الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

« كشكول» تتجول في مدارس أفقر 100 قرية: «رجعوا التلامذة للهم تاني»

كشكول


منذ اليوم الأول لإطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة «حياة كريمة»، بداية يناير الجاري، لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين في كافة أنحاء الجمهورية، تتسابق أجهزة ومؤسسات الدولة في اتخاذ الخطوات العملية التي تكفل تحقيق أهدافها على أرض الواقع، والتي جاء في مقدمتها تحديد 100 قرية هي الأكثر فقراً، وإعطاءها الأولوية في المبادرة.

 وإلى جانب المتطلبات المعيشية، من طعام ومياه شرب وصرف صحي وصحة، تتعاظم أهمية ملف التعليم، الذي ستشمله المبادرة لتحقيق التطوير اللازم في المدارس بالقرى الأكثر فقراً، وهو ما يتزامن مع بدء الدولة تطوير هذا الملف، الذي شمل إطلاق منظومة جديدة للتعليم.

«كشكول» تزور مدارس هذه القرى، للاطلاع على أوضاعها عن قرب،  والتعرف على أبرز ما تعانيه من مشاكل، ناقلة شكاوى مواطنيها من أولياء أمور طلاب هذه المدارس.

سوهاج
60 طالباً في الفصل.. الفترة المسائية سائدة.. وولي أمر عن الإنترنت: «لما يجيبوا تليفون أرضي»

تعاني قرية «برخيل» التابعة لمركز «البلينا» بمحافظة سوهاج من عدم وجود مدرسة إعدادية منذ ما يزيد على عامين، وذلك بعد هدم المدرسة الإعدادية الوحيدة بها بغرض إعادة بنائها من جديد، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وتحولت أرض المدرسة إلى موقع مهجور، بالتزامن مع توزيع طلابها على المدارس الإبتدائية بالقرية، كفترة مسائية، ومدرستي «بني حميل» و«الحرجة قبلي»، اللتين تبتعدا أكثر من 10 كيلومترات عن القرية.
وإلى جانب توقف إنشاءات المدرسة، تعاني القرية من نقص في مدرسي الرياضيات واللغة الإنجليزية، وفق إيمان حماد، ولي أمر طالبة في المدرسة الإعدادية، في الوقت الذي طالب فيه محمود عبد الرازق، ولي أمر طالب في المدرسة، بعدم قصر تطوير القرى الفقيرة ضمن مبادرة «حياة كريمة» في النظافة وتمهيد الطرق، وتعميم ذلك ليشمل ملف التعليم أيضاً.

وتفتقر مدرسة «الوحدة الوطنية الثانوية المشتركة»، في قرية «أولاد طوق» التابعة لمركز «دار السلام»، إلى وجود معامل وأجهزة كمبيوتر، ويهدد ملعبها الرياضي «الخراساني» طلابها بالخطر، وفق إيهاب عمرو، ولي أمر، والذي أضاف «يوجد بها عجز كبير في المدرسين بسبب بعدها عن المدينة، ولا يوجد بها مكتبة أو مقاعد كافية، وكثافة طلابها تصل إلى 60 طالباً في الفصل الواحد، بجانب سوء حالة دورات المياه».

ولم يختلف الأمر كثيراً في مدرسة «الخذندارية شرق الإبتدائيه الجديدة»، بجزيرة «الخذندارية» الواقعة وسط النيل بمركز طهطا، ويقول السيد عاطف من أبناء القرية «تعاني المدرسة من عجز في أعداد المعلمين، وخاصة بمواد الرياضيات والعلوم، ولا يوجد بها أي صالات رياضية أو أدوات في المجالين الزراعي والصناعي»، مضيفاً «لا يوجد في المدرسة أجهزة حاسب ألي، رغم أنها مادة أساسية يدرسها الطلاب، وبالطبع لم تدخلها شبكة إنترنت، لأنها تفتقر إلى وجود تليفون أرضي من الأساس، بالإضافة إلى تواجد عامل نظافة وحيد في مدرسة بها أكثر من 560 طالب».

وفي القرية ذاتها، تعاني مدرسة «الخذندارية الإعدادية» من عدم وجود فناء يقف فيه الطلاب أثناء الطابور والفسحة، بسبب إقامتها على مساحة ضيقة، وذلك رغم وجود أرض فضاء بجانبها، فيما تعاني مدرسة «نزلة الهريدي» من عجز في مدرسي الرياضيات، في الوقت الذي يصل فيه عدد الطلاب  بمدرسة «الشيخ زين الدين» إلى نحو 70 طالباً في الفصل.

وبالنسبة للمعهد الأزهري الإبتدائي في القرية، فهو الأخر تم إخلاءه وهدمه منذ عامين، ثم نقل طلابه إلى مدرسة «محمد محمود الحجار الإبتدائية» كفترة مسائية، ويقول محمود العمدة، من أهالي القرية، إنه «لا يوجد أي مؤشرات على إعادة إنشاء المعهد مرة أخرى».

أسوان
مبنية من الطوب اللبن.. تكدس في إبتدائي وإعدادي.. والثانوية «مفيش»

شكا أهالي قريتي «المنشية الجديدة» بمركز كوم أمبو، و«دابود» بمركز نصر النوبة، من سوء الخدمة التعليمية، ومعانتها من عدة أزمات أبرزها قلة عدد المدارس والمدرسين.

وقال أهالي «المنشية الجديدة»، إن إبناءهم يعانون من تكدس الفصول في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ما يؤثر على مستوى التحصيل واستيعاب الدروس، لذا فإن بعض التلاميذ لا يجيدون القراءة والكتابة عمليا رغم تنقلهم في المراحل التعليمية، وشكوا من العجز في أعداد المدرسين بجميع المواد الدراسية الأساسية، خاصة في  المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى قلة عدد مدرسي المواد العلمية في المرحلة الإعدادية، فضلا عن عدم وجود مدارس ثانوية من الأساس. 

وأوح محمد سيد، مدير المدرسة الإعدادية في «المنشية الجديدة»، إن القرية تعاني من تراجع شديد فى الخدمة التعليمية، في ظل تكدس الفصول والعجز في أعداد المدرسين، منوها إلى أنها تبعد عن مدينة كوم أمبو بنحو 15 كيلومترا، ما يضطر الأهالي لتعليم أبنائهم في مدارسها غير المؤهلة التي لايزال بعضها مبنيا بالطوب اللبن.

وأضاف «كثافة التلاميذ في بعض فصول المدارس الابتدائية تصل إلى 70 تلميذا، وفي الإعدادية لا تقل عن 50 طالبا، في الفصل الواحد، وفي ظل عدم وجود مدارس ثانوية، فإن الطلاب الذين يريدون استكمال تعليمهم يضطرون إلى السفر يوميا من وإلى كوم أمبو من أجل الوصول لأقرب المدارس، ما يزيد من معاناتهم».
وكشف أحد أبناء القرية أن أهالي «المنشية الجديدة» حاولوا بجهودهم الذاتية تخصيص قطعة أرض بالقرية لبناء مدرسة ثانوية عليها، بحثا عن تخفيف المعاناة عن أبنائهم من طلاب المرحلة، مشيرا إلى أن مسئولي الوزارة الذين عاينوا الأرض لم يهتموا ببناء المدرسة، حتى تحولت أرضها حاليا إلى مقلب للقمامة.

وأضاف «الأهالي خصصوا أيضا منذ 10 سنوات قطعة أرض تصلح لبناء مدراس أزهرية في جميع المراحل التعليمية، لكن القائمين على الأزهر تجاهلوا طلبهم، الذي لم يجد أي اهتمام، لذا نعيش دون اهتمام من وزارة التعليم أو الأزهر أو المحافظة أو حتى أعضاء مجلس النواب».

المشهد لم يختلف كثيرا في قرية «دابود»، التابعة لمركز نصر النوبة، التي يعاني أبناؤها أيضا من غياب المدارس الثانوية ما يضطرهم للسفر إلى قرية «كلابشة» التي تبعد عنهم نحو 8 كيلومترات،  وقال أبو الحسن الشاذلي، أحد أبناء القرية، ويعمل مديرا لأحد البنوك في مدينة أسوان، إن «دابود» تعانى من تجاهل المسئولين لها وعدم تطوير مرافقها منذ تدشينها في خمسينات القرن الماضي.

 وأضاف «القرية كانت تضم مدرسة ابتدائية واحدة فقط، إلى أن بنى الأهالي مدرسة ثانية بجهودهم الذاتية بعد معاناة أبنائهم من الكثافات المرتفعة داخل الفصول، لكنهم لم يستطيعوا تكرار الأمر في المرحلة الإعدادية نظرا للحالة المادية البسيطة لمعظم الأهالي».

وتابع «في ظل وجود مدرسة إعدادية واحدة وغياب المدارس الثانوية تماما، يضطر معظم أبناء القرية إلى الالتحاق بالمدرسة الثانوية الصناعية القريبة، التي يتوقف تعليم معظمهم عندها ثم يتركون القرية بعدها تماما بحثا عن لقمة العيش، كما تلتحق معظم الفتيات كذلك بمدرسة التمريض حتى يجدن أي فرصة عمل بعد ذلك».
وكشف أن سوء الخدمة التعليمية ينعكس أيضا على مرحلة الحضانة بالقرية التي لا تضم غير حضانة واحدة وصفها بأنها «غير آدمية»، نظرا لكونها مقامة في منزل ريفي متهالك لا يضم سوى 3 غرف فقط ما يصنع مناخا سيئا يؤثر على صحة الأطفال الصغار.

مطروح 
الثانية على الجمهورية تترك التعليم: لا مدارس ثانوي في «جلالة»

قال مرتاح أبو حيما، أحد أهالي قرية «جلالة»، التابعة لمركز «الضبعة» بمحافظة مطروح، إن القرية التي يبلغ عدد سكانها نحو 7 آلاف نسمة، تضم 8 مدارس للتعليم الإبتدائي، ومدرسة للتعليم الإعدادي، وأخرى للتعليم الأزهري بالقرية الأم، إضافة إلى 3 فصول تم إنشاؤها بالجهود الذاتية، في مدارس التجمعات التابعه للقرية.
وطالب «أبو حيما» بفتح فصل لمرحلة الثانوية العام في مدرسة «جلال الإعدادية المشتركة»، لتتمكن فتيات القرية من استكمال التعليم وصولا إلى المرحلة الجامعية، بدلا من أن يصبح الزواج المبكر هو الخيار الوحيد لهن، بعد تجاوز للمرحلة الإعدادية كما هو الحال الآن. 

وأضاف كرم القريضي، أحد أبناء «جلالة» إن «أقرب مكان للتعليم عن القرية نحو حوالي 30 كيلو متر، إذ يضطر الطلاب الانتقال يوميا إلى مركز الضبعة لتلقي التعليم»، متمنيآ أن تكون هناك مدرسة ثانوي عام بالقرية تخدم الطالبات قبل الطلاب.

وقالت آية رحومة، إحدى فتيات «نجع الرقاعية»، التابع لقرية «جلالة»: «نفسي أكمل تعليمي، حرمت من استكمال التعليم رغم حصولي على المركز الثاني على مستوى الجمهورية للمرحلة الإعدادية، وذلك لعدم وجود مدرسة للتعليم الثانوي في القرية الأم، ولصعوبة التنقل لتلقي التعليم في الضبعة»، مطالبة بإنشاء مدرسة متكاملة لجميع المراحل التعليمية بالقرية، كي لا تحرم الفتيات من التعليم وتتحقق المساواة بينهن وشباب القرية.
واتفقت معها جيلان فايز راتب، طالبة بالصف الثالث الإعدادي، بمدرسة جلال الإعدادية المشتركة، وقالت «أختي حرمت من التعليم لعدم وجود مدرسة تخدم أبناء قرية جلالة في مرحلة التعليم الثانوي»، مشيرة إلى أن ذلك يأتي رغم كون الفتيات في المدرسة على مستوى عالي من التفوق.

البحيرة
«بلال» و«سيدنا سليمان» بدون مدارس ثانوي

في قريتي «بلال بن رباح» و«سيدنا سليمان»، التابعتين لمركز «غرب النوبارية» بمحافظة البحيرة، وتبعدان حوالي 20 كيلو متر عن مدينة «النوبارية» على الطريق الصحراوى، يعيش التلاميذ معاناة بسبب عدم وجود مدارس، سوى مدرسة واحدة للتعليم الأساسي.

يقول محمود علي عوض، من أهالي قرية «بلال بن رباح»، إن الطلاب يعانون أشد المعاناة نتيجة عدم وجود مدارس ثانوية، إذ لا يوجد بها سوى مدرسة واحد للتعليم الأساسي، تخدم حوالي 1300 تلميذ وتلميذة، منوهًا بأن المدرسة بها 8 فصول دراسية فقط، وتصل كثافة الفصل الواحد ما بين 80- 100 تلميذ وتلميذة، بالإضافة للعجز الكبير في أعداد المدرسين.

ويضيف «غالبية التلاميذ بعد مرحلة التعليم الأساسي يتسربون من التعليم بسبب عدم وجود مدارس للمرحلة الثانوية في القرية، ونظرا لبعد المسافة التي تصل إلى 25 كيلو عن أقرب مدرسة في مدينة غرب النوبارية»، متابعا «رغم الفقر الذى يعانيه الأهالي، شيدت وزارة التربية والتعليم مدرسة يابانية تم إغلاقها لعدم التحاق تلاميذ بها، وأصبحت مكانًا مهجورًا».

ويتساءل محمد فرحات «الأهالى يستطيعون بالكاد سداد مصاريف المدارس الحكومية فكيف لهم توفير مصاريف المدرسة اليابانية الباهظة التكاليف؟»، في الوقت الذي تطالب فيه رحمة محمود، الطالبة بالصف الثانى الإعدادى بتوفير مدرسين في مدرسة القرية للتعليم الأساسى، مؤكدة أنهم يعانون نقص المدرسين وارتفاع كثافة الفصول التى تصل ما بين 80 إلى 100 تلميذ فى الفصل.

ويشير محمد ربيع، أحد سكان القرية، إلى أنها أنشئت عام 1997 للمتضررين من قرى شباب الخريجين، وتعاني من نقص شديد في جميع الخدمات العامة والمرافق، وجميع سكانها يعملون في مهنة الزراعة، بالمزراع الصحراوية المحيطة بها، مضيفاً «جميع المنازل في القرية عبارة عن جدران بالطوب الأبيض مسقوفة بالأخشاب والحطب والبوص، ويعلو السقف مشمع من البلاستيك يقيهم من أمطار الشتاء، وجميع المواطنين بها تحت خط الفقر».

وفي قرية «سيدنا سليمان»، يقول حميدة السمالوسي، أحد الأهالي، إن هناك معاناة يومية للطلاب بالمرحلة الثانوية بسبب بُعد المسافة، مشيرا إلى أن أهالي القرية تبرعوا بقطعة أرض لبناء معهد أزهري بالمجهودات الذاتية، مطالبا المسئولين بالنظر لأهالي القرية، ورفع المعاناة عنهم.

المنيا
«كفر مغربي» تطالب بمدرستين وسد عجز المعلمين 

طالب أهالي قرية «كفر المغربي»، التابعة لمجلس قروي «الشيخ مسعود»، بمركز العدوة بمحافظة المنيا، ببناء مدرستين، أحدهما للمرحلة الابتدائية والأخرى للثانوية، بجانب سد العجز في المدرسين بجميع التخصصات، وقال محمد عبد الكريم أحمد، مزارع: «نطالب بمدرستين، واحدة ثانوي وأخرى ابتدائي، خاصة أن المدرسة الابتدائي الموجودة في القرية تعمل بنظام الفترتين».

ووصف خالد عبد اللطيف، عمدة «كفر المغربي»، مستوى التعليم في القرية بـ«الضعيف»، وهو ما أرجعه إلى وجود عجز في أعداد المدرسين يصل إلى 50%، موضحاً «هناك عجز في جميع التخصصات، لذا تضطر إدارة المدرسة إلى تكليفهم بتدريس مواد غير المتخصصين فيها، وهو ما يؤثر على استيعاب التلاميذ والطلاب فيخرج مستواهم التعليمي ضعيف للغاية».

ورأى محمد مندور، مبلط سيراميك، أن القرية تحتاج لمدارس جديدة، على اعتبار أن مدرستين لا يناسبان كثافة سكان القرية، منوها بأن طلاب وطالبات المرحلة الثانوية يضطرون إلى ترك القرية والذهاب إلى مدارس مركز «العدوة» وهو ما يمثل عبئا ومشقة تضاف عليهم، وأعباء مالية على أولياء الأمور، خاصة أن «العدوة» يبعد عن القرية مسافة 10 كيلو مترات.