الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عميدة "قصر العيني": لا نغلق أبوابنا أمام المرضى مثل مستشفيات حكومية أخرى

كشكول

تطبيق المعايير الدولية بمستشفيات مصر يضر المريضوالتأمين الصحى يحتاج مزيدًا من التدريب

طالب الطب يكلف الدولة نصف المليون جنيه حتى تخرجه.. ولا يدفع سوى 400 جنيه فى السنة

خريجونا لا يقل مستواهم عن أى طالب طب فى العالم

قالت الدكتورة هالة صلاح، عميدة كلية طب قصر العينى، إن المستشفى لا يغلق أبوابه أمام أى مريض مثلما تفعل «مستشفيات حكومية أخرى»، ويستقبل ٦٠٠ حالة يوميًا، مرجعة مشاهد تكدس بعض هذه الحالات فى الممرات، والمنتشرة على شبكة الإنترنت، إلى التصميم المعمارى للمستشفى، متعهدة بحل الأزمة قريبًا.
ورأت أستاذة طب الأطفال، فى حوار مع «الدستور»، أن تطبيق المعايير الدولية بالمستشفيات المصرية يضر المريض، كاشفة عن أن تخريج طالب الطب يكلف الدولة نحو نصف المليون جنيه، فى الوقت الذى لا يدفع فيه الطالب سوى ٤٠٠ جنيه فقط فى السنة.


■ بداية.. ما طاقة مستشفى قصر العينى؟
- مستشفى قصر العينى يضم ١١ مستشفى فى جميع التخصصات، تشتمل على ١٥٦ غرفة عمليات، و٦ آلاف سرير، بينها ٦٦٢ سرير رعاية مركزة، بجانب ١٤٠ حضانة أطفال.
■ ما مصادر تمويل المستشفى؟
- تمويل المستشفى يكون عبر الموازنة العامة للدولة، بجانب التمويل الذاتى الذى يعتمد على تحصيل ٥ جنيهات ثمن تذكرة الكشف، بواقع ٢.٥ جنيه «مكافأة أطباء»، و٢.٥ جنيه «تحسين خدمة وشراء أدوية»، بجانب مقابل زيارة المرضى البالغ ٥ جنيهات أيضًا، الذى لا يحصل فى غالبية الحالات نظرًا لهروب بعض الأهالى من أفراد الأمن أثناء الدخول.
■ لماذا لا نرى لـ«قصر العينى» حملات إعلانية لجمع التبرعات؟
- يرجع السبب فى ذلك إلى قلة مواردنا المالية، فالحملات الإعلانية تحتاج إلى كثير من الأموال، الأمر الذى يجعلها «عبئًا» على المستشفى. وإعلان المستشفى العام الماضى تحمل تكلفته بنك مصر، مقابل مستحقات قديمة للمستشفى لدى البنك.
وبمناسبة التبرعات، تبرع مواطن سعودى بـ٢٠٠ مليون دولار لتطوير مستشفى المنيل الجامعى التابع لـ«قصر العينى»، وأنفق المبلغ على تطوير قسم الجراحات العامة بكل تخصصاتها، بجانب قسمى الباطنة والأطفال.
■ ما تعليقك على المشاهد المنتشرة عبر شبكة الإنترنت التى تُظهر المرضى فى ممرات المستشفيات؟
- «قصر العينى» لا يغلق أبوابه فى وجه أى مريض، عكس ما تفعله مستشفيات حكومية أخرى، وتستقبل عياداته ٦٠٠ مريض بكل تخصص يوميًا، بالإضافة إلى الطوارئ والاستقبال الذى يعمل ٢٤ ساعة.
لكن التصميم المعمارى والإنشائى للمستشفى هو ما يتسبب فى تكدس المرضى، وسنحاول خلال الفترة المقبلة التوصل إلى تصميم يساعد المريض على إنجاز كشفه بطريقة سلسة، ما يمنع رؤية هذه المشاهد، بجانب العمل على تنفيذ مقترح بطباعة نوعين من تذاكر الكشف، أحمر وأبيض، الأول للحالات الحرجة التى لا تستطيع الانتظار، والثانى للحالات التى يمكن أن تنتظر، على أن يحدد ذلك وفقًا لتقييم الأطباء، مع تخصيص أماكن لانتظار ذوى المريض بعيدًا عن الممرات والعيادات، وتوفير كل الخدمات لهم من كافيتريا ومراحيض.
■ ما سبب قلة عدد «الحضّانات» فى قصر العينى؟
- حضّانات المستشفى ليست قليلة، لكن الأزمة فى أعداد أفراد التمريض المشرف على هذه الحضّانات، وهى مشكلة قومية، ولا أعلم ما السبب وراءها، رغم رغبة كثير من الأهالى فى إدخال أبنائهم كليات التمريض، باعتباره من المجالات المطلوبة.
وأطقم التمريض بمستشفى قصر العينى تكفى لإدارة «شيفت» واحد فقط، الأمر الذى دفعنى لإسناد ٤ أسرة رعاية مركزة لممرضة واحدة فقط، رغم أن المعايير الدولية تنص على وجود ممرضة لكل سريرى رعاية مركزة، وممرضة لكل حضّانتين.
■ كيف يمكن حل هذه الأزمة إذن؟
- الحل يكمن فى إنشاء أكاديمية تمريض تابعة لكل مستشفى جامعى، تساعد فى إمداد هذه المستشفيات بأطقم التمريض، وهو ما يجرى التجهيز له فى «قصر العينى»، وإلى جانب التمريض لدينا نقص فى عدد الأطباء، نظرًا لقلة العائد المادى الذى يتلقونه.
■ اتصالًا مع المشاكل أيضًا.. كيف ترين مشادات أهالى المرضى مع الأطباء؟
- ترجع إلى غياب التواصل بين النائب وطبيب الامتياز، أو طبيب الامتياز والمريض، فغياب لغة الحوار والتواصل، يتسبب فى الكثير من الاعتداءات على الأطباء.
■ ننتقل إلى الدراسة.. ما تعليقك على المشككين فى خريجى «قصر العينى»؟ 
- خريجو كلية طب قصر العينى لا يقل مستواهم عن أى طالب طب فى أى دولة رغم قلة الإمكانيات المتاحة لهم، وهدفنا فى النهاية هو تخريج طبيب محترم يعالج المواطنين، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يحتل المريض المصرى المركز الـ٣٠ على العالم فى الحصول على الرعاية المرضية، وهو ترتيب لا بأس به.
■ ما رأيك فى مقولة «دراسة الطب حكر على الأغنياء»؟
- مقولة خاطئة، فطالب الطب يكلف الدولة ٦٥ ألف جنيه فى السنة الواحدة، يعنى نصف المليون جنيه بعد انتهاء دراسته، فيما يدفع الطالب ٤٠٠ جنيه فقط فى السنة، فضلًا عن توفير الكلية بعض مستلزمات الدراسة للطلبة محدودى الدخل، من بينها الهياكل العظمية والبالطو.
■ كيف تعاملتم مع طلاب جماعة الإخوان؟
- سيطرنا عليهم بواسطة العدل، إذ يتمتع طلبة الإخوان فى الكلية بكل الحقوق، دون أى تفرقة فى المعاملة، الأمر الذى جعلهم يخضعون لسياسات الكلية وقواعدها.
■ بصفتك أحد خبراء الطب المصريين.. كيف ترين المنظومة الجديدة للتأمين الصحى؟
- خطوة جيدة جدًا، لكنها تحتاج إلى مزيد من التدريب عليها، بجانب وضع قاعدة بيانات دقيقة، وتوفير الأدوية التى تُصرف للمرضى، وإنهاء قوائم الانتظار، لأن التأمين الصحى انهار فى إنجلترا بسبب هذه القوائم.
■ لماذا لا تطبق المعايير الدولية فى المستشفيات المصرية؟
- هذه المعايير لا تناسب طبيعة تفكير الشعب المصرى، ولو طبقت القواعد الدولية لإدارة المستشفيات سيتضرر المريض المصرى.
■ ما رأيك فى أسعار الكشف بالعيادات الخاصة؟
- حرام طبعًا، الأسعار مبالغ فيها، ولا بد أن تقنن.
■ ننتقل إلى المشوار المهنى والحياة الشخصية للدكتور هالة صلاح.. بماذا تخبرنا سيرتك المهنية والأكاديمية؟ 
- ولدت فى ١ يونيو عام ١٩٦١، وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة فى نوفمبر ١٩٨٥ بدرجة «امتياز مع مرتبة الشرف»، وأيضًا ماجستير طب الأطفال فى نوفمبر ١٩٨٩ بتقدير «امتياز»، ثم دكتوراه فى طب الأطفال فى مايو ١٩٩٣.
عملت طبيب امتياز بمستشفيات جامعة القاهرة من مارس ١٩٨٦ إلى ٢٨ فبراير ١٩٨٧، وطبيبًا مقيمًا بها من مارس ١٩٨٧ إلى ١٦ مارس ١٩٨٩، ثم معيد أطفال من ٩ يونيو ١٩٩٠ إلى ٦ نوفمبر ١٩٩٠، فمدرسًا مساعدًا بقسم الأطفال بالكلية من ١١ يونيو ١٩٩٠ إلى ٩ نوفمبر ١٩٩٣، وأستاذًا مساعدًا بالقسم ذاته من ٢٥ نوفمبر ١٩٩٧ إلى ٢ ديسمبر ٢٠٠٣، إلى أن حصلت على الأستاذية بالقسم فى ٣ ديسمبر ٢٠٠٣، لأشغل بعدها منصب وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، حتى صدر قرار تعيينى عميدًا لـ«قصر العينى».
■ هل كلية الطب كانت حلمك منذ الصغر؟
- الغريب أنه لم يكن حلمى، بل كنت أود أن أدخل كلية الهندسة أسوة بوالدى، خاصة قسم «معمارى»، لكن شاء القدر أن أدخل الطب، وأتخصص فى طب الأطفال.
■ لماذا اخترت تخصص الأطفال تحديدًا؟
- السبب غريب.. فى بداية مشوارى المهنى كنت لا أتحمل أن تموت «أم» خلال إجراء عملية ما، لأنه إذا توفى طفل أقول لأبويه: «الله يعوض عليكم»، لكن كيف أقول للأبناء: «ربنا يعوض عليكم فى أمكم»، حينها كنت سأبكى بكاءً هستيريًا. كما أننى أعشق الأطفال ورسم البسمة على وجوههم، والبعض منهم كان يعطينى «شوكولاتة» بعد الكشف، رغم أن غالبية الأطفال يكرهون الذهاب إلى الأطباء.
■ هل دراسة الطب صعبة وتأخذ الطالب من حياته الاجتماعية؟
- صحيح، فدراسة الطب من الدراسات الصعبة التى تحتاج إلى ذهن صافٍ، ودائمًا ما أقول لطلابى: «إنتوا فى أجازة عن أصحابكم وحياتكم».
■ ختامًا.. كيف ترين مستقبل مصر.. وبمَ تنصحين الشباب؟
- أرى أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو الإصلاح بخطى ثابتة، وهو ما يتضح فى القرارات التى تتخذها الدولة، فى تطوير التعليم الجامعى والأساسى.. أما الشباب فأقول لهم: «تفاءلوا».
■ماذا عن شكوى المرضى من قلة الأدوية المنصرفة؟
- هذا الشهر صرفنا أكثر من ١٢ ألف دواء لمختلف الأمراض، ونصرف الكثير من الأدوية، بما فيها المخصصة لعلاج «الصرع»، التى تعد من أغلى أنواع الأدوية.