الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عميد "الدراسات الإسلامية" بالأزهـر:لا خلاف بين الأزهـر والأوقاف بسبب قوائم علماء "الفضائيات"

كشكول

عميد "الدراسات الإسلامية" بالأزهـر:

 

مؤسسات الدولة لا تساعد الأزهـر وتحمله مسئولية "تجديد الخطاب"

 

لا خلاف بين الأزهـر والأوقاف بسبب قوائم علماء "الفضائيات"

 

تهميش مادة "التربية الدينية" سبب ما نعانيه من ويلات

 

 إهانة العلماء تدفع الشباب لأحضان الإرهابيين

 

ليس انصافا تحميل الأزهـر "أخطاء فردية" لأحد العلماء

 

المجتمع يعاني من جهل ديني لأسباب يشارك فيها الجميع

 إسلام السيد 

دعا الدكتور محمد عبدالعاطي، عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات، بجامعة الأزهر في القليوبية، جميع مؤسسات الدولة للتكاتف من أجل إقرار "مواد دراسية دينية" على الطلاب في المدارس والكليات، لتوعيتهم بالتربية الدينية والأخلاق؛ على ألا تكون "مواد هامشية وتضاف للمجموع".

كما نفي الدكتور "عبدالعاطي"،  وجود أي خلاف بين مؤسسة الأزهـر ووزارة الأوقاف بسبب قوائم العلمكاء المصرح لهم بالظهور على الفضائيات، معتبرا أن ارسال قائمتين منفصلتين للأزهـر والأوقاف للمجلس الأعلى للإعلام يعد تكاملا وليس تناقضا او صراعـا. وفي حواره معنا حذر مـن أن إهانة العلماء في المجتمع مثلما فعلت الكاتبة فريدة الشوباشي، مع الشيخ محمد متولي الشعراوي، هدفها هزْ ثقة الناس في الرموز، ما يُعد خطرًا يُساعد على ارتماء الشباب في أحضان الإرهابيين لافتا إلى أن المجتمع يُعاني من حالة جهل ديني عدد أسبابها ومظاهرها في الحوار التالي..

-كيف ترى دور الأزهـر في مواجهة الإرهاب والانتقادات الموجهة إليه؟

 المؤسسات في الدولة، لا تساعد الأزهر في كثير من الأمور بل تلقي الحمل عليه فقط، وهذا يُعد ظلما بيِّنا، فـرغم أنَّ الأزهر يؤدي دوره وينشط، للنظر في أمور المسلمين، ونشاط الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في الخارج وقوافل الإغاثة التي أرسلها إلى لاجئي ميانمار في بنجلاديش، وما يفعله الأزهر في مواجهة الهجمة الإرهابية الشرسة من تفكيك الفكر التكفيري وتجديد الخطاب الديني كثير، إضافة إلى دوره التعليمي والدعوي.

 • ذكرتَ أنَّ مؤسسات الدولة لا تساعد الأزهر.. فكيف تساعده وفي ماذا؟

  سأضرب مثلا، مسألة تجديد الخطاب الديني، ينظر إليها على أنَّها عملٌ أزهريٌ بحتْ، مسئول عنهم علماء الأزهر دون غيرهم، رغم أنَّ التجديد لا بد أنْ يشمل مناحي كثيرة، مثل أن يعمل الإعلام على تجديد خطابه ووزارتي الثقافة والتعليم، سواء كان في المدارس أو الكليات، يجب أن يجدّدوا المناهج وليس من المعقول أنْ تظل التربية الدينية، مادة هامشية، لأنَّنا الآن نُعاني ويلات هذا الأمر، ونعاني جهل الطلبة في الجامعات لأبسط أمور الدين، وآنَ الأوان لأن يتثقفث الشاب دينيًّا، وأن تُقرَّرْ مناهج تعليمية وثقافة دينية على المدارس والجامعات، وأن يكون هناك ندوات توعوية ودورات تدريبية تثقيفية.. ومن هُنا يأتي الظلم أن يحمل الأزهر ذلك الأمر وحده، بل لا بد أن تكون هذه المؤسسات متضامنة جميعًا كي تنهض بها الدولة؛ لأن الإرهاب لا يُحارب أمنيًّا فقط، بل نحتاج إلى معالجة ثقافية وفكرية واجتماعية.

. • تطرقت في حديثك لوجود "جهل ديني".. ما الأسباب التي أدت إلى ذلك من وجهة نظرك؟

 للأسف، التعليم في بلادنا لا يُعير اهتماما بالثقافة الدينية، وإذا كان التلمـيذ في المرحلة الابتدائية حتى وصوله إلى الصـف الثالث الثانوي، ينظر إلى مادة التربية الدينية على أنَّها خارج المجموع ويُهملها، فهو لن يعرف شيئًا عن الدين، إلَّا ما يسمعه في التليفزيون أو المسجد إن كان يُصلي ويواظب على الصلاة، ولا بد أن يكون المدرسة ثم الجامعة دور في تثقيف الشباب دينيا. لكننا لا نجد فيها مادة ثقافة دينية تدرس، إلَّا في كلية الحقوق وقسم الشريعة لهذا الجهل في الشارع، يأتي انعكاسًا لطبيعة الشاب الذي لا يعرف شيء في المدرسة أو الجامعة، ولا ننسى ما يتعلق بالإعلام، فحقيقةً الإعلام يسعى إلى تجهيل الناس دينيًّا بأنْ يُصدِّر على شاشات الفضائيات من ليس أهلًا للدين، ويكون البحث وراء الربح والإعلانات فقط فهل هذه ثقافة دينية !، بأن ننشر الفتاوى السيئة مثل نكاح الزوجة التي قد ماتت أو الجماع الأخير أو تُحدثنا امرأة عن جماع البهائم، فهذا جهل في حد ذاته. ولذلك فنحتاج إلى برامج توعوية حقيقية، لا تقتصر على الفضائيات فقط بل تكون في أندية الشباب والرياضة والنوادي الاجتماعية.

 

- رغم مـا ذكرته عـن سلبيات الإعلام هناك أيضا من يظـهر على الفضائيات علماء أزهريين بآراء تثير الفتن.. كيف تـرى ذلك؟

غير منصف أن نُحمِّل المؤسسة الأزهرية، أخطاء فردية؛ فقد يُخطئ شخص أو يحيد عن الصواب وقد يخونه فكره، وقد يسبقه لسانه فيقول كلامًا ليس صحيحًا أو باطلًا؛ فهل نُعاقب الأزهر أنَّه علم هؤلاء، لكنهم خانوا تعليمهم أو أخطأوا في فهمهم، ومن ثمّ خرجوا بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان؛ فالأزهر لا يتوانى أنْ يُحيلهم إلى التحقيق وإلى مجلس التأديب؛ ولذلك مثل هذه الأمور دفعت الأزهـر لأن يُحدد 50 عالمًا مخصصين للفتوى على الفضائيات، وكذلك وزارة الأوقاف حدَّدت 133 شخصًا آخرين لتجنب فوضى الفتاوي.

. • و كيف ترى قائمة الـ50 عالمًا التي خرج بها الازهر رغم أنها اثارت جدلا؟ -

 تصريحات قيادات الأزهر، تؤكد أنَّ هذه القائمة ليست نهائية، ولا تقول إنَّ هؤلاء هم الأشخاص الوحيدين الذين لديهم العلم الديني، بل الأزهـر مليء بعلماء وفقهاء، لكن طُلِبَ منه أن يُحدِّد شخصيات بعينها ليتعامل معها، حتى نقضي على فوضى الفتوى، فاختار علماء مُتخصصون في الدراسات الفقهية،  باعتبارهم أقدر الناس على التعامل مع النص الديني الشرعي وشرح كيفية إنزاله على الواقع؛ فالفتوى ليست حفظ نصوص فقط، بل هي حفظ ومعرفة واقع وكيفية إنزال النص على الواقع ومراعاة المواءمات وتحقيق الأمور، وهؤلاء ائتمنهم الأزهر على هذا، وسيَّرهم الذاتية تقول إنهم متخصصين بالفعل، وهذا ما نريده، حتى تعود الأمور إلى أهلها. والأزهـر دعـا من يجد في نفسه الرغبة والمقدرة على التصدي لمثل هذه المسائل في الإعلام عليه أن يتقدم إلى الأزهر بطلب ويتم إضافته.

-        ولكـن خروج وزير الأوقاف بقائمة منفصلة بها 133 عالما دينيا للمجلس الأعلى للإعلام بحجة أنَّ الأزهر لم يستشيره في قائمته، يفسره البعض بأنَّه انقسام في المؤسسة الدينية.. كيف ترى ذلك؟

 المسألة ليست انقسامًا، فالأزهر اعتمد 50 عالمًا مُتخصصين للفتوى، أمَّا الذين اعتمدهم وزير الأوقاف، ليسوا مُخصصين للفتوى، إنَّما للحديث في الأمور الدينية بوجهٍ عام، وفي الثقافة الإسلامية والتفسير والحديث والفكر الإسلامي، وذلك من باب التكامل وليس من باب التضاد، خاصة أنَّ جميع من ينتمون إلى الأوقاف، الأزهر هـو من صنعهم، وحتى الوزير نفسه كان أستاذًا في جامعة الأزهر.

 

 بصفتك عميد كلية الدراسات الإسلامية.. كيف تُحصِّن الطالبات ضد الأفكار المُتطرفة في الكلية؟

 الكلية من أول كلمة إلى آخر سطر، كلها دراسات دينية ومن الصعب جدًا أنْ نجد أزهريًّا مُتطرفًا أو آخر يميل إلى العنف أو يرتمي في أحضان هؤلاء الإرهابيون، لأنَّه مُحصَّنْ بالثقافة الدينية الصحيحة والدين الوسطي المعتدل، لاسيما أنَّه يحفظ القرآن الكريم ويدرس الفقه وفق المذاهب الأربعة، ولديه سعة أفق ويؤمن بالآراء المختلفة، ولا يسير في طريق واحد بل منفتح على المذاهب الفقهية والعقدية، عندما يدرس المعتزلة ثم الإباضيَّة والأشاعرة والماتريدية والسلفية؛ فعقلية الأزهري مبنية بِناءً معرفيًّا صحيحًا ومن أجل هذا لا تجده متطرفًا ولا مُتعصبًا ولا تجده في جماعة إرهابية.  وهذه العمليات الإرهابية التي نكتوي بنارها منذ أعوام، كم أزهري رأيناه فيها؟، والذين تورطوا في مثل هذه المسائل، لا نجد فيها أزهري وإذا وجدنا لا نجد شيء يذكر، لأنَّ منهج الأزهر وسطي مُعتدل يُخرِّج عالمًا دينيًّا وسطيًّا معتدلًا.

وكيف ترى إهانة العلماء كما فعلت الكاتبة فريدة الشوباشي مع الشيخ محمد متولي الشعراوي؟

أراهـا أخطأت وأجرمت جرمًا عظيمًا عندما لوحت بنقدها لإمام مثل "الشعراوي" .  وعلى "الشوباشي" قبل أنْ تتحدث عن الشيخ الشعراوي، أنْ تتحدث في أمور الشباب وكيفية الارتقاء بهم والاقتصاد وكيف نعلو بالوطن.

 

-        من وجهة نظرك.. كيف تنظـر لظاهـرة إهانة العلماء التي نراها في الآونة الأخيرة؟

 لا بد أن يعرف الناس أقدار العلماء، لأنَّ من لا يعرف قدر شيء أهانه.. العلماء هم حملة الشريعة، وصدق من قال إنَّ لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض ومن أكلها مات. وإنْ كنا نستهين بعلمائنا فمن سنقدر؟، حينها نفتقد الأسوة والقدوة، والمقصود بالافتراء على "الشعراوي" هو هـزْ الثقة في الرموز، ما يجعل الشباب يرتمون في أحضان الإرهابيين القتلة.

والخطر على المجتمعات يأتي من طرفين؛ غلو في الإفراط والتفريط، فالذي يتحلل من الدين تمامًا ويدعو إلى الشذوذ الجنسي والمثلية، فهذا خطره لا يقل ضراوة عن أولئك الذين دخلوا المسجد ليفجروا الناس فيه كلاهما يُكرِّس للإرهاب والعُنف.