الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

«تسمم غذائي».. جامعة حلوان: لا تفتيش صحي إلا بعد شكوى "وكله بالفلوس"

أرشيفية
أرشيفية


داخل جامعة حلوان، والتي يختلف بها نظام المطاعم والكافيتريات بعض الشيء، فيوجد بها ثلاث مباني تحوي محال صغيرة تبيع مأكولات ومشروبات لا تختلف كثيرًا فيما بينها بشأن الأسعار ومحتوى ما تقدمه.

البداية كانت مع مبنى مكونة من دورين يحمل اسم "كافيتريا ويتش" يعج بالطلاب هنا وهناك، الذين اعتادوا أن يقتادوا طعامهم دومًا منها، أدعت "محررة كشكول" أنها تريد تأجير إحدى محال الطعام بالمبنى من أجل شقيقها الأكبر الذي لا يجد عمل.

أخبرنا إحدى العاملين بكفيتريا "ويتش" يدعى "أحمد" أن المبنى له مالك اشتراه من الجامعة نفسها، ويقوم بتقسيمه قطاعات يتم تأجيرها إلى الشباب للعمل بها وجلب عاملون آخرون، ويتم تأجير تلك القطاعات أو المحال عن طريق مزاد علني تقوم به الجامعة كل ثلاث سنوات.

يقول: "المزاد بيتعمل كل تلات سنين، بتحضره إدارة الجامعة ومالك المبنى، والشباب اللي عايز يأجر المحل، ولازم يكون معاه فلوس كتير، الإيجار تقريبًا 100 ألف جنيه، ده غير المعدات والحاجات اللي بيجبها".

ويوضح أن المالك هو المسؤول عن الأوراق الخاصة بكل مستأجر من الشباب، ويتم استخراج شهادة صحية من وزارة الصحة بـ 180 جنيهًا، مبينًا أن الكشف فيها لا يكون عن نظافة المكان أو الطعام ولكن كشف صحي للمستأجر نفسه للتأكد من عدم إصابته بأي أمراض معدية تنتقل للطلاب في الطعام.

يشير إلى أن الجامعة تأخذ من كل مالك 35% من الأرباح شهريًا نظيرًا وجوده داخل الحرم الجامعي، ويأخذ كل مالك من مستأجر نفس النسبة: "الشغلانة مش جايبة همها اللي بنكسبه بنديه لصحاب المكان والجامعة".

وعن التفتيش الدوري على تلك المطاعم، يقول: "التفتيش من وزارة الصحة تقريبًا تلات مرات في الأسبوع، لكن الجامعة مرة كل شهر، الصحة ممكن تفتيشها يمشي بالفلوس وبتظبط أمورك، لكن الجامعة تفتيشها الشهري صارم جدًا محدش بيعدي منه".

سألناه من أين يجلب الطعام؟ وهل توجد مخازن داخل الجامعة لحفظه فأجاب: "فيه اللي بيتعامل مع تجار بيجيب منهم الخضار واللحمة وكده، وفيه اللي تعامله كله مع شركات، وبنجهز الأكل في مكان تاني مفيش مخازن هنا في المبنى وبنجيبه نص جاهز كل يوم الصبح".

"فيه اشتراطات صحة كتير لكن لو مشينا عليها مش هنشتغل إحنا بنراعي ضميرنا وخلاص"، بتلك الكلمات لخص صاحب المحل أوضاع الكثيرون منهم، والذين يقفون على حافة تلك الاشتراطات ولا يطبقوها كاملة.

في المبنى الثاني وجدنا مطعم أخر يحمل نفس الاسم، وحين سألناه عن إمكانية تاجير أحد المحال أجاب: "في طريقتين الأولى هتحتاج حوالي مليون جنيه عشان تقدر تأجر هنا، الجامعة بتعمل مزاد واللي معاه فلوس بيعرف يأجر".

ويضيف: "الطريقة التانية تأجر من واحد مأجر ودي أرخص شوية، والمحلات هنا بتتأجر بالشرك، يعني 6 مثلا يأجروا محل عشان يقدروا على تمنه، لأنه فيه بعد كدة تأمينات وشهادات صحية كل ده محتاج فلوس عشان يطلع".

ويبين أنهم لديهم مخزن يقومون فيه طهي الطعام وتخزينه ملاصق في الكافيتريا حتى يكون سهل عليهم استخراج الطعام وطهيه فجر كل يوم، وهو عبارة عن ثلاجة كبيرة يوضع فيها كل أنواع الطعام: "الجامعة ملهاش علاقة بالأكل ومش هي اللي بتدهولنا إحنا بنشتري من تجار بالجملة ونصنع هنا ونبيع للطلاب".

أما عن الشكاوى والاشتراطات الصحية، أكد أنه لا يوجد تفتيش صحي على محلات الطعام، إلا حينما تأتي شكوى من أحد الطلاب، قائلًا: "التفتيش مش بنشوفهم إلا لما حد يشتكي وده مبيحصلش كتير الطلبة بتخاف على مستقبلها في الجامعة".

"كله بيمشي بالفلوس"، يضيف صاحب المحل أن جميع الأوراق والاشتراطات يمكن التغاطي عنها بدفع الأموال، مبينًا أن الميزة الوحيدة في تأجير محل هنا هو حماية الجامعة لهم: "هنا أحسن من بره إحنا جوا الجامعة مش في الشارع".

المبنى الثالث به مطاعم تحمل اسم "جراند ميل" أمامه يتراص العديد من الطلاب منتظرون دورهم في أخذ الطعام، بنفس الطريقة استطاعت محررة "كشكول" معرفة تفاصيل ذلك المبنى ومدى تطبيقه للاشتراطات الصحية.

"محمود" أحد العاملين به، أكد أنه استأجر ذلك المحل من مالكه بالجامعة بعقد لمده ثلاث سنوات، ودفع مقدم لذلك 100 ألف جنيهًا، ويدفع إيجار شهري يتخطى الـ 16 ألف جنيهًا، يأخذ المالك منه نسبة 35%.

أما عن الاشتراطات والمراقبة الصحية يوضح: "الصحة بتيجي مرة في الشهر، والواحد بيتعامل معاها بالطريقة"، وبسؤاله عن تلك الطريقة قال: "لازم تدفعي فلوس علشان الدنيا تمشي، لكن مفيش رقم معين بيأخده المفتش، كل واحد بيقدر بالطريقة اللي هو شايفها عشان أموره تمشي".

يضيف: "أهم حاجة صلاحية المنتج، طالما الصلاحية مستمرة محدش يقدر يمسك عليكي حاجة، غير أن الصحة مش بتشد أووي غير لما يكون فيه شكوى من طالب أنه أكل واتسمم مثلا أو تعب غير كدة التفتيش بيكون قليل".


ضحايا مطاعم جامعة حلوان 

الجولة التي وثقنا بها ضعف التفتيش والاشتراطات الصحية بمطاعم بجامعة حلوان، كان لها ضحايا تحدثت معهم "كشكول" والذين بينوا أنهم أصيبوا بأمراض وصلت إلى حد التسمم بعد تناولهم وجبات منها مباشرة.

في آواخر العام الماضي، بعدما انهت "هدى رامي"، طالبة بجامعة حلوان، أول امتحانات نهاية العام ذهبت برفقة أصدقائها إلى كافيتريا "بيكاسو" واحدة من أشهر المطاعم داخل جامعة حلوان، وتناولوا مجموعة من الوجبات وانصرفوا إلى منازلهم.

ساعات قليلة وبدأت هدى تشعر بتقلصات في معدتها: "وأنا بأكل كنت حاسة أن ساندويتش الشيش طاووق فيه حاجة مش مظبوط، لكني كملت وقلت أصحابي مش حاسين حاجة يمكن يكون توتر الامتحانات". هدى أضافت.

توضح أنها بمجرد وصولها إلى منزلها بدأت تشعر بتقلصات حادة في معدتها، وارتفاع في درجة حرارتها. تقول: "جالي إسهال شديد، وترجيع، ولما روحت كشفت قالي أني أكلت أكل فاسد".

كان اشتباهًا في تسمم، اضطرت بسببه الفتاه إلى الحجز في إحدى المستشفيات الخاصة لتلقي العلاج، والذي أثبت أنها مصابة بميكروب في المعدة، وظلت شهرًا كاملًا تتعالج منه.

هدى تقول: "دي مش أول حالة، ناس كتير كلت من الجامعة وجالها تسمم وحاجات مش كويسة، أنا قعدت شهر بتعالج وبأخد حقن ومضادات حيوية، وكانت فترة امتحانات، الصبح في اللجنة وطول اليوم في المستشفى".

بالرغم من أن "مريم سامح" تخرجت العام الماضي في جامعة حلوان، إلا أنها كانت في يوم من ضحايا مطاعم الجامعة، وكادت أن تفقد عمرها بسبب إحدى الوجبات التي تناولتها بمفردها هناك.

وجبة حواوشي ابتاعتها الفتاه من السنتر الخاصة بالمطاعم في الجامعة والملاصق للمكتبة المركزية بها، أصابتها بميكروب في المعدة، تقول: "بعد ما اشتريتها حسيت أن اللحمة طعمها مش طبيعي لكن كملتها للآخر، وأول ما دخلت المحاضرة بدأت أحس بألم في بطني، وترجيع وأنا في الجامعة".

أصدقاء مي أخذوها إلى إحدى الصيدليات الخارجية وقام الصيدلي بإعطائها حقنة مسكنة، طالبًا منها الذهاب إلى المستشفى، والتي أكدت حين ذهبت لها أنها مصابة بميكروب في المعدة".

تقول: "دي مش أول مرة تحصل حاجه زي كدة في الجامعة، أنا لما تعبت كنت بموت بمعنى بموت وأفضل حل أن الطلاب يتجنبوا أي أكل هناك، ويقضوا وقتهم بأي حاجة مغلفة أفضل وأضمن".