الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أزهر

"الأزهـر" يخطو عتبة "فقه الواقع" بمناهج مطورة وعصرية.. ماذا حدث بعد الثورة؟

كشكول

 "علاقة النبي بالمسيحيين ووجوب تأمين أهل الكتاب" في صلب المقررات الدراسية

شومان: عاكفون على التطوير ونستـحـدث مـادة "ثقافة الوسطية في الإسلام" وأخرى عـن "القدس"

أحمد الصاوي: "الملل والنحل" و"السيرة التحليلية" تهتم بقضايا الآخر

الحديث عـن تطـوير مناهـج الأزهـر قديم، لكنه تجدد بقوة منذ ظهرت موجات الإرهاب الأسود في مصر، التي كلما تصاعدت تدافعت معها الأصوات المطالبة بتعديل مناهج الأزهـر، خصوصا في الكليات الشرعية التي توجه إليها أصابع الاتهام مشيرة إلى المناهج بأنها السبب في التطرف والإرهاب خصوصا عقب تورط طلاب من الأزهـر في اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات.

بشكل واضـح ، كانت بداية محاولات تطوير مناهج الأزهر في مارس 2015 بعد أن وافق مجلـس جامعة الأزهر، على المقترح الذي قدمه رئيس الجامعة آنذاك الدكتور عبدالحي عزب، بتشكيل لجان علمية للنظر في الخطط والمناهج والدراسية واتخاذ ما يلـزم مـن تطـوير. واستمرت المحاولات نظرية إلى أن بدأت تخـطـو باتجاه التطـبيق.

الدكـتور عـباس شومان وكـيل الأزهــر الشريف، قال إن اللجنة تعكف حاليا على الانتهاء مـن تطوير المناهج ومراجعتها لتناسب العصر، وتربـط الخـريج بشكـل أكـبر بسـوق العمـل.

وأشـار وكـيل الأزهـر، إلى أن اللجنة مشكلة مـن قبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، الذي يحـرص على أن يكون خريجو الأزهــر نموذجا يُحتذى به في شتى المجالات، لافتا إلى أنه تم الانتهاء مـنذ فـترة مـن تطـوير المناهج بالتعـليم قـبل الجامعي واستحداث مناهـج جديدة فضلا عـن مادة الثقافـة الإسلامية.

وكشف شومان، أن الأزهـر اعتمد مقـررا دراسيا، حـول عـروبة فلسطين ومكانه القـدس إسلاميا ومسيحيا، يُدرس بداية من المرحلتين الإعدادية والثانوية في التعليم ما قبل الجامعي وصولًا إلى مـرحلة التعليم الجامعي.

وأوضح  أن المقـرر سيؤتي ثمارَه المرجوة، خاصةً إذا عُـرف أن مجـموع الطلاب المستهدفين سنويًّا يزيد على مليوني طالب، وأن هذا المقرر سيُعنى بالتأصيل التاريخي لفلسطين العربية.

وأشار شومان إلى أن المقرر الجديد يوضح بيانِ المكانة الدينية للقدس الشريف مهدِ المسيح عيسى عليه السلام ومسرى محمدٍ صلى الله عليه وسلم ومعراجِه، والتأصيلِ التاريخي للصراع العربي الإسرائيلي بدايةً من زرع هذا الكيان الصهيوني اللقيط في منطقتنا تنفيذًا لوعـد مشئوم قبل مائة عام منح فيه مَـن لا يملك مَن لا يستحق، مرورًا بالحـروب التي دارت بين العرب والصهاينة ومَن خلفَهم مِن قوى ترتدي زي الأصدقاء ورعاة السلام وهـم كاذبون مخادعون". 

الدكتور أحمـد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهـر، أكد أن اللجنة الخاصة بتطوير المناهج برئاسة الدكتور يوسف عامر نائب شئون التعليم والطلاب، ستنتهي مـن أعمالها مـع نهاية العـام الجاري، ليبدأ تدريـس المناهـج الجـديدة العام الجامعي 2018\2019.

 وأضاف زارع  في تصريحات لكشكول، "اللجنة طالبت الكليات الشرعية بتحديد المواد  التي يدرسها الطلاب، من أجل تأهيلهم في المجال الخاص بهم، حتى تتلاءم المواد مع طبيعة كل دارس وتخصص".

وشدد المتحدث باسم جامعة الأزهــر، على أن اللجنة ستراعي في المناهـج الجـديدة القضايا المستجدة، للاستفادة بها بعـد التخرج، ومراعاة أن يكون الخريجين مرتبطين بشكل أكبر بسوق العمل، حتى يبدأ الطالب حياته العملية دون الحاجة إلى وقت للتدريب.

وأشار زارع إلى أن اللجنة لم تغفل المواد الشرعية التي يدرسها طلاب الكليات العملية  "الطب والزراعة والعلوم والهندسة الزراعية" والكليات غير الشرعية " الإعلام والتجارة واللغات والترجمة" والصيدلة والعلوم والإعلام والزراعة والهندسة الزراعية والعلوم الإنسانية وغيرها، مشيرا إلى أن هناك بعض الموضوعات التي يحتاجها طلاب الطب مثل زراعة الأعضاء والتبرع بها وعمليات التجميل بمختلف أنواعها".

وكشف المتحدث باسم جامعة الأزهر، عـن أن هيئة كبار العلماء أقـرت مادة جديدة عن القدس، يتم تدريسها العام الدراسي المقبل، مشيرا إلى أن لجنة تطوير المناهج تجوب معظم الكليات، وتأخذ رأي أعضاء هيئة التدريس في المناهج الجديدة.

وقال الدكتور أحمد الصاوي مدرس العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عضو لجنة تطوير المناهج، إن مراجعة المناهج وتطويرها شمل الكليات الشرعية المعنية بالتطوير فيما يخص الإرهاب، ومحاربة التطرف والافكار المنحرفة ونشر التسامح وصورة الاسلام الصحيحة.

وأضاف، اللجنة برئاسة الدكتور يوسف عامر  نائب رئيس شئون التعليم والطلاب، وعضوية عمداء الكليات، تجتمع شهريا لبحث ما تم إنجازه، فضلا عن وجود لجنة ثابتة لتطوير التعليم بالدراسات العليا، يرأسها نائب الدراسات العليا، مشيرا إلى أن التطوير يرتكز  على مواكبة المناهج للعصر والمستجدات العلمية الحديثة.

وكشف عضو اللجنة، عن أن المناهج الجديدة للتعليم الجامعي بالأزهـر، تضمنت موضوعات حول  المواطنة ومحاربة التطرف وبيان علاقة المسلمين بالمسيحيين باتساع وتفصيل، وخصصت الكليات التي تدرس العلوم الشرعية والفقهية، "الدعوة الإسلامية وأصول الدين والشريعة والقانون"، كمواد ثابتة يدرسها الطلاب بطول المراحل الدراسية، بحكم أنهم متخصصون في مواد التراث الإسلامي".

ولفت إلى أن كلية الدعوة الإسلامية تدرس عـددا من الكتب المتخصصة في تخريج دعاة أزهـريـون يحملون المنهج الوسطي، إذ يدرس طلاب الفـرقـة الأولى بالكـلية مـواد "الثقافة اسلامية، والملل والنحـل، والفـرق الاسلامية". ويتضمن كتاب الثقافة الإسلامية موضوعات حـول المواطنة في الإسلام، وعلاقة المسلمين بغيرهم، والدروس المستفادة مـن حـياة النبي، وعلاقته بالمسلمين وغـير المسلمين. وكـذلك درس عـن وجـوب تأمـين أهـل الذمة والكـتاب.

وتابع الصاوي، تتضمن مادة "الملل والنحل" التي يدرسها طلاب كلية الدعوة  بدءا من السنة الأولى وحتى  الرابعة، دروس متخصصة في الأديان السماوية، ومنها المسيحية وعلاقتها بالإسلام، ويتضمن كتاب "إظهار الحق" والذي يدرس على طلاب الكلية على فصول كاملة، موضوعات  حول الإيمان بالمسيح عليه السلام، والمعجزات التي جاءت على يده ورسالته المتسامحة للعالم، ويحوي  الكتاب فصلا كاملا عنوانه "بولس والمسيحية بعد المسيح"، ويتضمن الفصل شرحا حـول عـلاقـة الإسلام بالمسيحية.

وأضاف عضو لجنة التطوير، "طلاب الفرقة الثالثة والرابعة بكلية الدعوة يدرسون مادة متخصصة حول "الإستشراق والتبشير"، وتتناول  الأسس التي بنى عليها الإسلام  علاقاته مع العالم، وبخاصة المسيحيين وعلاقة النبي بالمقوقس والنجاشي، وعلاقته  صلى الله عليه وسلم  بمسيحيي مصر.

وتابع " في كلية أصول الدين يدرس طلاب قسم التفسير مادة "السيرة التحليلية" وهي مادة متخصصة في تحليل سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، وعـلاقـته بالمسلمين وغير المسلمين، وتحليل هـذه المـواقف، وكيفية بنائها، والدروس المستفادة منها، بينما يدرس طلاب قسـم الدعـوة بالكلية ذاتها  نفس مقـررات ومناهج كـلية الدعـوة الإسـلامـية" وهي تهتم بقضايا الآخر.

ولفـت مدرس العـقيدة والفلسفة، إلى أن الطلاب بكليات" الإعـلام والتربية واللغات والترجمة"، يدرسون  مواد متخصصة في التعايش والمواطنة وقبول التعددية مثل "التاريخ الإسلامي"، و"تيارات فكـرية معاصرة".

ونوه إلى أن بعض هذه المناهج يدرس هـذا العام بالفعل، والآخـر يدرس العام الجامعي المقبل، بعد انتهاء عمـل اللجنة.

الدكتور محمد أبوهاشم، نائب رئيس الجامعة، أكـد أن لجنة تطوير المناهج تعمل على تطـوير المقررات الدراسية بما يتطابق مـع معايير الجودة العالمية، والحـرص على مواءمتها مع المستجدات الحديثة ومعالجة قضايا الإرهاب والتطرف والمفاهيم المغلوطة، التي طفت مؤخرا بسبب الجماعات التي تدعي انتسابها للإسلام.

ويشير أبوهاشم إلى أن مجلس الجامعة وافق مـن قـبل على اسـتحداث مادة (ثقافة الوسطية في الإسلام)، لتشتمل على موضوعات "الوسطية والاعتدال والتعايش السلمى مع الآخـر ولغة الحـوار".

وأضاف أبوهاشم في تصريحات لكشكول، المناهج الجديدة تهدف إلى إعـداد طالب واعِ قادر على الالتحام بسـوق العمل بشكل سريع، فضلا عـن ارتباط المناهـج نفسها بالواقع العملي.

وشـدد نائب رئيس الجامعة، على أن اللجنة ستركز عملها بشكل أكـبر على مناهج الكليات الشرعية " الدعـوة وأصـول الدين والدراسات الإسلامية والشريعة والقانون"، لأنها النواة التي تخـرج دعاة المجتمع، المدافعين عن الإسلام ووسطيته في شتى بقـاع الأرض.

وقال الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، إن المناهج الشرعية ستكون متناسبة مع فقه الواقع.

وأضاف رئيس جامعة الأزهـر، الشكل الجديد للمناهج سيتناول قضايا متجددة مثل بنوك الأمشاج والخلايا الجذعية والرضاعة الطبيعية وبنوك اللبن لطلاب الطب، وقضايا فقهية معاصرة تلبي فقه الواقع لكل طالب فى تخصصه.