الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

"الكتاب الإلكتروني".. حماس للتطبيق ومخاوف من التجربة والتمويل

كشكول

فضل الله: حقوق التأليف والملكية تعوق التطبيق

القمري: الجامعات الإقليمية قادرة رغم قلة الموارد

القاضي: يوفر الأمول ونحتاج للتجربة..

المطابع: سيكبدنا خسائر

داهمت حتمية الاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة منظومة التعليم في مصر.. وكما يظهر الجدل قبل استقرار التجربة في العادة.. تظهر المخاوف أيضا من عوائق كثيرة تحول دون الاطمئنان لمصير التطوير رغم حتميته.. ولذا فالكتاب الإلكتروني، باعتباره أحد الأدوات التي سيعتمد عليها النظام الجديد للتعليم في مصر.. غير مرحب به أحيانا ويتطلع إليه البعض أحيانا أخرى كتجربة ضرورية حتمية.. فهل ينجح أم يفشل؟ .. في "كشكول" فتحنا الملف ليقرأ الجميع مخاوفهم ومبررات الحماس لدي غيرهم.. ومن مخاوف الأساتذة في الجامعات من عدم استيعاب التجربة وفقدان مكاسبهم من بيع الكتاب الورقي عبورا على مخاوف أخرى تتعلق بعدم ضمان حقوق الملكية وليس انتهاء بغضب أصحاب المطابع من وقف الحال، فضلا عن عدم تدريب الأساتذة والمعلمين على التكنولوجيا، نصل في النهاية إلى فهم ضروريات التطوير ومخاطره .. في السطور التالية يعرض الجميع مخاوفهم ومبررات حماسهم إلى الاعتماد على الكتاب الأليكتروني في الجامعات..

حقوق الملكية العقبة الأولى

الدكتور محمد رجب فضل الله، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية في جامعة العريش، يقول: إن التكنولوجيا في الوقت الحالي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا. وبالفعل الكليات المعتمدة بها مقررات إلكترونية، ورغم أن نسبتها قليلة قد لا تتعدى 10 – 15 % من جملة عـدد المقررات، إلا أن هناك سعيا دائما من إدارات الكليات التي تهدف إلى الاعتماد الأكاديمي بتحويل برامجها التعليمية من كتب ورقية إلى كتب الكترونية، رغم الصعوبات التي تحول دون تعميم التجربة على جميع المقررات الدراسية.

لكن "فضل الله"، يحذر من أن معظم الأساتذة قد يمتنعون عـن تحويل كتبهم الورقية إلى كتب إلكترونية دون حصولهم على حقوق التأليف، وملكيتهم الفكـرية، مع ملاحظة أن أسـعار الكتب الجامعية حالياً في كثير مـن التخصصات أقل مـن أسعار بعض الكتب الخارجية التي يشتريها تلاميذ التعليم الأساسي لموادهم الدراسية.

وفيما يؤكد أستاذ المناهج، أن تحويل المقرر الدراسي من ورقي إلى إلكتروني ليست عملية سهلة، خصوصا أن المقـرر الإلكتروني يجب أن يكون تفاعلياً، حتى يحقق النتائج المطلوبة والجاذبية للمتعلم. يشير إلى أن الأستاذ شخصيا – في أغلب الأحوال – لا يستطيع أن يقوم بذلك بنفسه؛ لأن كثيراً من الأساتذة لا يمتلكون القدرات والمهارات التكنولوجية اللازمة للقيام بذلك. ولا يتوفر في الجامعات أعداداً كافية من الفنيين التكنولوجيين الذين يمكنهم القيام بذلك. فالمحاولات سيكون معظمها فردية، وليست مؤسسية.

وعن اعتماد طلاب الجامعة في عمليتي التعليم والتعلم على بنك المعرفة، وما يحتويه من قواعـد معلومات، تزخـر بآلاف الكتب الإلكترونية يقول أستاذ المناهج: توفر – بلا شك – أموالاً تنفقها الأسرة حالياً في شـراء الكتب والمذكرات الجامعية. لكـن المشكلة، أن الطلاب اعتادوا طـوال سـنوات التعليم قبل الجامعـي على الكتب المدرسية الورقية. وانتقالهم للدراسة عـبر كـتب إلكترونية يحتاج إلى تهيئة مسبقة في سنوات ما قـبل الجامعة.

ويرى "فضل الله" أنه إذا وفـرت الجامعات الحقوق المادية للأستاذ الجامعي مقابل إعداد المواد التعليمية وتأليفها، واعتماد تطبيقات الكترونيةيدخل الطلاب إليها باشتراك رمزي، للحصول على النسخة الإلكترونية للكتاب بمقابل مادي معقول، وتضمن عدم تداولها دون دفع الرسوم المقـررة كما يحدث في أنظمة التجارة الإلكترونية للكتب، فإن تحويل الأساتذة لكتبهم الجامعية من ورقية لإلكـترونية لن يؤثر سلباً على دخل الأستاذ الجامعي، بل سيكون أكبر بشرط أن يجـتهد في إعداد كتب جامعية تليق به، وتضم المستجدات في مجال تخصصه، وتتفق مع التوصيفات المعتمدة للمقررات الدراسية.

اختلاف حول التكلفة

ومن جامعة العريش إلى جامعة بنها، حيث يقول الدكتور سيد القاضي، رئيس جامعة بنها: الكتاب الإلكـتروني، سيساعـد كـثيرا على توفير الكثير مـن التكلفة الخاصة بالكتاب الـورقـي وخاصة عمليات الطباعة. وكذلك المجهود الذي يبذل فيه، مشيرا إلى أن وجـود الكـتاب الإلكتروني يخفض الكثير من الأموال على الطلاب.

ويضيف رئيس جامعة بنها، الاعتماد على الطريقة الإلكترونية، والتي تعد أحد متطلبات العصر التعليمي وخاصة الجامعات، إذ أن الطالب في هـذه الآونة، لا يستطـيع الاستغناء عـن التابلت والتليفـون المحـمول، وهو ما يسهل من عملية تطبيق الكتاب الإلكتروني، الذي سيكون بحوزة الطلاب طوال الوقت، ويسهل من عملية التعلم والتصفح سريعا على الطريقة الإلكترونية. لافتا إلى أن جامعة بنها حتى الآن لم تجرب الكتاب الإلكتروني، رغم أن التجربة لن تحتاج لميزانية كبيرة، وسبكون حال تطبيقها عمل على دعم الطلاب وحفظ حقوق الأساتذة من عمليات الشراء الخاصة بأسطوانات الدراسة المقررة على الطلاب بالمناهج، وتعويضهم عن توزيع الكتاب الورقي.

وإلى جامعة كفر الشيخ، حيث تحدث عن صعوبة تطبيق الكتاب الإلكتروني في الجامعات الإقليمية، الدكتور ماجـد القمري رئيس جامعة كفر الشيخ، قائلا: الجامعات الإقليمية قادرة على التطبيق الحديث لأي فكـر يساعـد على تطوير المنظومة الجامعية. رغـم قلة الموارد والإمكانيات. موضحا أن جامعة كفر الشيخ تتواجـد في المراكز المتقدمة والجيدة ضمن الجامعات الإقليمية ذات الصيت الكبير، وقـادرة على تطبيق الكـتاب الإلكـترونـي.

ويشير القمري، إلى أن فكرة الكتاب الإلكتروني من ضمن العمليات التي تساعد على التقدم ومواكبة التطور العلمي مثل بقية دول العالم، نظرا لاتجاه الطلاب الآن لـ"الإنترنت"، لكنه هذا - بحسب القمري - يحتاج إلى تطبيقات إدارية تساعد على تطبيقه واستفادة الطلاب منه وكذلك أعضاء هيئة التدريس عن طريق نسخ مقرره التدريسي كنسخة إلكترونية والحصول على مقابل مادي يغنيه عن طباعة كتابه الورقي.

ويعتبر رئيس جامعة كفر الشيخ، أن عدم أخد الجامعات الإقليمية حقها في الوسط الإعلامي يشعـر الجميع بأنها جامعات ليست قادرة على تطبيق الفكر المتطور، مشيرا إلى أن جامعة كفر الشيخ رغـم قلة العنصر البشري بها من أعضاء هيئة التدريس، إلا أنها قادرة على تطبيق أي فكر يطور العملية التعليمية، مثل جامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس وحلوان.

ويؤكد الدكتور وائل كامل عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، أن الكتاب الإليكتروني فكرة خاطئة، وتنم عن خلل بنظام عمل الجامعات وتتسبب في تحويل الجامعات لمدارس ثانوي وإعدادي، موضحا أنه من المفترض الجامعات تعتمد على البحث والإطلاع من المراجع المتعددة لتوسيع فكر الطلاب واعتمادهم على أنفسهم في الحصول على المعلومات وخلق التنافسية فيما بينهم.

ويوضح أن  اللجوء إلى الكتاب الجامعي يأتي أحيانا لتعويض نقص الرواتب، فأصبح هناك كتاب الأستاذ الفلاني الذي يبيع لآلاف الطلاب كتابه ويعوض به الأستاذ ضعف راتبه، فتحولت لتجارة وهناك البعض ممن يجبر الطلاب على شراء كتابه.

ويرى كامل، أنه من المفترض تحديث مواقع الجامعات على الإنترنت وتزويدها بنسخ إلكترونية من كافة المراجع الموجودة بمكتباتها ويفرض لها رسوم سنوية مادية رمزية لإطلاع الطلاب عليها، على أن يتم التعاقد مع الأساتذة لحق النشر، وتصبح بكل جامعة مكتبة إلكترونية متكاملة على صفحتها على الإنترنت.

ويشير عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، إلى أن الميزانية لن تكون مرهقة لكل الأطراف، سـواء للأستاذ أو الطالب أو الجامعة لأن الجامعات ستتعاقد مع الأساتذة لشراء حق النشر، ثم تفرض رسم رمزي سنوي للاشتراك بمكتباتها الإلكترونية، وبالتالي ما ستتحمله الجامعة سيرد إليها مرة أخرى على مدار سنوات وسنوات.

ويعتقد كامل، أن هناك من سيعارض الفكرة خـصوصا في الكليات ذات الدفعات الكبيرة، التي تعـد بالآلاف، لأنه مهما حددت الجامعة من مقابل مادي كتعويض للأستاذ فهـو لن يكون مثل دخل عضو هيئة التدريس مـن بيع نفس الكتاب على مـدار أعوام متعددة.

الدكتور محمد عبد الوهاب نائب رئيس جامعة الفيوم للتعليم والطـلاب، يشير إلى وجود لجنة مختصة لدراسة تفعيل نظام الكتاب الإلكتروني ابتداء من العام الدراسي الجديد، على نظام التعليم المدمج الذي يعمل بالتدريس الالكتروني بنسبة 65% ، والتعامل مع الطالب والأستاذ مباشرة بنسبة 35%.  .

ويوضح عبد الوهاب أن تطبيق الكتاب الالكتروني سيعمل على توفـير الطباعة الورقية، حيث تصل تكلفة الكتاب الواحـد إإلى 120 جنيها في بعض الكليات. لكن تكلفة الالكتروني علي الطالب بعد الدعم ستكون في حدود من 30 لـ 50 جنيها فقط. كما أن النظام الالكتروني يستغني عن الكم الكبير من الصفحات التي يضعها أستاذ المادة بالكتب لتحقيق الـربح المادى >

ويؤكد نائب رئيس جامعة الفيوم للتعليم والطـلاب، على أن الكتاب الإلكتروني أفضل من الكتب الورقية مـن حيث الشكل والتخـزين، وسهـولة التناول، وقلة التكلفة. كما أن الأفضلية عندما يكون الكتاب بعـيد عن التعامل مـع الطالب والدكـتور بسبب بعض المشاكل التي تحدث نتيجة الكـتب الدراسية سـواء بين الطالب وأستاذ المادة بخصـوص أعمـال السنة أو مشاكل الغش .

ويضيف نائب رئيس التعليم والطلاب بجامعة الفيوم، سيتم الاتفاق مع استاذ المادة في الكلية أن الجامعة تأخذ المقرر منه ويتم تدريسه الكتروني عـبر موقع الجامعة. وذلك بدون وسيط مباشر بين الطالب والأستاذ ، ومن جهه أخري ستكون التكلفة بسيطة على الطالب، ويتم بيعه بحق الملكية الفكرية للمؤلف.  

عد تنازلي

الدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، يقول: إنَّ الجامعة تسعى إلى تطبيق فكرة "الكتاب الإلكتروني" بداية العام المقبل؛ لمواكبة العصر، خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن البداية ستكون تجريبية لحين رؤية مسيرة التجربة. وبحسب "ابوهاشم" فإن التطبيق هـو ما سيكشف تدارك أي أخطاء قبل التعميم، إذ إنَّ البداية ستكون مع كتاب واحـد فقـط. لافتًا إلى أنَّ الإمكانيات المادية ليست موجودة لدى الجامعة إلَّا أن الإمكانيات البشرية والفكرية موجودة، وسيتم استغلالهم جيدًا رغم عدم تحديد أي تكلفة حتى الوقت الحالي.

ويشير إلى أنَّه لا يُمكن الاستغناء عن الكتاب الورقي، لأنَّه الأصل والمستند، حيث إنَّ الإلكتروني معرضً لمشكلات عدَّة منها أنه قد يُمسح أو يتغير، عكس الورقي الذي يُعد الأساس، خاصة أن هناك موادا لا يصلح فيها الكتاب الإلكتروني، عكس مواد أخرى.مشيرا إلى  أن الكتاب الإلكتروني الخاص بطلاب أو شعـب معينة في الكليات، سيكون الحصول عليه عن طريق تخصيص "حساب بكلمة سر للدخول عليه"، علاوة على أنه سيتم إتاحة كـتب أخرى للجـميع على موقـع جامعة الأزهـر.

التمويل مسئولية الدولة

ويقول الدكتور محمد عمـر، مساعـد وزير التربية التعليم، ومدير صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، أن نظام التعليم الجديد "أمن قومي"، حيث تعكف جميع أجهزة الدولة علي انجاز هذا المشروع لانجاحه، غير منوط للحديث فيه سوى الوزير بشخصه، ويشدد على أن الدولة هي المسؤلة عـن توفير ميزانية تكلفة اجهزة التابلت لجميع الطلاب، لافتا إلى أنه لن يتم أسترداده بعد أن ينتهي الطالب مـن أنهاء مراحله الدراسية، ولن يكلف الطالب جنيهاً واحداً، مؤكدا أن كل ما أثير عـن اسـتيراد أجهزة التابلت مـن الخارج غير صحيح، فالصناعة - حسبما يؤكد- ستكون محلية بالتعقاد مع شـركات تصنيع مصـرية.

خسائر للمطابع وتوقعات بالفشل

من جهته يقول الدكتور حسام عبد الرحمن رئيس شعبة الكتاب المدرسي بغرفة الطباعة أن اتجاه الوزارة لتطبيق الكتاب الإلكترونى بدلا من الورقي سيؤثر سلبا علي سوق الطباعة، وسيتسبب في تسريح الكثير من العمالة. لكنه يضيف، المشكلة الحقيقية ليست في أن الكتاب المدرسي سيكون ورقيا أم الكترونيا، ولكنها في محتوى الكتاب وضعف مستوي التدريس.

والمطلوب - يقول عبدالرحمن- هو رفع مستوي المعلمين بدورات تدريبية والاستعانة بالخبرات الدولية فحديث الوزير عن الاستغناء عن الكتاب الورقي غير واقعى، لعدة أسباب من بينها أن ميزانية التعليم لن تتحمل التكاليف الباهظة لتوفير تابلت للطلاب بما يتجاوز الإنفاق علي الكتاب الورقي بمليارات. فالكتاب الورقي الذى كان يتم بيعه للوزارة بـ8 جنيهات تكلفته الفعلية تتجاوز الـ100 جنيه بعد رفع قيمة الدولار الجمركى، مؤكدا أن قيمة التابلت الواحد التى ستتجاوز الـ3000 جنيه، إلي جانب أن المدارس بالمناطق النائية والعشوائية بعضها لم تصله الكهرباء، فما حال خدمة الإنترنت.

ويشير رئيس شعبة الكتاب المدرسي بغرفة الطباعة، إلى أن الدكتور طارق شوقي التقى بهم مرتين وأكدوا له أن فكرة الإستغناء عن الكتاب الورقي لن تضر النصف مليون مواطن العاملين في مجال الطباعة فقط، ولكنها لن تنجح في التطبيق بالمدارس الحكومية وسط الكثافات المرتفعة والمدارس الغير المجهزة، وتدهور الأخلاقيات التى كانت تحكم العلاقة بين المعلم والطالب.

ويؤكد عبدالرحمن، أن فكرة "بنك المعرفة" ممتازة ليستعين بها الطالب بجانب الكتاب الورقي، ولكن إلغاءه أو تحويله لإلكترونى فهذا غير موجود في أى دولة بالعالم سوي دولة واحدة. ومصر لن تصل بتقدمها للدول الأوروبية التى تقر الكتاب المدرسي، مطالبا الوزير بزيارة المدارس وعمل جولات بها للإطلاع علي أوضاعها حتى تكون أفكاره وطموحاته لتطوير التعليم متسقه مع الواقع الذى نهدف تطويره وتغييره للأفضل.

 تحقيق:                   

محمود عبدالجواد 

إسراء جمال      

إسلام السيد      

نورهان عبدالرحمن