الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
مدارس

القصة الكاملة لتعدي طالب على معلمة في بلطيم.. وما بعد الواقعة

كشكول

عقب الاعتداء عليها أثناء حصة دراسية من طالب بالصف الثاني الإعدادي يدعى الغبشي إبراهيم سيد أحمد، بـ"البوكس والركل"، يوم السبت الماضي. حررت المعلمة المعلمة شيماء إبراهيم الغباري، مدرسة اللغة الإنجليزية التابعة لإدارة بلطيم التعليمية  بكفر الشيخ، محضراً حمل رقم المحضر 3690 إداري مركز البرلس. ولم يكن ذلك إلا الفصل الأول في القصة التي تطورت سريعا، والتقط "كشكول" خيوط أحداثها من اللحظة الأولى. على مدار أيام قليلة لكنها كانت كاشفة عن حجم وخطورة دلالات الواقعة.

عقب انتهاء اليوم الدراسي الذي شهد الواقعة، كان صلاح عثمان، وكيل وزارة التربية والتعليم بكفر الشيخ، قد تلقى اخطارا بتفاصيلها، ووجه بتشكيل لجنة من الشئون القانونية بالإدارة التعليمية ببلطيم، ولجنة المتابعة وأمن الإدارة التعليمية، إضافة إلى ممثل عن إدارة التعليم الإعدادي لإجراء التحقيقات اللازمة ومعرفة الحقيقة.

وبالتوازي مع التحقيقات الإدارية، برز دور ملحوظ لنقابة المهن التعليمية، التي تبنت موقف الدفاع عن حق المعلمة من اللحظة الأولى، فكان أول رد فعل من النقابة على لسان نقيب المعلمين خلف الزناتي، الذي طالب بمجازاة الطالب المعتدى بالفصل النهائي، معلنا عدم رضاه عن الجزاء الموقع على الطالب الذي كشفت التحقيقات أنه المخطئ والمعتدي على معلمة بلطيم.

كان الجزاء الموقع على الطالب الفصل 15 يوما فقط، وهـو ما استنكره بيان نقيب المعلمين، مطالبا بما هـو أبعـد. بعدما كشف محمد سويدان رئيس اللجنة النقابية للمعلمين ببلطيم، عن تواصله مع قيادات النقابة وتلقيه إتصالاً هاتفياً من خلف الزناتي نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب، وكذا أحمد الشربيني، وكيل النقابة العامة ورئيس النقابة الفرعية بكفر الشيخ، بمتابعة الواقعة ومعرفة ملابساتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة حق المعلمة.

 دور قوي للنقابة.. ولوائح لا تسترد كرامة "شيماء"

"سويدان" الممثل النقابي لمعلمي دمياط، أكد أنه التقى مدير الإدارة التعليمية ببلطيم علي أبو صالح، وعمدة قـرية الحمـاد، وعـدد من كبار العائلات بالقرية، لبحث الأمـر، في الوقت الذي كانت  فيه الإدارة التعليمية قد قررت فصل الطالب 15 يوما. وحصل على حق معنوى إضافي للمعلمة تمثل في تقديم إعتذار من الطالب وولي أمره للمعلمة. التي لم تكن اللوائح الإدارية تعطيها أكثر من ترك الأمر لها لتحديد ما إذا كانت ستستمر في نفس المدرسة أم تود نقلها لمدرسة أخرى. عقب الجزاء الموقع على الطالب، والذي رأي كثير من أنه ليس كافيا. فيما لم يعرف بعـد هـل تنازلت عـن المحضر الشرطي، وتحـول إلى قضية قانونية أم لا.

وفيما أكد نقيب المعلمين خلف الزناتي، عـلى استيائه مـن تلك اللوائح والقوانين التي تهدر حق المعلم، مشدداً على ضـرورة أن تكون عقوبة الإعتداء على المعلم، الفصل النهائي وليس الفصل لمدة 15 يوما فقط ثم العودة للمدرسة، طالب مجـدداً بضرورة وضع برنامج عاجل، يشارك فيه الخبراء التربويين؛ لوضع تشريعات قانونية لمحاربة ظاهرة الإعتداء على المعلمين بالمدارس، كاشفا عن أنه لا توجد عقوبة رادعـة يمتلكها المعلم لمواجهة الطالب المشاغب، ومثيري الشغب بالمدارس.

خبراء يحللون الواقعة

في "كشكول".. حملنا استياء المعلمين وتساؤلاتهم ووجهنا السؤال إلى خـبراء علم النفس والاجتماع بحثا عن فهم أعمق لأسباب تلك الظاهرة وكيفية التصدي لها.

وفي البداية، برر جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى، انتشار الظاهرة بتجاهل المجتمع لأهمية الثقافة المجتمعية وتعلم الأطفال منذ الصغر الوسطية، وفهم الدين الصحيح والمجتمع والقيم والوعى المجتمعى وأهمية الأسرة. التي يرى انها فقدت هي الأخرى الاحترام بين أفرادها. ويدين "فرويز" أيضا الإعلام المرئي، الذى وصفه بالمتهم الأول الذى نجح نجاحا كبيرا فى تدمير الشخصية المصرية وترسيخ العنف بين الأجيال الصاعدة.

ويضيف فراويز إن العقول السوداء نجحت فى إفساد العملية التعليمية والصحية فى مصر. ومحت كلمة التربية من التربية والتعليم، جعلت الطفل ينشأ وسط مجتمع يعرض عليه أفلام العنف ولا يعلمه أى مبادئ والأسرة أصبحت غير متماسكة ما يجعل منه شخصا عدوانيا بطبيعة الأمر، فيجب قبل الحديث عن إنتشار ظاهرة العنف معالجة سلوكيات المجتمع بأكمله ومحاسبة الإعلام فيما يقدمه أولا .

وتقول سوسن فايد أستاذ علم الإجتماع بالمركز القومى للبحوث الإجتماعية، إن تلك الظاهرة لها أكثر من عامل وتحتاج، وعى المسئولين قبل الطلبة بمعنى خلق مناخ مهيئ للوسطية والإعتدال بتفعيل دور الأخصائى النفسى بالتواصل مع الأسرة وتوجيهها لكيفية التعامل مع الطفل بدون عنف. وكذلك تدريب المدرسين على كيفية التعامل مع الأطفال واتباع الأساليب التربوية الصحيحة؛ لأن تعنيف الطفل باستمرار يخلق لديه سلوكا عنيفا، فضلا عـن دور الإعلام فى تنمية العنف لدى الأطفال.

 ويرى أحمد فخرى أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، أن مؤسسات التنشئة الإجتماعية كالأسرة والمدرسة والمؤسسات الرياضية لها دورا كبيرا فى توجيه النواحى السلبية والإيجابية فى تشكيل سيكولوجية الأطفال ،كذلك تعرض الطفل لمشاهد العنف داخل الأحياء السكنية يطبع لدى الطفل محاكاة العنف وتطبيقه على زملاءه ومن حوله. كذلك مشاهدة الأفلام لتى بها محاكاة للعنف وجرائم السطو كل هذه العوامل تتدخل فى تشكيل سيكولوجية الطفل.

 ويؤكد فخرى أن التكوين السيكولوجى للطفل يبدأ من تطبيق الأسرة لقواعد الممنوع والمرغوب، العقاب والصواب، وكذلك فكرة وجود القدوة التى تجذب الطفل وتتتحكم فى تشكيل وتكوين شخصيته سـواء داخل البيت أو المدرسة، فالمدرس العنيف تجاه طلابه يولد لديهم العنف ، والمجتمع كلما تفشى به العنف. كلما أثر ذلك فى شخصية الطفل. لذلك نؤكد على أهمية الجوانب التى تهذب السلوك مثل الأخلاق، الخطأ والصحيح، الجانب الروحانى داخل البيت أولا ثم المدرسة.