الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
مدارس

البروفيسير.. أسرار الحياة الشخصية لطارق شوقي

كشكول

حاز جائزة تفوق من بوش الأب عام ١٩٨٩ 

منذ تكليفه بمهام منصبه، وزيرًا للتربية والتعليم، اتخذ من «التحدى» شعارًا ومنهجًا، واقتحم هذا الملف الذى تحول إلى «أرض بور» عانت الأمرين منذ سنوات، وقرر زراعتها بـ«منظومة جديدة»، ربما تأتى بثمارها يومًا ما، وتخرج لنا أجيالًا تعيد إلينا «نفحات» من حضارة يتغنى بها العالم يومًا تلو الآخر.
إنه الدكتور طارق شوقى، الذى أصبح محط أنظار الجميع ونال سيلًا من الانتقادات لا يتوقف، ومع ذلك لم يستسلم أو يضعف عزمه، وتمسك بتطبيق خطته الثورية.
ومع كل ما يحيط بالرجل من مسئوليات، وما يلقاه يوميًا من «ألغام» فى طريقه لـ«نسف المنظومة التعليمية القديمة»، يحتفظ بحياة شخصية ثرية، ما بين تعارفه على زوجته أثناء عملهما معًا بمنظمة «اليونسكو»، وعلاقة الصداقة التى تجمعه بابنته «نورا»، بجانب مشاهد أخرى غير معروفة من حياته العملية، مثل فوزه بجائزة التفوق البحثى من بوش الأب، وطلب موظفة بالتعليم العالى منه شهادة موظف حكومى لاعتماد درجاته العلمية، على طريقة «مدام عواطف»، النموذج الأشهر لـ«البيروقراطية المصرية».

يعشق التنس وجمع الأقلام النادرة.. تعرّف على زوجته فى «اليونسكو».. ويرتبط بصداقة مع ابنته دارسة الآثار 
يعشق الدكتور طارق شوقى رياضة التنس منذ صغره، ومارسها لمدة طويلة فى حياته، وعند سؤاله حاليًا عن استمراره فى ممارستها من عدمه، يكتفى بابتسامة، وكأنه يشير إلى أعباء المسئولية وحكم السن.
وكعدد من أبناء جيله، يهوى «شوقى» جمع الأقلام النادرة خاصة تلك المزينة بالنقوش الفضية، حتى إنه نشر صورة يظهر فيها عدد من هذه الأقلام، وعلق عليها بقوله: «حصلت عليها فى وقت مبكر من عام ٢٠١٥.. وهى مادة نادرة جدًا للجمع».
وللأصدقاء فى حياة الدكتور طارق شوقى أهمية كبيرة، ويرتبط بعلاقات طيبة مع عدد من زملاء الدراسة والعمل فى المؤسسات التى سبق له العمل بها.
تعرف على زوجته «زينب المرشدى» أثناء عمله فى منظمة «اليونسكو»، حيث جمعهما معًا عشق كل ما يتعلق بالحضارة المصرية القديمة. وتلعب زوجته دورًا مهمًا فى دعم مشروعه لإصلاح المنظومة التعليمية المصرية، وتأخذ على عاتقها التصدى لأى محاولة لتشويه إنجازات زوجها عبر صفحتها على «فيس بوك».
وتتسم «زينب المرشدى» بتعدد اهتماماتها، ففى الفن تعلن حبها للفنانة الكبيرة شريهان، نظرًا لما تتميز به من حيوية وخفة ظل، وقدرة على تمثيل الأدوار الصعبة، كما تعشق صوت المطربة أنغام، التى تستمع لأغانيها كثيرًا.
أما فى الرياضة، فتهتم الدكتورة زينب بكرة القدم، وتحرص على تشجيع اللاعب محمد صلاح فى كل مبارياته، حتى إنها استشاطت غضبًا من سيرجيو راموس لاعب فريق ريال مدريد الإسبانى بعد تعمده إصابة النجم المصرى قبيل كأس العالم.
داخل الأسرة، يرتبط الدكتور طارق شوقى بابنته «نورا»، التى تجمعه بها علاقة صداقة قوية، كما يفضل قضاء إجازاته والأعياد معها ومع ابن عمها «كريم» فى لندن.
الأب وابنته يتشاركان الاهتمام بحب الآثار المصرية القديمة، خاصة بعدما اكتشف طارق شوقى تعلق ابنته بها منذ الصغر، لذا لم يكن غريبًا أن تنهى «نورا» دراستها لعلم الآثار المصرية فى جامعة «دورهام» البريطانية منذ عامين، كما تحرص على قضاء وقتها فى زيارة الأماكن الأثرية والتقاط الصور مع المصريين البسطاء من أصحاب الملامح المصرية الأصيلة.
فى حياته الشخصية، يتسم باللباقة فى الحديث والقدرة على الإقناع والصبر على الحوار مع المختلفين معه، وهو ما ظهر جليًا بعد توليه الوزارة، وقدرته على مواجهة الانتقادات الموجهة إلى النظام التعليمى الذى يرغب فى تطبيقه.
كما يتميز بالقدرة على التواصل بشكل مستمر مع أولياء الأمور والمعلمين عبر وسائل التواصل الاجتماعى، الأمر الذى يمنحه كثيرًا من وقته، ويجعله متميزًا عن جميع وزراء التعليم السابقين، وإن كان هذا التواصل سبب له عدة مشكلات، نظرًا لتطاول البعض عليه، وتعمد الهجوم على شخصه وإزعاجه فى أوقات راحته، وهو ما واجهه بقوله: «لا يصح ذلك.. لدىّ أسرة يزعجها التطاول».
هذه الشجاعة فى المواجهة تعد أهم سمات شخصية الوزير الذى يدافع بكل قوة عن آرائه واختياراته، بعدما درسها بتعمق من أكثر من جانب، ما أهّله لشغل هذا المنصب الذى تحمل به عبء تطوير المنظومة التعليمية فى مصر، بعدما عانت لسنوات طويلة من الإهمال والتدهور.
ووفقًا لطبيعة شخصيته الباحثة عن الإنجاز والتصدى للمشكلات بشجاعة وقوة، يتعهد بتحسين جودة التعليم فى مصر، حتى تصل للمرتبة الـ٢٠ على العالم، خلال عدة سنوات من تطبيق المنظومة الجديدة التى يتبناها.

«التعليم العالى» طلبت منه شهادة من موظف لاعتماد الماجستير والدكتوراه
«أنا ابن النظام التعليمى القديم الذى كان يصنف التعليم فى المدارس الخاصة والدروس الخصوصية بأنه عيب لا يغتفر».. بهذه الجملة وصف نفسه، رافضًا أى مسكنات أو ترميمات مؤقتة لنظام التعليم الحالى، الذى يشبهه بـ«عمارة آيلة للسقوط».
ولد «شوقى» فى ١٢ يونيو عام ١٩٥٧، وتخرج فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام ١٩٧٩، ثم عمل معيدًا بالجامعة لعدة سنوات، قبل أن يحصل عام ١٩٨٣ على منحة دراسية لإعداد الماجستير من جامعة براون بالولايات المتحدة.
بعد حصوله على الدرجة العلمية، عاد طارق شوقى للوطن من جديد، وعمل أستاذًا مساعدًا فى هندسة القاهرة، قبل أن يصطدم بالقوانين البيروقراطية العقيمة التى خيرته بين ترك الجامعة أو التخلى عن منحة جديدة لإعداد رسالة الدكتوراه فى جامعة «إلينوى» بالولايات المتحدة، التى تصنف كثانى أفضل جامعة فى العالم فى مجال الهندسة.
ورغبة منه فى استكمال تأهيله العلمى، فضل السفر إلى الولايات المتحدة لإعداد الدكتوراه، التى حصل عليها عام ١٩٨٥، بالإضافة إلى ماجستير جديدة فى الرياضيات التطبيقية، فى الوقت الذى قررت فيه إدارة الجامعة فصله لتغيبه.
وخلال السنوات التالية، نجح فى اجتياز عدة اختبارات علمية، وتحقيق عدد من الإنجازات فى مجاله، ما أهّله للحصول على الجائزة الرئاسية الأمريكية للتفوق البحثى عام ١٩٨٩، فى عهد جورج بوش الأب، وهى إحدى أهم الجوائز العلمية بالولايات المتحدة.
محاولاته العودة إلى مصر اصطدمت من جديد بالعقبات البيروقراطية، بعدما رفضت الجامعات المصرية اعتماد شهاداته الدولية، وهو ما وصفه لاحقًا بـ«التفكير بعقلية بهية»، ما دفعه للالتحاق بالعمل فى منظمة «اليونسكو»، عام ١٩٩٩.
ويعتبر طارق شوقى أن هذه العقلية التى طالما انتقدها هى أكبر مسئول عن تدمير العقول والكفاءات المصرية فى جميع المجالات، ويستدل على ذلك باللحظة التى قررت فيها إحدى الموظفات بوزارة التعليم العالى عدم الاعتراف بدرجاته العلمية فى الماجستير والدكتوراه، إلا بعد إحضاره شهادة موقعة من موظف حكومى تعتمد درجته.
خلال رحلة عمله بـ«اليونسكو»، نفذ عددًا من المشروعات فى كثير من دول العالم فى مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فى التعليم والعلوم والثقافة وتكنولوجيا التدريس، وتدريب المعلمين وتكوين المناهج الرقمية.
كما تقلد منصب مدير مكتب «اليونسكو» الإقليمى بالدول العربية فى الفترة بين ٢٠٠٨ وحتى ٢٠١٢، بالإضافة إلى نشاطه فى مجال المحاضرات التدريبية الإلكترونية.
وفى سن الـ٥٥، قرر خوض تجربة العودة للتدريس فى مصر من جديد، وتقدم بطلب للجامعة الأمريكية فى القاهرة لتعيينه عميدًا لكلية الهندسة، إلا أن الجامعة قررت إخضاعه لفترة تقييم استمرت عدة سنوات، وأسندت تقييمه إلى بعض تلامذته وعدد من الأساتذة الذين يجب أن يعملوا تحت إشرافه وفقًا لدرجاته العلمية. 
ويصف «شوقى» قرار تعيينه فى المجالس القومية المتخصصة وعمله كمستشار لرئيس الجمهورية، بالتجربة الجديدة التى سمحت له بالاقتراب من دولاب العمل الحكومى، الذى يعد أكبر عوائق التطوير فى مصر. وثقة فى كونه الرجل الأقدر على تنفيذ مشروع مصر القومى لتطوير منظومة التعليم ما قبل الجامعى، كلفه الرئيس عبدالفتاح السيسى بقيادة هذه الثورة، بعدما سبق أن عينه رئيسًا للمجلس الرئاسى التخصصى للتعليم.