الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

المخترعون الصغار.. «كشكول» يحاور المشاركين بمعرض القاهرة الدولى للابتكار

كشكول

 

رغم حداثة عهده، إلا أنه صار فى غضون ٥ سنوات محفلًا دوليًا يضم مخترعين من مختلف الفئات العمرية، ممن جمعهم الحلم فى أن تتحول اختراعاتهم وابتكاراتهم من «مجسمات» صغيرة إلى واقع ملموس. الحديث هنا عن معرض القاهرة الدولى للابتكار فى دورته الخامسة، الذى نظمته أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، يومى الخميس والجمعة الماضيين، فى أرض المعارض بمدينة نصر. المعرض بمثابة سوق سنوية للابتكارات، يستعرض فيها المبتكرون والمخترعون ومراكز نقل التكنولوجيا بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية ابتكاراتهم أمام زوار المعرض من العلماء والباحثين ورجال الأعمال، بعدما اصطف نحو ٦٠٠ شاب وفتاة وقع عليهم الاختيار من بين ٣ آلاف متقدم، من مختلف الأعمار والجنسيات، مع إتاحة الفرصة لمشاركة الأطفال. وعلى مدى يومين تحولت أرض المعارض بمدينة نصر إلى بقعة تنبض بالحياة والمناقشات والأفكار، سواء بين المبتكرين أو المترددين على أجنحة المعرض الذين تزاحم البعض منهم لالتقاط الصور التذكارية بجوار «المخترعين الصغار». «الدستور» التقت بعضًا من هؤلاء المبتكرين، لعرض أفكار اختراعاتهم وابتكاراتهم، التى تنوعت لتشمل العديد من المجالات، من بينها ترشيد استهلاك الطاقة، وتفكيك العبوات الناسفة، والغواصات التى يمكن استخدامها فى المشروعات القومية.

 

محمد هشام: غواصة تصل إلى عمق 20 مترًا.. ويوسف أيمن: أخرى «طائرة» لمسح المياه والبراكين

يعمل محمد هشام، الطالب بالمعهد التكنولوجى العالى بمدينة العاشر من رمضان، منذ عام كامل، وضمن فريق مكون من ٥ أفراد، على تصميم غواصة تتمتع بقدرات كبيرة على التنقيب فى أعماق تصل إلى ٢٠ مترًا تحت سطح المياه، بما يفوق الإمكانيات المتوافرة فى نظيراتها حاليًا.

يشرح هشام فكرة عمل الغواصة فيقول: «قائمة على نظام تحكم عن بعد بشكل إلكترونى، فمن خلال جهاز حاسب آلى يمكن لشخص بعيد عن موقع التنقيب تحت سطح المياه توجيه الغواصة إلى أى وجهة يريدها، دون الحاجة إلى غواص بشرى». ويمكن للغواصة كذلك، وفق طالب العلوم والتكنولوجيا، أن ترصد صورًا دقيقة تحت الماء للعينات المراد التقاطها، أو المواسير المكسورة، وذلك عن طريق كاميرات تصوير مثبتة على جسمها الخارجى. ويكشف عن أن تكلفة تصميم الغواصة لا تتعدى ٤٠ ألف جنيه، وهو مبلغ أقل بكثير عن تكلفة الاستعانة بغواصين بشريين، والتى قد تصل إلى ما بين ٥ و١٠ آلاف جنيه فى عملية الغوص الواحدة، فضلًا عن قدرتها على الوصول إلى أعماق أكبر مما يمكن للغواص الوصول إليه، ما يجعلها إضافة قوية وجيدة يمكن استخدامها فى محور قناة السويس، وغيرها من المشروعات القومية التى تحتاج إلى الغوص، بأقل تكلفة ممكنة وأعلى كفاءة.

ويضيف: «مكونات الجهاز بالكامل صنعت وجمعت محليًا، ولم نستورد أيًا منها، خاصة أنها مكلفة للغاية فى ظل انخفاض قيمة الجنيه مقارنة بالدولار».

الفكرة ذاتها انتبه إليها يوسف أيمن، الطالب بالصف الثانى الثانوى، الذى رغم عدم استطاعته المشاركة بشكل رسمى لعدم إدراجه فى أحد المراكز الاستشكافية التابعة لأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، إلا أنه تواجد فى المعرض، من أجل أن يجد له فرصة العام المقبل، باختراعه «غواصة طائرة».

يقول أيمن- الذى حصد بابتكاراته العديد من الجوائز فى مختلف المسابقات العلمية داخل مصر وعلى المستوى العربى- إن الغواصة التى ابتكرها قادرة على الغوص تحت المياه، كما يمكنها أن تتحول إلى طائرة جوية، مضيفًا: «يمكن للغواصة إنقاذ غريق بعد تحديد موقعه عبر خاصية GPS، ومن خلال كاميرا لاسلكية يمكن التحكم بالغواصة من فوق سطح البحر عن طريق ريموت كنترول».

ووفق المبتكر الصغير يبلغ وزن الغواصة نحو ٧٥ كجم، ويمكنها حمل غريق وزنه يصل إلى ٣٠٠ كجم، وتصل لعمق ٣٠ مترا تحت سطح الماء، وبإمكانها العمل «طائرة» لمدة ٤٨ ساعة فى جو مستقر.

ويضيف: «يمكن استخدامها فى استكشافات ما تحت المياه، والاستكشافات الخاصة بالبراكين، خاصة أنه لا توجد طائرات هليكوبتر يمكنها الدخول إلى أعماق البراكين أو الصخور البركانية»، مرجعًا قدرتها هذه إلى احتوائها على مواد مضادة للصخور والبراكين، بشرط أن يكون العمق محددا. ويختتم: «تكلفة المشروع فى صورة المجسم ٥٠٠ جنيه، فيما تصل تكلفة الغواصة الحقيقية إلى ١٥ ألف جنيه».

 

مصطفى عاطف: سيارة تعمل دون بنزين أو كهرباء بل زيت مستعمل وميثانول

لم تمنع ساعات السفر الطويلة، من قريته بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، مصطفى أحمد عاطف، الطالب بالصف الثانى الثانوى، من القدوم إلى أرض المعارض بمدينة نصر، حيث يُعقد معرض القاهرة الدولى للابتكار فى دورته الخامسة، الذى قدم فيه ابتكارًا يراه «الحل الأمثل لمشكلة الطاقة فى مصر».

يوضح عاطف فكرة المشروع: «تقوم على تشغيل محرك السيارة دون الحاجة إلى تزويدها بوقود، عن طريق تزويدها بوقود حيوى مكون من زيت مستعمل وميثانول، إذ إن التفاعل بين المادتين ينتج عنه ميثانول معاد تدويره».

أما بالنسبة للمحرك الذى يعمل بالكهرباء، فيستخدم عاطف مكون «البيزو إلكترك» المستخدم فى الآلات الموسيقية لتوليد الصوت بواسطة شحنات الطاقة الكهربائية بمجرد الضغط على الأوتار، وهو ما يمكن استخدامه فى السيارة، عبر توليد كهرباء ذاتية.

 

أحمد يسرى: «روبوت عنكبوتى» لإنقاذ ضحايا الكوارث الطبيعية وسيد: ابتكارى يفكك القنابل

ربما يعتقد كثيرون أن «الروبوتات» فى مصر «حلم خيالى»، يفصلنا عن استخدامها سنوات ضوئية، لكن أحمد يسرى، الطالب بالمعهد التكنولوجى العالى بمدينة العاشر من رمضان، كان له رأى آخر، ونجح فى ابتكار «روبوت» أطلق عليه «ريسكى». «عبارة عن آلة ميكانيكية قادرة على أداء أعمال مبرمجة سلفا، ويمكن استخدامها فى التنقيب داخل المناطق الأثرية والمناجم وأسفل الأنقاض فى حالات الزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية» يقول يسرى شارحًا فكرة عمل ابتكاره. يسرى صمم الروبوت الصغير بـ٦ سيقان لتصبح حركته مثل «العنكبوت»: «اعتمدت على نظام يتيح العمل الموحد للسيقان الست الخاصة بالجهاز، بدلًا من الاعتماد على نظام لكل ساق، وهو ما يضمن حالة من التناغم فى حركة الروبوت بصفة عامة».

ويضيف: «ركزت كذلك على معالجة ضعف كفاءة الجهاز حال اصطدام إحدى سيقانه بجسم صلب أو تحطمها، ما يؤثر سلبا على أداء الجهاز ككل، وذلك من خلال التحكم فى درجة كفاءة السيقان الأخرى للجهاز واتجاهها لتعويض أى عجز قد يطرأ على أحدها». وبقاءً مع «الروبوتات»، يشارك عبدالرحمن عبدالحليم سيد، الطالب بالصف الأول الثانوى فى المعرض بابتكاره «روبوت الضغط الهيدروليكى HPR»، الذى حصل على براءة اختراعه من قبل المركز الاستكشافى للعلوم والتكنولوجيا بمحافظة سوهاج. ويقول إن من بين أبرز المشكلات التى واجهتها الدولة فى الفترة الأخيرة هى وضع الإرهابيين عبوات ناسفة فى بعض المناطق، لذا صمم «روبوت الضغط الهيدروليكى HPR» من مستودع كرتونى يوفر الطاقة، وله رأس موصل بكاميرا تتحرك فى جميع الاتجاهات، ويحرك أجزاء جسمه باستخدام «السرنجات الطبية»، فيما يسير باستخدام عربة بريموت كنترول، وقادر على إبطال القنابل بحذر شديد باستخدام «مكابس هيدروليكية». ويضيف: «الروبوت يستطيع الدخول إلى الأماكن الضيقة والمشعة، وهو يعمل عكس (مبدأ بسكال)»، شارحًا: (انتقال سائل من المكبس الصغير f1 إلى المكبس الصغير f2، ثم يحمل السائل الوزن الثقيل على المكبس f2». ويشير إلى أن الروبوت يوفر الطاقة لعمله بالطاقة الهيدروليكية التى لا تحتاج إلى أى مصدر طاقة مستهلكة مستمرة، فيما استخدم «المكابس الهيدروليكية» بسبب دقة حركتها، وهو ما نحتاجه عند تفكيك القنابل أو الدخول إلى الأماكن المشعة، مختتمًا: «من مميزات الروبوت أنه لا يتكلف ميزانية ضخمة، فميزانيته بسيطة لا تتعدى الـ٢٥٧.٥ جنيه».

 

عبدالرحمن الحلفاوى: بديل عن اللحوم من مخلفات القهوة

فكرة بسيطة وجد فيها عبدالرحمن الحلفاوى، وفريقه المكون من ٨ شباب من خريجى الجامعات، فرصة لتحقيق رغبات محدودى الدخل فى الحصول على بديل للبروتين الحيوانى «اللحوم» بعد ارتفاع أسعارها خلال الفترة الأخيرة، وذلك بطريقة محلية ذات تكلفة منخفضة، تعتمد على إعادة تدوير مخلفات القهوة واستخدامها فى زراعة المشروم «عيش الغراب».

يشرح عبدالرحمن الفكرة: «مخلفات القهوة تتخطى نصف طن يوميًا، وهى كمية يمكن استخدامها تربة لزراعة (المشروم) لمدة ٤ أشهر فقط فى السنة، ما يسهم فى تقليل استيراد المشروم، وتوفيره بكميات كبيرة، وهو مصدر عالٍ للبروتين يمكن أن يكون بديلًا عن اللحوم».

ويضيف: «قبل ٦ أشهر بدأنا دراسة جدوى المشروع، ثم تقدمنا بها إلى مؤسسة مصر الخير، التى وافقت على دعمه بـ١٠٠ ألف جنيه تصرف على دفعات، بجانب تقديمها الدعم الفنى»، لافتًا إلى أنهم يخططون لدخول أول خطوط الإنتاج إلى الخدمة مطلع العام المقبل.

 

علاء عبدالعزيز: التحكم فى الكرسى المتحرك بضغطة زر

بفضل مجموعة من طلاب المعهد التكنولوجى العالى بمدينة العاشر من رمضان، أصبح بإمكان مرضى الشلل الرباعى مواصلة حياتهم بشكل طبيعى ودون عناء، بضغطة زر مثبت على أحد أصابعهم للتحكم فى حركة الكرسى المتحرك الذى يجلسون عليه. يقول علاء عبدالعزيز، ١٩ عامًا، أحد أعضاء فريق الابتكار، إنه قائم على تقنية «التحكم عن بعد»، فمن خلال جهاز يثبت على إصبع المريض يمكنه التحكم فى حركة الكرسى المتحرك بضغطة واحدة، كما أنه متصل بأحد تطبيقات الهواتف الذكية لتحديد مكان الكرسى، ومزود بملف طبى شامل ودقيق عن حالة المريض، مضيفًا: «يمكن للأب أو الأم من خلاله متابعة حالة ابنهم المريض عبر الهاتف المحمول، وتحديد مكانه وإذا ما كان يحتاج مساعدة ما من عدمه». ويشير إلى أن تكلفة الجهاز المبتكر تصل إلى ٧ آلاف جنيه، وهى نصف التكلفة الحالية للكرسى المتحرك وحده دون التقنية الحديثة، كما أن معظم مكونات الجهاز محلية الصنع صممت على مدى أكثر من عام.

 

ياسمين عبدالرحمن: حزام لعلاج آلام الظهر بـ2.5 جنيه

نجحت ياسمين هشام عبدالرحمن، الطالبة بالصف الثالث الإعدادى، المشاركة فى جناح «الطفل المبتكر»، ممثلة عن المركز الاستكشافى للعلوم والتكنولوجيا بسوهاج، فى التوصل إلى حل لمشكلة الآلام التى يعانيها كثيرون، خاصة فى العنق والظهر والعمود الفقرى. وقالت ياسمين: «وجدت أن محلول استات الصوديوم فوق المشبع يتحول عند تركه فى الثلاجة لنحو ٣ ساعات إلى مادة لها خواص الثلج، ومن هذه المادة صممت حزامًا حراريًا لحل مشكلة آلام الظهر، عن طريق وضع طبقة منها على ورق لا يسرب، ثم سكب ٣ سم ماء مغلى عليها وفركها ووضعها فى الثلاجة لمدة ٣ ساعات، فتأخذ خواص الثلج الحار». وكشفت عن أن سعر الحزام لا يزيد على ٢.٥ جنيه، إذ لا يحتاج إلا لرباط ضاغط وشريط لاصق مكون من ٣ قطع به المادة سالفة الذكر، ويمكنه حل مشكلة الآلام فى ٣ دقائق فقط، وهو بذلك موفر جدًا لوصول سعر جلسة التسخين لدى المستشفيات إلى ٥ جنيهات وفى المراكز الخاصة ٢٠ جنيهًا.

 

«رواد 2030».. مشروع «التخطيط» لنشر ثقافة العمل الحر

قالت هبة إبراهيم، أحد أعضاء فريق مشروع «رواد ٢٠٣٠»، التابع لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، إن المشروع بمثابة حلقة وصل بين شباب المخترعين والمبتكرين، والجهات ذات الخبرة فى مجال الاختراع والمؤسسات التمويلية.

وأضافت أن المشروع يهتم بدعم فكر ريادة الأعمال وثقافة العمل الحر، من خلال تدشين منح دراسية باللغة الأجنبية فى كبرى الجامعات العالمية، وأخرى باللغة العربية بمعهد التخطيط، إضافة إلى نشر فكر ريادة الأعمال فى الجامعات المصرية والمدارس بتدريب المدرسين فى المرحلة الإعدادية على نشر ثقافة العمل الحر بين طلاب المدارس، لكى ننشئ جيلًا مدركًا أهمية ريادة الأعمال يستطيع أن يصمم مشروعه بنفسه ويساعد نفسه والمجتمع.

وكشفت عن أن المشروع يعقد جلسات نقاشية كل فترة بالجامعات المصرية عن ريادة الأعمال حول كيفية اختيار الفكرة المناسبة للمشروع، وإعداد دراسة الجدوى الخاصة به، وسبل تمويله وتسويقه، بخلاف تدشين حاضنات أعمال بجامعتى عين شمس والإسكندرية.