السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

جمال شيحة: لا نعرف شيئًا عن خطة التعليم.. وبعض أفكار طارق شوقي غير قابلة للتنفيذ

كشكول

كشف الدكتور جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم بمجلس النواب، عن احتياج التعليم لمخصصات مالية تصل إلى ١٢٠ مليار جنيه، حسب الاستحقاق الدستورى، بينما المتاح حاليا ٨٠ مليارًا، معتبرًا أن أزمة التعليم تاريخية ومزمنة، إذ إن المناهج ليست على مستوى العصر ومليئة بالحشو والزيادات، ما يجعل الجميع غير راض عن حال التعليم فى مصر.

واعتبر «شيحة»، فى حواره مع «الدستور»، أن خطة وزير التعليم فيما يخص توزيع «التابلت» على كل طالب قبل سبتمبر ٢٠١٨، يستحيل تنفيذها، لعدم تخصيص ميزانية لهذا الشأن، مشيرًا إلى أن وزير التعليم لم يسلم خطته الكاملة عن تطوير المنظومة التعليمية للجنة التعليم فى البرلمان حتى الآن، وما تم عرضه خلال الاجتماعات السابقة عبارة عن أفكار ورؤى وأحلام.

■ كيف تقيم وضع التعليم فى مصر حاليا؟
- مصر دولة كبيرة، بها عشرات الآلاف من المدارس، وبها تعليم متنوع ما بين أزهرى وعام، وهناك إمكانيات ضخمة جدًّا. 
وعندما نتحدث عن نماذج الدول الناجحة فى العالم، يجب أن يتذكر الناس بعض المعلومات المعروفة، مثل أن مساحة سنغافورة تساوى محافظة دمياط، ومساحة فنلندا تكاد تكون أقل من مساحة محافظة الدقهلية، فمصر بلد ضخم، والتعليم فيها يحتاج موارد كبيرة جدًّا لتغطية المنشآت التعليمية، من حيث الإدارة وعدد المدرسين وعدد الطلبة.
وعلينا جميعا أن ندرك أن التعليم تاريخيا به مشاكل وأزمات متراكمة ومزمنة، وكثير من الناس يشتكون، ولا أحد راض عما يحدث فى المدارس، سواء من ناحية مستوى التعليم أو الانضباط أو أداء المعلمين فى المدارس أو الإدارة المدرسية أو المنتج التعليمى، الذى يذهب إلى الجامعة، كما أن هناك عيوبا كبيرة فى المبانى، ولم تعد كافية، والكثافة كبيرة، وهناك أيضا عيوب فى المعلم نفسه بعد انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، بخلاف أن المعلم نفسه لم يحصل على حقوقه.
■ ما رأيك فى المناهج التعليمية والمحتوى التعليمى الذى يقدم للطلاب؟
- المناهج ليست على مستوى العصر الحالى، ومليئة بالحشو والزوائد دون تقديم أى إفادة، والتدريس من المعلم للطلاب يقوم على التلقين والحفظ، لذلك نجد فى المحصلة النهائية أنه لا يوجد أحد راض عن مستوى التعليم فى مصر.
■ كم يبلغ عدد المعلمين بالمدارس المختلفة؟
- عدد المعلمين كبير جدا، فيوجد ما يقرب من مليون و٢٠٠ ألف معلم على الأقل. 
■ من المسئول عن أزمة التعليم؟
- هى تشوهات تاريخية من مدة طويلة جدا، ولا نستطيع إلقاء مسئولية مستوى التعليم الحالى على شخص بعينه، بمعنى أنه لا يوجد لدينا متهم واحد محدد عما وصل إليه حال التعليم فى مصر. كما أنه لا توجد مواجهة حقيقية لأزمة التعليم، ولا توجد خطة إصلاح شامل واضحة ومحددة للوصول إلى حل جيد للارتقاء بمستوى التعليم.
■ هل وزراء التعليم المتعاقبون لهم يد فى أزمة التعليم الحالية؟
- كل وزير جديد يأتى للوزارة يحمل معه سياسات مختلفة، وهى نقطة ضعف أساسية فى منظومة التعليم. والبرلمان يعانى من تغيير وزير التعليم، لأن كل وزير جديد يأتى ومعه رؤية ومشروعات مختلفة، ويبدأ من جديد وليس مما انتهى إليه الآخرون.
وحاليا مرت ٩ أشهر لمعرفة خطط وزارة التعليم المقرر تنفيذها، ولم نعرف عنها شيئًا سوى أفكار ورؤى، ومازالت حتى الآن فى مرحلة البلورة. واحتجنا ساعات طويلة وجلسات عمل عديدة لاستيعاب خطط الوزارة الحالية وكيفية تنفيذها.
■ وماذا عن الوزير الحالى؟
- نتمنى نجاحه ونحاول مساعدته، لكن حتى الآن ليس فى أيدينا خطة تنفيذية، نعم، جلسنا واستمعنا للحلم والرؤى، ووجدنا أن بعضها مبهر، وبعضها يحتاج مناقشة، وبعضها من وجهة نظر لجنة التعليم قابل للتنفيذ، وبعضها الآخر غير قابل للتنفيذ، لكن فى كل الأحوال ليست لدينا خطة تنفيذية من وزارة التعليم. والدكتور طارق شوقى وزير التعليم يبذل مجهودا كبيرا، ونتمنى أن يبلور الأفكار والرؤى الخاصة به فى خطة واضحة حتى نقيمه.
■ هل المخصصات المالية لوزارة التعليم كافية؟
- غير كافية، لأن ميزانية التعليم الحالية ٨٠ مليار جنيه، وهذا أقل بكثير من الاستحقاق الدستورى، على الأقل كان لابد أن تكون ١٢٠ مليارًا حتى تناسب تطور وارتقاء التعليم.
■ ما الأزمة الحقيقية لـ«المدارس اليابانية»؟
- ليست لدينا أى معلومة عن المدارس اليابانية داخل لجنة التعليم بالبرلمان، وسألنا المسئولين كثيرًا عن أحوالها، وجاء الرد بأن هذه المدارس غير جاهزة حاليا، ولذلك لم تُفتتح حتى الآن. وتقدمنا لوزير التعليم بسؤال حول موعد افتتاحها، ولكن لم نحصل على إجابة حتى الوقت الحالى.
■ وماذا عن «مدارس النيل»؟
- عندما استلمنا لجنة التعليم، كانت هناك مشاكل وأزمات فى «مدارس النيل»، وكتبت اللجنة تقريرًا حولها، انتهى إلى أن هذه المدارس ليس لها دور فعال أو قوى عن المدارس الأخرى الموجودة، وبعدها فوجئنا بقرار التوسع فى «مدارس النيل» بعدد ١٠٠ مدرسة.
■ وماذا عن «مدارس ٣٠ يونيو»؟
- تم عقد اجتماع مؤخرا مع الوزير بشأن «مدارس ٣٠ يونيو»، وما تم من إجراءات بشأن تلك المدارس، أثمر نتائج جيدة، من خلال مزيد من سيطرة الدولة. 
■ ما رأيك فى مقترح وزارة التعليم حول نظام التعليم الجديد؟
- النظام الجديد للتعليم لم يتبلور بشكل كامل ولم يصل إلى اللجنة مشروع متكامل أو خطط لتنفيذه، وهو سبب رئيسى لعقد جلسات عمل مكثفة مع الوزير لفهم خطة الوزارة وكيفية تنفيذها.
■ هل سيطبق النظام الجديد فى سبتمبر ٢٠١٨؟
- الوزير يريد أن يبدأ فى تنفيذ النظام التعليمى الجديد فى سبتمبر ٢٠١٨، وهذا أمر مستحيل، لأنه لا يوجد وقت كاف لتنفيذ ما عرضه من أفكار أمام أعضاء اللجنة، ولم يسلم للجنة خطة الوزارة من الأساس، فكيف سينفذ ويبدأ فى هذا التوقيت؟.. هو كان يحضر اجتماعات اللجنة لعرض الرؤى والأفكار والسياسات فقط.
الوزير وعد بأن يكون هناك «تابلت» لكل طالب قبل سبتمبر ٢٠١٨، كيف، مع غياب ميزانية لـ«التابلت» من الأساس؟.. لذا تطبيق ذلك أمر غير وارد وصعب.
مشروع منح «تابلت» لكل طالب لم يقدمه الوزير للجنة بشكل كامل حتى تتم الموافقة عليه، وهذا يحتاج لوقت طويل، وأنا لا أنصح بأن نلزم أنفسنا بأن يكون هناك «تابلت» لكل طالب قبل سبتمبر، لأن الوزارة لن تستطيع.
■ هل هناك زيادة فى رواتب المعلمين؟
- يحتاج ذلك إلى موارد مالية تدبرها الحكومة، لكن الوقت الحالى لا يوجد شىء.
■ هل هناك اتجاه لإلغاء مجانية التعليم؟
- غير وارد ولن نسمح به.
■ ما أهم مشروعات القوانين المعروضة أمام اللجنة؟
- بصفة عامة تم الانتهاء من مشروع «وكالة الفضاء»، الذى أقره المجلس، ويعد إنجازا تاريخيا يحسب للبرلمان، فمصر دخلت به رسميا «نادى الفضاء العالمى»، بعد أن تأخرنا عنه كثيرا، خاصة أن «وكالة الفضاء» لها خصوصية، فهى ليست مؤسسة اقتصادية أو بنكًا، وإنما مؤسسة علمية، لذا علينا جميعا أن نفرح بهذا «الانتصار».
وحاليا تناقش اللجنة مع وزير التعليم العالى قانونا من أهم قوانين البحث العلمى، وهو السماح للجامعات ومراكز البحث العلمى بإنشاء شركات لمخرجات البحث العلمى، بمعنى أن لو هناك جامعة لديها براءة اختراع تنتج عنه أدوية أو قلم أو موبايل، فمن حق الجامعة إنشاء شركة لتسويق المنتج وبيعه لصالحها، وهذا الأمر لم يكن واردا بالقوانين القديمة.
قديما كانت رسائل الدكتوراه والماجستير للحصول على الدرجة العلمية فقط، وتوضع على «الرف» بعدها، لكن مع هذا القانون سيسمح للبحث العلمى بأن ينطلق ويتحرر، وتصبح هذه الجامعات مثل «مدينة زويل»، من حقها إنشاء شركات للترويج لمنتجاتها، كما أن هذا القانون سيكون ثورة مهمة، بعد أن يكون من حق الجامعات أن تخترع وتنفذ.
■ ما أهم توصيات اللجنة عن زيارتها الأخيرة لـ«مدينة زويل»؟
- «مدينة زويل» نموذج لمركز بحث علمى متقدم يحتاج إلى كل الدعم، وينبغى أن يكون لخريجى مدارس المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا «ستيم» أولوية للمنح التى تتيحها المدينة، وسنطلب من وزير التعليم العالى أن تحظى «مدينة زويل» ببعض البعثات، شأنها شأن الجامعات المصرية، حتى يستفيد المجتمع من تلك الكوادر وتحقق انتصارا وتقدما داخل بلادها.
■ ماذا عن وزير التعليم العالى والبحث العلمى؟
- خالد عبدالغفار حقق إنجازا كبيرا بشأن عدد من القوانين المتعلقة بالبحث والتقدم العلمى، وعلى رأسها قانون وكالة الفضاء، الذى سيؤثر فى تقدم الدولة وسيرها على الطريق الصحيح نحو البحث العلمى.
■ ما رأيك فى أداء الحكومة الحالية؟
- «مفيش شعب ولا برلمان بيرضى عن عمل الحكومة».
■ كيف نعالج مشكلة غياب النواب عن الجلسات العامة للبرلمان؟
- هى أزمة حقيقية يعانى منها المجلس، وعلى وسائل الإعلام المختلفة أن تسلط الضوء على هؤلاء النواب، على أن يرسل الدكتور على عبدالعال قائمة بأسماء النواب المتغيبين للإعلام، و«البركة فى الصحافة».
■ كيف نستطيع تطوير التعليم فى مصر والارتقاء به؟
- للأسف، الوضع التعليمى لا يرضى أحدًا، ومصر من الدول المتأخرة فى الإدارة المدرسية، ولن يتقدم التعليم من خلال الاهتمام بمديرى المدارس والمعلم فقط، فمصر قدمت تجربة ناجحة فى المدارس فى فترة الستينيات، ووقتها كانت المدارس تقدم وجبات للطلاب، باردة وساخنة، وكان اليوم الدراسى ينتهى فى الخامسة عصرا دون ملل أو تعب بسبب تغيير الأنشطة، وكان هناك يوم يسمى «التسيير الذاتى»، حيث كان الطلاب يؤدون دور المعلم أو المدير فى إدارة المدرسة وطابور الصباح. 
كما يجب التركيز على عدد من الجوانب إذا أردنا النهوض بالتعليم، على رأسها الأنشطة المختلفة والقيم، فالأهم فى مرحلة التطوير والارتقاء بالمستوى التعليمى هو القيم، وكل دولة لها قيمها الخاصة، وأرى أن تطوير التعليم ليس بتعدد الأنظمة الموجودة، وأنا ضد الانبهار الشديد بتجارب الدول الأخرى. نحتاج إلى انضباط، وأن يكون لدينا هوية، ومنظومة قيم مصرية، وأن يكون الهدف من التعليم بناء شخص سليم، فالأمر هنا غير مرتبط بالمناهج التى يدرسها الطالب أو بالامتحانات التى يؤديها.
وعلينا الأخذ فى الاعتبار أن التدريس فى مصر لابد أن يكون داخل مدارس مصرية فقط، وليس التنوع الذى نراه فى الآونة الأخيرة، بوجود مدارس ألمانية وإنجليزية وفرنسية ويابانية، لأن التعليم مشروع وطنى لبناء إنسان قوى طموح وناجح، ومن المقبول الاستعانة ببعض النقاط المهمة فى تجارب الدول الأخرى.
■ هل تؤيد فكرة الاستعانة بتجارب دول أخرى؟
- لا أحبذ فكرة النقل الحرفى من تجارب الدول الأخرى، لأن كل دولة لها نظامها وانتماءاتها، ولدينا فى مصر خبراء ومتخصصون وعلماء ناجحون وبارزون، وعلينا فقط الاستعانة بخلاصة خبراتهم فى مجال تطور وارتقاء التعليم، من خلال خطة واضحة ومحددة