأول من مارس وحتى الأسبوع الأخير من أبريل، لافتة إلي أن عدد الطلاب المتقدمين للمدارس سواء القبول للمرة الأولى أو التحويل وصل لـ 6 آلاف طالب فى ثلاث أيام الأولى للتقديم من خلال التسجيل على الموقع الخاص بالمدارس، وأنه رقم مرشح للزيادة خصوصًا أن التقديم لايزال مستمر حتى نهاية أبريل.

وأشارت "الفار" إلى أن الدكتور حسن إسماعيل فارس، رئيس مجلس الإدارة، اتخذ قراراً بتخفيض نسبة الأجانب والعرب الملتحقين من 5% إلى 1%، لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب المصريين المتقدمين، موضحة أن عدد المدارس المفتوح باب التقديم والقبول بها للعام الدراسى المقبل 9 مدارس، بداية من مرحلة "كى جى" وحتى الصف الرابع من المرحلة الابتدائية.

خفض المصروفات

من جانبه، أعرب محمد البشبيشي، أحد أولياء الأمور، وعضو مجلس أمناء المدرسة، عن سعادته بوجود ابنه بين تلاميذ النيل المصرية، لافتاً إلي أنه رصد في الشهور الماضية، تطوراً ملحوظاً في المستوي، من حيث معرفته بمصطلحات اللغة العربية الفصحي واستخدامها في تعاملاته اليومية، بالإضافة إلي التحدث الي النطق باللغة الإنجليزية نطقآ حديثاً.

وأشار البشبيشي، إلي أن نظام التعليم بمدارس النيل رائع مقارنة بالمدارس الدولية واللغات، معرباً عن أمنيته في أن تنخفض المصروفات الحالية، بشكل يجعلها تلبي احتياجات وطموحات الطبقة المتوسطة بالمجتمع المصري.

وشدد عضو مجلس الأمناء، أن أبرز ما لفت انتباهه بالمدرسة، هو التفاعل بين المعلم وإدارة المدرسة، وارتباط نجله بمعلميه، لافتاً إلي أن نظام المناهج المتكاملة ينمي داخل الطلاب معايير الهوية والانتماء.