الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
منوعات

الموسيقى والطفل .. النغم سـر "الإدارك والإبداع" المبكر

كشكول

"من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج"، المقولة للإمام أبوحامد الغزالي. نطق بها مقدرا ما يحدثه صوت أوتار العود من أثر في السامعين. قبل أن يقول العلم الحديث، في الموسيقى أكثر مما قاله الغزالي في أوتار العود، وتأثيرها على الإنسان وحالته النفسية والمزاجية.

فهي -الموسيقى- وسيلة اجتماعية وتربوية ولها دور ملموس في تنمية الحس، ومن هنا جاء التفكير في توظيفها لتنمية النمو النفسي والذهني والفكـري للطفل منذ أن يصبح جنينا في رحم أمه، كما أن لها دورا مؤثرا في تربيتهم وتكوينهم النفسي.

وقد أظهرت دراسة حديثة نشرت مؤخرا في مجلة (بلوس وان) أن استماع الأطفال لنوع الموسيقى المبهجة يعمل على تعزيز قدرتهم على الإبداع و خلق المزيد من الحلول المبتكرة.

وتشير الدراسة، التي أعدها "سيمون ريتر" من جامعة رادبود في وهولندا و"سام فيرغسون" من جامعة تكنولوجيا سيدني في استراليا، إلى أن التفكير الإبداعي أصبح أمـرا مهما في عالمنا المعقد، والمتغير بشكل سريع. فهو يسمح بإيجاد الحلول المبتكرة لمجموعة واسعة من المشكلات للتوصل إلى أفكار جديدة وخلاقة. لذلك كان لابد من دراسة السبل التي تعمل على تسهيل نمو التفكير والإلهام الإبداعي في الأطفال. وفي السابق تم اكتشاف أن الموسيقى تعمل على تنمية المهارات الإدراكية لدى الأطفال. فيما لم يكن معروفا بشكل كبير أنها تعزز الإدراك الإبداعي على وجه التحديد.

الباحثان أجريا أيضا، مجموعة من الاستبيانات على 155 مشارك من الأطفال وقسموها إلى مجموعات تجريبية، حيث استمعت كل مجموعة منهم إلى واحد من أربعة أنواع مختلفة من الموسيقى التي تم تصنيفها على أنها:

هادئة- سعيدة او مبهجة- حزينة- مثيرة للقلق.

وذلك وفقا لتأثيرها على المشاعر أو الاتزان العاطفي سواء كان إيجابيا، أو سلبيا أو كان محدثا مستوى من الاثارة العاطفية سواء عال أو منحفض.

في حين استمعت مجموعة تحكم واحدة إلى الصمت. وبعد أن بدأت الموسيقى في اللعب، أدى المشاركون المهام المعرفية المختلفة التي تختبر تفكيرهم الإبداعي المتباين والمتقارب- (التفكير الإبداعي " التبايني " ليشير إلى استكشاف العديد من الحلول الممكنة للمشكلات، بينما التفكير الإبداعي " التقاربي " يشير إلى اتباع مجموعة معينة من الخطوات المنطقية للوصول إلى حل واحد يعـد هو الأفضل بالمقارنة للحلـول الأخـرى).

ووجد الباحثان أن استماع الأطفال إلى الموسيقى السعيدة، التي عرفوها على أنها الموسيقى الكلاسيكية التي تعمل على إثارة المشاعر الايجابية في الانسان، تعمل على تعزيز التفكير الإبداعي التبايني مقارنة بالاستماع إلى اللاشىء.

ويقترح المؤلفان أن المتغيرات التي تنطوي عليها حالة الموسيقى سعيدة قد تعزز المرونة في التفكير وإيجاد الحلول الإضافية التي قد لا تأتي الى تفكيرهم في ظل استماعهم إلى الصمت.

ومـن هنا أظهرت الدراسة أنه يمكن تعزيز الإدراك الإبداعي لدى الأطفال بطـرق غــير مكـلفة وفعالة مـن خـلال الموسيقى، ويمكـن أن تؤدي المزيد من البحوث إلى استكشاف كيف يمكن أن تؤثر الأصوات المحيطة المختلفة الأخرى على التفكير الإبداعي.