الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أزهر

دراسة جامعية تطالب بتبني سياسة الاحتواء الفكري لمن وقع في براثن الإرهاب

كشكول

أكدت دراسة جامعية بكلية الإعلام جامعة الأزهر، علي الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية فى مصر، وتصاعد دورها وبخاصة الأزهر الشريف ودار الإفتاء في المواجهة الفكرية لقضايا الإرهاب وتفنيد دعاوي وحجج الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

 جاء ذلك في دراسة دكتوراه بعنوان "معالجة الصحف الإسلامية المصرية لقضايا الإرهاب للباحث والكاتب الصحفي محمد سعد الحداد، والتي حصل فيها علي درجة الدكتوراه.. في الإعلام تخصص الصحافة بمرتبة الشرف الأولي مع التوصية بالطبع والتبادل بين الجامعات.

وقد تكونت لجنة الإشراف والحكم من : الدكتور محمود محمد عبدالرحيم الصاوي أستاذ الثقافة الإسلامية ووكيل كلية الإعلام جامعة الأزهر (مشرفًا)، الدكتور أحمــد أحمــد زارع رئيس قسم الصحافة ووكيل كلية الإعلام السابق جامعة الأزهر (مشرفًا)، الدكتور جمال عبد الحي النجار أستاذ ورئيس قسم الصحافة والإعلام السابق بكلية الدراسات الإسلامية بنات جامعة الأزهر (مناقشًا)، والدكتورة إيناس محمود حامد أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس (مناقشًا).

وأبرزت الدراسة أن المؤسسات الدينية فى مصر، تصاعد دورها وبخاصة الأزهر الشريف ودار الإفتاء في المواجهة الفكرية فى أكثر من اتجاه فى هذا الشأن: ومن أهمها: (مرصد الأزهر): حيث تم تدشين مرصد الأزهر باللغة الأجنبية والذى تمكن من الكشف عن أسباب انضمام الأفراد للحركات المتطرفة، ورصد ما يبثه تنظيم "داعش" من رسائل وأفكار موجهة إلى الشباب، والرد عليها باللغة نفسها التى نشرت بها.

 قوافل السلام:"والتى تركز على عقد الندوات واللقاءات في الجامعات والمعاهد والجمعيات الخيرية، لإيصال رسالة للعالم أجمع بأن الإسلام دين محبة وسلام وتعايش بين مختلف الثقافات والأديان، وأنه يعلي من قيم التسامح والتعايش المشترك، ويدين العنف والتشدد الذي يتعارض مع تعاليم الإسلام الصحيحة، وأن المسلم حيثما كان هو رسول سلام للإنسانية جمعاء".

المؤتمرات العالمية: نظم الأزهر عددًا من المؤتمرات لمحاربة التطرف والإرهاب من أبرزها مؤتمر الأزهر العالمى فى مواجهة التطرف والإرهاب الذى عقد في ديسمبر2014.

مرصد فتاوى التكفير والآراء المتشددة: التابع لـ"دار الإفتاء" والذي يعد أداة رصدية وبحثية لخدمة المؤسسة الدينية، حيث يقدم الدعم العملي والفني والشرعي اللازم والدعم للمؤسسات الدينية والاجتماعية المصرية في مواجهة تلك الظاهرة وآثارها، بالإضافة إلى تقديم أنماط التشدد والمتشددين، ودليل تعامل مع الفكر والفرد المنتمي والمتبني لهذا الفكر.

الرؤية: قامت دار الإفتاء بتدشين مجلة إلكترونية بعنوان Insight" " بلغات متعددة للرد على مجلة داعش الإلكترونية "دابق".

  فيما يتعلق بآليات المواجهة المطروحة في المعالجة الصحفية لقضايا الإرهاب في الدراسة تصدر "آلية الفهم الصحيح للدين" الترتيب الأول حيث ارتكزت المعالجة على تفنيد دعاوى الجماعات الإرهابية وقيامها باعتماد منهج إما أن تكون معي أو تكون كافرًا فاسقًا، واستدلت بأن الدين الإسلامي والمدارس الإسلامية وعلى رأسها الأزهر الشريف اعتمدت مناهج الرأي والرأي الآخر متمثلة في المذاهب الأربعة وآراء العلماء  بعيدًا عن التشدد؛ فالأزهر لا يقر القتل والتكفير والحرق ويظهر سماحة الإسلام ويؤكدها في التعامل مع الآخر، كما أبرزت الدراسة في معالجتها لقضايا الإرهاب اعتماد التنظيمات الإرهابية على الفكر العاطفي وليس الفكر المنطقي واستغلال النزعة الدينية لدى العوام لكسب جمهور حاضن، من خلال أفكار وفهم خاطئ للدين بوعود بالجنة والحور العين لغرس التفجير والقتل في نفوس أتباعه، والتركيز علي ما أظهرته مناهج التنظيم الإرهابي الدراسية التي يقدمها للأطفال وما تحتويه من فهم خاطئ للدين وأفكار معوجة وما بها من كذب وتضليل فكري للنشء.

 كما أبرزت الدراسة أيضاً  ضمن "آلية الفهم الصحيح للدين" تصريح وزير الأوقاف حول إنشاء 17 صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بـ 17 لغة لمحاربة الفكر الإرهابي، وتأليف كتب لمواجهة الأفكار المتطرفة مثل "مفاهيم يجب أن تصحح.

  أبرزت الدراسة دور "دار الإفتاء" في إصدار الفتاوى المعتدلة بما يقدر بـ1800 فتوى يوميًا لنشر الفهم الصحيح للدين، إضافة لتصميم "موبايل أبلكيشن" للتواصل مع دار الإفتاء ومخاطبة الوكالات الإخبارية العالمية بلغات مختلفة لمواجهة الفتاوى والدعوات المتطرفة، ودعوة المفتى لتوحيد الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، والدعوة للتعاون في طباعة ونشر ما يفيد عن صحيح الإسلام ونقل صورة حضارية عنه، والاتفاق على مسودة بروتوكول تعاون لتصحيح المفاهيم الخاطئة ونقل صورة صحيحة عن الإسلام، من خلال ترجمة كتب عن قضايا العصر ومفهوم الإسلام الصحيح لمخاطبة الغرب.

رؤية فعالة.. وخطوات عملية:

وفي هذا الإطار، يقترح الباحث بعض النقاط نحو رؤية فعالة وخطوات عملية لمجابهة الفكر المتطرف الداعم للإرهاب:

-  يجب التصدي لمظاهر الغلو والتطرف والإرهاب وأسبابها من خلال اعتماد المنهج النبوي: الحكمة والموعظة الحسنة، ونشر العلم الصحيح، من خلال مصادره المعتمدة، وتحقيق الوعي السليم بين الأمة، عبر الاستناد إلى العلماء المتخصصين، وتفعيل دورهم في مخاطبة القاعدة العريضة من المواطنين باستخدام الوسائل الإعلامية المختلفة، والتعامل مع الإرهابيين على أساس من معرفة دوافعهم ودراسة نفسياتهم، فآفتهم في رؤوسهم وأفكارهم، فيقابل الكفر بالفكر لتصحيح أفكارهم المنحرفة، ولا يقاوم عنف بعنف مضاد إلا بمقدار ما تمليه الضرورة وتسمح به الشريعة.

- تعزيز أدوار المؤسسات الفاعلة في مواجهة الفكر الإرهابي المتطرف؛ كـلٌ في اختصاصه، والاعتماد بشكل أساسي على العلماء والفقهاء والدعاة والمؤسسات والهيئات العلمية العامة والمتخصصة في نشر الوعي والثقافة الإسلامية الصحيحة، وتعزيز قيم التعايش المشترك، والتصدي لمحاولات نشر ثقافة العداء والكراهية داخل المجتمع.

- تربية إسلامية جادة وصحيحة، ووعي إسلامي يتخذ جميع الوسائل لمحاربة هذه الفئات الضالة، وهذه الأفكار المنحرفة عن جادة الصواب، وذلك على أسس علمية، ومنظومة تربوية ودينية ودعوية صحيحة، فلا تكفي المواجهة الأمنية، وإنما لابد من مخاطبة العقول التي عشش فيها هذا الفكر الظلامي، والكراهية والبغضاء لأبناء الدين الواحد والتاريخ الواحد، وذلك أيضًا بالحوار والجدال بالتي هي أحسن، قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.

- تفعيل دور الأزهر الشريف بكل مؤسساته الدينية والتعليمية والبحثية (جامعًا وجامعة) وإظهار حقائق الدين والرد على شبهات المغرضين وأباطيل المبطلين من خلال مؤسساته وعلمائه؛ فالأزهر كان وما يزال هو الرافد الأول لتخريج الدعاة والوعاظ وعلماء الدين الإسلامي، ويمثل الصدر الأول للوعي الديني. 

- توضيح أن الإسلام بريء من تلك الاتهامات الجزافية التي تحمله تبعات الإرهاب وتلقي بالمسئولية على كاهله، وكذلك كل الأديان، التي لا تقر العنف والإرهاب منهجًا، ولا تقبل الاعتداءات بأي صورة من الصورة، فللإرهاب أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية ليس الدين من بينها، والإسلام ليس جزءًا من المشكلة؛ وإنما هو جزء مهم من صناعة السلام وترسيخه في المجتمع.

- تبني سياسة الاحتواء الفكري لمن وقع في براثن الإرهاب والتطرف، فذلك يُحدث تقاربًا بينهم وبين محاوريهم من المجتمع، خاصة العلماء من جميع التخصصات ذات الصلة، مما يفتح آفاقًا للحوار والسماع، فإن استمعوا وفتحوا آذانهم وقلوبهم كان هذا أدعى إلى إقناعهم، مع مراعاة أن يتم تنفيذ ذلك على نحو متوافق مع القوانين والتشريعات المختصة بالموضوع.

- وأخيرًا.. هناك ضرورة شرعية وواقعية تقتضي تكاتف المجتمع أفرادًا ومؤسسات ودولاً، مع تصعيد أدواته الإيجابية وتنشيط جهوده ضد الإرهاب والتطرف وفق القيم الأخلاقية والتربوية، بما يشكل عاملًا أصيلًا في القضاء على ظاهرة الإرهاب، وبما يحول أيضًا دون تأثر أفراده بالأفكار المتطرفة والأنماط السلوكية المنحرفة ويدفع أخطار ذلك عن نفسه.