الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

«تعليم منقوص» .. «كشكول» تحقق في أوضاع ذوي الإعاقة بالتعليم الفني .. الدمج «على الورق».. والخريجون لا يعرفون القراءة والكتابة

كشكول

طلاب ذوي الإعاقة بالثانوي الفني .. «التخصصات بالكيف .. غياب المعايير يفتح باباً للتلاعب.. وبنية تحتية غير صالحة»

1253 طالب دمج بالقاهرة والجيزة .. و90% من المدارس غير مجهزة

أولياء الأمور:  نحتاج «مناهج مبسطة .. تأهيل الورش.. ومراعاة الفروق الفردية»

خبراء: يحتاج ميزانية خاصة للتدريب  .. إتاحة لكافة الإعاقات .. وخلق فرص عمال مناسبة

الوزارة: الحديث عن الإهمال شائعة .. لم يكن لهم أي وجود قبل عامين.. لا يوجد سقف زمني لانتهاء «مدينة أكتوبر»  .. ومستشار الدمج: تدريب 22 ألف معلم


لم يكن لذوي الإعاقة حظه من الالتحاق بالتعليم الفني كأحد مراحل التعلم في مصر، قبل عام 2016، حيث اقتصر تواجدهم في المراحل قبل الجامعية علي رياض الأطفال وصولاً للثانوية العامة، ما شكل عبئاً ذهنياً وثقافياً وحرماناً وشعوراً بالتهميش والتطفيش علي حد سواء، دفع الكثير من أولياء الأمور إلي الاكتفاء بالمرحلة الإعدادية لأبنائهم أو تحميلهم أعباءً ذهنية إضافية بالالتحاق بالثانوية العامة، ومع صدور قرار 229 لعام 2016، وجد هؤلاء الطلاب طريقهم إلي المدارس الفنية بمختلف أنواعها "الصناعي، الزراعي، التجاري، والفندقي"، وفق قرار من لجنة الدمج المشكلة من قبل وزارة التربية والتعليم، التي تحدد لهم تخصصات تتلائم مع طبيعة إعاقتهم.

«كشكول» رصد من خلال عام الإعاقة المنصرم 2018، حالة التواجد أو التفاعل التي يحظي بها طلاب الدمج، ما بين الواقع والمأمول، لنجد أن أغلب شكواهم تتعلق بصعوبة المناهج التعليمية، وعدم تهيئة المدارس لاستيعابهم، واقتصار العملية التعليمية علي سهولة الامتحانات، ليتجاهل أعضاءها مهمة التدريب والتأهيل لسوق العمل، ما يستدعي التوجه لدروس خصوصية قد تتوافر لدي البعض منهم فيما لا يقدر عليها آخرون.


  Ù†ØªÙŠØ¬Ø© بحث الصور عن التعليم الفني لذوي الاعاقة


مصيرهم في يد لجنة تقييم 

وفي أغسطس لعام 2016، صدر قرار وزير التربية والتعليم السابق الدكتور الهلالى الشربيني؛ بشأن دمج الطلاب ذوى الإعاقة البسيطة بمدارس التعليم الفنى، تضمن تشكيل لجنة فنية بمديريات التعليم لتنظيم الدمج وقبول الطلاب من الحاصلين علي الشهادة الإعدادية، تضم موجه عام التعليم الفني، التربية النفسية، التربية الاجتماعية، الإعاقة السمعية، الإعاقة البصرية، الإعاقة الفكرية، ومسؤول الدمج، وثلاثة من الأخصائيين النوعيين بالدبلومات الفنية، ومدير فرع الهيئة العامة للتأمين الصحي، تعمل علي متابعة الحالات وإصدار تقرير الدمج واختيار المجال المناسب لكل حالة.


1253 طالباً دمج بالقاهرة والجيزة

إحصائيات التعليم الفني بعدد طلاب الدمج، التي حصل عليها "الدستور"، ركزت علي محافظتي القاهرة والجيزة، نظراً لعدم توافر الإحصائية الشاملة بالمحافظات، وصعوبة توافرها في الوقت الراهن بحسب مسؤولي التعليم الفني الذين توجهنا إليهم، حيث كشفت وجود 478 طالباً وطالبة في التعليم الفني التجاري بالقاهرة، وبلغ عددهم بالصف الأول الثانوي 274 طالباً وطالبة، وفي الصف الثاني 141 طالباً وطالبة، و63 بالثالث، بينما في التعليم الصناعي بلغ عددهم205 طالباً وطالبة، بينهم 107بالصف الأول الثانوي، و78 بالصف الثاني، و20 طالباً بالصف الثالث.

فيما يتوافر بمحافظة الجيزة نحو 487 بإجمالي عدد 332 طالباً بالصف الأول الثانوي، موزعين بين49 طالب وطالبة بقسم زخرفة، و38 بقسم زراعة،و205 بالتعليم الفني التجاري، 40 طالباً بالفندقي.

أما عدد طلاب الدمج في الصف الثاني الثانوي فإجمالى عددهم 123 طالب  فتم توزيعهم كالتالي، 14 طالب بقسم الزخرفة، وطالب بالتبريد، إلي جانب طالب واحد تخصص كمبيوتر، بالتعليم الصناعي، بينما التعليم الزراعي فـ3 طلاب بقسم ألبان و5 تصنيع غذائي، إلي جانب التعليم التجاري الذى يستقبل أكبر عدد من طلاب الدمج وتم توزيعهم علي الأقسام كالتالى 12 طالباً بالإدارة و5 قانون بالإضافة إلي 3 تأمينات و55 تسويق.

أما شعبة الفندقي للصف الثانى الثانوى فتضم طالب بقسم المطعم، و23 طالب بقسم الخدمات السياحية.

بينما الصف الثالث الثانوى دمج بالتعليم الصناعى فإجمالى عددهم 32 طالب، بينهم طالبين فقط أحدهما زخرفة والآخر تريكو، بينما الزراعى فـ9 طلاب جميعهم بقسم التصنيع الغذائي، أما التجاري فتم توزيعهم 2 إدارة واثنيين آخرين قانون و2 تأمينات و6 تسويق، أما الفندقي فـ6 طلاب الخدمات السياحية.


صورة ذات صلة


محتوي لا يلائم القدرات الخاصة

"ملك" طالبة الصف الثالث الفني الصناعي، تعاني الإعاقة الذهنية، وكانت واحدة من الطلاب المطبق عليهم قرار الدمج، روت والدتها معاناتها مع الدمج، فاقتصار المسألة علي نجاح الطالبة وسهولة الامتحانات ليس مرضياً من قبلها، فالحاجة إلي التعلم واستيعاب المناهج هو شغلها الشاغل، خاصة وأن المدارس علي حد وصفها غير مؤهلة للدمج، فليس فقط ما يتطلبه شخص الإعاقة هو التعامل الجيد أو الامتحان السهل، وإنما هناك أمور أخري يجب أن توضع في عين الاعتبار.

الأمر الأول بحسب والدة ملك، فإن المناهج الدراسية لا تراعي الإعاقة الذهنية التي تعاني منها ابنتها فتتعامل معها كما تتعامل مع أقرانها من الأصحاء، معادلات ومصطلحات كيمائية لا يمكن استيعابها، وكثافة طلابية تصل لنحو 45 طالبة لا يمكن معلماً من الاعتناء بها، طالبتان فقط هي جملة طالبات المرحلة الأخيرة من الشهادة الفنية الصناعية، إحداهما تتمتع بقدرات ذهنية أعلي من الأخري، لكن التعامل واحد.

التدريب العملي لا يختص "ملك" بمزايا تجعلها قادرة علي التعلم والتدريب بالشكل الكافي، فالورش لا يوجد خلاف مدرسة الرسم التي تعمل علي دعمها وتشجيعها، بينما يكتفي المدرسون بالتعامل الجيد معها، ويتم تدريبها من خلال المنزل بواسطة مدرسين خصوصيين أو بمجهود شخصي من الأسر فليس الجميع يمتلك المقدرة علي دفع التكلفة الباهظة لتلك الحصص الخاصة.

"مناهج مبسطة، وتوفير معلم مؤهل لاستيعابهم في الورش، اهتمام أكثر بالحالات، ومراعاة الفروق الفردية"، هي غاية ما تطلبه الأم من القائمين علي العملية التعليمة، فابنتها تواجه محتوي نظري ملئ، ولا يوجد محتوي عملي.


صورة ذات صلة


معاناة التنمر

ولي أمر مايكل فايز، الحاصل علي دبلوم فنى قسم نجارة أثاث /دمج، قالت إن نجلها لديه إعاقة سمعية، ولم يتعلم شيئاً من مدرسته، نتيجة عدم الإهتمام، مضيفة "لا يعرف القراءة ولا الكتابة، ولم يتعلم مبادئ النجارة أيضاً".

عدم الاهتمام بطلاب الدمج أرجعته ولي أمر مايكل إلي خوف المعلمين من طلاب الدمج وحرصهم في التعامل معهم، مشيرة إلى أن المدرسة كان بها طلاب مشاغبين يحملون سلوكاً سيئً، عرض ابنها للتنمر بصورة متكررة، تسبب في جعله يتغيب عن المدرسة كثيراً.

تنمر واعتداء، هي أمور يواجهها طالب الدمج، الذي لم يتهيء له أجواء مناسبة تحميه من شغب الطلاب وسوء سلوكهم، وعدم تقديرهم للطبيعة الخاصة التي يجب أن يتعامل معه وفقها، موضحة  أحد الوقائع التى تعرض لها مايكل ضمن إطار التنمر، أن أحد الطلاب أشار إليه بحركة ما، وعندما حاول تقليد الحركة التي لم يكن يعلمها، تجمع حوله عدد كبير من الطلاب محاولين الاعتداء عليه، لتكتشف فيما بعد أن تلك الإشارة ضمن الإشارات الغير لائقة التي يقوم الطلاب باصطحابها من بيئات خارجية.

سوق العمل واحد من المعوقات التي يقابلها خريجي مدارس الدمج، ففيما يخص "مايكل" فإن أصحاب الشركات لا يفضلون تعيين أصحاب الإعاقات السمعية، وبالرغم من قبوله لفترة ضمن طاقم عمل أحد محلات الأطعمة الجاهزة الشهيرة بمحطة الرمل والذي ضم طاقمه الصم والبكم، إلا أن الأعمال الأخري بمدينة برج العرب، وهي بعيدة للغاية عن المنزل.


نتيجة بحث الصور عن طارق شوقي


مدارس ترفض حضورهم

معاناة طالب الدمج لا تتوقف عند حد المناهج التي لا تتوافق معه، والحرص في التعامل، وإهمال التعليم، بل تتخطي ذلك إلي رفض المدرسة تواجدهم، واقتصار حضورهم علي الامتحانات فقط، فمروان أبو العزم، الطالب بالصف الثالث الثانوى الزراعى صاحب الإعاقة الذهنية وضعف السمع، يواجه رفض المدرسة حضوره هو وزملائهم، نظراً بأن درجة الاستيعاب أقل من الطلاب العاديين.

والدة مروان قالت: إن ابنها لحق بصفوف الدمج منذ الصف الثالث الابتدائي، ويذهب طوال فترة تعلمه ليحضر الإمتحانات فقط، فلا يوجد مدرسة ترحب بحضوره هو أو أقرانه، وبالرغم من أن تخصصه بساتين إلا أنه لا يعرف عنها شيئاً، في الوقت الذي ينتظم فيه زملائه الذين يعانون صعوبات التعلم ويتحصلون المعلومات لا يمكنه أن يستفيد شيئاً لعدم مراعاة المعلمين حالته بالصورة الكافية.

وتابعت، أبنائنا يحتاجون للاهتمام أكثر مما هو متاح الآن، يحتاجون لأجواء تناسبهم، وتساعدهم علي التعلم بصورة صحيحة، تمكنهم من استكمال طريقهم في الحياة بصورة طبيعية، وتؤهلهم لسوق العمل شأنهم شأن أقرانهم الأصحاء، فهم بحاجة إلي معلم مدرب، وعدد طلابي أقل، فالكثافة تتسبب في إهدار حقهم، كما أن رفض حضورهم يعد إخلال بمبدأ إتاحة الفرصة والدمج والاختلاط بالآخرين كجزء من المجتمع، لترقية حالتهم النفسية.


تفادياً للمخاطر 

معلم بمدرسة غمرة الصناعية - فضل عدم ذكر اسمه، استجابة لمنشور حظر التحدث في وسائل الإعلام، قال إن أولياء الأمور الذين يشتكون من عدم تحصيل أبنائهم بصورة مرضية، يرجع إلي أننا نواجه أعداد كبيرة من الطلاب داخل الفصل الواحد، ونجد صعوبة في التعامل مع كل طالب علي حده، في الوقت الذي تتطلب فيه الوزارة السير وفق برنامج زمني لإعطاء المقرر الدراسي قبل الدخول في امتحانات الترم الأول أو الثاني، ووجود الأجازات والأعياد وغيرها من الأمور الذي يدفعنا إلي المسارعة في عملية التدريس وسط طلاب عاديين وبعض طلاب الدمج.

نخاف عليهم من التعرض للأذي، بهذه الكلمات برر المعلم عدم دمج الطلاب في الورش الفنية علي اختلافها، حيث علي سبيل المثال بحسب قوله فإن طالب الدمج قد يتعرض خلال تواجده بقسم النجارة إلي التعامل مع المنشار فقد يؤذي الطالب نفسه دون أن يشعر، كما أن تواجد البعض في أقسام تتعامل مع الآليات الحادة والخطرة يدفعنا إلي تجنيبهم الأمر، ليس تقصيراً بل مراعاة لحالاتهم فنحن نتعامل مع أبنائنا وحماية لنا في الوقت نفسه من مسؤولية قد نتعرض لها حال وقع أذي أو ضرر ما.

المعلم شدد علي وجود تحديات كثيرة من بينها كثافة الفصول، وعدم تناسب طبيعة التعليم الفني لبعض الإعاقات خاصة المجال الصناعي فكافة ورشه يتواجد بها آليات نتيجة التطور التكنولوجي وقد يصعب علي الطالب التعامل معها كغيره من الطلاب العاديين، كما أن المقرر الدراسي بالفعل لا يناسبهم لذا فمسألة الدمج تحتاج إلي دراسة أكبر خاصة في وجود معوقات كثيرة لم يراعها القرار لحظة صدوره.


صورة ذات صلة


استسهال وتلاعب

مصادر كشفت عن كارثة تتم في مسألة الدمج، قام باستغلالها البعض ودفعت بغير المستحقين إلي الالتحاق بالتعليم الفني دون أحقية، بمعني وجود أصحاء يدخلون الدمج استسهالاً لكن بعد ذلك يصطدمون بختم الشهادة المدرج به دمج، يدفعهم إلي ادعاء أن أبنائهم تم استشفائهم من الإعاقة، مطالباً بوجودتحليل قدرات دون الاكتفاء بتقديم أوراق يتم تزويرها.

وتابع، الدفع بأسوياء ضمن حصة الدمج يجعل من الاهتمام بدرجة أقل، ويحرم كثير من طلاب الدمج حقهم في الرعاية والالتحاق بالمدارس، وسد الطريق أمام الفساد واعطاء حق لمن لا يستحق، خاصة وأن التلاعب يتم من أجل الحصول علي درجات أعلي لسهولة الامتحان الذي يخضع له طالب الدمج باعتباره صاحب قدرات خاصة تستوجب مراعة حالته. 


مدينة متكاملة لاحتوائهم

محمد إبراهيم، مسؤول الدمج بوزارة التربية والتعليم بالجيزة، ورئيس لجنة الإعاقة بالجمعية القومية الدولية لحقوق الإنسان، أكد علي وجود طفرة في مجال التعليم الفني، الذي أتيح لأول مرة لاستقبال ذوي الإعاقة، منذ عامين، حيث اقتصر في السابق التعليم علي مراحل تبدأ من رياض الأطفال وحتي الصف الثالث الثانوي، قبل أن يتم دمجهم في التعليم الفني بتخصصاته الثلاث "الصناعي، التجاري، أو الزراعي".

وأشار إبراهيم إلي أن هناك دمج يتم للطلاب من خلال لجنة تنعقد في الفترة من 1 يوليو وحتي 30 نوفمبر، من أجل الموافقة علي الدمج من خلال تقدير ذكاء، وتقرير عن الإعاقة، وذلك عن طريق اختبار يخضع له الطالب في حضور ولي الأمر، لافتاً إلي أن وجود إتاحة لطلاب الإعاقات السمعية، البصرية، والحركية إلي جانب الشلل والشلل الرباعي.

وأوضح نراعي تدريب المعلمين في التخصصات المختلفة للتعليم الفني، سواء من خلال التدريب المحلي أو عن طريق البعثات، من أجل التعامل بطرق أكثر احترافية مع الطلاب، سواء من خلال التعامل الجيد بنظام برايل للإعاقة البصرية، أو الإشارة للإعاقة السمعية، مؤكداً هناك مراعاة للتخصصات  ونتختير لكل طالب ما يناسبه ويناسب إعاقته تفادياً لتعريض حياته لأي خطرٍ كان. 

وشدد طلاب الإعاقة البصرية يمكنه التعامل في تخصصات النسيج، الزخرفة، الرسم علي الزجاج، زراعة الشتلات، تربية الحيوان والدواجن وغيرها من المجالات التي تناسب الإعاقة السمعية والبصرية، فيما نفادي الإعاقة البصرية التعامل في أقسام الكهرباء علي سبيل المثال، فلكل إعاقة يتاح لها ما يناسبه.

وأكمل هناك طفرة ونقلة ووعي شديد بضرورة التفاعل ودمج هؤلاء الطلاب، ونعمل حالياً علي إنشاء مدينة متكاملة بمدينة السادس من أكتوبر تحت الإنشاء في الوقت الراهن، لاستيعاب أعداد كبيرة من الطلاب بالمراحل المختلفة سواء علي المستوي المحلي أو الإقليمي تشمل مراحل التعليم المختلفة إلي جانب فرص عمل وسكن للزواج.


ميزانية لتفعيل برامج التدريب

الناشطة الحقوقية سهي الفرارجي، قالت إن الدمج لكي يصبح بصورة جيدة، يتطلب وضع ميزانية مخصصة لتفعيل برامج تدريب تساعد في تحقيق عملية دمج ذوي الإعاقة من خلال تأهيل أعضاء التدريس والإخصائيين النفسيين والاجتماعيين وإعداد غرف المصادر في جميع المراحل التعليمية، إلي جانب تجهيز المدارس بما يتناسب مع طبيعة الاحتياجات.

وتابعت، هناك حاجة ضرورية لأن يكون هناك اهتمام بلغة الإشارة كي يتعامل المدرسين مع طلاب الإعاقة السمعية بصورة صحيحة، مشددة لا يوجد إعاقة تحول دون التعليم الفني لطلاب ذوي الإعاقة، لكن هناك استسهال من قبل القائمين علي العملية التعليمة، وانتقاء لبعض الإعاقات دون البعض، إلي جانب استقبال أعداد محدودة من الطلاب، ومحاولة عزلهم عن التعامل السوي مع أقرانهم.


صورة ذات صلة


10% فقط من المدارس مجهزة بغرف مصادر

بينما قالت يسرية أبو زيد، مسؤول الدمج بالمجلس القومي للإعاقة سابقاً والمشرف علي قانون التعليم الفني، المدير التنفيذي لمؤسسة "ويانا" الدولية للتوعية والدمج، إن طالب الإعاقة لم يكن مسموحاً له قبل عامين من الالتحاق بالتعليم الفني حيث يتم الحاق الطلاب بالثانوية العامة وهي مرحلة تتطلب قدرات ذهنية تفوق ما يتمتع به بعض الطلاب،وما حدث من صدور قرار 229 لعام 2016 يعد إنجازاً كبيراً قام به وزارة التربية والتعليم والمجلس القومي للإعاقة.

وأوضحت أكبر صعوبة تقابل الطلاب هي قلة الإمكانات المالية والفنية في التعليم العام، خاصةً مع بداية تشخيص الطفل وصولاً إلي مرحلة الدمج، الذي يتأقلم فيه مع نحو 70 أو 80 طالباً، ما يجعل هناك صعوبة علي المدرس في التعامل والسيطرة علي الاختلافات المتاحة أمامه، مبينة أن طريقه الشرح تتوافر بنمطية، وهذا لا يناسب أولادنا تماماً.

وتابعت، لا يوجد أماكن مجهزة للدمج مثل غرفة المصادر إلا فى أماكن بسيطة، فهناك 10% من جملة المدارس تمتلك مثل هذه الغرف، موضحة غرف المصادر هي غرف يتوافر فيها كافة الأركان التعليمية، التي يحتاجها الطلاب، فلابد أن يتوافر فيها معلم يتعامل مع هؤلاء الطلاب،خاصة أن هناك أوقات لا يدخل فيها الطالب الفصول، مشددة لابد أن يتعامل المدرس مع كل طالب  حسب اعاقته، وهي عندنا 7 إعاقات.

وأضافت ليس لدينا إمكانيات مادية لتوفير غرف المصادر، وليس لدينا اتاحه داخل الفصول للإعاقه الحركية أو السمعية، كما أن هناك من أبنائنا من يضطر إلي صعود الدور الرابع ولا يستطيع النزول إلا بعد تقديم شكوي لوزير التعليم، ما يتطلب توفير أسانسير، إلي جانب أن المعلمين في التعليم الفني لا يعرفون شيئاً عن الإعاقة، كما أن الدورات التدريبية لا تجعلهم علي قدر من الكفاءة.

وشددت نحتاج تمكين للطلاب داخل المدارس، وأني يعي المعلم جيداً كيفية التعامل مع التربية الخاصة، وينقصنا أيضاً الكثير لكي نستطيع القول بأن البيئة مرحبه لأطفال ذوي الإعاقه، كي لا يخلق الأمر عبئاً علي أولياء الأمور، ويدفعهم إلي الامتثال بأن نتائج الإمتحانات هي الأكثر أهمية، وبالتالي يمتنعون عن الذهاب إلي المدارس حتي يحين وقتها.


صورة ذات صلة


دراسة لتوسيع دائرة التخصصات

نائب وزير التربية والتعليم، للتعليم الفنى الدكتور محمد مجاهد بدوره قال: إن مسألة الدمج تتعلق بالطلاب الذين لديهم إعاقات بسيطة وفقاً لما يحدده الكومسيون الطبي، مشيراً إلي أن التعليم الفنى يحدد تخصصات معينة للالتحاق بها لهؤلاء الطلاب، علي رأسها قسم الزخرفة بالمدارس الصناعية.

وتابع، العناية والاهتمام بطلاب الدمج أمر ضروري للغاية باعتباره حق، كما بالإضافة إلي أن بعضهم مميز في أشياء كثيرة.

وأضاف "مجاهد" خلال تصريحات خاصة لـجريدة "كشكول" أن كل ما يتم ترويجه عن طلاب الدمج بأنهم لا يستفيدون شيئا من الدراسة في التعليم الفنى غير صحيح ويندرج تحت "الشائعات"، متسائلاً بأنهم إذا كانوا لا يتعلمون شيئاً، فلماذا يتم إلحاقهم بالمدرسة؟، مشيراً إلي أن الحديث عن ضعفهم في الكتابة والقراءة ينطبق علي الطلاب العاديين أيضاً، حيث تم اجراء قياس مهارات للطلاب لتحديد مستواه ويتم وضع برامج علاجية لذلك لاقت نجاحاً.

وأشار نائب الوزير للتعليم الفنى، إلي أن من لديه مشكلة من طلاب الدمج مع المدرسة بأنه لا يسمح بحضوره أو يتم إبعاده عن حصص العملي يقدم شكوي وسيتم التحقيق فيها وحلها علي الفور، مؤكدا أن القاعدة العامة هى أن طلاب الدمج يلقوا خدمة جيدة للتعليم ويقدم لهم تسهيلات كثيرة، من بينها أن امتحاناتهم تكون أكثر سهولة من زملائهم.

وأوضح الوزارة كرمت معلمة دمج من أسيوط، اكتشفت في طلاب الدمج مهارات كثيرة، معلقاً أن هذه ليست ملاكاً فيوجد مثلها الكثيرين، بينما المعلمون الذين يبعدون الطلاب عن ورش العملي فأقلية وفي حال تقديم شكوي تفيد بذلك سيتم اتخاذ اجراءات ضدهم علي الفور.

ونوه "مجاهد" إلي أنه يدرس التوسع في التخصصات التى يمكن إلحاق طلاب الدمج بها، مشيرا إلي أنه يتواصل مع جهات عالمية للوقوف علي أبرز التسهيلات والإمكانيات التى يمكن تقديمها للطلاب من ذوى القدرات الخاصة.


نتيجة بحث الصور عن انجي مشهور


نواجه صعوبات

مستشار وزير التربية والتعليم لدمج ذوي الاحتياجات والقدرات الخاصة، إنجى مشهور، أوضحت أن الدمج هو جمع الإعاقات المتقاربة مع بعضها، كدمج ضعاف البصر والمكفوفين، مشيرة إلى أن الطلاب الذين يعانون من الإعاقة الذهنية مستوى ذكائهم  أقل من 67 %، بينما الطلاب المصابين بإعاقة سمعية، أغلبهم يتعلمون في مدارس للصم والبكم، لأن دمجهم مع زملاءهم علي درجة كبيرة من الصعوبة، ويفضل الحاقهم بالتعليم العام أكثر من الفنى.

تهيئة للمستقبل

"مشهور" أكدت خلال تصريحات خاصة، التعليم الفني مستقبله جيد للغاية لطلاب الدمج، فهؤلاء الطلاب عندما يتقنون مهارة بعينها يتفوقون فيها "أما بيركزوا بيبهرونا "، التعليم الفندقي يفضل به الطلاب ضعاف السمع وأصحاب الإعاقات الذهنية، بينما "الكول سنتر"، فيتميز  فيه المكفوفين وذلك لشدة انتباهم  وقدرتهم علي عدم النسيان.

وذكرت مستشار الوزير لذوى الاحتياجات الخاصة، أن أحد سلاسل المطاعم الشهيرة عالمياً يقوم بتوظيف الطلاب الصم والبكم، بينما بالنسبة للتعليم الفنى الصناعى فيتم اختيار الطلاب ذوى الإعاقة الذهنية في أقسام التغليف، وفي صناعة  الفضة والذهب فيفضل الإعاقة البصرية لشدة حاسة اللمس لديهم، مؤكدة في الوقت نفسه، أن كل إعاقة عندما تلقي تدريب جيد علي مهارة أو حرفة معينة يتفوقون بها بل ويبهرون الجميع.

مجالات التميز

تتعدد مجالات التميز والتفوق عند الصم والبكم بحسب "مشهور"، منها "الملابس الجاهزة والإليكترونيات، بالإضافة إلى النجارة، الزراعة، الزخرفة، المنسوجات، السجاجيد، والتغليف"، بينما  الميكانيكا والكول سنتر فيفضل الطلاب المكفوفين.

معايير الاختيار

اختيار التخصصات من الأمور المتاحة بالنسبة لطالب الدمج، إلا في حالات الاستثناءات التي لا يستطيع ولي أمر الطالب في اختيار المجال المناسب لإعاقة ابنه، حيث تضطر لجنة التقييم في هذه الحالات فقط أن تتدخل وتحدد للطالب ما يتلائم مع حالته، حرصاً علي سلامته بالمقام الأول، وضمان توفيقه في إيجاد طريق يساعده في مرحلة ما بعد التخرج.

أخلاقيات والتزامات وانضباط أشادت به مسؤول الدمج بالتعليم، خاصة وبحسب قولها فإن صفات ذوى القدرات الخاصة التى من بينها أنهم الأكثر التزاماً، ويجبرون الأصحاء علي الإلتزام أيضاً، مشيرة إلى أن ابرز المشاكل التى تواجههم هو وجود قطاع كبير من المواطنيين لا يتقبلون الإختلاف، وعندما يتعود الطفل منذ صغره علي الإختلاف يتعود علي العطاء، ويكون جزء أساسي من شخصيته  تقبل الآخر، وتفهم احتياجاته وحقوقه.

في مواجهة التنمر

وأشارت "مشهور" إلى أن مشكلة تعرض هؤلاء الطلاب للتنمر موجودة في العالم كله، وليست مقتصره علي ذوى الإعاقة فقط بل علي أصحاب البشرة السمراء، والذين يعانون من السمنة وغيرها، لافتة إلى أن فصل الطفل عن العالم وحبسه بالمنزل ليس حلاً.

حملة للتوعية بخطر التنمر، قالت "مشهور": إن وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفنى، بالتعاون مع  اليونسيف نظموا الحملة خلال العام المنصرم، خاصة وأن الطبيعيين معرضين لحوادث قد تحولهم  لذوي احتياجات خاصة، ولابد من التعامل برفق مع هؤلاء لأننا جميعاً معرضين لذلك.

وتابعت "مشهور" منذ 5 سنوات لم يكن للطلاب من ذوى الإعاقة أى وجود، لحين صدور  قانون الإعاقة فأصبح لهم وجوداً أكثر وحقوقاً أكبر، وتم تدريب 22 ألف معلم عموم وإخصائي وغرف مصادر، لتنمية مهارات هؤلاء الطلاب خطوة بخطوة، واستقبال ما يقرب من ألفي طالب من ذوى الاحتياجات الخاصة بالتعليم الفنى، ما يبشر بأن التعليم  الفني قادر على استقبالهم، لذا فإننا نسعى للعمل علي تنمية مهاراتهم وقدراتهم.

أزمة الكثافة

واكملت الوزارة تعمل خلال الفترة الحالية علي تنمية مهارات الطلاب، من خلال الأنشطة  المدرسية وورش العمل، وذلك لمساعدتهم علي الالتحاق لسوق بالعمل، مؤكدة أن الكثافة داخل الفصول ليست مشكلة كما بالتعليم العام، ويتم توجيه طلاب الدمج للمدارس الأقل كثافة، لكن أولياء الأمور يفضلون المدارس القريبة إليهم حتي لو كانت أكثر كثافة.

يتم توفير مدرسة الظل لبعض الإعاقات منها "متلازمة داون" لمساعدة مدرس الفصل في التعامل مع الطالب وذلك علي حسب رغبة أولياء الأمور، مؤكدة تفوق الطالب يرجع لرغبه ولي الأمر، فمنهم من يهتم بنجله ومساعدته لتنمية مهاراته وتحسن مستواه التعليمي، ومنهم من يريد أن يضيع وقت فراغ ابنه بذهابه لأحد المدارس، ويرجع للأمانة في التحقق من إعاقة نجله وذكرها دون الجدال في أحقيته في الدمج .

وكشفت "مشهور" نعمل علي بناء المدرسين من خلال عقد عدة بروتوكولات مع المؤسسات المختلفة، لتدريب المعلمين علي التعامل مع ذوى الإعاقة، بالإضافة لعقد ورش عمل لتنمية مهاراتهم، مشددة علي أن أى إضافة يمكنها أن تساعدهم علي تنمية مهاراتهم لن نتردد في القيام بها، مناشدة أولياء أمور طلاب الدمج "التعليم الفني مناسب لأبنائكم وفق نوع إعاقاتهم".