السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
منوعات

كيف نمنع أطفالنا عن ضرب الأخرين دون أن يتنازلوا عن حقهم؟

كشكول

غالبا ما تقع الأمهات فى حيرة كبيرة بين تجنب الوقوع في فخ تعليم الأطفال العنف بأن يضرب بعضهم البعض إذا اعتدى أحدهم على الآخر، وبين تعليمهم السلبية في عدم أخذ رد فعل تجاه الطفل المعتدي، فحتما سيأتى الوقت ويخرج أطفالنا للعالم الواسع ويحتكون بأطفال آخرين.

ويقول عادل أبو زهرة أستاذ علوم سلوكية بجامعة الإسكندرية "من الطبيعي أن يتعرض الأطفال للضرب من طفل أكبرهم سنا أو أصغر منهم بسبب أو دون سبب، وما عليكِ هنا هو تهيئة طفلك نفسيًّا أولاً بأن البيئة الخارجية تختلف عن المنزل، وأن الدفاع عن نفسه تجاه الصغار والكبار أمر مشروع ومقبول تماما، طالما في حدود لا تؤذيه ولا تؤذي من أمامه.

فمسألة رد فعل ألطف تجاه من يضربه مسألة شائكة ومعقده بعض الشيء، خاصة في ثقافتنا المصرية التي تعلم الطفل منذ اليوم الأول "اللي يضربك اضربه"، خصوصا بين الأطفال الذكور، كون الضرب عنوانًا للرجولة لدى البعض، ولكن لا تسير الأمور هكذا أبدا، ولا تأتي مرحلة رد الفعل بالضرب من الطفل كمرحلة أولى تجاه من أمامه.

ووفقا للعديد من الدراسات التي قام بها الأطباء النفسيون وخبراء التربية، فإن الأمر يسير على ثلاث مراحل تدريجية إذا تعرض طفلك للضرب، وعليكِ تعليمه هذه المراحل الثلاث بالمحاكاة في المنزل أولاً، حتى يتعلم كيف يفكر ويكون ردة فعل ثم ينفذها بتروٍّ.

المرحلة الأولى: التحذير الشفوي

يحدث أحيانًا أن يتعرض طفلك للضرب من صديق أو أخ أو طفل صغير من الأقارب لا يعي ما يفعله بشكل كافٍ أو حتى دون قصد أو يعتمد الضرب كطريقة للعب وجذب الانتباه، وهنا عليكِ التفرقة بين الضرب المقصود به الإيذاء، وما حدث عن طريق الخطأ أو سوء الفهم ودون أي قصد من الطفل المقابل، خاصة أن بعض الألعاب تتضمن حركات للأيدي تشبه الضرب أحيانًا.

تحدثي مع طفلك أنه في هذه المواقف يجب أن يحذر الطفل المقابل أولاً، كأن يخبره بأن يحترس وألا يكرر الفعل، أو أنه لا يسمح بهذه الطريقة في اللعب أو التعامل، وإذا تكررت لن يلعب مع هذا الطفل مرة أخرى. اجعلي طفلك يقول هذه العبارات بحزم وجدية وقوة، توضح أنه ليس ضعيفًا ولكنه متروٍّ ولن يتخذ رد فعل دون تفكير.

 

علمي طفلك اللعب مع أصدقائه دون عنف

في أغلب الأحيان، تنجح هذه الطريقة مع الأطفال الكبار قليلًا، إذ يتفهمون الأمر ويتوقفون عن اللعب أو التهريج بالضرب، أو حتى إذا كان الطفل يقصد ضرب طفلك سيفكر كثيرًا قبل أن يكررها.

المرحلة الثانية: التحذير الجسدي

إذا لم يأت التحذير الشفوي السابق بنتيجة مع الطفل العنيف أو الذي يضرب طفلك متعمدًا، فهنا ننتقل للمرحلة الثانية، إذ يستخدم طفلك يديه مع التحذير الشفوي في إبعاد الطفل العنيف عنه، بالحزم والقوة والإصرار نفسه.

يوجد بعض الأطفال المتنمرين الذين يميلون للعنف والضرب في كل تصرفات يومهم بناء على تربية أو بيئة محيطة بهم، لا تجعلي طفلك ييأس أو يشعر بالإحباط عند التعامل معهم، فمن الصحي أن يقابل هؤلاء الأطفال في سن مبكرة ليكتسب خبرات حياتية في التعامل بشكل أفضل مع الحياة عندما يكبر.

في مرحلة التحذير الجسدي لن يرد طفلك الضرب، لكنه سيمسك بيد من ضربه بحزم وقوة ويبعدها، قائلًا: "لا أسمح لك بضربي، أو التعدي عليَّ مرة أخرى، ابتعد عني".

في الحقيقة هذا التصرف لا يعد ضعفًا أبدًا، في 70% من الحالات يتوقف الطرف الآخر عن إيذاء الطفل أو ضربه مرة أخرى خوفًا من رد فعله، وبناء عليه يكتسب طفلك المزيد من الثقة بالنفس.

المرحلة الثالثة: رد الضربة

ماذا لو لم يتوقف الطفل الآخر عن ضرب طفلك وإيذائه؟ هنا ووصولًا لهذه المرحلة قد تعلم طفلك أهم ثلاثة أشياء في حياته، التحكم في غضبه، وتحكيم عقله، وثقته بنفسه.

ولكن إذا تكرر الأمر فعليه في هذه المرحلة رد الضرب بالطريقة نفسها، وأن يأخذ حقه كاملًا ولا يُعد ذلك عنفًا أو تحريضًا على العنف، بل سيجعل طفلك يعلم أن طريقته صحيحة تمامًا ويعلم مدى قوته، ويُعلِّم الطفل الذي ضربه أنه لم يصبر عليه ضعفًا أو خوفًا.

وهكذا سيصبح طفلك معروفًا بأنه "حليم" ويجب اتقاء غضبه، الذي يأتي بعد كثير من الصبر والتروي وتحكيم العقل في أخذ حقه.

ويشير أستاذ علوم السلوك الى أن صداقتك لطفلك هي أول مفتاح لثقته بنفسه تجاه من يحاول إيذاءه، علميه أيضًا رياضة تبني جسده وعقله وتساعده على الدفاع عن نفسه، وكيف أن القوة الحقيقية تكمن في مساعدة الآخرين وليس التعدي عليهم.

وإذا لم يتوقف الطفل الآخر عن التعرض لطفلك رغم كل الخطوات السابقة، عليكِ هنا التدخل لإبلاغ أسرته أو الإخصائية النفسية بالمدرسة أو أحد المسؤولين عنه، ربما كان يعاني من مشكلة نفسية أو جسدية يجب حلها سريعًا، وفي الوقت نفسه أنتِ تركتِ لطفلك حرية التصرف بمفرده وأخذ حقه دون تدخل أكسبه ثقة بنفسه.